بقلم: محمود حكميان

عندما يتمعن المتابع التصريحات والمواقف الرسمية الصادرة من جانب القادة والمسٶولين في النظام الايراني، يجد نفسه أمام الکثير من حالات التناقض والمغالطة والتمويه والسعي لخلط الاوراق وقلب الحقائق، ولاسيما فيما يخص المسائل الحساسة والجوهرية التي ترتبط بالخط العام لنهج النظام.

مسألة تدخلات النظام الايراني في بلدان المنطقة من خلال عملائه من أذرعه فيها، واحدة من المسائل الحساسة التي يحرص النظام على التمسك بها الى الرمق الاخير، مثلما إنها واحدة من المسائل الحساسة جدا بالنسبة لبلدان المنطقة لأنها تمس أمنها وإستقرارها وکذلك للبلدان الکبرى لأنها تمس وتهدد مصالحها، ولا ولم ولن تکن هذه التدخلات يوما في مصلحة هذه البلدان أو أي طرف آخر فيها ماعدا النظام الايراني ذاته.

التصريح الاخير للمتحدث بإسم القوات المسلحة الايرانية، العميد أبو الفضل شكارجي، والذي قال فيه وهو يخاطب دول المنطقة المکتوية بنار تدخلات نظامه:” لدينا أيضا رسالة لدول المنطقة. رسالتنا هي أنكم ترون أن النظام الإيراني موجودة في المنطقة بقوة، وليس من الضروري ربط أمنكم بالدول الغربية مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا. ابتعدوا عن التبعية ولا تتأثروا بالحرب النفسية للأعداء واحذروا من تحريضكم على المواجهة مع النظام الإيراني.” مضيفا”الحمد لله وصلنا إلى مستوى من القوة يمكننا إرساء أمن المنطقة حتى في المناطق البعيدة من إيران. إننا قادرون وقد أظهرنا ذلك.”! هذا التصريح وعندما ندقق فيه ونسعى لإستشفاف مابين السطور، فإننا نجد فيه تناقضا صارخا، ذلك إن بلدان المنطقة لم تعد ترى في حاملات الطائرات الغربية التي تجوب الممرات المائية للمنطقة وکذلك القوات الغربية المتواجدة فيها الخطر على أمنها، لأنها لاتمتلك أذرعا کالتي يمتلکها هذا النظام کما إنه لاتبعث بالامنين القومي والاجتماعي لشعوب هذه الدول کما فعل ويفعل  هذا النظام.

والانکى من ذلك، إن”إرساء أمن المنطقة” کما يزعم شکارجي هذا من قبل نظامه، فإن واحدا من أهم مقومات هذا الارساء هو بقاء أذرعه في المنطقة وعدم المساس بها، وهذه الاذرع ليست مجرد ميليشيات مسلحة تخوض حروبا بالوکالة لصالح النظام، بل إنها طرحت وتطرح نفسها کبدائل سياسية ـ فکرية ـ إجتماعية للنظم السائدة في بلدانها، وإننا إذا ماقمنا بعملية مقارنة بسيطة جدا بين أوضاع البلدان التي تتواجد فيها أذرع النظام قبل وبعد تواجد هذه الاذرع، فإن أبعاد الصورة تتوضح بکل جلاء ويتبين معه کيفية سعي هذا النظام من أجل”إرساء أمن المنطقة” والدفاع والمحافظة عليها، وحقا فإن شر البلية مايضحك!

عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version