مقالات

الدكتور/حسام عبد المقصود يكتب .. “الساحل الشمالي سيجارة وكاس”

أثناء قضاء عطلتي الصيفية بإحدى القرى السياحية بالساحل الشمالي خرجت لتناول العشاء والسهر مع عائلتي، ومع أنني مقيم بولاية نيويورك الأمريكية منذ أن كان عمري 16 عامًا؛ إلا أنني ولأول مرة أشاهد مثل هذا التسيّب والاستهتار.

لست شيخًا ولا عضوًا في لجان الفتوى، وقد لا يُحدث فارقًا معي المدخنين ومتناولي الكحوليات، ولكني كرجل أعمل في مجال الصحة العامة، تتبادر إلى ذهني عديد الأسئلة التي وددت طرحها على المجتمع والمسئولين عن صحة المجتمع وسلامته وأمنه.

هل يتم تحديد أماكن السهر، وتقييدها بعبارة “للكبار فقط”، فمفهوم الكبار فقط هو من تعدى عمره الـ21 عامًا، ورأيت بعيني شبابًا وشابات في مصر هذا الصيف وخاصة بالساحل أقل من 21 عامًا يدخنون ويتناولون الكحوليات دون أدنى مسائلة أو اهتمام من إدارة المحال التي تقدم هذه الخدمات بتحديد سن “الزبون”.

وصراحةً، الكل أكبر وأصغر من 21 عامًا يدخنون السجائر العادية والإلكترونية بيد، واليد الأخرى تحمل الكأس، وكأن الهدف هو كيف “يسكر في اقصر وقت”.. أشاهد هذه الأمثلة في أمريكا وأوروبا ولكني لم أرى مثل هذا الاستهتار بالصحة العامة وسلامة المجتمع كما رأيت خلال إجازتي بمصر هذا الصيف.

الغريب أن معظم الدول المتقدمة تقل فيها نسبة التدخين وتناول المشروبات الكحولية سنويًا بسبب قوانين صارمة تمنع التدخين وتناول الكحوليات للقاصرين، وتفرض ضرائب باهظة على السجائر والكحوليات وتُضيّق على الأماكن العامة التي يمكن أن يُسمح فيها بالتدخين أو شرب الكحوليات، كما أن هناك حملات عديدة لتقديم الوعي بالمدارس والمؤسسات للتحذير من الإفراط في التدخين وتناول الكحوليات.

ومع أني كنت أنوى العودة من الساحل الشمالي إلى القاهرة ليلًا، إلى أن قلقًا بالغًا ساورني، لتأكدي أن 80% من قائدي السيارات على طريق الساحل الشمالي بعد الثانية صباحا يكونوا في حالة سُكر تام، وتعاطي الكحوليات بهذا الغباء الشديد والإفراط فيه بين الشباب هو قمة الاستهتار بأرواح الناس.. “أيه المسخرة دي!!”.

لا يوجد من يتحقق شخصية وسن دخول الأماكن المخصصة لتناول الخمور، فهدف هؤلاء ليس شرب القليل ولكنهم يغادرون تلك الأماكن في حالة سُكر تام، لا يرون أمام أعينهم، حتى وإن كان هناك من يعتبر أن لشرب الكحوليات حدّ، فهم لا يمتثلون أبدًا لهذا الحدّ، وكما ذكرت فأنا لست مشرّعًا ولا واعظًا ولكني أبحث عن سلامتي وسلامة أهلي وكل من يريد العودة لمنزله سالمًا آمنًا.

مررت بعديد المحال والمطاعم وأماكن الحفلات اليومية وأنا أرصد نفس السلوك.. “سكرانين يغادروا هذه الأماكن غائبين عن الوعي، يستقلون سياراتهم ويسيرون بها بأقصى درجات السرعة والتهور معرضين أرواحهم وأرواح غيرهم للخطر المحدق، وما أقوله ليس خيالًا أنسجه ولكن كل من زار الساحل الشمالي هذا الصيف يشهد ويوثق ما ذكرته.

ثمة أسئلة تطرح نفسها على وزير الداخلية والمسئولين المعنيين بالمرور وسلامة الطرق والضباط والأفراد على مداخل ومخارج الساحل الشمالي والطرق السريعة؛ وهذه الأسئلة تبحث عن إجابة:

أولًا: ما هو سن الحد الأدنى للتردد على الأماكن التي تبيع الكحوليات؛ وعلى سبيل المثال لا يُسمح في أمريكا بدخول حانة أو محل يوجد به كحوليات لأقل من 21 عامًا.

ثانيًا: ماهو الحد الأقصى لتناول الكحوليات والذي لا يسمح عند تجاوزه بقيادة السيارة، وفي نيويورك من يُستوقف بتهمة “السُكر” من تتجاوز نسبة الكحول عنده %0.08 !

ثالثًا: لماذا لا يتم الكشف عن شرب الكحوليات على طريق الساحل والطرق السريعة بالأجهزة المخصصة”breathalyzer test” ، ومستعد انا شخصيا للتبرع بجهاز لكل “الأقوال الأمنية” على طريق الساحل الشمالي فأرجوا الإفادة.

رابعًا: ما هي عقوبة قائد السيارة الذي يتعدى حدود تناوله للكحوليات المسموح به في مصر..!!، في نيويورك تعتبر جريمة، وعقوبتها السجن لمدة عام وتوقيع غرامة مالية وسحب رخصة القيادة فورًا.

خامسًا: ماهي الجهة التي تراقب أماكن السهر والحفلات التي تقدم الخمور للتأكد من إلتزامها بقوانين “سن الزبون” وتحقيق شخصيته، وما هي العقوبات التي تنفذ على المخالفين ؟

الملاحظة الأدق في زيارتي هذه هي غياب رجل المرور من الشارع ومن الطرق السريعة الخطرة والأماكن المزدحمة ومن التحويلات المهمة.

ما رأيته فقط هو أمين شرطة أو رجل مرور يحرر مخالفات “انتظار في الممنوع” فقط؛ ومع أهمية ذلك لكن منظومة المرور كانت غائبة تمامًا؛ ولحين أن يتعلم المواطن آداب الطريق ويلتزم بها فعلى وزارة الداخلية وخاصة الإدارة العامة للمرور الدفع بالمزيد من أبنائها إلى الشارع لتنظيم حركة المرور.

المرور ليس تحرير مخالفات بل أمن وسلامة للمواطن.

كاتب المقال: الدكتور حسام عبد المقصود – المستشار الطبي لبعثة جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لمجموعة كومينيتي كير الدوائية

رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق