خاص: مركز رؤية نيوز للدراسات والتحليلات

تتطور الأوضاع على الحدود المصرية في كل دقيقة، وللأسف قد أصبح التآمر على الدولة المصرية ذو خطط علنية وممنهجة منذ فترات طويلة.

فعلى مدار الشهور الماضية زار وفدًا عدد من السياسيين المصريين لبنان بغرض مُقابلة عدد من قيادات من حزب الله وعدد من الكوادر الإخوانية، وتحديدًا مع بداية الانتخابات الرئاسية في مصر، تلى تلك الزيارة قرار حماس بمُهاجمة إسرائيل “هجومًا فارغًا” لم ينجح حتى اللحظة الراهنة في استرداد أي مساحة من الأرض المُحتلة أو حتى توجيه ضربات مباشرة للجيش الإسرائيلي.

فتمثلت النتيجة في استخدام الهجوم كمبرر لاجتياح قطاع غزة وتجويع أهلها وإجبارهم على النزوح باتجاه معبر رفح المصري، وما أسفر عنه من استهداف سلاح الجو الإسرائيلي لبوابات معبر رفح، في إشارة لأهالي غزة أنه تم كسر البوابة من يريد الدخول فليتقدم.

كل هذه الأحداث تزامنت مع دعوات مرشح سياسي في مصر لحشد أنصاره والتوجه لميدان التحرير في استدعاء لأحداث 25 يناير، أو في خُطوة لصرف انتباه السلطات المصرية عن ما يحدث على الحدود مع غزة.

لتُطرح على الساحة عدد من الأسئلة، هل تتصل هذه الأحداث مع بعضها البعض، وما كان الهدف خلف لقاء السياسيين المصريين مع قادة حزب الله في لبنان؟!

فعلى الرغم من الضربة المُباغتة للجيش الإسرائيلي، إلا أن الضربة لم تُسفر عن كسره أو تدميره، بل كان كل ما نتج عنها هو استفزاز الجيش الإسرائيلي، وما يترتب على ذلك من محاولته للأخذ بثأره عبر الضغط المباشر على قطاع غزة، وما سيسفر عنه من لجوء مباشر للجانب المصري.

الخطوة القادمة “مصر

على مدار الأعوام السابقة وجه الجيش الإسرائيلي دعوات مباشرة لأهالي غزة باقتحام معبر رفح والدخول للأراضي المصرية، وهو ما ردت عليه مصر بالتواصل مع الجانب الإسرائيلي نفسه وتحذيره من عدم المساس بالحدود المصرية بأي شكل من الأشكال، وإلا سيكون الرد مباشرًا وبالمثل.

تكشف كل هذه التطورات أن الخطوة القادمة تأتي باتجاه مصر، فما لم يتم النجاح به في ثورات 2011، سيجوز فعله حاليًا عبر اقتحام الحدود، الفوضى التي نجحت مصر في السيطرة عليها ستحدث على الحدود لتنجر داخلها الدولة المصرية، وبدلًا من المواجهات المباشرة ستواجه أخيك العربي بدلًا مني، وبمنتهى البساطة هذا هو ما يحدث في الوضع الجاري.

فقد ضرب الطيران الإسرائيلي معبر رفح المصري، وهو تصرف منافي لمعاهدة السلام وغير مفهوم، ولكنه مفهومًا جيدًا لمن يتابع الساحة السياسية وتحركات الجانب الإسرائيلي منذ حرب 1973، فبعد خروج القوات الإسرائيلية من سيناء لم تستطع الاستغناء عن سيناء، وبدلا من ذلك بدأت في تغيير سياساتها من محاولات السيطرة على سيناء إلى محاولات استغلالها في تسكين أهالي غزة.

المساس بسيناء معناه الحرب

وهو أمر ليس بالجديد، فقد زار بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، من قبل الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك ليعرض عليه إلغاء كل ديون مصر مقابل تسكين الفلسطينيين في سيناء، فما كان من مبارك إلا أن رفض رفضًا قاطعًا وحذره بعدم طرح الفكرة مجددًا وإلا ستكون الحرب من جديد قائلا “المساس بأرض سيناء معناه الحرب”.

وفي عام 2008 حاصرت إسرائيل قطاع غزة وقطعت عنه الأكل والشرب والوقود، فما كان من أهالي غزة إلا أنهم قاموا بتفجير الحاجز الحدودي الذي يفصل مصر عن غزة، وعبروا إلى الأراضي المصرية، التي تعاملت مع الموقف بشكلٍ هادئ وسمحت لهم بالدخول للأراضي المصرية لتلبية احتياجاتهم الإنسانية والطبية، حتى أن مصر قامت بتوفير مساعدات غذائية وعلاجية لمن ليست لديه القدرة.

وفي هذا الوقت تخيّل الرئيس السابق مبارك أن عدد من عبر الحدود فقط هو 30 ألف فلسطيني، ولكن كانت مُفاجئة له عندما علم أن عدد من عبر الحدود في اليوم الأول فقط 300 ألف فلسطيني ليرتفع العدد فيما بعد إلى 700 ألف فلسطيني، حيث توجهوا لمدينتي الشيخ زويد والعريش، أما المُفاجئة الثانية تمثلت في أن الجيش الإسرائيلي وبعد أن عبر الفلسطينيين الحدود قرر إغلاق الحدود من جهته، واستمرت مباحثات هادفة لعودة الفلسطينيين إلى قطاع غزة أكثر من شهر حتى تم إنهاء الأزمة.

توجيه إعلامي مخطط

أما الآن، وبالتزامن مع الحملة الإعلامية الرامية لتوطين الفلسطينيين في سيناء، ظهرت أخبار عن بدء السلطات المصرية في تجهيز مدارس ومدن سكنية للفلسطينيين في شمال سيناء بمجرد عبورهم الحدود، كما لو أن مصر قد أعطت موافقتها للدخول إلى مصر واستقبالهم في سيناء.

فما يحدث في الإعلام حاليًا، إنما هي فكرة تأهيل نفسي لفكرة نزوح الفلسطينيين لسيناء، في محاولة لتجهيز المصريين لذلك.

فدائما ما تفتح مصر معبر رفح أمام الحالات الإنسانية من الشعب الفلسطيني، لكن الفرق كبير بين استقبال الحالات الإنسانية وبين نزوح جماعي لأكثر من 2 مليون فلسطيني من قطاع غزة، وهو الأمر الذي يتم الترويج إليه حاليًا، والذي يتطلب تأسيس حياة من مدارس ومستشفيات ومدن سكنية وطرق ومجتمع بأكمله.

وتأسيس المجتمع يعني الاستغناء على الأرض، كما كان الوضع في عهد الإخوان عندما قاموا بتمليك الأراضي المصرية للفلسطينيين لبناء منازل وتأسيس مجتمع لهم، وهو الأمر الذي وقف ضده وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي وألغى كافة القرارات ومنع تملك الأراضي إلا لأبناء الشعب المصري أبًا عن جد، والتي كانت محاولة لتوطين الفلسطينيين في سيناء.

ولا يعني هذا الأمر على الإطلاق أننا كمصريين نكره الفلسطينيين، ولكن ليس علينا إعطاء العدو الفرصة للإيقاع بين الشعبين، وللأسف تشير الأحداث السابقة بشكل متتالي إلى حماس، الممولة من إيران، وهو الأمر الذي يزيد من الضغط على الجانب المصري باعتباره عنصر فاعل في الأحداث في الشرق الأوسط، وسيكون عليه بالتأكيد احتواء الأزمة المفتعلة أيًا كانت الوسيلة.

ومن المتوقع خلال الأيام المقبلة أن يسمع المصريين عددًا من الأخبار المستفزة مثل إصابة مجندين مصريين في مكان ما، أو اقتحام مكان آخر، أو أن الحدود المصرية ترفض استقبال الفلسطينيين، فهذه الأخبار ضمن وسائل تخدير الشعوب حتى ينجح الطرف الآخر في تمرير إجراء معين خصوصًا وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد صرّح قائلا “الانتقام من حماس سيغير خريطة الشرق الأوسط”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version