أخبار من أمريكاعاجل
أخر الأخبار

بعد نتائج الانتخابات النصفية.. هل ما يزال الحزب الجمهوري “تحت رحمة” ترامب؟

خسارة عدد من المرشحين الموالين لترامب أدت إلى إحباط في أوساط الجمهوريين وأثارت تساؤلات عن استمرار هيمنته على الحزب (رويترز)

محمد المنشاوي

واشنطن- أسئلة متعددة يطرحها إحباط الجمهوريين من نتائج الانتخابات النصفية، وهزيمة عدد كبير من المرشحين المدعومين من الرئيس السابق دونالد ترامب، وتتعلق كذلك بمستقبل هيمنته على الحزب.

ويرى بعض المعلقين أن النتائج “المخيبة” لآمال الجمهوريين تمثّل تفويضا واضحا للحزب بالذهاب بعيدا عن ترامب الذي كان لاعبا بارزا في الحملات الانتخابية خلال الأسابيع الماضية، واحتل حديثه عن رغبته في خوض انتخابات الرئاسة عام 2024 عناوين الصحف قبل أيام من الانتخابات.

من “خيمة الأقليات” إلى حزب الرجل الأبيض.. أي مستقبل بقي لترامب وللجمهوريين؟
end of list
وعقب إعلان النتائج، غرّدت سارة ماثيوز المساعدة الصحفية السابقة للرئيس ترامب قائلة “كانت نتائج الانتخابات النصفية أكبر مؤشر على أن ترامب لا ينبغي أن يكون المرشح الجمهوري عام 2024. لقد كلّف الحزب مقاعد كان يمكن الفوز بها من خلال دعمه مرشحين من ذوي نوعية رديئة”.

وقبل الانتخابات النصفية، قال الرئيس السابق للجنة الوطنية للحزب الجمهوري مايكل ستيل إن “كثيرا من الناس يريدون دفن ترامب وإرثه في قبر، لكنه ما يزال فوق الأرض، ولديه كثير من النفوذ السياسي بين الناخبين داخل الحزب أكثر مما قد يرغب الناس في الاعتراف به”.

من ناحية ثانية، يعكس هجوم ترامب المبكّر على حاكم ولاية فلوريدا والمرشح الجمهوري رون دي سانتيس قلق الرئيس السابق من تراجع نفوذ “الترامبية في أوساط الجمهوريين”.

فوز حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون دي سانتيس يمثل قلقا لترامب لمنافسته حلم الترشح للرئاسة في 2024 (رويترز)
هل يدفع ترامب الثمن هذه المرة؟

منذ اللحظة التي ظهر فيها ترامب مرشحا جمهوريا للرئاسة عام 2015، ناصبه كثير من القادة الجمهوريين التقليديين الكراهية، لكن بصمت؛ فقد كانوا يائسين ينتظرون فرصة للتخلص منه، إلا أن ناخبيهم تدخلوا دائما لإخافتهم واضطروا للإذعان، وفي نهاية المطاف لم يدفع ترامب أية تكلفة سياسية لأخطائه المتكررة.

وبعد أن تكبّد الجمهوريون خسائر كبيرة في الانتخابات النصفية عام 2018 في عهد ترامب بفقدان 41 مقعدا؛ مما منح الديمقراطيين أغلبية للسيطرة على مجلس النواب، استمرت خسائر ترامب في الانتخابات الرئاسية 2020، إذ ترشّح من دون منافسة تمهيدية من أي مرشح جمهوري.

وقبل أشهر، هاجم زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل اختيارات ترامب لعدد من المرشحين ودعمهم في السباقات التمهيدية للحزب، خاصة مقاعد مجلس الشيوخ. وقال ماكونيل إن اختيار ترامب مرشحين موالين له وليست لديهم الكفاءة المطلوبة لخوض الانتخابات، ناهيك عن الفوز بها؛ سيكلف الحزب الكثير.

وبعد هزيمة عدد من هؤلاء -وعلى رأسهم الدكتور محمد أوز في ولاية بنسلفانيا، والمرشح دونالد بولدوك في ولاية نيوهامبشير، وهي ولايات كان يمكن بسهولة فوز الجمهوريين بها لو كان لديهم مرشحون تقليديون- هاجم كثير من الجمهوريين ترامب، وألقوا اللوم عليه بسبب الهزائم التي كان يمكن تجنبها.

وفي ولاية جورجيا، يواجه مرشّح ترامب في مجلس الشيوخ هيرشل ووكر جولة إعادة في السادس من ديسمبر/كانون الأول المقبل، في الوقت الذي فاز فيه جمهوريون آخرون على مستوى الولاية بهامش كبير مثل حاكم الولاية برايان كيمب الذي فاز بنسبة 55% من الأصوات رغم عداء ترامب له.

وسلطت شبكة “فوكس” الإخبارية الضوء على فوز سكرتير ولاية جورجيا الجمهوري براد رافنسبرغر، رغم أنه “مكروه من قبل ترامب”. وكان رافنسبرغر “رفض طلب ترامب عقب انتهاء انتخابات 2020 -في مكالمة تليفونية شهيرة- العثور على “11 ألف صوت إضافية لصالحه” كي يفوز بالولاية.

ودفع ذلك بغيسون ميلر المستشار السابق لترامب إلى حد الظهور على شبكة التلفزيون اليمينية “نيوزماكس” والقول إن ترامب يجب أن يؤخر إعلان حملته الانتخابية المقرر الثلاثاء القادم.

والسؤال الآن: هل سيدفع ترامب أخيرا ثمنا باهظا لأخطائه السياسية، بعد أن سمح أنصاره له على مدى سنوات بالإفلات من العقاب من المخالفات التي بلغت ذروتها في جهوده لمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020، والهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني 2021.

“الترامبية” باقية

باتت السياسات المطالبة بالتشدد مع المهاجرين، ومعاداة العولمة والتضييق على انفتاح التجارة العالمية، والعودة للأصول الاجتماعية المحافظة بجذورها المسيحية، وضبط التورط الأميركي العسكري في الحروب الخارجية؛ مرادفا للأفكار “الترامبية”.

وقال أستاذ السياسة الأميركية في جامعة جورجيا البروفيسور كاس مود للجزيرة نت إن “ترامب فتح الباب على مصراعيه لثورة في الحزب الجمهوري، وهو ما سمح لأشخاص مثل دي سانتيس بالصعود. والآن يريد حاكم فلوريدا وأنصاره مواصلة تلك الثورة من دون زعيمها الأصلي ترامب”.

ولا يختلف كل الطامحين في قيادة الحزب الجمهوري أيديولوجيا عن ترامب، إلا أنهم يمتلكون خبرة سياسية مغايرة، ولهم رؤى أكثر دقة من عفوية وشعبوية ترامب. ويتبنى دي سانتيس -على سبيل المثال- “سياسات ترامبية” تجاه قضايا الهجرة، والإجهاض، ودعم إسرائيل اللامحدود، ومعاداة الصين.

مراقبون يعتقدون أن ترامب ما يزال يمتلك قاعدة انتخابية واسعة بين الجمهوريين (الفرنسية)
إمكانية التخلص من ترامب

من جانبه، أقر المؤرخ والبروفيسور بجامعة “برنستون” شين ويلنتز بأن التخلص من ترامب “لن يكون بهذه البساطة؛ إذ يبدو أن قيادته القاعدة الانتخابية الجمهورية قويّة كما كانت دائما، ويبدو أن القيادة الجمهورية تدرك تماما أنه لا يوجد الكثير الذي يمكنهم القيام به حيال ذلك. وبمجرد أن يعلن ترامب ترشحه مرة أخرى ستصبح تجمعاته الانتخابية مقرات رسمية لحملته، فقد يكون الأوان قد فات لإيقافه. ومما يجعل الأمور أسوأ أن ترامب يتمتع بكاريزما طاغية، لكن دي سانتيس لا يمتلك بعد هذه المواصفات رغم جودته”.

وعن الصورة الأكبر للصراع داخل الحزب الجمهوري، قال المؤرخ ويلنتز للجزيرة نت إن “القصة التي لا يريد أحد أن يرويها أنه وبعد 20 عاما وأكثر من التطرف، فإن الحزب الجمهوري منقسم بشدة في الواقع”.

ورأى ترامب نقاط الضعف في مرشحي الحزب عام 2016، كما يقول المؤرخ، وخطف الحزب مباشرة من تحت أرجل قياداته التقليديين بأسلوب هزلي وتهديدي، مثل أي زعيم ديماغوجي استبدادي في التاريخ الحديث. وبمجرد أن رأى القوميون اليمينيون المسيحيون أنه أفضل أمل لهم، وحّد ترامب الحزب، باستثناء الساخطين بشده ضده، ولم تكن لهم مكانة انتخابية ذات قيمة”.

ويضيف ويلنتز أن ترامت “ومنذ ظهوره، لم يواجه تحدّيا جمهوريا قويا، واليوم يعتقد دي سانتيس أنه يستطيع لعب هذا الدور، وقد يكون الجمهوري الوحيد المناسب والمقبول حاليا. ولا يمكن التفكير في أي بديل آخر. بالتأكيد ليس مايك بنس نائب الرئيس السابق الذي يعدّه كثير من ناخبي الحزب الجمهوري خائنا. أما ماركو روبيو وتيد كروز وإريك سكوت فليست لديهم أي فرصة”.

ورأى المؤرخ ويلنتز أنه “ما يزال من الصعب تصديق أن دي سانتيس يمكن أن يهزم ترامب في مواجهة وجها لوجه بالنظر إلى أهمية القاعدة المؤيدة لترامب حتى الآن. لكن بشكل عام، ما لم تكن هناك بعض الأدلة الظاهرة على أن قبضة ترامب قد ضعفت، أعتقد أن هذه الفرصة الأخيرة ستتحول إلى سراب”.

ويرى المؤرخ أن ترامب “قد يتمكن وبسرعة من إعادة تأكيد سيطرته على الحزب، والسبب بسيط.. إنه ما يزال يسيطر على قاعدة الناخبين في الحزب بولاء يشبه العبادة”.

ولكن بالنظر إلى نتائج الانتخابات النصفية التي كانت بمثابة استفتاء عليه، من الواضح أن كثيرا من قادة الحزب -فضلا عن بعض المنشقين الجمهوريين- سيكونون سعداء بدعم صعود رون دي سانتيس في الوقت الحالي، والقضاء على ترامب إلى الأبد”.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق