رويترز

أعلن قادة بريكس، الخميس، عن انضمام 6 دول جديدة إلى التكتل الاقتصادي، من بينهم 3 دول عربية هم مصر والسعودية والإمارات، في خطوة تستهدف تقوية التحالف وتعزيز دوره العالمي.

بينما تثير مجموعة من التساؤلات حول الطموحات الجيوسياسية للمجموعة، خاصة خلال محاولات سعيها الدائمة للتحرر من “الهيمنة” الغربية وتقديم نفسها كبديل لمؤسسات دولية.

كانت مجموعة بريك “BRIC” قد أضافت إليها جنوب إفريقيا في عام 2010 ليُضاف إليها حرفًا جديدًا ويُصبح اسمها بريكس “BRICS”، لتشمل بذلك دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ولم تكن المجموعة تتخيل آنذاك أنه قد يأتي وقت ستسعى فيه إلى تحدي الهيمنة الغربية في الشؤون الدولية.

وفي قرار مفاجئ في قمة عُقدت هذا الأسبوع في جوهانسبرج، دعت المجموعة عدد من الدول للانضمام لعضويتها وهي إيران وإثيوبيا والأرجنتين ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، في خطوة تستهدف تعزيز نفوذ “بريكس” كمدافع عما يُسمى دول الجنوب العالمي، والتي يشعر كثير منها بمعاملة مُجحفة من المؤسسات الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة ودول غربية غنية أخرى.

ولكن من المتوقع أن يتسبب هذا التوسع في المزيد من الخلافات بين المجموعة، والتي تعاني بالفعل من أزمة في اتخاذ القرارات بسبب الحاجة إلى توافق أكبر، بدليل التعثر لمجرد الإعلان المشترك عن التوسعة وما نتج عنه مفاوضات مضنية الأربعاء 23 أغسطس 2023، وذلك فيما يتعلق بمعايير قبول الأعضاء الجدد.

فمن جانبه قال باتريك لوكوسا، المتخصص في التعاون الدولي بجامعة “ويتوترسراند – Witwatersrand” بجوهانسبرج: “بالتأكيد ستكون هناك مشكلة إذا فعلوا كل شيء بتوافق الآراء. يتعين تغيير النموذج… إلى تصويت الأغلبية”، وأضاف: “توجد بالفعل اختلافات بين الدول الخمس على العملة المشتركة. ماذا يحدث لو أصبح لدينا 10 دول أخرى؟”.

نتائج القمة

ومن جانبه علّق الرئيس الصيني، شي جين بينغ، واصفًا الدعوة للدول الجديدة بـ”الأمر التاريخي” قائلا: ” إن التوسع يُشكل نقطة انطلاق جديدة لتعاون في إطار البريكس، ويُعزز قوة السلام والتنمية في العالم”.

فيما صرّح وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، بأن المعايير التي أُخذت في الاعتبار لدى مناقشة توسع مجموعة “البريكس”، كانت تشمل وزن الدولة ومواقفها في الساحة الدولة، مُضيفًا أن الدول التي تحمل الأفكار المشتركة، تلك التي تؤيد تعددية الأقطاب، لافتًا إلى أهمية جعل العلاقات الدولية أكثر ديموقراطية وعدالة، مُشيرًا إلى أن الدول الست التي تم الإعلان عنها تستوفي هذه المعايير بشكل كامل.

وفي البيان الختامي الصادر عن أعمال القمة، أعرب قادة المجموعة عن قلقهم بشأن استخدام التدابير الأحادية الجانب التي تؤثر سلبًا على الدول النامية، كما أعلنت التزامها بتعزيز إطار التعاون متبادل المنفعة بموجب ركائز ثلاثة تتمثل في التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والمالي والثقافي والتعاون بين الشعوب وتعزيز الشراكة الاستراتيجية لصالح الشعوب من خلال تعزيز السلام ونظام دولي أكثر تمثيلا وعدالة ومتعدد الأطراف.

كما أكد قادة البريكس إلتزامهم بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، داعية إلى الإسراع في وضع صيغة شاملة بشأن الإرهاب الدولي واعتمادها في إطار الأمم المتحدة.

تغير استراتيجي

وتمثل تعهدات زعماء “بريكس” بالدفاع عن مصالح الدول غير الغربية جزءً من التحول التدريجي في تركيز المجموعة من الاقتصاد إلى الجغرافيا السياسية، حيث أوضح دانيال سيلك، مدير مؤسسة “مستقبل السياسة Political Futures” الاستشارية، والتي يقع مقرها في جنوب إفريقيا، قائلا “لا تخطئوا الفهم، فالأمر لا يتعلق بالتجارة وحدها. إنه يتعلق بالتشرذم والاستقطاب السياسي الذي نشهده في العالم”، وأضاف “الصين أشارت إلى احتمالات نشوب حرب باردة جديدة مع واشنطن كمسوغ لتوسعة المجموعة”.

ولكن يمكن القول أنه مازال أمام دول “بريكس” الطريق طويلا كي تنجح في التحول إلى منظمة عالمية متحدة تستطيع فعليًا تحدي الهيمنة الغربية على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين، فضلًا عن الخلاقات الدائمة بين العضوين الأثقل وزنًا في المجموعة “الصين والهند”، فنيودلهي قريبة من الغرب، ولديها صفقات عسكرية مع الولايات المتحدة، لكنها تشتبك في بعض الأحيان في صراع عنيف مع بكين على حدودهما في منقة الهيمالايا.

طموح زائد

ومن جانبه قال توم لودج، أستاذ دراسات السلام والصراع في جامعة “ليميرك Limerick”، أن إطار عمل “بريكس” لتصبح أشبه بمنظمة فعلية “في طور البناء، لكن مازال الطريق أمامها طريق طويل”، ووعد ببنك التنمية الحديد الذي أنشاته دول “بريكس” في عام 2015 بديلا لصندوق انقد الدولي والبنك الدولي، بزيادة الإقراض بالعملات المحلية كوسيلة للحد من تعرض الأعضاء لتقلبات أسعار صرف الدولار.

لكن من بين نحو 33 مليار دولار من القروض التي وافق عليها بنك التنمية الجديد، مان ثلثا القروض بالدولار، وفق شرح قدمه مستثمرون في أبريل، وقال لودج: “كثير من مبالغة “بريكس” يتعلق بالطموح، فإذا كانوا يريدون إعادة توازن القوة الاقتصادية ومؤسسات ائتمانية لا تسيطر عليها الدول الغربية، فإن “بريكس” لم تنجز إلا القليل جدًا بصراحة نحو بلوغ هذا الهدف”.

كما قال “جوستافو دي كارفاليو Gustavo de Carvalho”، كبير الباحثين في معهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية (Think tank)، إن إضافة الدول الغنية بدولاات النفط إلى “بريكس” قد يوفر سيولة تتعطش إليها مؤسسات مثل بنك التنمية الجديد.

لكن كما كشفت المناقشات المحمومة أحيانًا في مجموعة الدول السبع G7 التي تمثل أغني ديموقراطيات العالم، فإن بناء التماسك بتطلب أكثر من مجرد المال، وقال كارفاليو: ” من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت بريكس ستتخذ شكل تحالف”، مُشيرًا إلى أنه لا يوجد توافق في تصويت أعضاء “بريكس” الحاليين في الأمم المتحدة في كثير من الأحيان.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version