أكّدت رئيسة تايوان، تساي إينغ-وين، أن الحشد الكبير من سياسيي الحزبين الأمريكيين الديموقراطي والجمهوري الذين التقوها في كاليفورنيا يشكل دليلا على أن تايبيه “ليست معزولة وليست وحيدة” في مواجهة الغضب الصيني.
والتقت رئيسة تايوان، البالغة 66 عاما، رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري، كيفن مكارثي، في كاليفورنيا، الأربعاء، على الرغم من تلويح الصين بردود انتقامية، وأكد مكارثي أن العلاقات بين تايبيه وواشنطن “أقوى” مما كانت عليه “طوال حياته”.
“ردود انتقامية”
وعُقد الاجتماع بين مكارثي وتساي في مكتبة رونالد ريغان الرئاسية بمدينة “سيمي فالي” وقد حضره حشد كبير من البرلمانيين الجمهوريين والديموقراطيين، وقالت رئيسة تايوان إن “حضورهم ودعمهم الراسخ يطمئنان شعب تايوان الى أننا لسنا معزولين ولسنا وحيدين”.
ورسمياً، ليست رئيسة تايوان في زيارة إلى الولايات المتّحدة بل هذه مجرّد محطة عبور “ترانزيت” في طريق عودتها إلى بلادها من جولة في أمريكا اللاتينية.
والأربعاء سعت إدارة الرئيس جو بايدن إلى التقليل من أهمية هذا الاجتماع، إذ كرّر وزير الخارجية أنتوني بلينكن القول إنّ رئيسة تايوان لا تقوم بزيارة رسمية للولايات المتّحدة بل وجودها في هذا البلد هو مجرّد “ترانزيت”، بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.
ودعا بلينكن الحكومة الصينية لعدم استخدام الاجتماع بين مكارثي وتساي “ذريعة (..) لإثارة التوتّرات”. وكانت تساي وصلت مساء الثلاثاء إلى لوس أنجليس بعدما قامت بجولة دبلوماسية في أمريكا الوسطى.
وتوّعدت السلطات الصينية “بالردّ” على الاجتماع بين مكارثي وتساي، وكثّفت في الأسابيع الماضية التصريحات الغاضبة. وتعتبر الصين جزيرة تايوان التي تعتمد نظاما ديموقراطيا ويبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، جزءا لا يتجزأ من أراضيها ولا تستبعد استعادتها بالقوة إن لزم الأمر.
واعترفت الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية العام 1979، وينبغي نظريا ألا تجري أي اتصال رسمي بجمهورية الصين (تايوان) عملا ب”مبدأ الصين واحدة” الذي تدافع عنه بكين.
وفي تحذير أخير ذكر وزير الخارجية الصيني بأنّ “الصين تعارض بشدة” اللقاء بين ثالث شخصية في الدولة الأمريكية ورئيسة تايوان التي تنتمي الى حزب مؤيد لاستقلال الجزيرة، وقالت بكين أيضا إنها مستعدة “للدفاع بحزم عن سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها”.
ولطالما احاطت الولايات المتحدة موقفها بشأن تايوان ب”غموض استراتيجي”، وتهدف هذه العقيدة إلى ردع الصين عن غزو تايوان ومنع قادة الجزيرة من استفزاز بكين بإعلانهم استقلال الجزيرة رسميا.
سابقة بيلوسي
وتبقى واشنطن الحليف الأقوى لتايوان وكذلك أبرز مزود لها بالاسلحة. ودعم تايوان هو من المواضيع القليلة التي تحظى باجماع الحزبين في الكونغرس الأمريكي. وفي ظل رئاسة تساي إينغ-وين تقاربت تايوان مع الولايات المتحدة.
وفي اغسطس الماضي، زارت الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأمريكي الديموقراطية نانسي بيلوسي تايوان، مثيرة غضب الصين التي ردت بإجراء تدريبات عسكرية واسعة النطاق حول الجزيرة.
والإثنين، قالت قنصلية الصين في لوس انجليس إن ماكارثي “يصر على لعب ورقة تايوان” بهدف احتواء بكين، واضافت “سيرتكب من دون شك الخطأ نفسه مجددا، الأمر الذي من شأنه الإضرار أكثر بالعلاقة الصينية الأمريكية”.
وعلى غرار بيلوسي أراد مكارثي أساسا التوجه الى تايوان، لكنّه فضل في نهاية المطاف اعتماد مقاربة أقل تحديا عبر لقاء تساي إينغ-وين مع عدد من أعضاء الكونغرس في مكتبة رونالد ريغن الرئاسية.
واحتشد أمام المكتبة متظاهرون مؤيّدون لبكين وآخرون مؤيّدون لتايوان في تجمّعين متضادّين، كما حلّقت طائرة صغيرة في أجواء المنطقة مع لافتة كُتب عليها “صين واحدة! تايوان هي جزء من الصين!”.
وتسعى تساي التي تنتهي ولايتها الرئاسية السنة المقبلة الى إظهار أنّ بكين لم تنجح في عزل تايوان دبلوماسيا منذ وصولها الى السلطة العام 2016، وتسعى بكين الى عزل تايبيه دبلوماسيا منذ تولت تساي الحكم كونها عضوا في حزب يناضل تقليديا من أجل الاستقلال الذي يشكل خطا أحمر بالنسبة الى الصين.
ونجحت بكين في السنوات الماضية بإقناع دول عدة بوقف اعترافها بتايوان، وآخر هذه الدول كان هندوراس التي أعلنت قرارها في نهاية مارس، ولا تزال 13 دولة فقط تعترف بتايوان بينها بيليز وغواتيمالا اللتان زارتهما تساي خلال جولتها بعد محطة أولى في نيويورك، وقبل رحيلها عن السلطة، ترغب رئيسة تايوان في ترسيخ ثقة التايوانيين في حزبها، الحزب الديموقراطي التقدمي.