وكالات
استطاعت مصر تمرير فقرات هامة في القرار الأممي، الذي تم إقراره لتشكيل آليات التعجيل الخاصة بتوصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما استطاعت باتصالاتها الدبلوماسية المُكثفة تعيين كبيرًا لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار بحيث يكون مسؤولا في غزة عن تيسير وتنسيق ورصد جميع شحنات الإغاثة الإنسانية المتجهة إلى غزة والواردة من الدول التي ليست أطرافا في النزاع، والتحقّق من طابعها الإنساني، على النحو المناسب.
وبحسب مصادر دبلوماسية شددت الدولة المصرية على ضرورة أن يطلب من المنسّق الأممي على وجه السرعة بإنشاء آلية للأمم المتحدة من أجل التعجيل بتوفير شحنات الإغاثة الإنسانية لغزة عن طريق الدول التي ليست أطرافا في النزاع، بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية وبغية تسريع وتيسير وتعجيل عملية توفير المساعدات مع الاستمرار في المساعدة على ضمان وصول المعونة إلى وجهتها المدنية، ويطالب بأن تتعاون أطراف النزاع مع المنسّق لكي يتسنى له الوفاء بولايته دون تأخير أو عوائق.
ونجحت جهود مصر في تعيين المنسّق الأممي على وجه السرعة؛ وأن يزوَّد المنسق بما يحتاج إليه من موظفين ومعدات في غزة، تحت سلطة الأمم المتحدة، وذلك لتأدية هذه المهام وغيرها حسبما يقرره مجلس الأمن، ويطلب أن يوافي المنسّقُ مجلسَ الأمن بتقرير عن عمله على أن يقدم تقريراً أولياً في غضون 20 يوما ثم كل 90 يوما حتى 30 سبتمبر 2024.
ونص مشروع القرار الأممي الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع اللجنة العربية/ الإسلامية بضرورة أن تمتثل جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين، ويدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة لفترات ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة لعدد كاف من الأيام للتمكين من الوصول الكامل والسريع والآمن ودون عوائق لتقديم المساعدة الإنسانية، ومن القيام بجهود الإنقاذ والإنعاش العاجلة، ويدعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، فضلا عن ضمان فتح المنافذ فورا لوصول المساعدات الإنسانية.
ودعا القرار الأممي جميع أطراف النزاعات الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حسبما يكون منطبقا، مؤكدا أن قطاع غزة يشكل جزءا لا يتجزأ من الأرض التي احتلت في عام 1967، والتأكيد على رؤية حل الدولتين، مع كون قطاع غزة جزءا من الدولة الفلسطينية.
وأعرب القرار الأممي عن بالغ القلق إزاء الحالة الإنسانية المتردية والمتدهورة بسرعة في قطاع غزة وأثرها الخطير على السكان المدنيين، وإذ يشدد على الحاجة الملحة إلى وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق إلى قطاع غزة وإلى جميع أنحائه، وإذ يحيط علما بالتقارير المثيرة للقلق الواردة من كبار مسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في هذا الصدد، وإذ يؤكد من جديد قلقه الشديد إزاء الأثر غير المتناسب الذي يخلفه النزاع على حياة ورفاه الأطفال والنساء وغيرهم من المدنيين الذين يعيشون في أوضاع هشة، وإذ يشدد على مبادئ العمل الإنساني المتمثلة في الإنسانية والنزاهة والحياد والاستقلال.
وبحسب القرار الأممي، إذ يشدد على الالتزام باحترام وحماية موظفي الإغاثة الإنسانية والعاملين في المجال الطبي، ويعيد تأكيد دعوته إلى أن تمتنع جميع الأطراف عن حرمان السكان المدنيين في قطاع غزة من الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، حسب ما يقضي به القانون الدولي الإنساني.
وإذ يشيد بالجهود الجارية التي لا غنى عنها التي تبذلها الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وجميع العاملين في المجالين الإنساني والطبي في قطاع غزة للتخفيف من وطأة النزاع على سكان قطاع غزة، وإذ يعرب عن تعازيه في جميع المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجالين الإنساني والطبي الذين قتلوا في سياق هذا النزاع.
ورحب بالجهود التي تبذلها مصر لتيسير استخدام الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها المنفذين لمعبر رفح الحدودي من أجل تقديم المساعدة الإنسانية إلى المحتاجين في جميع أنحاء قطاع غزة.
وإذ يحيط علما بالقرار الذي اتخذته حكومة إسرائيل في 15 ديسمبر 2023 بفتح معبرها في كرم أبو سالم لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر إلى المدنيين الفلسطينيين في غزة، وهو ما من شأنه أن يخفف الازدحام ويساعد على تيسير تقديم المساعدة المنقذة للحياة لمن هم في أمس الحاجة إليها، وإذ يشدد على ضرورة مواصلة العمل عن كثب مع جميع الأطراف المعنية لتوسيع نطاق إيصال المساعدات الإنسانية وتوزيعها، مع تأكيد طابعها الإنساني وكفالة وصولها إلى وجهتها المدنية، وشجع على التعاون مع الدول المعنية في تنفيذ هذا القرار.
ورحب القرار الأممي بتنفيذ “هدنة إنسانية” مؤخرا في قطاع غزة، وإذ يعرب عن التقدير للجهود الدبلوماسية التي تبذلها مصر ودولة قطر ودول أخرى في هذا الصدد، وإذ يعرب أيضا عن بالغ القلق إزاء أثر استئناف الأعمال القتالية على المدنيين.
وإذ يسلّم بأن السكان المدنيين في قطاع غزة لا بد أن يحصلوا على كميات كافية من المساعدات التي يحتاجون إليها، بما في ذلك ما يكفي من الغذاء والماء والمرافق الصحية والكهرباء وخدمات الاتصالات والخدمات الطبية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، وبأن توفير الإمدادات الإنسانية في قطاع غزة ينبغي أن يكون كافياً للتخفيف من حدة الاحتياجات الإنسانية الهائلة للسكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة، وإذ يسلّم بأهمية استئناف الواردات التجارية من السلع والخدمات الأساسية إلى قطاع غزة.
ويرحب القرار الأممي بمساهمات الدول الأعضاء وتعهداتها المالية دعما للسكان المدنيين في غزة، وإذ يحيط علما بالمؤتمر الدولي الإنساني المعني بالسكان المدنيين في غزة الذي عقد في باريس في 9 نوفمبر 2023 واجتماع متابعته الذي عقد في 6 ديسمبر 2023.
وكرر القرار الأممي التأكيد مطالبته بأن تمتثل جميع أطراف النزاع لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، فيما يخص أمورا منها تسيير الأعمال القتالية، وحماية المدنيين والأعيان المدنية، وفتح المنافذ لوصول المساعدات الإنسانية، وحماية العاملين في المجال الإنساني وحرية تنقلهم، وواجب القيام، حسبما ينطبق، بكفالة الإمدادات الغذائية والطبية، ضمن إمدادات أخرى، للسكان، ويشير إلى أنه يجب، وفقا للقانون الدولي الإنساني، احترام وحماية المرافق المدنية والإنسانية، بما فيها المستشفيات والمرافق الطبية والمدارس وأماكن العبادة والمرافق التابعة للأمم المتحدة، فضلا عن العاملين في المجال الإنساني والعاملين في المجال الطبي ووسائل نقلهم، ويؤكد أنه ليس في هذا القرار ما يعفي الأطراف من هذه الالتزامات.
وأكد القرار الأممي من جديد التزامات أطراف النزاع بموجب القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بتقديم المساعدة الإنسانية، ويطالب تلك الأطراف بأن تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية فورا وبأمان وبالمستوى المناسب ودون عوائق وبشكل مباشر إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة، وبأن تيسر إيصالها وتعمل على تحقيقه، ويدعو في هذا الصدد إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية.
كما طالب القرار الأممي أطراف النزاع بإتاحة وتيسير استخدام جميع الطرق المتاحة المؤدية إلى قطاع غزة والكائنة في جميع أنحائه، بما في ذلك المعابر الحدودية، بما يشمل التنفيذ الكامل والسريع للفتح المعلن عنه لمعبر كرم أبو سالم/كيرم شالوم الحدودي، لتوفير المساعدة الإنسانية بغية ضمان وصول العاملين في المجال الإنساني والمساعدات الإنسانية، بما فيها الوقود والغذاء والإمدادات الطبية ومساعدات الإيواء العاجل إلى السكان المدنيين المحتاجين في جميع أنحاء قطاع غزة دون أي تحويل لوجهتها ومن خلال أقصر الطرق المباشرة، فضلا عن المواد والمعدات اللازمة لإصلاح وضمان تشغيل البنى التحتية الحيوية وتوفير الخدمات الأساسية، دون الإخلال بالتزامات أطراف النزاع بموجب القانون الدولي الإنساني، ويشدد على أهمية احترام وحماية المعابر الحدودية والبنية التحتية البحرية المستخدمة لإيصال المساعدات الإنسانية بالمستوى المناسب.
وطالب القرار الأممي بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وكذلك بكفالة وصول المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات الطبية لجميع الرهائن؛ المطالبة بتوفير الوقود لغزة بمستويات تفي بالاحتياجات الإنسانية المطلوب تلبيتها؛ دعوة جميع الأطراف إلى التقيد بالقانون الدولي الإنساني ويشجب في هذا الصدد جميع الهجمات على المدنيين والأعيان المدنية، وكذلك جميع أعمال العنف وأعمال القتال الموجهة ضد المدنيين، وجميع أعمال الإرهاب.
وأكد القرار الأممي مجددا التزامات جميع الأطراف بموجب القانون الدولي الإنساني، فيما يخص أمورا منها احترام المدنيين وحمايتهم والحرص الدائم على تجنب إصابة الأعيان المدنية، بما في ذلك الأعيان الضرورية لتقديم الخدمات الأساسية للسكان المدنيين، وفيما يخص الامتناع عن مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو إتلاف الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، وكذلك احترام وحماية العاملين في المجال الإنساني والشحنات المستخدمة في عمليات الإغاثة الإنسانية.
وأكد أنه من جديد أن الأعيان المدنية، ومنها أماكن اللجوء، بما في ذلك داخل مرافق الأمم المتحدة والمناطق المحيطة بها، محمية بموجب القانون الدولي الإنساني، ويرفض التهجير القسري للسكان المدنيين، بمن فيهم الأطفال، على نحو ينتهك القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كرر القرار الأممي تأكيد التزامه الثابت برؤية حلّ الدولتين الذي تعيش بموجبه دولتا إسرائيل وفلسطين الديمقراطيتان جنباً إلى جنب في سلام وضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ويشدد في هذا الصدد على أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية؛ مطالبا بأن تتخذ جميع أطراف النزاع جميع الخطوات المناسبة لضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، وموظفي وكالاتها المتخصصة وجميع الموظفين الآخرين المشاركين في أنشطة الإغاثة الإنسانية وفقا للقانون الدولي الإنساني، دون المساس بحرّيتهم في التنقل ودخول الأماكن التي يقصدونها، ويشدد على ضرورة عدم عرقلة هذه الجهود، ويشير إلى وجوب احترام وحماية العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية.
طالب القرار الأممي بتنفيذ القرار 2712 (2023) بالكامل، ويطلب إلى الأمين العام أن يقدم تقريرا خطيا إلى مجلس الأمن في غضون خمسة أيام عمل من اتخاذ هذا القرار بشأن تنفيذ القرار 2712 (2023)، ثم حسب الاقتضاء بعد ذلك، ويطلب من جميع الأطراف المعنية الاستفادة الكاملة من آليات الإخطار الإنساني وتفادي التضارب العسكري – الإنساني القائمة لحماية جميع المواقع الإنسانية، بما فيها مرافق الأمم المتحدة، والمساعدة في تسهيل حركة قوافل المساعدات، دون المساس بالتزامات الأطراف باحترام القانون الدولي الإنساني.
طلب القرار الأممي إلى الأمين العام أن يُبلغ عن تنفيذ هذا القرار في التقارير التي يقدمها إلى المجلس بانتظام؛ ويقرر أن يبقي المسألة قيد نظره الفعلي.
بدوره، تقدم السفير أسامة عبد الخالق المندوب الدائم لجمهورية مصر العربية لدى الأمم المتحدة خلال كلمته في جلسة مجلس الأمن الوضع في الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية، بالتهنئة على نجاح مجلس الأمن اليوم في اعتماد مشروع قرار هام ومؤثر من شأنه تسهيل النفاذ الإنساني وزيادة حجم المساعدات المقدمة إلى قطاع غزة، وذلك من خلال قيام السكرتير العام للأمم المتحدة بتعيين منسق للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار يضطلع بمهام تيسير وتنسيق المساعدات وإنشاء آلية أممية إنسانية تعمل داخل قطاع غزة تحت راية الأمم المتحدة تحتمي بها الآلية وتعمل تحت إشرافها، بهدف التعامل مع الكارثة الإنسانية المروعة التي يتعرض لها سكان القطاع للشهر الثالث على التوالي، جراء الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني الأعزل.
وتقدم السفير أسامة عبد الخالق بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة وبعثتها في الأمم المتحدة للجهود الدؤوبة والمخلصة التي قامت بها، في التشاور المكثف مع الدول أعضاء مجلس الأمن والمنظمات الأممية، وصولاً لاعتماد هذا القرار، وبذل كافة السبل لإنجاحه.
وأوضح السفير أسامة عبد الخالق أن مشروع القرار الذي تم اعتماده اليوم يبني على مشروع القرار المتكامل السابق الذي تقدمت به المجموعتان العربية والإسلامية ورعته 81 دولة تنفيذاً لمقررات قمة الرياض العربية الإسلامية الاستثنائية في 11 نوفمبر الماضي، بخصوص كسر الحصار الإنساني المفروض على أشقائنا الفلسطينيين في غزة، وصدور هذا القرار اليوم خطوة على الطريق الصحيح لمعالجة التداعيات الإنسانية الدامية للحرب على غزة، وضمان استمرارية ودوام نفاذ المساعدات للقطاع دون عوائق عبر آلية تشرف عليها الأمم المتحدة بحيث لا يُترك العمل الإنساني رهينة لإرادة القوة القائمة بالاحتلال، والتي لا يمكن عقلاً أو قانوناً اعتبارها طرفاً محايداً لتقديم الدعم الإنساني.