وكالات:
لا يزال الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، المرشح لانتخابات الرئاسة لعام 2024، الشخصية المفضلة لدى الإنجيليين في الولايات المتحدة، على الرغم من الفضائح التي يواجهها، والتي تمثلت باتهامه بمحاولة شراء صمت ممثلة أفلام إباحية وإدانته بتهمة الاعتداء الجنسي، إضافة إلى فضائح قانونية واتهامات بإساءة استخدام سلطته ومحاولة تقويض انتخابات حرة لمصالحه الشخصية.
ظهر التأييد الكبير لترامب البالغ من العمر 77 عاماً، من خلال الحفاوة الكبيرة التي استُقبل بها يوم السبت 24 يونيو/حزيران 2023، في تجمُّع “الطريق إلى الغالبية” الذي شارك فيه نحو ثلاثة آلاف إنجيلي من حركة “إيمان وحرية” في العاصمة واشنطن، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
قال ترامب في خطابه الختامي وسط تصفيق حارّ: “معاً، نحن محاربون في حملة نزيهة لوقف مُفتعلي الفتن والملحدين والعولميّين والماركسيّين، هذا هو ما هُم عليه. وسنُعيد جمهوريّتنا أمّةً واحدة بعناية الله”.
كان الناخبون الإنجيليّون البيض بطيئين في حشد الدعم لترشيح ترامب خلال حملته الرئاسية لعام 2016، لكن فور اقتناعهم، التزموا بدعمه بشكل كامل.
يعتقد كثير من المسيحيين الإنجيليين أن الله وعد الأرض المقدسة لليهود، وأن عودتهم إلى السلطة في جميع أنحاء الأرض ستأتي بالمجيء الثاني للمسيح.
كلمة “إنجيلي” هي الترجمة الشائعة لمصطلح “إيفانجيليكل” (Evangelical)، ويُقصد بها في الولايات المتحدة كل الطوائف المسيحية البروتستانتية التي تميزت عن البروتستانت التقليديين بعدد من المعتقدات، أبرزها إيمانها بمفهوم “الولادة الثانية” أو ولادة الروح، ويُعتقد أنهم يشكلون نحو ربع سكان الولايات المتحدة.
يرجع تاريخ الإنجيليين إلى القرن الثامن عشر حين كانت أمريكا مجموعة من المستعمرات، لكن هذه الطائفة مرت بتحولات عديدة حتى صارت مشهورة في يومنا هذا بنشاطها السياسي وانخراط كثير من أتباعها في صفوف “اليمين المسيحي”، وتقاطعها فكرياً وسياسياً مع إسرائيل والحركة الصهيونية.
أيّد الجمهوريون البيض غير اللاتينيين الذين يرتادون الكنيسة بانتظام، ترامب بنسبة 81% في العام 2016 وبنسبة 76% في العام 2020، وهي إحصاءات تثير دهشة أولئك الذين يشككون في استقطاب ترامب للمتديّنين.
الناشطة السياسية المحافظة سوزان مونك (50 عاماً)، قالت في تصريح للوكالة الفرنسية، إن “هناك فرقاً بين الممثل عن الشعب والقائد”، موضحةً أن “كثيراً من المسؤولين السياسيّين الذين عرفناهم منذ عقود… كانوا يكتفون بالقيام بالحدّ الأدنى من أجل إعادة انتخابهم. أمّا دونالد ترامب فيحاول… تصحيح الوضع”، بحسب قولها.
فيما بدا أن نائب الرئيس السابق مايك بنس، المسيحي المحافظ، هو المرشح المثالي لانتخابات 2024 بالنسبة إلى الإنجيليِّين، لكنه قوبل بصيحات استهجان خلال تجمُّع “الطريق إلى الغالبية” في العام 2021، لأنه لم يرفض التصديق على انتخاب جو بايدن كما طلب منه ترامب، وهو لم يلقَ سوى دعم فاتر هذا العام.
بدوره أيضاً، لقي حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي، وهو المتحدث الوحيد الذي انتقد ترامب صراحة، صيحات استهجان شديدة؛ لقوله إن الزعيم الجمهوري خذل الولايات المتحدة.
ونُظّم المؤتمر بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لإلغاء المحكمة العليا في الولايات المتحدة الحق في الإجهاض، وأثار ترامب غضب بعض قادة اليمين المسيحي، ملمحاً إلى أن المرشحين المناهضين للإجهاض يتحملون مسؤولية النتائج الباهتة التي سجلها الجمهوريون في انتخابات منتصف الولاية الأخيرة.
لكن رغم ذلك، كان ترامب الذي وُجّهت إليه اتهامات بشراء صمت ممثلة أفلام إباحية حول علاقة مفترضة بينهما، نجم التجمّع الإنجيلي بلا منازع، وقال ترامب للحشد وسط مزيد من الهتافات: “أعتبر ذلك وسام شجاعة عظيماً. يتمُّ توجيه اتهامات لي من أجلكم، وأعتقد أنكم أكثر من 200 مليون شخص يحبون بلدنا”.
يأتي هذا فيما نفى مؤسس حركة “إيمان وحرية”، رالف ريد، أن يكون هناك “عبادة لشخصية” ترامب في صفوف الإنجيليين. وقال: “نعبد شخصاً واحداً فقط هو يسوع المسيح”.
وتحدث كثير من المسؤولين الحاضرين في المؤتمر عن استحسانهم لسجل ترامب بدلاً من التعليق على شخصيته، ورأوا أنه يحارب من أجل مناصريه بشكل استثنائي لم يقم به أي سياسي آخر، وأنه أكثر رئيس التزم بوعوده الانتخابية في التاريخ الحديث، إذ إنه عمل على صون الحريات الدينية وعيّن ثلاثة قضاة محافظين في المحكمة العليا ألغوا الحق الدستوري في الإجهاض.
كذلك أشارت الناشطة السياسية المحافظة سوزان مونك، إلى أن ترامب كان أول رئيس يشارك في المسيرة المناهضة للإجهاض بواشنطن في العام 2020، وقالت إن “الأمر يتعلق بالمرشح الذي سيوظّف القيم التي أؤمن بها في السياسة. لذلك يحبّ جميع هؤلاء الأشخاص دونالد ترامب”.
من جهته، قال مدير مكتب عقارات في جنوب فلوريدا إنزو ألسيندور، إنه صوّت مرّتين للمنافس الرئيسي لترامب حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، لكنه أكّد أنه سيوجّه كل دعمه لترامب في العام 2024.
أوضح أليساندور، وهو خمسيني هاجر من هايتي إلى الولايات المتحدة في العام 1986، أن “المرشحين الآخرين لا يملكون الإمكانيات اللازمة لتمثيلنا وللنضال من أجلنا وللدفاع عنا”، وأضاف: “لذلك هناك مرشح واحد فقط بالنسبة لي. إنه الرئيس دونالد ترامب”.