بقلم: محمود حكميان

هناك عدد کبير جدا من الأهداف والغايات التي سعى ويسعى إليها النظام الايراني، لکن الهدف والغاية الأهم الذي يطغي على کل هذه الاهداف والغايات يتجلى في سعي النظام من أجل ضمان بقائه وإستمراره وأن يجعل من نفسه أمرا واقعا مسلم به وغير قابل للتغيير!

وقد يعارض البعض تحت مسميات وعناوين تنطلق جلها من أمور ومسائل ومنطلقات فکرية سياسية تعود معظمها لسبب أو لآخر للنظام نفسه. ومع إنه من الطبيعي أن يسعى أي نظام سياسي وخصوصا الدکتاتوري منه الى منح قضية بقائه وإستمراره الاولوية على کافة القضايا الاخرى، بيد إنه وفي نفس الوقت هناك حد أو حدود أو سقف معين لهذا السعي حيث يضطر للوقوف عنده ولايمکنه تجاوزه، غير إن المثير والملفت للنظر عند النظام الايراني الذي يبني دکتاتوريته على أساس ديني، إنه لايعترف بأي حد أو سقف معين بهذا الخصوص بل وحتى يعتبر نفسه فوق کل حد وسقف!

منذ قيام هذا النظام وحتى الوقت الحالي، لايزال يخوض صراعا ومواجهة محتدمة من أجل فرض بقائه وجعله أمرا واقعا، وهذا الصراع والمواجهة ومن أجل أن يضمن النظام تجاوزه وسحب البساط من تحته، فإنه يصر على إن هذا الصراع والمواجهة التي يواجهها منذ بدايات تأسيسه وحتى الان، إنما يدار من قبل أمريکا أو کما يسميها في أدبياته”الشيطان الاکبر” وإسرائيل! وهو قد أعلن على لسان خامنئي وقادة النظام الاخرين بأن معظم الانتفاضات التي إندلعت ضده، قد تمت إدارتها وتوجيهها من قبل أمريکا وإسرائيل وقوى إقليمية وفي نهاية هذه السلسلة يذکر منظمة مجاهدي خلق!

النظم الدکتاتورية وإن کانت معظمها ميكافيلية في سعيها من أجل البقاء وهي تسلك أکثر الطرق خسة ووضاعة من أجل تحقيق ذلك الهدف، لکن من الواضح جدا بأنه ليس هناك من نظام يمکن أن يضاهي النظام الايراني بهذا الصدد، فهو النظام الوحيد الذي يستطيع وبکل سهولة تکفير ليس الملايين بل وحتى الاغلبية من أبناء شعبه الرافضين له ويعتبرهم دمى وأدوات بيد أمريکا وإسرائيل والقوى الاقليمية حتى يصل الامر الى مجاهدي خلق، لکن الملاحظة المهمة جدا هنا التي يجب أخذها بنظر الاهمية والاعتبار هي: لماذا يذکر النظام الايراني منظمة مجاهدي خلق تحديدا ودون غيرها من کل أطياف المعارضة الايرانية؟

قطعا فإنه لا ولم ولن يحدث أي نشاط معارض ومعادي للنظام إلا وجرى توجيه أصابع الاتهام لمجاهدي خلق، والحق إن أکبر وأقوى معارضة إيرانية واظبت وتواظب على توجيه عملية الصراع والمواجهة ضد النظام، ولذلك فإن تصنيفها بهذا الشکل إنما هو من أجل الطعن في إنتمائها الوطني وعزلها عن الشعب في وقت إعترف فيه النظام وحتى على لسان خامنئي من إنها”أي مجاهدي خلق”، باتت تکسب الاجيال الشابة الى صفوفها وحذر من ذلك.

ونعود الى أصل الموضوع الذي بدأنا به مقالنا هذا، وهو سعي النظام من أجل ضمان بقائه وإستمراره وفرض نفسه کأمر واقع، فإننا وبعد الذي قمنا بإستعراضه، فإن العقبة الکبرى القائمة بوجه النظام الايراني والتي تقوض کافة مساعيه من أجل ذلك الهدف کان ولايزال الشعب الايراني والمثير للسخرية والتهکم إن النظام الايراني مستمر في نعته ووصفه لکافة الانتفاضات الشعبية العارمة ضده على إنها مٶمرات من جانب”الاستکبار العالمي والصهيونية وووو”، وهو يتصور بأنه سينجح في النهاية وينتصر على شعبه، هل حقا هناك نظام دکتاتوري في عصرنا هذا يمکن أن يضاهي هذا النظام من حيث تماديه الى ماوراء کل الحدود والاعتبارات؟!

*عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version