أحمد فتحي 

المحلل السياسي والاستراتيجي ، و مراسل الأمم المتحدة

ترجمة: رؤية نيوز

شهد العالم في الأيام الأخيرة تصاعداً مقلقاً للتوترات في الشرق الأوسط، وذلك بعد إطلاق أطلقت حركة حماس، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، صواريخ باتجاه إسرائيل وشاركت في اختطاف مواطنين وجنود إسرائيليين من المدن المجاورة.

وأدى هذا التحول المفاجئ والعنيف للأحداث إلى خسارة مأساوية لحياة 600 إسرائيلي، الأمر الذي يُعزى في المقام الأول إلى فشل استخباراتي من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية.

ومع ذلك، فإن الاحتواء السريع للوضع أدى إلى قيام القوات الجوية الإسرائيلية بشن ضربات على مواقع حماس في غزة، مما أدى إلى مقتل مئات الفلسطينيين، ربما بنسبة 1 إلى 10، وللأسف فقد تم الترحيب بهذا باعتباره انتصارًا كبيرًا من قبل إسرائيل، ضد حماس مع إبداء القليل من الاهتمام لحياة الفلسطينيين الأبرياء.

والسؤال الملح الذي يدور في أذهان الجميع هو: ما الذي دفع حماس إلى تصعيد الوضع إلى هذا الحد؟، وهو ما علّق عليه المحلل السياسي و مراسل الأمم المتحدة، أحمد فتحي، في مقال له قائلا؛

من وجهة نظري، يبدو أن حماس شنت الهجوم عن طريق البر والجو والبحر مع علمها الكامل بأن مثل هذه الأعمال سوف يُنظر إليها على أنها أعمال حرب ضد إسرائيل، مع القليل من الاهتمام بالعواقب المدمرة. ففي السياق الأوسع للشرق الأوسط، يبدو أن الهدف الأساسي كان تعطيل أي تقدم في محادثات التطبيع والتعاون بين السعودية وإسرائيل، برعاية الولايات المتحدة.

وقد أحرزت هذه المحادثات تقدماً كبيراً، خاصة بعد أن قدمت الولايات المتحدة ضمانات أمنية للمملكة العربية السعودية، على غرار تلك المقدمة لليابان وكوريا الجنوبية اللتين تحتلان المرتبة الثانية بعد حلفاء الناتو، وتعهدت بتقديم المساعدة في البرنامج النووي السلمي للمملكة العربية السعودية.

وشكّل هذا التطور تهديدا كبيرا لجمهورية إيران الإسلامية، حيث أن تطبيق هذه الضمانات الأمريكية يمكن أن يقوض نفوذ إيران الإقليمي لصالح المملكة العربية السعودية.

علاوة على ذلك، فإن الشبكة الواسعة من المؤسسات التجارية التي تدعم القضية الفلسطينية والمقاومة تجد نفسها الآن في خطر، حيث تشمل هذه الإمبراطورية مجموعة واسعة من المساعي الاقتصادية والمالية والتجارية والإعلامية والثقافية والبحثية ذات الصلة في جميع أنحاء العالم.

وكان لهذه المساعي دور فعال في دعم القضية الفلسطينية، وجذب التمويل والتبرعات، والانخراط في المشاريع العقارية والاستثمارات المالية والمؤسسات التجارية، ومن المرجح أن تصل القيمة التراكمية لهذه المشاريع إلى مئات المليارات من الدولارات، ويمكن وصفها على نحو ملائم بأنها “إمبراطوريات الأعمال الخاصة بالقضية والنضال الفلسطيني”.

ويُشير فتحي أنه في مجال الدبلوماسية الدولية، تباينت ردود الفعل في عواصم صناع القرار العالميين:

  • فأكدت الولايات المتحدة، كما كان متوقعًا، دعمها الثابت لإسرائيل، وصنفت حماس منظمة إرهابية. وقد أعلن الرئيس جو بايدن استعداد الولايات المتحدة لتزويد إسرائيل بكل الموارد التي تحتاجها لحماية أمنها. ومع ذلك، فإن قدرة الرئيس بايدن على اتخاذ إجراءات سريعة قد تكون مقيدة، بالنظر إلى الغياب الحالي لرئيس مجلس النواب، والذي من المتوقع أن يستغرق تصحيحه بعض الوقت، هو الأمر الذي من المحتمل أن يؤدي إلى تأخير التخصيص الفوري وتسليم أسلحة جديدة لإسرائيل.
  • من المرجح أن يلجأ الرئيس بايدن إلى مصر وقطر، اللتين أقامتا علاقات قوية مع حماس. وكانت قطر، على وجه الخصوص، داعمًا ماليًا ثابتًا لحماس، حيث لم تمول المنظمة نفسها فحسب، بل أيضًا قنوات التلفزيون الفلسطينية والصحف ومراكز الأبحاث وغيرها. وهذا يمنح قطر مستوىً كبيرًا من النفوذ. ومن ناحية أخرى، تحافظ مصر على علاقات أمنية قوية مع حماس من خلال وكالة الاستخبارات التابعة لها، المسؤولة عن الاتصالات والمفاوضات مع الحركة. بالإضافة إلى ذلك، تعد مصر بمثابة البوابة الحيوية لغزة إلى بقية العالم. ويبقى أن نرى الأدوار المحددة الموكلة إلى هذه الدول في حل الأزمة.
  • أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا مُقتضبا يدين حماس ويؤكد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
  • أدانت الأمم المتحدة، بقيادة الأمين العام أنطونيو غوتيريش، بشكل لا لبس فيه هجمات حماس على إسرائيل ودعت إلى بذل جهود دبلوماسية لتجنب حريق أوسع نطاقا. كما صدر بيان مماثل يدين حماس من قبل رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن خطط لعقد جلسة مشاورات مغلقة في نيويورك يوم الأحد قبل بدء الاجتماع، وأطلع سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، الصحافة وأجاب على بعض أسئلة الصحافة. وبعد ذلك قرأ السفير الفلسطيني رياض منصور بيانا ورفض تلقي الأسئلة.

وبينما نتطلع إلى المستقبل، من المحبط أن نعترف بأن العثور على بصيص من الأمل وسط هذه الأزمة يبدو بعيد المنال على نحو متزايد. وبينما يختبئ قادة حماس، أو يغادرون قطاع غزة إلى البلدان المجاورة، أو يفرون على متن قوارب في البحر الأبيض المتوسط، فإن المواطنين الفلسطينيين الأبرياء هم الذين سيتحملون وطأة هذا الصراع المتصاعد. ومن المؤسف أن أصوات المؤيدين العرب قد تستمر في الترحيب بما يعتبرونه نصراً إلهياً، حتى مع تهديد الوضع بالانفجار إلى جحيم مدمر في الأيام المقبلة.

ويُنهي فتحي مقاله آملاً، في خضم هذا الوضع المعقد والمتقلب، التوصل إلى حل سريع وسلمي يحفظ أرواح المدنيين الأبرياء ويحقق الاستقرار في منطقة ابتليت منذ فترة طويلة بالصراع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version