في هذا الصيف ٢٠٢٤ ، شهدت شواطئ الساحل الشمالي، أحد أبرز وجهات السياحة في مصر، تدهورًا بيئيًا غير مسبوق.

إن هذه الشواطئ، التي طالما كانت ملاذًا طبيعيًا يجذب السياح من مختلف أنحاء الوطن و العالم، باتت مهددة بالتلوث الذي لم يعد ناتجًا عن العوامل الطبيعية أو عدم وعي بيئي فقط، بل عن سلوكيات غير مسؤولة من قِبل بعض الساكنين والزوار والمصطافين.

لقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة مقلقة تمثلت في استخدام البحر كموقع للاستهتار، حيث يُقدم البعض على شرب الكحوليات وتناول الطعام في البحر، وإلقاء النفايات البلاستيكية والمعلبات والسجائر فيه، دون أي اكتراث للعواقب البيئية الوخيمة. هذا السلوك السيئ يتفاقم بشكل مستمر، خاصةً في ظل غياب الرقابة الصارمة وعدم تطبيق قوانين رادعة من إدارة القري السياحية.

ورغم تواجد موظفي الأمن في القرى السياحية، إلا أن إمكانياتهم في التعامل مع مثل هذه الممارسات تبقى محدودة. فالتصدي لهؤلاء المخالفين الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون يتطلب تدخلات أكثر قوة وحزمًا. وللأسف، فإن أي محاولة من موظفي الأمن لمواجهة هذه الفوضى تنتهي في معظم الأوقات بتعرضهم للإهانة أو حتى الاعتداء الجسدي.

كمواطن مصري غيور على بلده وبيئته، أرى أن هذه المشكلة تتطلب تدخلًا عاجلًا وحاسمًا من الجهات المختصة بالدولة، وعلى رأسها وزارة البيئة و الداخلية . إن شواطئنا ليست ملكًا لشخص بعينه أو شركة تطوير عقاري، بل هي ثروة وطنية يجب أن نحافظ عليها من أجل الأجيال القادمة.

و من هنا إجراءات مقترحة لحماية البحر و الشواطئ بجميع المصايف و خاصة الساحل الشمالي.

1. فرض غرامات مالية مشددة: ينبغي على الحكومة إصدار قانون يفرض غرامة لا تقل عن 25,000 جنيه مصري على كل شخص يُضبط وهو يلقي النفايات في البحر وحبس لا يقل عن ٣٠ يوم كما يجب فرض غرامة لا تقل عن مليون جنيه مصري على كل حالة ظبط لمخالفة من شخص بكل قرية سياحية تُكتشف فيها مخالفة بيئية من هذا القبيل.

2. إغلاق الشواطئ المخالفة: يجب أن يُغلق الشاطئ فورًا إذا تكررت المخالفات، وذلك كإجراء تأديبي ضد الإدارة المسؤولة عن الشاطئ.

3. تشديد الرقابة البيئية: يتعين على وزارة البيئة بالتعاون مع الجهات الأمنية المعنية تكثيف الرقابة على الشواطئ والقرى السياحية، وضمان الالتزام التام بالقوانين البيئية.

4. التوعية والتثقيف: يجب على الإعلام الوطني والمنظمات البيئية تكثيف حملات التوعية بأهمية الحفاظ على الشواطئ نظيفة، وتوضيح العواقب البيئية والصحية المترتبة على التلوث.

5. تفعيل دور المجالس المحلية: يتعين على المجالس المحلية إصدار تشريعات صارمة تساهم في حماية البيئة من التلوث وتُجرم مثل هذه الممارسات.

**ختامًا،** إن حماية شواطئنا من التلوث ليس مجرد واجب وطني، بل هو ضرورة حتمية تفرضها علينا التحديات البيئية التي يواجهها العالم اليوم. وعلى الحكومة المصرية أن تتخذ خطوات حاسمة لحماية هذه الشواطئ وضمان بقاء الساحل الشمالي وجهة سياحية آمنة ونظيفة لجميع الزوار. هذه الإجراءات ليست مجرد عقوبات، بل هي استثمار في مستقبل بيئتنا وسياحتنا ورفاهية أجيالنا القادمة.

د. حسام عبد المقصود

قرية ألماظة

الساحل الشمالي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version