أخبار العالم
” مصر وافريقيا مصير واحد ومستقبل مشترك ” – رامى زهدى
هى علاقة شديدة الخصوصية تلك التى تربط مصر بالقارة الأفريقية ، حتى انه يختلط الأمر فى ذهنى دائما هل هى مصر الافريقية ام افريقيا المصرية ، فمصر ام الحضارات ومهد التاريخ وافريقيا ماضى العالم ومستقبله الواضح، ان ارتباط مصر كان ومازال وسوف يستمر دائما ارتباطا وثيقا ينبع من روابط حضارية ، جغرافية وتاريخية عميقة بينما تمتزج هذه الروابط بمزيج متجانس من الإرادة المشتركة ووحدة المصير، واتفاق على اهداف عامة ومصيرية للشعوب الأفريقية كافة ، تلك الأهداف التى تتمثل فى سعى دائم لتحقيق الأمن والسلام والتقدم والإزدهار للدول الافريقية.
ادركت الدولة المصرية بكافة مؤسساتها وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى انه لايمكن اغفال الهوية المصرية الافريقية ، فمصر دولة عربية ، اسلامية ، مسيحية ، افريقية ، شرق اوسطية وعليها ان تستعيد دورها وتأثيرها فى كل هذه الدوائر ومن هنا كان الشكل والمضمون الجديدين فى صلب العلاقات المصرية الافريقية من فهم ومنظور جديد واستنادا على ارضية قوية وبناء تاريخى وجغرافى وديمغرافى للعلاقات المصرية الافريقية وادارك واقعى ومحسوب لحجم وفرص التعاون الممكنة وكذلك تطلعات الشعوب الافريقية ومن ضمنها الشعب المصرى.
مصر الافريقية هى تلك الدولة صاحبة التاريخ العميق والتى اهتم كل ملوكها وحكامها بموضع مصر الجغرافى والسياسى فى القارة الافريقية ، مصر فى شمال القارة جغرافيا وفى قلبها النابض وفى محور تحركات القارة السياسية والاقتصادية ، ومصب اعظم انهار القارة ، مصر الدولة التى نص دستورها الجديد فى 2014 وبعد ثورتى 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013 على هوية مصر الافريقية وارتباط مصر المتين بالقارة الافريقية.
وهناك العديد من المشاهدات التى نرصد بعضها فى هذا التحليل والتى توضح عزم الدولة المصرية على تعويض ما فات من فتور وفرص مهدرة فى ملف دائرة العلاقات المصرية الافريقية ، ومن خلال هذه المشاهدات يتضح لنا مدى واقعية وقوة تحرك الدولة المصرية صوب القارة الافريقية وخاصة بالمقارنة مع فترة العلاقات المصرية فى أيام الحكم الملكى ثم الازدهار العظيم فى فترة الحكم الجمهورى فى بداية ومنتصف فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر ثم بداية التراجع فى فترة حكم الرئيس انور السادات والتراجع الشديدة فى فترات حكم الرئيس حسنى مبارك خاصة تلك الفترة فيما بعد محاولة الاغتيال الشهيرة فى اديس ابابا ووصولا للفترة الحالية والتى تمثل عودة الروح فى جسد العلاقات المصرية الافريقية.
اهم المشاهدات للتطور العلاقات المصرية:
اولا: على المستوى الرئاسى: مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه الرئاسة في يونيو 2014، في قمتي الاتحاد الأفريقي بغينيا الاستوائيـة وأديس أبابا وقمة دول حوض النيل ومن قبلها القمة الالمانية الافريقية العام الحالى ومشاركة الرئيس عدلى منصور بالقمة العربية الافريقية بالكويت 2013. وكذلك استقبال الرئيس للعديد من الرؤساء الافارقة ووفود عدة وسفراء من دول افريقية دائما ما يحرص الرئيس على الالتقاء بهم والاستماع لهم. ومن اهم الدول التى زارت مصر على المستوى الرئاسى منذ تولى الرئيس السيسى وحتى الأن السودان، وجنوب السودان، وغينيا الاستوائية، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، واريتريا، وجنوب أفريقيا، وبورندي، والصومال، والكونغو الديمقراطية، وتونس.
ثانيا: على المستوى الحكومى: زيارات عديدة قام بها رؤساء الحكومات المصرية السيد ابراهيم محلب والسيد شريف اسماعيل وكذلك مبعوثين من الرئاسة لدول افريقية مثل غينيا الاستوائية وتشاد وتنزانيا واثيوبيا. والمشاركة في اجتماعات على المستوى الوزاري لتجمع الساحل والصحراء, ومشاركة مصر بفاعلية في العديد من الاجتماعات اللاحقة كقمة أفريقيا الاتحاد الأوروبي ببروكسل في أبريل 2014, وقمة أفريقيا الولايات المتحدة بواشنطن في أغسطس 2014, بالإضافة إلي المشاركة البناءة في اجتماعات التكتلات الثلاث: الكوميسا – السادك- تجمع شرق أفريقيا ببوروندي في أكتوبر .2014، وأخيرا استضافة شرم الشيخ قمة التكتلات الثلاث في يونيو 2015.
ثالثا: على مستوى الدبلوماسية المصرية: استقبلت القاهرة زيارات متكررة للجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى لمصر برئاسة السيد ألفا عمر كوناري رئيس مالي الأسبق ، وكذلك زيارات وفود دبلوماسية مصرية شملت العديد من دول القارة منها: أوغندا- بوروندي- تنزانيا- الكونجو الديمقراطية- إثيوبيا- السودان- جنوب السودان -اريتريا- كينيا- تشاد- نيجيريا -الجابون -غانا- السنغال- مالي -بوركينا فاسو- الكاميرون -سيشيل- غينيا الاستوائية.
رابعا: على مستوى مشاركة مصر فى القضايا الافريقية: توقيع مذكرة تفاهم مع مدير عام منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة لإقامة تعاون ثلاثي بين مصر والمنظمة في أفريقيا في مجالي الزراعة والأمن الغذائي, خاصة في دول حوض النيل ودول القرن الأفريقي وكذلك اهتمام مصر بالقضايا والنزاعات الواقعة في وسط وغرب القارة, ولاسيما في أفريقيا الوسطى ومالي وكوت ديفوار, ومكافحة الأوبئة والأمراض وفي مقدمتها وباء الإيبولا خصوصا في ليبيريا وسيراليون وغينيا كوناكري, ومكافحة الإرهاب وأمن الساحل ف فى تشاد والنيجر ونيجيريا.
خامسا: على مستوي التعاون التدريبى والعسكرى: شهد مركز القاهرة الإقليمي للتدريب على فض المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا نقلة نوعية سواء من حيث عدد الأنشطة التي ينظمها, والتي بلغت خلال عام 2014 نحو 24 دورة تدريبية شارك فيها 578 متدربا من 30 دولة أفريقية بزيادة تقدر بحوالي 120عن عام 2013, أو من حيث تنوع مجالات التدريب. بينما تعمل مصر بالتوازي لدعم جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية لتأمين تحقيق السلام في عدد من مناطق النزاعات الممتدة في قارة أفريقيا , حيث تعد مصر من أكبر الدول المساهمة بقوات في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام،تساهم حاليا بنحو 2585 فردا في البعثات الأممية.
سادسا: على المستوى الاقتصادى: بدأت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية عملها في الأول من يوليو 2014, بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 959 لسنة 2013, حيث تم دمج كل من الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا, والصندوق المصري للتعاون مع دول الكومنولث في كيان واحد.
سابعا: على المستوى الحزبى: قامت احزاب كبرى بتأسيس لجان لادارة ومتابعة ملف العلاقات المصرية الافريقية كإضافة جديدة تمثل الدبلوماسية الحزبية مثل حزب مستقبل وطن.
واخيرا نرى ان ما تم عظيما ، لكن الامل اكبر والتحديات كبيرة لكن الان تصلح الدولة المصرية ما فسد سابقا فى العلاقات المصرية الافريقية وتجبر ما كسر وتمضى قدما فى ملفات من التعاون البناء والمثمر من اجل افريقيا جديدة مصر نورها المضئ وقلبها النابض وعقلها المبصر.
كتب: رامى زهدى، خبير العلاقات الافريقية السياسية والاقتصادية
المصادر: دورية افاق، الهئية القومية للاستعلامات، موقع مجلس الوزراء ، موقع الخارجية المصرية.