مقالات

طهران بين الرفض الداخلي والتأزم الخارجي – بقلم موسى أفشار

يبذل النظام الايراني جهودا کبيرة للإيحاء بأن أوضاعه طبيعية وإن الامور مستتبة في سائر أرجاء إيران وتسير لصالحه، لکنه يعلم جيدا بأن العالم کله صار على إطلاع کامل بأن الشعب الايراني يرفضه ويسعى من أجل الحرية والتغيير، وصار صعبا جدا عليه وخصوصا بعد الانتفاضة الاخيرة التي دامت لقرابة 6 أشهر أن يجعل العالم يصدقونه بأنه نظام مقبول شعبيا.

هذا الرفض الداخلي والذي يتعاظم يوما بعد يوم ولاسيما في ظل وجود الخلايا الداخلية النشيطة التابعة لمجاهدي خلق والتي تقوم بنشاطات في سائر إيران ضد النظام، فإن الاخير صار يعاني من هذا الرفض کثيرا ويتخوف منه ولاسيما وإن الاوضاع العامة في ظل العقوبات الدولية وآثار وتداعيات نشاطاته المشبوهة وبرامجه التسليحية، فإنه يواجه أزمة مستعصية بهذا الصدد بحيث تجعل من الصعب عليه أن يقوم بتوظيف العامل الدولي لتهدئة أوضاعه الداخلية في حال توترها وإندلاع إحتجاجات عنيفة ضده.

ويبدو واضحا بأن النظام الايراني ومنذ آذار 2023، يعيش أوضاعا تختلف إختلافا کبيرا عن تلك التي عاشها قبل هذا التأريخ، ولاسيما فيما لو جرت ملاحظة التصريحات الصادرة عن القادة والمسٶولين وکذلك مايرد من تقارير في وسائل الاعلام حيث تزخر بإعترافات غير مسبوقة بسوء الاوضاع وبتعاظم الرفض الشعبي للنظام، ولأول مرة نجد إن خامنئي وخلال مناسبتين متتاليتين لعيد النوروز(عامي 2023 و2024)، يرکز على الاوضاع الاقتصادية ويقدم الوعود التطمينية بتحسين الاوضاع، ومن خلال قراء مابين السطور يبدو واضحا بأن النظام يسعى کثيرا لمغازلة الشارع الايراني وطمأنته أملا في کسبه ولو لفترة قصيرة، وهو مايٶکد بأن الاوضاع وکما أسلفنا ليست أبدا کما کانت في السابق.

تزايد آثار وتداعيات الازمة التي يواجهها النظام على الصعيد الدولي وتزامن ذلك مع عدم مقدرته على ضمان عدم عودة الاضطرابات الداخلية بصورة أکبر وأوسع من السابق، يجعل النظام الايراني في وضع لم يسبق وأن وجد نفسه في مثله على مر ال45 عاما المنصرمة، ولذلك فإن المعلومات الواردة من داخل النظام والتي تشير الى تزايد غير مسبوق في مشاعر الخوف والقلق في الاوساط المختلفة للنظام خصوصا وإن رهانات النظام الخارجية والتي أراد من خلالها أن يمسك العصا من الوسط ويستفاد منها لتحسين أوضاعه على مختلف الاصعدة، قد خابت هي الاخرى وإنقلبت عليه وبالا حتى يمکن القول بأن دولا قد حاول النظام جعلها درعا له في مواجهة أوضاعه الصعبة، بأنها ستجعل من النظام مجرد طعما أو حتى ورقة قد يستخدمها على طاولة المفاوضات، وهذه الحقيقة يتحدث بها الايرانيون على شبکات التواصل الاجتماعي وحتى يسخرون من النظام بسبب منها.

مهما قيل فإن المنعطف الذي إنتهى إليه النظام حاليا والمتداعي أساسا عن الانتفاضة الاخيرة، وما یزید الطین بلة..هو ما قام به النظام أخيرًا، في ليلة السبت على الأحد 13 أبريل، حیث هاجم نظام الملالي إسرائيل بأكثر من 330 مسيرة وصواريخ أرض-أرض وصواريخ كروز، وفقًا للجيش الإسرائيلي. تم تدمير أكثر من 99 في المائة منها في السماء. أصيبت فتاة عربية تبلغ من العمر 8 سنوات في صحراء النقب في إسرائيل. وقال حسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية نظام الملالي، إننا أبلغنا الدول الإقليمية والصديقة بهذا الموضوع قبل 72 ساعة من الهجوم.

كان الهجوم هزيمة عسكرية واضحة وفضيحة لنظام الملالي، لكن سياسيًا، وبعد ستة أشهر، وفي منعطف محلي وإقليمي ودولي، أزيح الستار وظهر رأس الأفعى من خلفه لكنه اصطدم بالحجر بشكل فاضح. أثبتَ خامنئي والدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران أنهما المؤسس والطرف الرئيسي في الحرب الحالية في المنطقة. السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة هو إسقاط نظام الملالي عن طريق إرادة الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. لذا، يجب على الدول المختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة والعالم الغربي، التخلي عن سياسة الاسترضاء والاستسلام أمام هذا النظام، وبدلاً من ذلك، الاعتراف بشرعية المقاومة للشعب الإيراني في السعي للتخلص من هذا النظام بالإطاحة به.

ان الحدث الأخیرسيفرض على النظام أمورا وإستحقاقات لم يحسب لها حسابا من قبل، وإن الايام القادمة تخفي ماسيفاجأ النظام کثيرا فيما لو بقي في السلطة!

*عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيراني

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق