خاص: رؤية نيوز

فاجئ رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، الجميع في الأول من يناير 2024 باتفاقٍ مع رئيس إقليم أرض الصومال الانفصالي، موسى بيحي عبدي، والذي تستأجر بموجبه إثيوبيا منفذًا للبحر الأحمر بطول 20 كيلو متر سواء لإقامة قاعدة عسكرية أو منشآت تجارية، وهو الأمر الذي يتفق مع تطلعات إثيوبيا لأن تصبح قوة عسكرية على البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

أحداثٍ متسارعة

وتعتبر إثيوبيا أكثر دولة حبيسة في العالم من حيث عدد السكان، يبلغ تعدادها 126 مليون، ولا تطل على أي منفذ بحري، محاطة باليابس من كل جهة، وهو الأمر الذي يرجع إلى وقت انفصال إرتريا عام 1993.

وقبل الوصول إلى الاتفاق، يمكن القول أن إثيوبيا شهدت الكثير من الأحداث المتسارعة على مدار الفترة الماضية، والتي بدأت في أكتوبر بتهديد مفاجئ من قِبل رئيس الوزراء الأثيوبي بأنه سيكون له الحق بأن يكون لبلاده منفذ إلى البحر، وأن سكانها لن يرضخوا بالبقاء في هذا السجن الجغرافي، بحسب تعبيره.

وهو الأمر الذي أثار حفيظة وقلق الدول المجاورة، والتي يبلغ عددها 6 دول مجاورة منهم 5 دول ساحلية، وهم؛ إرتريا والصومال وكينيا والسودان وجيبوتي، والتي تعتمد عليها إثيوبيا إعتمادًا بنسبة 95% في تجارتها الخارجية لإخراج البضائع والتي تدفع لها مليار ونصف دولار سنويًا مقابل ذلك.

دوافع اقتصادية

وبالرغم من ذلك تعاني إثيوبيا بعد شهر أكتوبر من مشكلات إقتصادية كبرى، أدت إلى توصلها لاتفاق مع دائنيها بتعليق مدفوعات الدين المستحقة عليها تحديدًا مع الصين ودول في نادي باريس، ثم في شهر ديسمبر تخلفت عن قسط فائدة بقيمة 33 مليون دولار، لتنضم لعدد من الدول التي تخلفت عن سداد ديونها في القارة الإفريقية مثل غانا وزامبيا وسريلانكا في آسيا، لتعاني من ذلك من أزمة أو ضائقة مالية.

على الجانب الآخر أرض الصومال، التي انفصلت عن الصومال عام 1991، والتي لا يعترف به أحد عالميًا على الرغم من إجرائها انتخابات رئاسية وامتلاكها عملة محلية وعلم خاص بها، إلا أنه لا تعترف بها أي من الدول سوى تايوان، التي تعاني من ذات عدم الاعتراف حول العالم.

رئيس إقليم أرض الصومال الانفصالي؛ موسى بيحي عبدي

ولذلك يضمن الاتفاق التي تسعى إليه إثيوبيا التعهد لأرض الصومال بالاعتراف بوجودها، إلى جانب الحصول على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية.

وتسعى إثيوبيا منذ العام 2018 للوصول إلى منفذ لها يقع على ساحل البحر، فكانت قد حصلت على حصة 18% في ميناء بربرة عام 2018 في أرض الصومال، ولكن فشل الاتفاق فيما بعد لعدم قدرة إثيوبيا على الوفاق بشروطه.

دوافع سياسية

أما على جانب السياق السياسي أو الجيوسياسي، فكانت بداية رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، فكانت في العام 2018 بداية مبشرة، حيث وقّع على اتفاقية سلام مع إرتريا، كما حصل على جائزة نوبل.

لتتبدل الأمور فيما بعد ويدخل في صراع مع عرق الأورومو، ثم مع تيجراي في حرب أهلية تقدّر عدد ضحاياها بأكثر من 600  ألف، وأخيرًا مع إقليم أمهرة.

فبالتالي يعاني من انقسامات داخلية حادة، حيث يسعى لكيفية اكتساب شعبية والتفاف النخب السياسية بالداخل حول مشروع، وبالتالي أن تحقق ما تطمح إليه إثيوبيا المحرومة من المنفذ البحري فهو مكسب سياسي لإثيوبيا، مثلما حاول توحيد الإثيوبيين حول مشروع سد النهضة.

وما زاد الطين بِلة أن الإعلان عن الاتفاق جاء بعد 3 أيام فقط من اجتماع بين رئيس الصومال، حسن شيخ محمود، مع رئيس أرض الصومال لمعالجة الوضع الدستوري للإقليم برعاية جيبوتي.

وهو الأمر الذي يُنذر بتهديدات في منطقة الصومال، خاصة مع تعهدات جماعة الشباب الصومالية للتصدي لأي دخول أو تدخل لإثيوبيا في المنطقة.

ليُصبح في نهاية الأمر استقرار منطقة الصومال على المحك، واستقرار منطقة القرن الإفريقي بأكملها على المحك، بالإضافة إلى عدد من الدول الأخرى المحيطة بها، مثل منطقة البحر الأحمر التي تعاني بالفعل من العدوان الإسرائيلي على غزة، إضافة إلى هجمات الحوثيين.

في ظل برود ردة الفعل الأمريكية تجاه الاتفاق، والتي تتعامل بأن الأمر طبيعي أو منطقي على الأرض.

لتُصبح تلك المغامرة التي تُقبل عليها إثيوبيا بمثابة ناقوس إنذار لكافة الدول المحيطة لما قد تتسبب فيه من مشكلات وصراعات إقليمية، تعتمد في الأساس على تطلعات دولة للتوسع إقتصاديًا دون الالتفات لما قد ينتج عن ذلك!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version