المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية:

تندرج المُسيّرات البحرية تحت بند الأسلحة العاملة باستراتيجية (A2/AD-Anti Access/Area Denial)، وهي الاستراتيجية المُستخدمة من قِبل القوات التي لا تمتلك قدرات عسكرية كبيرة في مختلف الأفرع، ما يعكس واقعية قيادة البحرية الأوكرانية التي لم تعتمد على سفن السطح في المعارك البحرية ضد البحرية الروسية على اختلاف قدراتها التكنولوجية المتطورة على مستوى الفرقاطات والبارجات والغواصات وطائرات الدورية البحرية، بجانب مقاتلات متعددة المهام وقاذفات مُلحقة. ولذلك، كان الاعتماد على المُسيّرات البحرية بجانب صواريخ كروز ذات الآثار الاقتصادية والسياسية والعسكرية المباشرة.

امتلكت البحرية الأوكرانية في بداية الحرب مع روسيا قوة بحرية صغيرة، تمثلت في: فرقاطة واحدة، ولانشات دورية بمختلف الأحجام والسرعات، مع سفينة إنزال برمائي. ومن الجدير بالذكر أن الفرقاطة التي امتلكتها البحرية الأوكرانية كانت من طراز (Krivak3)، وهي فرقاطة ذات تسليح خفيف للحماية الذاتية ضد التهديدات الجوية، ولم تكن تحتوي على تسليح مضاد للسفن في ظل الاهتمام الكبير بحرب الغواصات بواسطة الطوربيدات والصواريخ، وقد تم إغراقها عمدًا خوفًا من استيلاء البحرية الروسية عليها. هذا إلى جانب لانش صواريخ واحد قديم من طراز Matka))، وإن انتُزعت منه القدرة على إطلاق الصواريخ، واقتصر دوره على الدوريات القتالية فقط، وقد تم تخزينه في ميناء أوديسا. ولذلك، كان الخيار الأوكراني الوحيد هو امتلاك المُسيّرات البحرية لحين تطوير خطة شاملة، تتضمن امتلاك قراويطات حديثة تركية المنشأ من طراز ((Ada والقادرة على الاشتباك سطح/سطح، بجانب امتلاك قدرات الحماية الذاتية. وقد تم التعاقد عليها في 2021 دون أن تصل أي فرقاطة منها حتى الآن. وقد ساعدت تلك العوامل البحرية الروسية لتضغط على سفن الشحن الأوكرانية من ناحية، وتستهدف صوامع الغلال الموجودة في أوديسا، وتدمر 280 ألف طن من الحبوب من ناحية أخرى. وقد قُوبل ذلك برد أوكراني تمثل في استخدام سفن النقل لتنفيذ هجمات بواسطة القوارب المُسيّرة على ميناء “سيفاستوبول” (المعقل الرئيسي للقوات البحرية في شبه جزيرة القرم).

 أما البحرية الروسية، فقد كان لها هدفان: أولهما، هو تحقيق السيطرة البحرية وحصار جميع الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود. وثانيهما، هو تنفيذ إنزال برمائي لاحتلال ميناء أوديسا الأوكراني ومحاصرة القوات البرية في منطقة مايكوليف من الخلف. وقد تكون الأسطول البحري الروسي في البحر الأسود من: بارجة، وفرقاطة، وعدد 2 قراويطة، بجانب 6 سفن إنزال، وغواصتين. وقد كانت البارجة من طراز (Moscova)، وهي مصممة ومعززة تسليحيًا للاشتباك بمفردها مع حاملات الطائرات والسفن المرافقة لها، وتستطيع أن تقوم بالمهمات الهجومية بفضل امتلاكها عددًا كبيرًا من الصواريخ الموجهة بعيدة المدى والسريعة جدًا، بجانب تقديم الدعم النيراني للقوات البرية بواسطة مدفع الاشتباك البحري مثلما حدث من قبل في الحرب الروسية-الجورجية 2008. وقد نجحت البحرية الروسية في بداية المعارك البحرية في أوكرانيا في محاصرة “جزيرة الثعبان”؛ لتستسلم الحامية الأوكرانية بعد ذلك. وقد كان لها دور ثانوي تمثل في تقديم التغطية الدفاعية الجوية لبقية القطع البحرية وتقييد حرية الطيران الأوكراني وحلفاء أوكرانيا الأوروبيين في البحر الأسود. وقد تضمن أسطول البحر الأسود فرقاطة حديثة من طراز (Grigorovich)، وبالتعاون مع القراويطتين من طراز (Buyan) و(Karakurt) والغواصتين من طراز (Kilo)، أمكن القيام بعمليات التمهيد والاستهداف النيراني من بداية الحرب إلى الآن بواسطة صواريخ (Kalibr).

وقد اشترك حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المعارك البحرية بشكل غير مباشر لمساعدة البحرية الأوكرانية، من خلال: طائرات الاستطلاع والدوريات البحرية، وتتبع القطع البحرية الروسية ودراسة تحركاتها، ومن ثم مساعدة أوكرانيا على استهداف تلك القطع البحرية إن قررت ذلك بواسطة إحداثياتها. أما عن الطائرات التي تتواجد بشكل دائم لمراقبة البحر الأسود فهي: طائرات الدورية البحرية الأمريكية (P-8) وطائرة الاستطلاع الإلكتروني (EP-3)، وكلتاهما تطيران من قاعدة “سيجونيلا” الإيطالية، هذا إلى جانب طائرتين دون طيار من طراز (RQ-4) و(MQ-9)، بجانب طائرات (Rc-135) البريطانية، و(ATR-72) التركية، و(G-550) الإيطالية.

لم يكتفِ حلف الناتو بتقديم الدعم المعلوماتي فقط، ولكنه زود البحرية الأوكرانية بالمُسيرّات البحرية في إبريل 2022 أيضًا، وذلك حسب تصريحات منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض “جون كيربي”. ومن ثم أمكن نقل قدرات التصنيع إلى الجانب الأوكراني، لتظهر نسخة محلية لعمليات الهجوم على الخطوط الخلفية والجسور. وقد اتسم الجيل الأول من تلك المُسيّرات بسهولة التصميم مع قدرات رصد عالية الدقة والملاحة المستقلة مع شحنة متفجرة تزن 200 كجم.

تندرج المُسيّرات البحرية تحت بند الأسلحة العاملة باستراتيجية (A2/AD-Anti Access/Area Denial)، وهي الاستراتيجية المُستخدمة من قِبل القوات التي لا تمتلك قدرات عسكرية كبيرة في مختلف الأفرع، ما يعكس واقعية قيادة البحرية الأوكرانية التي لم تعتمد على سفن السطح في المعارك البحرية ضد البحرية الروسية على اختلاف قدراتها التكنولوجية المتطورة على مستوى الفرقاطات والبارجات والغواصات وطائرات الدورية البحرية، بجانب مقاتلات متعددة المهام وقاذفات مُلحقة. ولذلك، كان الاعتماد على المُسيّرات البحرية بجانب صواريخ كروز ذات الآثار الاقتصادية والسياسية والعسكرية المباشرة.

امتلكت البحرية الأوكرانية في بداية الحرب مع روسيا قوة بحرية صغيرة، تمثلت في: فرقاطة واحدة، ولانشات دورية بمختلف الأحجام والسرعات، مع سفينة إنزال برمائي. ومن الجدير بالذكر أن الفرقاطة التي امتلكتها البحرية الأوكرانية كانت من طراز (Krivak3)، وهي فرقاطة ذات تسليح خفيف للحماية الذاتية ضد التهديدات الجوية، ولم تكن تحتوي على تسليح مضاد للسفن في ظل الاهتمام الكبير بحرب الغواصات بواسطة الطوربيدات والصواريخ، وقد تم إغراقها عمدًا خوفًا من استيلاء البحرية الروسية عليها. هذا إلى جانب لانش صواريخ واحد قديم من طراز Matka))، وإن انتُزعت منه القدرة على إطلاق الصواريخ، واقتصر دوره على الدوريات القتالية فقط، وقد تم تخزينه في ميناء أوديسا. ولذلك، كان الخيار الأوكراني الوحيد هو امتلاك المُسيّرات البحرية لحين تطوير خطة شاملة، تتضمن امتلاك قراويطات حديثة تركية المنشأ من طراز ((Ada والقادرة على الاشتباك سطح/سطح، بجانب امتلاك قدرات الحماية الذاتية. وقد تم التعاقد عليها في 2021 دون أن تصل أي فرقاطة منها حتى الآن. وقد ساعدت تلك العوامل البحرية الروسية لتضغط على سفن الشحن الأوكرانية من ناحية، وتستهدف صوامع الغلال الموجودة في أوديسا، وتدمر 280 ألف طن من الحبوب من ناحية أخرى. وقد قُوبل ذلك برد أوكراني تمثل في استخدام سفن النقل لتنفيذ هجمات بواسطة القوارب المُسيّرة على ميناء “سيفاستوبول” (المعقل الرئيسي للقوات البحرية في شبه جزيرة القرم).

 أما البحرية الروسية، فقد كان لها هدفان: أولهما، هو تحقيق السيطرة البحرية وحصار جميع الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود. وثانيهما، هو تنفيذ إنزال برمائي لاحتلال ميناء أوديسا الأوكراني ومحاصرة القوات البرية في منطقة مايكوليف من الخلف. وقد تكون الأسطول البحري الروسي في البحر الأسود من: بارجة، وفرقاطة، وعدد 2 قراويطة، بجانب 6 سفن إنزال، وغواصتين. وقد كانت البارجة من طراز (Moscova)، وهي مصممة ومعززة تسليحيًا للاشتباك بمفردها مع حاملات الطائرات والسفن المرافقة لها، وتستطيع أن تقوم بالمهمات الهجومية بفضل امتلاكها عددًا كبيرًا من الصواريخ الموجهة بعيدة المدى والسريعة جدًا، بجانب تقديم الدعم النيراني للقوات البرية بواسطة مدفع الاشتباك البحري مثلما حدث من قبل في الحرب الروسية-الجورجية 2008. وقد نجحت البحرية الروسية في بداية المعارك البحرية في أوكرانيا في محاصرة “جزيرة الثعبان”؛ لتستسلم الحامية الأوكرانية بعد ذلك. وقد كان لها دور ثانوي تمثل في تقديم التغطية الدفاعية الجوية لبقية القطع البحرية وتقييد حرية الطيران الأوكراني وحلفاء أوكرانيا الأوروبيين في البحر الأسود. وقد تضمن أسطول البحر الأسود فرقاطة حديثة من طراز (Grigorovich)، وبالتعاون مع القراويطتين من طراز (Buyan) و(Karakurt) والغواصتين من طراز (Kilo)، أمكن القيام بعمليات التمهيد والاستهداف النيراني من بداية الحرب إلى الآن بواسطة صواريخ (Kalibr).

وقد اشترك حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المعارك البحرية بشكل غير مباشر لمساعدة البحرية الأوكرانية، من خلال: طائرات الاستطلاع والدوريات البحرية، وتتبع القطع البحرية الروسية ودراسة تحركاتها، ومن ثم مساعدة أوكرانيا على استهداف تلك القطع البحرية إن قررت ذلك بواسطة إحداثياتها. أما عن الطائرات التي تتواجد بشكل دائم لمراقبة البحر الأسود فهي: طائرات الدورية البحرية الأمريكية (P-8) وطائرة الاستطلاع الإلكتروني (EP-3)، وكلتاهما تطيران من قاعدة “سيجونيلا” الإيطالية، هذا إلى جانب طائرتين دون طيار من طراز (RQ-4) و(MQ-9)، بجانب طائرات (Rc-135) البريطانية، و(ATR-72) التركية، و(G-550) الإيطالية.

هجمات المسيرات البحرية والتكيف الروسي

لم يكتفِ حلف الناتو بتقديم الدعم المعلوماتي فقط، ولكنه زود البحرية الأوكرانية بالمُسيرّات البحرية في إبريل 2022 أيضًا، وذلك حسب تصريحات منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض “جون كيربي”. ومن ثم أمكن نقل قدرات التصنيع إلى الجانب الأوكراني، لتظهر نسخة محلية لعمليات الهجوم على الخطوط الخلفية والجسور. وقد اتسم الجيل الأول من تلك المُسيّرات بسهولة التصميم مع قدرات رصد عالية الدقة والملاحة المستقلة مع شحنة متفجرة تزن 200 كجم.

وقد ظهرت تلك المُسيّرات لأول مرة في 21 سبتمبر 2022، عندما جنح قارب مُسيّر بسبب انقطاع الاتصال بينه وبين قائده بشكل متعمد. فعادة ما يتم الاتصال بواسطة القمر الاصطناعي “ستارلينك” التابع لشركة (Space-x) المملوكة للملياردير الأمريكي “إيلون ماسك”، وهو ما صرح به “كيرلو بودانوف” قائد المخابرات العسكرية الأوكرانية لموقع (The Warzone)، مما وضع ضغطًا إعلاميًا كبيرًا على “ماسك” لحثه على الاستمرار في تقديم خدمات الإنترنت لصالح الجيش الأوكراني الذي يعتمد عليها بشكل كلي في إدارة العمليات العسكرية. فقد تغيرت العقيدة العسكرية الأوكرانية بشكل كبير من العقيدة السوفيتية إلى العقيدة الغربية، ولذا يستخدم الجيش الأوكراني تطبيقات عسكرية لتحسين الإدراك والتنبيه ضد التهديدات الروسية على المستوى الدفاعي، بل وتحسين جودة الاستهداف والكمائن على المستوى الهجومي، ومن الأمثلة على ذلك تطبيقا (Delta) و(Kill-Chain) المتوافقان مع معايير الناتو التشغيلية، مما يسهل ربطهما بشبكة القيادة والسيطرة على العمليات العسكرية للناتو لتبادل المعلومات بينهما.

ووفقًا للتقرير الخاص بهذا النوع من المُسيّرات، والمنشور على موقع (Inside Unmanned Systems)، للكاتب الأمريكي (Sebastien Roblin)، بتاريخ 19 أكتوبر 2023، فقد حدثت أولى هجمات المُسيّرات المعلن عنها في 29 أكتوبر 2023 على ميناء “سيفاستوبول” لتحدث ضررًا في الفرقاطة (Grigorovich) وإحدى كاسحات الألغام. وقد حدثت باقي الهجمات في شهري مايو ويونيو 2023 بواسطة نسخة محلية الصنع تحمل اسم (Magura-v5) ضد سفينتي الاستطلاع الاستخباراتي من طراز (Yuriy Ivanov) مع ضرر طفيف لإحداهما. وفي شهر يوليو 2023، تم استهداف جسر “كيرش” بواسطة مُسيّرتين بحريتين لتعطيل الدعم اللوجستي القادم من الأراضي الروسية إلى جزيرة القرم. وقد شهد شهر أغسطس 2023 المهمة الأنجح للواء 358 مهام بحرية خاصة الأوكراني (المتخصص في التحكم في تلك المُسيّرات)، حيث قام بمهاجمة قاعدة “نوفوروسيسك” داخل الحدود الروسية مع تدمير ناقلة بترول، وقد تم تكريمه من قبل الرئيس الأوكراني. وقد تمت مهاجمة قراويطات روسية منها القراويطة (Vasily Bykov) بين يومي 13 و16 سبتمبر 2023، ولكن دُمر المهاجمون مع ضرر بسيط في السفن الروسية. وفي 9 نوفمبر 2023، نفذت المخابرات الأوكرانية مهمة هجومية بواسطة المُسيّرات البحرية، واستطاعت إصابة سفينتي إنزال من طراز (Serna) و(Akula).

على الجانب الآخر، استفاد الروس أيضًا من الحصول على المُسيّرة الأوكرانية غير المدمرة لتصنيع نسختهم الخاصة تحت اسم “سارجان”، والتي تتسم بالسرعة والحجم الصغير وقوة المناورة، ولكن بشحنة تفجيرية أقل من النسخة الأوكرانية. وقد نفذت هجومًا ناجحًا على جسر (زاتوكا) الأوكراني في فبراير 2023. وقد تغير المنظور الخاص لاستخدام هذا النوع من المُسيّرات في الرواية الروسية، وفقًا للحاكم الروسي لمدينة سيفاستوبول “ميخائيل رازوفوزاييف”، الذي أكد على قناته على تطبيق “تليجرام” أن هذا النوع سيتم استخدامه مستقبلًا في مرافقة سفن الشحن لحمايتها من أي مخاطر محتملة من سفن السطح المعادية التي قد تعترضها، مما يوضح أن الاستخدام الروسي المستقبلي يتضمن الأسلوبين الهجومي والدفاعي معًا.

ووفقًا لتقرير “المخابرات البريطانية” كتحديث استخباراتي عن الحرب الأوكرانية بتاريخ 14 أكتوبر 2023، فإن البحرية الروسية قد ضاعفت دفاعاتها ووسائل الرد الخاصة بها، وقد أعادت تموضع السفن والغواصات القادرة على إطلاق صواريخ الكروز من ميناء “سيفاستوبول” إلى “نوفوروسيسك” في أقصى الشرق. وعلى الرغم من الهجمات الأوكرانية على الأسطول الروسي في البحر الأسود بواسطة المُسيّرات البحرية والجوية وصواريخ الكروز، فإن السفن الروسية تستمر بالقيام بواجباتها الهجومية بواسطة إطلاق صواريخ كروز بالتوازي مع العملية الدفاعية ضد مختلف التهديدات والتكيف على التكتيكات الأوكرانية ومواجهتها، ولكن التراجع الملحوظ للقطع البحرية الروسية تجاه الشرق سينعكس سلبًا على المسعى السياسي الروسي من المعركة البحرية بمرور الوقت، وبالأخص بعد إغراق البارجة الروسية “موسكوفا” التي كانت عقبة منيعة أمام أي تطلعات أوكرانية أو حتى طيران الناتو.

تشابه التكتيك الأوكراني لاستخدام المُسيّرات مع ما قام به تنظيم “القاعدة” في 12 أكتوبر 2000 قرب سواحل اليمن، الأمر الذي تجلى في حادث استهداف مدمرة من طراز (Arleigh-Burke) بواسطة قارب انتحاري، من خلال الاقتراب قدر الإمكان من إحدى زوايا التسلل التي لا تستطيع مدافع السفينة أن تنخفض لتغطيتها، مع اعتماد خط سير متعرج وسريع في المرحلة الأخيرة من الهجوم. وعلى الناحية الأخرى، وفي أعقاب الهجوم الثاني الأوكراني، كان التكيف الروسي حاضرًا وبقوة من خلال دوريات الطائرات الهليكوبتر من طراز (Mi-8AMTSH) و(M-24M)، والتي هاجمت المُسيّرات بواسطة الرشاشات، وحذرت السفن التي تتعامل مع الهدف بواسطة الرشاشات من عيار 14.5 بوصة.

إن استمرار نجاح التكيف الروسي تطلب تغييرًا في التكتيكات الأوكرانية لعرقلة سير العمليات البحرية الروسية بواسطة دعم المجهود الهجومي عن طريق مهمات هجومية على الموانئ التي تقع في العمق الروسي بواسطة صواريخ الكروز الإنجليزية والفرنسية “ستورم شادو/سكالب” التي يتم إطلاقها من قاذفات (Su-24M/MR) العاملة في اللواء الجوي السابع الذي تركزت هجماته على قاعدة “سيفاستوبول” البحرية مرتين على التوالي في سبتمبر 2023، بجانب إصابة غواصة مع سفينة شحن، وإصابة القراويطة المنضمة حديثًا من طراز “كراكورت” في نوفمبر 2023.

ويمكن القول إن النجاح الأوكراني بواسطة صواريخ الكروز في مسرح العمليات البحري كان كبيرًا بالمقارنة بالميدان البري بسبب المجهود المكثف لتحييد الدفاعات الجوية الروسية في الجنوب من خلال تكتيك مركب يهدف للاستفادة من منظومات استطلاع الناتو لتحديد أماكن تلك الدفاعات، والمناوشة والتشتيت بواسطة المُسيّرات الجوية غالبًا من طراز (Mogin) صينية الصنع والشرك الرادارى الطائر (ADM-160)، وتحييد قدرة رادارات الدفاع الجوي الروسية بواسطة صواريخ (HARM)، وتنفيذ الهجوم الرئيسي بواسطة صواريخ (Neptune)، وبالأخص النسخة المصممة للهجوم الأرضي.

وكعادة التكيف الروسي، كان الرد دائمًا بواسطة الضربات الجوية عبر صواريخ (KH-22) و(K-300) التي لا تستطيع الدفاعات الجوية الأوكرانية صدها، وذلك بحسب تصريحات المتحدث باسم سلاح الجو الأوكراني “يوري إجنات”، وتركز القصف لمؤسسة التصنيع للمُسيّرات البحرية في أوديسا ومطار “ستاركوستيانتنيف” (مقر اللواء الجوي السابع للقاذفات الأوكرانية).

ووفقًا للتقرير المحدث للموقع الأوروبي الإحصائي (The Oryx) الخاص بحصر الخسائر البحرية للجانبين الروسي والأوكراني منذ بداية العمليات العسكرية، فقد تم تدمير 11 قطعة بحرية وإعطاب 5 من الجانب الروسي بمجموع كلي يصل إلى 16 قطعة بحرية. أما الجانب الأوكراني، فقد خسر 9 قطع بحرية، وتم إعطاب قطعة واحدة، وأسر 17 قطعة بحرية بمجموع كلي يصل إلى 27 قطعة بحرية.

ختامًا، لا شك أن المُسيّرات البحرية كانت إحدى أدوات التكيف التكتيكي الأوكرانية للتعامل مع التفوق البحري الروسي الكاسح في بداية المعركة والسيطرة التامة على البحر الأسود. وقد تمكنت من تحقيق نتائج حتى وإن بدت طفيفة، لكنها ذات تأثير ميداني كبير، وبالأخص بعد دمجها مع منظومات أخرى، مما استدعى تغييرًا في التخطيط البحري الروسي الذي من الواضح أنه سيتوسع في تصنيع مثل تلك المُسيّرات التي من الممكن استخدامها في مسرح عمليات آخر ضد عدو محتمل. وبالتأكيد ستعمل العديد من البحريات على امتلاك هذا النوع تحديدًا، ما يطرح فكرة حتمية وجود المُسيّرات بشكل أكبر في المعارك البحرية المستقبلية.

نُشر بواسطة رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version