مقالات
الآن .. حاكموا من حبس وقتل وفرق بأحاديث الآحاد
بقلم .. عادل نعمان
عندما صرح ولى العهد الأمير محمد بن سلمان أن الحكومة السعودية ملزمة بتطبيق نصوص القرآن والأحاديث المتواترة في الجوانب الشرعية فقط ، وتنظر لأحاديث الآحاد حسب صحتها وظروفها ووضعها، ولاتنظر في حديث الخبر بتاتا إلا إذا إستند الي مصلحة، ولا عقوبة في الشأن الديني إلا بنص قرآني واضح او حديث متواتر، لم نسمع للمدافعين عن ثلاثة ارباع الدين حسا او خبرا ، ودفنوا رؤوسهم جميعا في الرمال بإرادتهم ، ولم يشهروا سيوفهم للدفاع عن ثوابت الدين، وكأن القتل والذبح والأسر والسبي والغنائم منذ قرون قد إختفي بقدرة قادر وأصبح في خبر دين آخر ( عدد الأحاديث المتواترة يتراوح بين حديث واحد و مائة حديث على أقصى تقدير ، ومعنى التواتر في اللغة التتابع، أي أن الحديث يرويه جماعة عن جماعة عن جماعة عن رسول الله” دون وجود راوى واحد داخل السلسلة” ولا يمكن أن يتَّفقوا على الكذب ، وقد إختلف الفقهاء في تحديد العدد الذي يُسمَّى به الحديث متواترًا، والراجح أنَّ العدد غير مقيَّد وغير محدد ، والقاعدة ان التوتر يقع من عدد يستبعد عنهم الكذب، او أحد من سلسلة الرواة، وأن يكون عدد الرواة كثيرًا في جميع طبقات السند، ويشترط الإخبار بالحس، يعني أن يقولوا سمعنا أو رأينا، وبغير هذا لا يُعدُّ متواترًا. أما حديث الآحاد فهو مالم ينطبق عليه شرط المتواترة سواء كان الراوي واحدا او اكثر، أو موجود راوى واحد في سلسلة الرواة، ( جماعة عن جماعة عن راوي واحد عن رسول الله، أو راوي واحد عن جماعة عن جماعة عن رسول الله، او جماعة عن راوي واحد عن جماعة عن رسول الله) ولناخذ مثالا عن الاخذ بحيث الآحاد عند الحنفية ” فهذا حديث “الحرم لايعيذ عاصيا” رواه البخاري، فلا يجوز العمل به عندهم ، فهو حديث آحاد اولا، وثانيا يتعارض مع الآية” فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ” .
ونحن لايرضينا ماأستشهد واستدل به سمو الأمير بقتل الزاني المحصن بحديث وليس بنص قرآني، والنص واضح وصريح في القرآن وهو الجلد وليس الرجم، ولأن القصة التي روتها السيدة عائشة التي يستندون إليها في حكم الرجم، تهدم اكثر مما تبنى ، وتدين اكثر مما تبرأ ، وتاخذنا الي تساؤل محير كيف تلتهم داجنة آية الرجم من تحت سرير السيدة عائشة حين أنشغل المسلمون بوفاة النبى، وهي آية من القرآن المحفوظ من عند الله، إلا يفتح هذا مجالا رحبا للحديث عن آيات أخرى قد سقطت من القرآن؟ وهو مجال بحث كبير وتساؤل محير عند أهل الشيعة والسنة أيضا ، وقد يجرنا هذا الإستشهاد الي قبول قتل المرتد، وتارك الصلاة ومن سب الرسول حتى وإن تاب واناب وكلها عن أحاديث آحاد، وليس لهذه العقوبات نص واضح وصريح في القرآن، وكان أولى بسمو الأمير ان يقولها واضحة وصريحة( لاعقوبة إلا بنص قرآني فقط، و لصعوبة التنفيذ لاعقوبة إلا بنص قانوني فقط) ولأن امر تجديد هذا الدين لن يأتى من المؤسسات الدينية، لكنه يأتي من الحكام، على منهج العصا و الجزرة، او ذهب المعز وسيفه ، فأكمل جميلك ايها الأمير وأخرج مافي جعبتك مرة واحدة وارحنا منهم اليوم وليس غدا، وسارع الخطى واحم هذا الدين من التجار والسماسرة من مئات السنين، ساعتها فقط سوف يختفي هؤلاء جميعا
ولا يشغلنا هذا الآن عن التفتيش عن الذين تركوا الميدان من مشايخ السلفية ، وركنوا الي جحورهم خوفا وطمعا، ولم ينبس أحدهم ببنت شفة، لأننا ندرك الفارق الكبير بين هولاء المشايخ في دولتهم الدينية التي يحاربون من أجلها، وفي الدولة المدنية التي ندافع عن وجودها .. هم مكرمون في الدولة المدنية ، أدنى في دولتهم الدينية إذا خالفوا ولاة الأمور ، آمنون مطمئنون على أنفسهم وارواحهم واموالهم في الدولة المدنية ، وملاحقون ومطاردون في دولتهم الدينية إن شب خلاف او منازعة مع حاكم هنا أو خليفة أو أمير هناك ، في الدولة التي يحكمها القانون الوضعي والطواغيت والكفرة يقول مالايستطيع أحدهم ان يهمس بينه وبين نفسه في دولته التي ترتدي لباس الدين ، في الدولة العلمانية يجاهر برأيه على المنابر وفي الإعلام كيفما شاء دون حسيب او رقيب ثم يتهمها بالكفر والزندقة والبعد عن منهج الله ويدعو لمحاربتها والخروج عليها ، ويطارد ويضرب ويجلد بالسياط ويحبس في دولته الدينية إذا خالف الرأى ثم يزعم انها دولة الخلافة ودولة الله ويدعو العالم للإمتثال لها وإتباع منهجها لانها النجاة في الدنيا والآخرة. بالله عليكم أين هؤلاء الذين عارضوا قرون عددا، بل وجعلوا الحديث المتواتر والآحاد فوق النص القرآني، ويلغى أحكامه وينسخها، وتقود العقائد والشريعة، وتقتل تارك الصلاة والمرتد ومانع الزكاة والكافرين؟ أين الحناجر والخناجر والسيوف التي طالت رقاب المعارضين والباحثين والتنويريين؟ أين الحويني وحسان ويعقوب ومشايخ الوهابية المدافعين عن ثلاثة ارباع الدين؟ والله حالهم يرثى له، ونشفق عليهم من الخزى الذي يلاحقهم ومن هول الصدمة وغرابة القبول والموافقة والرضوخ.
ايها العالم الحر حاكموا من حاكم قادة الفكر والرأى والتنوير بأحاديث الآحاد ، واعيدوا زوجة نصر حامد ابو زيد الي عصمته في قبره، وبراءة اسلام بحيري ومحمد نصر، و حاكموا من وقف مؤيدا قتل فرج فودة في المحكمة، واوقفو ا محاكمة احمد عبده ماهر ، ومطاردة كل التنويريين إستنادا الي أحاديث الآحاد، حاكموا من قتل تارك الصلاة او تارك الدين، واحذفوا من أحاديث الشعراوي والحويني ومشايخ السلفية وكتب المعاهد الأزهرية كل هذا العداء لغير المسلمين والمسلمين أيضا. (الدولة المدنية هى الحل)
“نقلا عن جريدة المصرى اليوم”