عاجلمقالات
أخر الأخبار

فضيحة في قلب المفاوضات: دبلوماسي إيراني يسرق قلمًا ذهبيًا خلال محادثات عمان! – عبد الرحمن كوركي

بقلم: عبد الرحمن كوركي (مهابادي)/ كاتب ومحلل سياسي في الشأن الإيراني

في واقعة تثير السخرية والاشمئزاز معًا، شهدت مفاوضات عمان في 12 أبريل 2025 فضيحة مدوية تورط فيها كاظم غريب آبادي، أحد أعضاء الوفد الإيراني المفاوض، حيث قام بسرقة قلم ذهبي فاخر من طاولة المفاوضات المعدة ضمن البروتوكولات الرسمية.

هذه الحادثة، التي نُشرت في وسائل إعلام إيرانية حكومية ثم سُحبت بسرعة، كشفت تفاصيل صادمة: في ختام إحدى الجلسات، وضع غريب آبادي القلم الذهبي في جيبه دون إذن، رغم أنه مخصص لاستخدام الوفود فقط. القلم، وهو من نوع نادر مطلي بالذهب الخالص، تُقدر قيمته بحوالي 14,300 دولار أمريكي. لاحظ الجانب العماني اختفاء القلم فور انتهاء الجلسة، واكتُشف أن الدبلوماسي الإيراني غادر به دون إعادته. السفير الإيراني في مسقط لم ينكر الواقعة، بل بررها برسالة رسمية لوزارة الخارجية العمانية، واصفًا إياها بـ”خطأ غير مقصود”، واعدًا بإعادة القلم عبر السفارة مع اعتذار.

لكن هذه الحادثة ليست مجرد هفوة عابرة. إنها تكشف مدى الفساد واللامسؤولية السائدين في النظام الإيراني، حتى في لحظاته الدبلوماسية الحرجة. كيف يمكن لدبلوماسي يمثل دولة أن يتصرف بهذه الجرأة في محفل دولي؟ هذا السلوك يعكس عقلية من اعتاد نهب ثروات شعبه دون رقابة، فلم يجد غضاضة في سرقة قلم ذهبي تحت أعين الجميع. غريب آبادي ليس شخصية هامشية، بل أحد الوجوه البارزة في النظام، شغل سابقًا منصب سفير إيران لدى المنظمات الدولية في جنيف، مما يجعل سقوطه في هذه الفضيحة الأخلاقية أكثر إثارة للتساؤل.

تأتي هذه الواقعة في سياق مفاوضات عمان بين الولايات المتحدة وإيران، وهي محطة دبلوماسية حاسمة. سلطنة عمان، بتاريخها الطويل في الوساطة، استضافت مفاوضات مماثلة في 2015 أدت إلى الاتفاق النووي، قبل أن ينهار بانسحاب أمريكا في 2018. اليوم، تعود مسقط لدورها وسط توترات إقليمية معقدة، لا سيما مع حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي أثرت على الاستقرار. الجولة الأولى من مفاوضات 2025، التي جرت في أبريل، ركزت على الملف النووي: الولايات المتحدة طالبت بعودة إيران إلى التزامات 2015، بينما أصرت طهران على رفع العقوبات أولاً. لكن هذه الفضيحة ألقت بظلالها على مصداقية الوفد الإيراني، مشككة في جدية النظام تجاه التوصل إلى اتفاق.

تاريخيًا، كانت مفاوضات عمان دائمًا محفوفة بالتحديات. في الجولة الأولى لعام 2025، تبادل الطرفان رؤى متضاربة: واشنطن شددت على ضرورة مراقبة البرنامج النووي، بينما ركزت طهران على تخفيف العقوبات الاقتصادية التي أرهقت شعبها. ورغم أهمية الحوار، فإن سلوك غريب آبادي كشف عن جانب مظلم من النظام، حيث يبدو أن الفساد متغلغل حتى في صفوف ممثليه الدبلوماسيين. رد النظام على الفضيحة كان لافتًا: جهاز الدعاية التابع لفيلق القدس اتهم جهات معارضة بنشر الخبر، رغم أن صحيفة حكومية هي من كشفته أولاً قبل حذف التقرير.

في النهاية، فضيحة “القلم الذهبي” ليست مجرد حادثة مضحكة، بل رمز لأزمة أعمق تعصف بالنظام الإيراني. إنها تبرز كيف أن الفساد واللامسؤولية أصبحا جزءًا من نسيجه، حتى في أكثر لحظاته حساسية على الساحة الدولية. هذه الواقعة، التي حدثت في قلب مفاوضات عمان، قد تكون قطرة في بحر الفساد الذي يغرق فيه النظام، لكنها كافية لتعرية حقيقته أمام العالم.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

إغلاق