وكالات
أعلنت هيئة الطيران المدني في سلطنة عمان أن مجال عُمان الجوي مفتوح أمام جميع الناقلات الجوية التي تستوفي شروط عبور أجواء السلطنة، وأوضح بيان للهيئة، 23 فبراير/شباط، التزام مسقط بمعاهدة شيكاغو 1944 وعدم التمييز بين الطائرات المدنية لدول منظمة الطيران المدني الدولي بما فيها الطائرات الإسرائيلية، وهو إعلان غير مباشر عن فتح المجال الجوي أمام شركات الطيران المدني الإسرائيلي.
وفي وقت لاحق؛ شكر وزير خارجية “إسرائيل” “إيلي كوهين” السلطان “هيثم بن طارق آل سعيد” وقال إن القرار سيقصر الطريق إلى آسيا، ويقلل التكاليف ويزيد قدرة شركات الطيران الإسرائيلية على المنافسة.
في نفس اليوم؛ عقدت في مسقط الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية، وجرى على هامشها توقيع مذكرة تفاهم مع بنك التصدير والاستيراد الأمريكي “إكسيم”، لتقديم تسهيلات مالية لإقامة مشاريع صناعية، من بينها معدات الاتصالات اللاسلكية وشبكة الجيل الخامس والتكنولوجيا الحيوية والطاقة المتجددة والزراعة ومعالجة المياه، كما تضمنت المذكرة خطة أولية لتقديم قروض وضمانات لتمويل صادرات أمريكية إلى عُمان.
التحليل: السلطنة مستعدة لفتح مجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية
في عام 2018 استقبل سلطان عمان الراحل، السلطان “قابوس بن سعيد”، رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتانياهو” في خطوة غير مسبوقة خليجيا آنذاك، على الرغم من عدم اعتراف مسقط بالدولة العبرية.
وأكد “نتانياهو” عقب زيارته أن السلطنة مستعدة لفتح مجالها الجوي أمام الطائرات المدنية الإسرائيلية، وهو أمر بدا ذا أهمية عملية محدودة، وذلك لعدم السماح لها بالتحليق فوق المملكة العربية السعودية.
لكن الآن وبعد قرار الرياض في يوليو/تموز 2022 فتح مجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية، فإن موافقة عُمان على مرور الطائرات الإسرائيلية في مجالها الجوي تفتح ممرًا للطائرات التجارية الإسرائيلية عبر شبه الجزيرة العربية تجاه دول مثل الهند والصين وأستراليا، حيث سيختصر أوقات الرحلات بما يصل إلى ساعتين لبعض هذه الطرق.
هذا القرار مؤشر على التطبيع التدريجي الواقعي الذي يستند إلى إغراءات اقتصادية، وهو الأمر الذي يظهر في تزامن القرار مع جولة الحوار الاستراتيجي بين مسقط وواشنطن والتي ركزت على تعاون اقتصادي بالأساس يفتح المجال للاقتصاد العماني لاستفادة أكبر من برامج تمويل أمريكية.
ومن الواضح أن إدارة “بايدن” كانت حاضرة في قلب المفاوضات التي استمرت عدة أشهر قبل موافقة مسقط، لذلك وجه وزير خارجية “إسرائيل” الشكر للرئيس الأمريكي ووزير خارجيته في إشارة لهذا الدور، وهو أمر يتفق مع تقديرنا السابق، أن مسألة توسيع “اتفاقيات أبراهام” أصبحت سياسة أمريكية راسخة لا ترتبط بهوية الإدارة الأمريكية، وأن الاختلاف بين إدارة “بايدن” وإدارة “ترامب” هو اختلاف في نهج تطبيق هذه السياسة وليس في مدى الالتزام بها.
لا تمثل الخطوة العمانية مفاجأة؛ حيث تحرص سلطنة عمان على مد خطوط سياستها إلى كافة المحاور. استقبلت مسقط مؤخرا وزير الخارجية الإيراني، كما أجرى الرئيس السوري “بشار الأسد” زيارة نادرة إلى مسقط قبل أيام من القرار، وهي رسالة مقصودة أن السلطنة متمسكة بنهجها التاريخي القائم على تجنب سياسة المحاور، وعدم الانخراط في التنافس الجيوسياسي الإقليمي، ولا شك أن إيران ستكون غير راضية عن وجود طائرات إسرائيلية قريبة جدًا من مجالها الجوي، لكن من غير المرجح أن تفعل أي شيء ردًا على ذلك في ظل العلاقات الوثيقة مع سلطنة عمان.
ومن جهة أخرى تعزز الخطوة من علاقات “إسرائيل” مع محيطها العربي، وتتناغم مع خطوات دمج “إسرائيل“ في المنظومة الإقليمية من خلال علاقات اقتصادية وأمنية ذات طابع إستراتيجي، ودون ارتباط بمدى التقدم في حل القضية الفلسطينية.