وكالات
مع توالي مؤشرات الجفاف المتصاعدة بالعراق في ظل الاحتباس الحراري وشُح الأمطار والمياه بالتوالي على مدى 4 سنوات، تزداد المخاوف من الانعكاسات الكارثية لظاهرة التغير المناخي على البلاد، والتي باتت تهدد باستنزاف ونفاد المخزون الاستراتيجي من المياه، مما يهدد أمن العراقيين المائي.
حذرت وزارة الموارد المائية في العراق قبل أيام، من أن الوضع المائي في هو الأكثر حراجة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، بحسب تصريحات صحفية لمدير الهيئة العامة للسدود والخزانات بالوزارة، علي راضي ثامر.
الخزين المائي في العراق ينضب
الخزين المائي في وضع حرج جدا، وأن مجموع الخزين الحالي يتراوح بين 7 و 7.5 مليار متر مكعب، فيما كان يتراوح في نهاية 2019 ما بين 55 و 60 مليار متر مكعب وهو فرق شاسع جدا.
ويعود سبب نضوب الخزين المائي، بحسب المسؤول العراقي إلى تتابع المواسم الشحيحة، حيث إن هذا هو رابع موسم شحيح، فضلا عن قلة الايرادات المائية خصوصا من الجانب التركي، بالإضافة إلى انحباس الأمطار والتغيرات المناخية، والتي تعتبر جميعها عوامل قادت لانخفاض الايرادات المائية، لإننا كنا نضطر لاطلاق كميات كبيرة من الخزين المائي لتلبية المتطلبات اليومية.
ما مدى سوء الوضع؟
اعتبر أن “هذه السنة المائية الحرجة يمكن وصفها، بأنها أسوء سنة منذ ثلاثينيات القرن العشرين”.
تعج الشبكات الإعلامية والاجتماعية بالعراق منذ أسابيع بصور صادمة لنهري دجلة والفرات، وهي تظهر انخفاضا حادا في مناسيب المياه، لدرجة أن الناس بات بمقدورهم المشي وسط مجرى النهر الذي يكاد يجف تماما، وعبوره سيرا على الأقدام.
أثر اقتصادي بالغ
ويحذر خبراء المياه والبيئة من أن البلاد مقبلة على أزمات وجودية تتصل بشح مياه الشرب والري، مما يهدد العراقيين في لقمة عيشهم ومائهم، وهو ما يستدعي وفقهم تحركا عاجلا وبالتنسيق مع الجهات والمنظمات الأممية لتدارك وقوع ما هو أسوأ.
ويقول الباحث والخبير المائي العراقي أيمن قدوري، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
الأزمة المائية بالعراق تصل لمراحل متقدمة جدا وقد نصل لنقطة اللاعودة قريبا، فالمرحلة الحالية حرجة جدا خصوصا ونحن نعيش عدة مواسم تفتقر لوفرة الساقط المطري خاصة في جنوب البلاد.
ثمة انحدار حاد في الخزين المائي حيث وصلت الخزانات العراقية لمستوى الخزين الميت، مما يعني عدم قدرة الخزين على إمداد المجاري المائية بالمياه، رغم أننا في شهر الحصاد المائي وفقا للتقويم المائي، إلا أن ما نشهده من فقدان الأجزاء الجنوبية من نهري دجلة والفرات تباعا، يثبت صحة التنبؤات التي تفيد بجفاف النهرين الخالدين خلال 5 سنوات لا أكثر.
أبرز تلك الأجزاء التي ضربها الجفاف هي بمحافظتي ذي قار وميسان، ففي ذي قار مثلا تعرض شط أبو لحية أحد فروع دجلة للجفاف التام والذي يغذي قضاء الاصلاح شرق مدينة الناصرية، ويمد ما يقارب 12 ألف عائلة بالمياه والتي باتت مهددة بالعطش.
هذه السنة المائية الحرجة يمكن وصفها، بأنها أسوء سنة منذ ثلاثينيات القرن العشرين.
الصراع على المياه
جفاف المجاري المائية المتفرعة من دجلة والفرات يهدد السلم الاجتماعي وسيشعل فتيل الصراعات الداخلية بين المحافظات و الأقضية، بسبب غياب التوزيع العادل للمياه والتجاوز على مصادرها من قبل بعض المزارعين بإدراجهم مساحات خارج الخطة الزراعية، وفتح قنوات مائية من غير ترخيص.
فمثلا جفاف نهر أبو لحية لن يؤثر على حياة السكان في قضاء الاصلاح وحسب، إنما سيصل لفقدان أحد أهم الأهوار العراقية وأكثرها تميزا وهو هور أبو زرك، الذي يمتد من قضاء الإصلاح شمالا لمدينة الفهود جنوبا، على مساحة تقدر بحوالى 64 ألف دونم، حيث يمتاز عن بقية الأهوار بنوعية مياهه العذبة وتنوع النباتات المائية والبرية فيه، إضافة لإنتاجه الغزير من الثروة السمكية حيث يعتمد سكان الهور على الزراعة وموارد الهور الأخرى، التي ساهمت بتنويع مصادر الدخل للسكان، وتوافر أنواع عديدة من الطيور المستوطنة والمهاجرة.
أما السكان القاطنين بالقرب من الهور فيعتمدون بالدرجة الأساس في معيشتهم على صيد الأسماك وتربية الأبقار والجاموس وصيد الطيور.
أزمة مياه شرب
شهر مارس من كل عام بداية موسم حصاد المياه بحسب التقويم المائي، لكن ما هو ملاحظ شح مائي واستمرار فقدان مجاري المياه العراقية بفعل الجفاف وتردي نوعية المتبقي منها، وهو ما يعطي مؤشرات خطيرة عن كارثة بيئية ستلقي بظلالها على العراق خلال الصيف القادم.
أبرز ملامح الكارثة البيئية سيتجسد بارتفاع وتيرة العواصف الغبارية والأيام المغبرة بشكل أكبر، وبحدوث أزمة مياه شرب ستضرب جنوب البلاد خلال عامين فقط، بحسب قدوري.
حلول ممكنة
وحدد الخبير المائي عددًا من الحلول التي قد تساعد في حل الأزمة، والتي أجمعهم في ترشيد استهلاك المياه، و فرض القانون على كل متجاوز على المجاري المائية، ومنع زراعة أي منتج يستهلك كميات كبيرة من المياه، ومعالجة المجاري المائية وتقليل عملية التبخر ببعض التقنيات المتوفرة، أبرزها الغطاء الأرضي العضوي أو الحيوي فضلا عن تبطين قنوات الري والممرات المائية.