بقلم: هشام المغربي

ساقتني الصدفة أن ألتقي ببعض الأصدقاء المصريين في العاصمة الأمريكية واشنطن الأسبوع الماضي قبل عودتي إلى الإسكندرية بيوم واحد.

صديقان لنا أنا وزوجتي (زوج وزوجته) هاجرا إلى الولايات المتحدة منذ قرابة الثلاثين عاماً…ورغم انتقال أغلب عائلتيهما معهما هناك بعدهما بفترة قصيرة إلا أن صلتهما بمصر لم تنقطع يوماً واحداً.

فهما منشغلان بالشأن المصري العام وبهموم مصر وكأنهما يعيشان بيننا, يحلمان بمصر جديدة غير التي غادراها وانتقلا إلى أرض الأحلام بحثاً عن ما افتقداه في مصر…. ولم يكن هذا الشيء المفقود شيئاً مادياً على الإطلاق… فوضعهما المادي في مصر ميسور وكان سفرهما مثار اندهاش الأهل والأصدقاء في مصر فماذا ينقصكما لتغادرا مصر؟ لديكما كل شيء عن ماذا تبحثان؟ كانت هذه تساؤلات الأهل في مصر قبل مغادرتهما لها.

لم يبحثا عن مال أو جاه هنا في بلاد العم سام, كان جل ما يشغلهما هو كرامة الإنسان وحريته أن يعيشا معاً السلام النفسي المفقود في مصر (في تلك الفترة) , أن يشعرا بآدميتهما في مجتمع يعرف قيمة الإنسان ويقدرها, لم يعرف الكثيرون ما يهدفان له من هجرتهما في ذلك الوقت – وربما كان لذلك مقال آخر أكثر إسهاباً عن تجربتهما وغربتهما لأنها تستحق أن تروى ليتعلم منها الأجيال الجديدة رحلة إثبات الذات والنجاح – لم تكن أبداً طريقاً مفروشاً بالورود خاضا خلالها النجاحات والإخفاقات حتى حققا ما أردا .

انتقل بنا الحديث عن الحياة الثقافية في مصر وعن مهنة الكتاب والنشر وما إلى ذلك من هموم مصرية, وإذا بالصديقة المصرية تقترح علينا أن نلتقي بالأستاذة الدكتورة هبة سعد الملحق الثقافي المصري في سفاراتنا في واشنطن واقترحت أن تحدد لنا موعد معها لنعرض عليها أحدث ما كتبت للأطفال والذي كان معي نسخة منه…

وقد حدث بالفعل أن اصطحبتنا وزوجها الفاضل في لقاء مع سيادتها بالملحقية الثقافية هناك.

تقع الملحقية الثقافية في شارع هامبشاير في منطقة من أرقى مناطق العاصمة واشنطن وفي الموعد كانت الدكتورة هبة في انتظارنا استقبلتنا بترحاب وود آزال ثلوج هذا النوع من اللقاءات التي عادة ما تتراكم بين الغرباء, سيدة مثقفة على درجة كبيرة من الوعي والذكاء تدرك تماماً دورها الثقافي الهام وكيف تكون صلة وصل هامة بين المواطن المصري المهاجر وبلده الأم من جهة, وبين مصر والمواطن الأمريكي الذي يحلم بزيارة مصر التاريخ والآثار والسياحة من جهة أخرى, ذلك المواطن الأمريكي الذي يتوق لشمس مصر الدافئة وشواطئها الساحرة التي ربما حلم يوما بزيارتها.

و بعد أن قدمت لها نفسي وما أقوم به من كتابات في مختلف المجالات أكدت سيادتها حرصها على أن أقدم بعضاً من إنتاجي الأدبي من مقالات أو قصص أوغيرها على منصة المركز الثقافي المصري الإليكترونية و على صفحة الفيسبوك الخاصة بالمركز أيضاً.

كما حدثتنا عن جهودها الحثيثة لتطوير وتجديد مبنى الملحقية ولم تغفل دور من سبقوها في هذا العمل بل حرصت أن تؤكد أنها جاءت لتكمل ما بدأه من سبقوها للعمل في هذا المكان وأن ما تقوم به من عمل الآن لم يكن ينجح لولا جهود كل من سبقها في هذا المنصب .

كما تناول اللقاء الدور الذي تقوم به سيادتها في الملحقية الثقافية والأنشطة المختلفة التي تقدمها والبرامج الثقافية من ندوات ومحاضرات ولقاءات ومعارض وغير ذلك الكثير وقامت سيادتها معنا لنرى على الطبيعة القاعات المخصصة لتلك الأنشطة ثم المعرض المصري الذي يحوي نسخاً من أهم آثار مصر في مختلف العصور… وشعرنا أننا على أرض مصرية حقاً في قلب العاصمة الأمريكية, وكأنها قد نقلت قطعة من مصر لكل زائر للمكان يشعر بعبق التاريخ والأصالة المصرية بل والكرم والحفاوة المصرية, وفي نهاية اللقاء لم تنس أن تودعنا بابتسامتها الهادئة التي استقبلتنا بها على وعد بلقاءات عبر المنصات الإليكترونية أو ربما زيارات حية إذا سمحت الظروف بذلك .

غادرت المكان ولم أزل أفكر حتى بعدعودتي إلى الإسكندرية كيف يمكن أن أقدم كل العون والمساعدة لتظل مصر في قلب وعقل كل مصري مهاجر إلى أرض الأحلام الأمريكية لتظل مصر هي الحلم الدائم الذي يسكن قلبه وعقله ومازلت أفكر….

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version