بقلم: حسين عابديني؛ نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا

مع تنصيب مسعود بزشکيان کرئيس للنظام الايراني وما أثاره ويثيره من ضجة يبدو الافتعال عليها واضحا، فقد عاد الحديث عن ما يسمى بقانون “الاجراء الاستراتيجي” وهو القانون أقره برلمان النظام في نوفمبر 2020، والذي بموجبه أغلق خامنئي الباب أمام أي صفقة مع الولايات المتحدة.

الحديث عن قانون “الاجراء الاستراتيجي”، يعني الحديث عن تشدد النظام فيما يتعلق بالمحادثات الجارية مع المجتمع الدولي بخصوص برنامجه النووي، ولکن من المهم جدا أن نلفت النظر هنا إن النظام الايراني عموما وخامنئي بشکل خاص جدا، يلجئون الى هکذا تعامل يظهر التشدد والتعنت ولاسيما لو کانت هناك ثمة مرونة في التعامل الدولي معهم ولکنهم وعندما يکون التعامل حازم ولا يترك أمام النظام مجالا، فإن النظام ينصاع رغما عنه للأمر الواقع ومن المفيد جدا هنا التذکير بالخطوط الحمراء ال19 التي وضعها خامنئي أمام إبرام الاتفاق النووي في عام 2015، والتي تخلى عنها لاحقا وتم إبرام الاتفاق من دون الاکتراث لخطوط خامنئي الحمراء.

المفارقة هنا إن تسليط الاضواء مجددا على هذا القانون قد جاء بعد الخطاب الذي ألقاه أمام البرلمان الايراني عباس عراقجي المقترح لمنصب وزير الخارجية في حكومة بزشكيان، وطعن فيها محمد جواد ظريف وقال إنه ليس جزءا من عصابة نيويورك، وبالتالي نأى بنفسه عنه رسميا، ولاسيما عندما أعرب عراقجي في تصريحاته وبکل وضوح عن إخلاصه الكامل لخامنئي في السياسة الخارجية، وأكد مجددا أنه لن يكون هناك تغيير في سياسة النظام في المنطقة، بما في ذلك إثارة الحرب والتدخل في المنطقة.

ولا يجب أبدا الفصل بين عودة الحديث عن هذا القانون وبين أوضاع النظام على مختلف الاصعدة وخصوصا على الصعيد الدولي، إذ يريد إستغلال أجواء المرونة الدولية السائدة من حيث التعامل معه الى أبعد حد ممکن، خصوصا وإنه ينتظر على أحر من الجمر إنتخاب کاملا هاريس في الانتخابات الرئاسية الامريکية في نوفمڤر المقبل کي يهيأ الارضية والاجواء لفصل جديد من التجاذب المصطنع مع الغرب تحديدا على أمل إنتزاع ما يمکن إنتزاعه من مکاسب.

يخطئ من يظن بأن النظام الايراني بعودته للترکيز على هذا القانون بأنه يريد إغلاق باب المحادثات الدولية، فهو في کل الاحوال أضعف بکثير من ذلك وهو يعلم قبل الجميع بأن ذلك سيعود عليه سلبا وقد يفتح أمامه أبوابا لا يتمکن من إغلاقها بسهولة، ومن دون شك فإن النظام کعادته وکدأبه دائما يسعى من أجل المناورة وممارسة المزيد من التمويه والکذب والخداع في تعامله مع المجتمع الدولي فيما يتعلق ببرنامجه النووي المشبوه أصلا.

لا خامنئي ولا نظامه يرغبان إطلاقا بالمواجهة مع الغرب أو مع أي قوة ليسا في مستواها وإن المفضل والمرغوب دائما لخامنئي ونظامه المواجهات المحدودة وإثارة الحروب على نطاق معين وإستغلال ما ينجم ويتداعى عنها، أما المواجهة مع الغرب فإنه ليس آخر ما قد يفکر فيه خامنئي بل وحتى إنه لايفکر فيه لکونه يعلم بأن نهاية نظامه مرتبط بتلك المواجهة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version