رغم إعلان إسرائيل نجاحها في التصدي لـ” أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية” الذي هاجمها ليلة السبت 13 إبريل 2024، ولكن وسائل إعلام عبرية حذرت من التقليل من خطورة أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية، الذي أثبت جدواه في حرب أوكرانيا.
وشنت إيران خلال الليلة الماضية أول هجوم مباشر على إسرائيل في تاريخها، رداً على تعرض قنصلية إيران في دمشق مطلع الشهر الحالي لهجوم صاروخي إسرائيلي أسفر عن مقتل 7 من الحرس الثوري الإيراني، بينهم الجنرال محمد رضا زاهدي.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه في المجمل، أطلقت إيران حوالي 170 طائرة مسيرة وأكثر من 30 صاروخ كروز وأكثر من 120 صاروخاً باليستياً على إسرائيل ليلة السبت، وقال إنه تم اعتراض 99% منها معترفاً بأن من وصل منها إلى إسرائيل هي الصواريخ الباليستية، بينما قالت طهران إن نصف الصواريخ التي أطلقت باتجاه إسرائيل أصابت أهدافها.
لماذا تعثر أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية أمام إسرائيل بينما نجح في أوكرانيا؟
هناك تفاوت كبير في تقييم نتيجة هجمات أمس بين الجانبين الإيراني، والغربي الإسرائيلي، ولكن هناك ملاحظة أنه حتى الإيرانيين في حديثهم عن النجاح في تحقيق أهدافهم فإنهم من الواضح أنه يلمحون إلى النجاح كان من نصيب الصواريخ الباليستية أكثر من المسيرات والصواريخ الكروز، والحال نفسه مع إسرائيل.
وبينما نجح أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية في اليمن وفي هجوم أرامكو بالسعودية في عام 2019، وجزئياً في أوكرانيا خاصة في بداية تدخلها في الحرب، ولكن أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية خاض اختباراً عسيراً أمس في مواجهة الطبقات الأربع للدفاع الجوي الإسرائيلي والانظمة الدفاعية الأمريكية المنتشرة بالمنطقة مثل باتريوت وإيجاس، والطائرات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية التي أخذت تقتنص الطائرات الإيرانية المسيرة، خاصة أن هذه القوى كانت على علم تام بموعد إطلاق هذه المسيرات الأمر الذي جعل واقعة الأمس عملاً استعراضياً يصعب قياس عليه حروب الطائرات المسيرة، رغم أنها أظهرت بالفعل حدود هذا السلاح أمام قوى عسكرية متقدمة مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.
وبصفة عامة، فإن أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية واجه أمس مجموعة من أكثر دول العالم تقدماً، وأنظمة أكثر تطوراً وكثافة من تلك الموجودة لدى أوكرانيا، في عملية تهدف إلى إرسال رسائل أكثر منها معركة حقيقية، كما أن أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية في حرب أوكرانيا كان في يد قوة عسكرية كبيرة، وضمن حرب واسعة النطاق استخدم فيها أسلحة متعددة.
وفي هذا الإطار، وصفت صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية هجوم أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية الذي وصل إلى إسرائيل أمس بأنه حرب سريالية. إذ أشارت بالفعل التقارير على مدار الأسبوع ونصف الأسبوع الماضيين إلى أنَّ إيران ترغب في مهاجمة إسرائيل “لمعاقبتها” على غارة جوية في دمشق في الأول من أبريل/نيسان وأدت إلى مقتل قائد في الحرس الثوري الإيراني، التي تلقي طهران باللوم فيها على إسرائيل.
إذ كان الإسرائيليون يعلمون أنَّ أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية في الطريق إليها لكن قد يستغرق وصوله ساعات عديدة. وهذا شكل فريد من أشكال الحرب، حيث يمكن تلقي قدر كبير من التحذير في وقت مبكر؛ وهو ما قد يعطي انطباعاً زائفاً بأنَّ الهجوم أقل تهديداً. رغم أن الحقيقة أنَّ أسراباً كبيرة من الطائرات المُسيَّرة تمثل تهديداً كبيراً، بعد أن صارت إيران رائدة في هذا المجال، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
لماذا استثمرت إيران بقوة في برنامج الطائرات المسيرة؟
وبينما نال برامج الصواريخ الإيراني كثيراً من الاهتمام العالمي لعقود، فإن برنامج الطائرات الإيرانية المسيرة كان يتقدم بلا ضجيج، لتحتل طهران مكانة مرموقة في عالم الطائرات المسيرة؛ لدرجة أن دولة عظمى مثل روسيا لجأت لشراء الطائرات المسيرة الإيرانية؛ في مؤشر على انقلاب الموازين في عالم الطائرات المسيرة الذي يبدو ترتيب الدول فيه مختلفاً عن ترتيبها في باقي الأسلحة.
فبينما تتصدر الولايات المتحدة عالم الطائرات المسيرة منفردة بفارق كبير عن روسيا منافستها التاريخية، فإن قائمة أبرز الدول المصنعة للطائرات المسيرة تشمل إسرائيل وتركيا والصين بشكل أساسي، تأتي بعدها إيران والتي قد تكون طائراتها أقل تقنية من الدول السابقة، ولكنها تتميز برخص سعرها والقدرة على إنتاجها مع مراوغة العقوبات الغربية وبكميات كبيرة، وهو ما جعل موسكو ترى فيها فوائد جمة، خاصة فيما يتعلق بالسعر إضافة إلى أن هناك مؤشرات على أن الإيرانيين أتقنوا أساليب إدارة حروب الطائرات المسيرة، لأنها تمثل بالنسبة لهم سلاحاً شديد الأهمية في ظل ضعف قواتهم الجوية.
ففي مواجهة سنوات من العقوبات وقوة جوية تقليدية عفا عليها الزمن، قامت إيران بتطوير وتصنيع طائراتها بدون طيار الخاصة بها والتي يتم نشرها في سوريا والعراق. ويُنظر إلى الطائرات بدون طيار في البلاد على أنها أداة للتعويض عن ضعف القوة الجوية التقليدية ومنح قدرات عسكرية جديدة، حسبما ورد في تقرير لمعهد “Rusi” البريطاني المتخصص في الدراسات العسكرية والاستراتيجية.
والطائرات المسيرة تتمتع بالعديد من الصفات المفضلة للإيرانيين، منها أن الطائرات الإيرانية المسيرة ليست كبيرة جداً، بجانب أنها رخيصة ومُعدَّة للعمل بشكل سريع.
ويمكنها الطيران على مسار معين استناداً إلى الإحداثيات، كما يمكنها التحليق على ارتفاع منخفض نسبياَ. وتتمتع أيضاً بمدى طويل. وبرغم أنها بطيئة نسبياً، لكن البطء ليس دائماً أمراً سيئاً من منظور الإيرانيين. صحيح أنَّ سرعتها البطيئة تعني إمكانية اكتشافها، لكن يمكنها أيضاً تغيير اتجاهها، على عكس الصاروخ الذي يطير في مسار محدد.
ومن المميزات الأخرى التي جعلت إيران تعتمد على الطائرات المُسيَّرة، أنها دقيقة نسبياً. ويمكن إطلاقها من مجموعة متنوعة من المنصات. على سبيل المثال، يمكن إطلاق الطائرات المُسيَّرة من السفن أو الشاحنات، كما يمكن إطلاقها من حاويات، من النوع المستخدم في النقل البحري، أو يمكن سحبها وإطلاقها من نوع من المنجنيق. وهذا يمنح إيران العديد من الخيارات لاستخدام الطائرات المُسيَّرة التي طورتها على مر السنين.
وصدَّرت إيران أعداداً كبيرة من الطائرات المُسيَّرة إلى روسيا. واستخدمت روسيا طائرات “شاهد 136” الإيرانية بدون طيار في حربها مع أوكرانيا على مدار العامين الماضيين. حيث تفضّل روسيا استخدام الطائرات المُسيَّرة الإيرانية لأنها رخيصة الثمن.
مع الوقت نجحت أوكرانيا في إسقاط أعداد أكبر من الطائرات المُسيَّرة الإيرانية التي تستخدمها روسيا، وأصبحت كييف أكثر قدرة على التعامل معها، خاصة مع استمرار تدفق الصواريخ والذخائر الغربية عليها.
ومن المؤكد أن تجربة روسيا مع الطائرات الإيرانية قدمت خبرات للإيرانيين فيما يتعلق بتحسين الطائرات، وربما تحسين دقتها ومناورتها ومداها، حسب صحيفة The Jerusalem Post.
بدائل رخيصة لصواريخ كروز
ويعد استخدام أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية في الأعمال العسكرية أيضاً نقطة مفيدة لترويح الطائرات المسيرة الإيرانية.
إذ تريد طهران أن تجعل طائرة شاهد 136 وأنواعاً أخرى من الطائرات المُسيَّرة من أكثر الطائرات مبيعاً، وأن تستغل حرب الطائرات المُسيَّرة لنشر إنتاجها منها حول العالم مثلما فعل السوفييت برشاش “إيه كيه 47” (كلاشينكوف) إبان الحرب العالمية الثانية. ويمكننا القول ببساطة إنَّ الطائرات المُسيَّرة هي النسخة الإيرانية من الكلاشينكوف؛ لأنها صارت بصمة إيرانية فريدة تحولت إلى ما يشبه منظومة من الأسلحة الانتحارية، حسب وصف الصحيفة الإسرائيلية.
والطائرات المسيرة تعتبر أفضل بدائل رخيصة لصواريخ كروز الموجهة، وهي أكثر فاعلية ضد “الهياكل الناعمة” أو “الثابتة” التي تجبر أولئك المعرضين للتهديد على “إما استثمار الأموال في الدفاعات أو التفرق والانتقال، مما يجعل أشياء مثل بقاء الطائرات في القواعد مسألة غير فعالة”، حسبما يقول جاستن برونك، محلل الطيران في المعهد الملكي للخدمات المتحدة لصحيفة the Guardian البريطانية.
تقول صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية: نحن نعيش الآن في عصر حرب الطائرة الإيرانية المسيرة. وهي حقبة تتقدم مثل القطار البطيء منذ سنوات عديدة. حيث عكفت إيران على تعزيز قوة طائراتها المُسيَّرة، بينما كانت العديد من الدول تراقب دون أن تعتبرها تهديداً كافياً؛ وذلك لأنَّ البرنامج النووي الإيراني وميليشياته وصواريخه كان يُنظَر إليه على أنه تهديد أكبر.
ومع ذلك، فإنَّ القرار الإيراني بتصدير تكنولوجيا الطائرات المُسيَّرة في جميع أنحاء المنطقة واستخدامها المتزايد جعل هذا السلاح مثيراً للقلق الشديد. واستفاقت العديد من الدول على هذا التهديد عندما صدَّرت إيران طائراتها المُسيَّرة إلى روسيا.
إليك الطائرات الإيرانية المسيرة التي يحتمل مشاركتها في الهجوم
ليس هناك تفاصيل عن أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية الذي شارك في الهجوم على إسرائيل وما الأنواع التي كان يضمها والتي قالت إسرائيل وحلفاؤها أنه تم إسقاطه بالكامل، ولكن يمكن معرفة الطائرات المسيرة التي يحتمل مشاركتها من خلال المعلومات عن المدى الخاص للأنواع الرئيسية في أسطول الطائرات المسيرة الإيرانية وتجاربها في حرب أوكرانيا.
المسيرة الانتحارية شاهد-136 التي اكتسبت شهرة كبيرة بسبب حرب أوكرانيا
هي مسيرة انتحارية؛ أي تطير لتنفجر في الهدف دون العودة للقاعدة. يبلغ طولها 3.5 متر، وباع جناحيها 2.5 متر، والوزن 200 كلغم، وسرعتها القصوى، 115 ميلاً في الساعة، والمدى نحو 1.550 ميلاً.
اشتهرت بعد أن صدرتها إيران لروسيا لتستخدمها في أوكرانيا، ويعتبر مداها طويل نسبياً بالنسبة لطائرة انتحارية.
المسيرة شاهد-238 التي تعمل بمحرك نفاث
شاهد-238، هي ذخيرة تسكع إيرانية (مسيرة انتحارية)، لديها القدرة على المناورة، وتقدر سرعتها بين 250 إلى 372 ميلاً في الساعة، وهي تعمل بمحرك نفاث.
وغالباً ما تستخدم طائرات “شاهد” مزيجاً متطوراً من أنظمة الملاحة الأمريكية والروسية والصينية لجعل عملية التشويش عليها أكثر صعوبة، وفقاً لصحيفة the Guardian البريطانية.
كامان 22: أول طائرة قتالية بجسم عريض
هي مركبة جوية إيرانية ذات جسم عريض بدون طيار تم الكشف عنها في 24 فبراير/شباط 2021 من قبل القوات الجوية الإيرانية الإسلامية.
وتزعم إيران أن مدى كامان 22 يبلغ حوالي 3000 كيلومتر (1900 ميل) ويمكنها حمل 300 كغم من المتفجرات.
وفقاً لقائد القوات الجوية الإيرانية عزيز ناصر زاده، فإن كامان 22 هي أول طائرة بدون طيار قتالية ذات جسم عريض مصنوعة محلياً في البلاد قادرة على حمل جميع أنواع الذخائر.
مهاجر 10: مداها 2000 كلم
وهي قادرة على التحليق على ارتفاع 7 آلاف متر، ويصل مداها 2000 كيلومتر، ويمكنها التحليق لـ24 ساعة متواصلة، وتحمل 300 كيلوغرام من المتفجرات، وتبلغ سرعتها 210 كيلومترات في الساعة، وهي مجهزة بأنظمة الحرب الإلكترونية، حسب موقع “الجزيرة.نت”
الطائرة “غزة” العابرة للقارات!
كشفت إيران نهاية شهر مايو/أيار 2021، النقاب عن طائرة بدون طيار محلية الصنع أطلقت عليها اسم “غزة”؛ وذلك “تكريماً لكفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي”، بحسب وسائل إعلام إيرانية.
وتبلغ سرعتها 350 كيلومتراً في الساعة، وهي قادرة على حمل 500 كيلوغرام من المتفجرات، وهي أول مسيّرة إيرانية مزودة بمحرك توربو مروحي، حسبما ورد في تقرير لموقع “الجزيرة”.
ويقال إن مداها يصل إلى 7 آلاف كيلومتر؛ أي أنها تعادل في مداها الصواريخ العابرة للقارات والقاذفات الثقيلة، رغم عدم التأكد من ذلك من مصادر موثوقة.
فلقد نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية في 27 يونيو/حزيران 2021، عن حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، قوله إنه “أصبح لدى إيران طائرات مسيّرة يبلغ مداها 7000 كيلومتر”، وذلك في تطور ربما تعتبره واشنطن تهديداً للاستقرار الإقليمي. وأضاف سلامي أن الطائرات المسيرة “بإمكانها التحليق والعودة (لقواعدها) والهبوط في أي مكان مقرر لها الهبوط فيه”.
من المفترض أن تتمكَّن الطائرة المُسيَّرة بعيدة المدى الجديدة من الإقلاع والهبوط، على عكس طائرات كاميكازي الإيرانية، التي بُرمِجَت على الطيران وضرب هدف مُحدَّد، على غرار صاروخ كروز.
وقالت مصادر إعلامية إيرانية إنه من الناحية النظرية يمكن برمجة هذه الطائرة المُسيَّرة الجديدة لتطير لمسافاتٍ طويلة ثم تهبط في مكانٍ آخر.
وقال تقرير لوكالة تسنيم الإيرانية إن طائرة غزة المُسيَّرة الجديدة تسمَّى “شاهد 149″، وهي أكبر من طائرة شاهد 129.
وبحسب اللواء حسين سلامي، يمكن لطائرة شاهد 149 الجديدة أن تحمل 13 قنبلة.