أردوغان… من العلمانية إلى الطائفية والنازية…؟ بقلم: مصطفى قطبي

يكمن الدافع الأساسي لسعي تركيا للعب دور محوري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في التغيرات الجذرية التي طرأت على سياستها الداخلية والتطورات المتسارعة العالمية بخاصة في محيطها الإقليمي، ويستند تنامي دورها إلى نظرية العمق الاستراتيجي التي اتبعتها منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم من خلال سياسة القوة الناعمة التي تهدف من خلالها لعب دور مركزي محوري في المنطقة من وجهة نظرها يغنيها عن دخول الاتحاد الأوروبي، ذلك الهدف الذي لم يتحقق حتى الآن رغم كل التنازلات التي قدمتها القيادات التركية المتعاقبة لصالح الاتحاد الأوروبي وقد جذبت السياسة الخارجية التركية الانتباه أخيراً سواءً على صعيد الاتحاد الأوروبي أو الشرق الأوسط أو الولايات المتحدة الأمريكية من خلال خدمتها لمصالح أمريكا والاتحاد الأوروبي في العالمين العربي والإسلامي ومن خلال محافظتها على علاقاتها وتعاونها مع إسرائيل في المجالات العسكرية والتجارية والاقتصادية والتقنية بالرغم من التصريحات التركية العلنية المتناقضة.

وفي الآونة الأخيرة تستخدم القيادة التركية الاحتجاجات الشعبية في الدول العربية لإعادة تشكيل منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بهدف وضع نظام إقليمي جديد للعلاقات السياسية والدينية والايديولوجية والاقتصادية والتي ستلعب تركيا فيه دوراً محورياً حيث تتفهم أمريكا رغبة تركيا في فرض نموذجها السياسي في الحكم على العالم العربي كمثال لدولة علمانية يحكمها الإسلاميون مع احتمال نشر هذا النموذج في حال نجاحه بدعم من أمريكا والغرب في آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز ويترافق استخدام أنقرة لرجال الدين الأصوليين لتنفيذ خطتها في العالم العربي مع تكثيف تحركاتها في مناطق أسيا الوسطى والقوقاز والذي سينعكس سلباً على أمن تلك المناطق مما سيؤدي لنمو التطرف وانتشار الأسلحة في المناطق الروسية ذات الأغلبية الإسلامية منوهين إلى أن رغبة تركيا في التقرب من واشنطن وبروكسل أدى إلى تحولها كرهينة لطموحاتها الخاصة والتي حولتها إلى حصان طروادة يمتطيه الغرب للقيام بتقسيم المجتمع الإسلامي لتحقيق مصالحه ومصالحها الإستراتيجية والتكتيكية والتي تتعارض مع مصالح دول منطقة الشرق الأوسط حيث تهدف من الناحية التكتيكية من خلال تدهور اتصالاتها مع إسرائيل بالإضافة إلى خطاباتها الصاخبة المناوئة لإسرائيل والمؤيدة للعرب الى تعزيز موقعها في العالمين العربي والإسلامي وتقديم نفسها كقوة إقليمية رائدة في الدفاع عن حقوق العرب والمسلمين باستخدام لغة معادية لإسرائيل ظاهرياً مع عدم تجاوز الخطوط الحمراء في علاقتها مع تل أبيب.

وفي موازاة ذلك تؤكد بعض الدراسات إلى سعي أردوغان نحو الحوار وإقامة علاقات وثيقة مع الأنظمة الجديدة في مصر وتونس وليبيا وتأييد مطالب المعارضة في عدة دول أخرى بهدف تحقيق غاياتها التوسعية وبالرغم من أن العلاقات التجارية والاقتصادية التركية الاسرائيلية شهدت تغيرات كبيرة لكن لا يزال هناك مصلحة متبادلة في تطوير التعاون العسكري والتقني فيما بينهما وتعزيز التنسيق في المجال الأمني بما في ذلك احتواء إيران في المنطقة ومما يدل على ذلك موافقة تركيا على إقامة نظام دفاع صاروخي من حلف شمال الأطلسي على أراضيها والذي يعطي الإشارة الواضحة إلى تل أبيب وواشنطن لاستعداد أنقرة للدفاع عن الدولة اليهودية وحماية المصالح العليا التركية والإسرائيلية. وقد أظهر أردوغان ولاءه لواشنطن وبروكسل من خلال حرصه على المصالح الغربية في المنطقة لتصبح تدريجياً أداة مطيعة لتنفيذ السياسة الخارجية لأمريكا وحلفائها الأوروبيين مستهدفة بذلك ضرب منطقة الشرق الأوسط وتقسيمها لدويلات على أسس طائفية وعرقية ودينية من خلال إحياء مشروع الشرق الأوسط الكبير.

لقد بدأت تتكشف الحقائق تباعاً، وأولى هذه الحقائق أن لدى أردوغان وحزبه وفريقه السياسي العديد من الأقنعة لتغطية وجه واحد هو الوجه الحقيقي لحكام أنقرة الذين يعتبرون الراعي الحصري للإسلام السياسي في الشرق الأوسط ولأحزاب ”الإخوان المسلمين” على وجه الخصوص.
فالتسلل إلى المواطن العربي ـ العاطفي بطبيعته ـ كان من نافذة القضية الفلسطينية والقدس والوقوف في وجه إسرائيل وكسر هيبتها وغرورها، فوجد العرب أخيراً دولة قوية تدافع عن حقهم، بعد أن عجزت أنظمتهم على مدى أكثر من نصف قرن عن الاتفاق حتى على هلالي رمضان وشوال.
يبدو أن هذا القناع الذي وضعه أردوغان على وجهه كان متقناً جداً، بل مقنعاً حتى لأولئك الذين كانت تراودهم الشكوك في الدور التركي إلى أن بدأت الأقنعة تتساقط بداية من التفريط بدماء شهداء سفينة مرمرة، وإعادة الدفء إلى العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل، مروراً بالتورط في المشروع الغربي
ـ الاستعماري لتدمير ليبيا، وحتى في صعود الإسلام السياسي في كل من تونس ومصر، وصولاً إلى قلب ظهر المجن مع سورية وتسويق التدخل الخارجي العسكري في الشأن السوري، وفتح الحدود أمام المسلحين العرب والأجانب وعناصر تنظيم ”القاعدة” الإرهابي و تدفق السلاح إلى العصابات المسلحة في الداخل السوري، وكذلك محاولات توحيد صفوف ”المعارضة” الخارجية التي نمت وترعرعت في عواصم الغرب: واشنطن ولندن وباريس وأنقرة، وكذلك من خلال حشد كل أعداء سورية في مؤتمر ”أصدقاء سورية” بإسطنبول.

يجب هنا عدم إغفال المكاسب الاقتصادية الكبيرة التي كانت تجنيها تركيا من ليبيا خلال حكم معمر القذافي، إلى درجة أن شركات تركية كانت هي التي تنظم المؤتمرات والاجتماعات العربية والإفريقية بما فيها القمم. لكن عندما كان خيار الغرب تغيير نظام القذافي بنظام يأتي من عباءة الإسلام السياسي وتنظيم ”القاعدة” والإخوان المسلمين، بادرت حكومة أردوغان بالاشتراك في الإطاحة بنظام القذافي دون أن يرف له جفن وهو يرى طائرات الناتو (وتركيا عضو فيه) وهي تدك المباني على رؤوس المدنيين موقعة عشرات آلاف الضحايا، المهم ـ حسب أردوغان وحزبه وفريقه السياسي ـ إيصال تيار الإسلام السياسي إلى الحكم، فالمكاسب هنا لا تقارن مع المكاسب الاقتصادية سابقاً، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نزوع حكام أنقرة لإحياء عصر الخلافة العثمانية بثوب جديد.
محاولات ”الخليفة العثماني الجديد” رجب طيب أردوغان إحياء خلافة سادت ثم بادت، لم تتوقف ـ ولا نظن أنها ستتوقف ـ وبخاصة بعد أن صعدت التيارات الإسلامية في كل من تونس وليبيا ومصر، وبعد التواصل والتنسيق الكبيرين بين حكام أنقرة والأنظمة الوليدة في هذه الدول، بما فيها التعاون الجاري ـ بخاصة بين أنقرة وكل من تونس وطرابلس ـ فيما يتعلق بالأزمة السورية، فتونس احتضنت مؤتمر ”أصدقاء سورية، في نسخته الأولى في حين احتضنت إسطنبول النسخة الثانية، أما ليبيا فهي ”تصدّر” المقاتلين، وبخاصة من تنظيم ”القاعدة” الإرهابي إلى سورية في حين تسهل حكومة أردوغان عبورهم إلى الداخل السوري، والمخفي أعظم.

فعلاقات الدول تقاس بعضها ببعض، عبر فهم المواقف المؤسسة للسياسات بين الدول، والقدرة على فهم قياداتها وصانعي القرار فيها، ولكننا في الشأن التركي نحتاج إلى دراسة أعمق من المواقف المباشرة، بالذات عند دراسة علاقة حزب العدالة والتنمية مع الكيان الصهيوني.
ولإدراك أهمية تأثير العلاقات التركية الإسرائيلية بالذات في زمن حكومة رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم
العدالة والتنمية” على أحداث المنطقة العربية بشكل عام، فإن الأمر يتطلب التعرف على طبيعة هذه العلاقة ودوافعها ومدى انعكاسها على المنطقة ودولها.

فلم يغب عن الأتاتوركية وحتى الأردوغانية حلم عودة الامبراطورية العثمانية، ومن يستقرىء التاريخ التركي والحكومات التركية المتعاقبة، يجد أن هذا الحلم قد ازداد حضوره بعد فشل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ورفض الأخير عدة مرات هذا الانضمام، على الرغم من عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، وعلى الرغم من كونها أداة الناتو في الشرق العربي ومحيطها الإقليمي، من البلقان إلى روسيا والقوقاز، ومن آسيا إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتركيا على سبيل المثال، هي الدولة الإسلامية الأولى التي اعترفت بالكيان الصهيوني عام 1949، وقامت بتعيين قنصل لها في تل أبيب!.

وفي عام 1950 اعترفت تركيا اعترافاً قانونياً كاملاً بإسرائيل، وتم تبادل البعثات الدبلوماسية بينهما، واستقبلت تركيا ملحقاً إسرائيلياً في أنقرة، وسمحت لليهود الأتراك بالهجرة إلى فلسطين.
وفي عام 1951 وقفت تركيا إلى جانب الغرب ضد مصر في قرارها بمنع السفن الإسرائيلية من عبور قناة السويس.

وقد سبق لرئيس وزراء تركيا عدنان مندريس أن أعلن عام 1945 تأييده لما أسماه ”أحقية الإسرائيليين في إقامة دولتهم” أثناء زيارته إلى واشنطن، وسعى إلى استمالة الدول العربية لضمها في حلف مؤيد للغرب ومعاد للشيوعية آنذاك، وفي تلك الفترة هاجر أكثر من 34 ألف يهودي تركي إلى إسرائيل.

وفي عام 1983 تطورت العلاقات التركية ـ الإسرائيلية مع وصول ”تورغوت أوزال” إلى رئاسة الوزارة، حيث قامت تركيا برفع درجة التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل مرة أخرى.
وفي عام 1988 عقد في نيويورك في تشرين الأول لقاء بين وزير خارجية تركيا مسعود يلماز ووزير خارجية إسرائيل شيمون بيريز، وكان اللقاء خاصاً بإمداد إسرائيل بالمياه.
وفي عام 1958 بدأ التحالف الأجنبي العسكري الإسرائيلي ـ التركي باجتماع سري بين بن غوريون وعدنان مندريس هدفه، التعاون ضد دول الشرق الأوسط.

وجدد اللقاء عام 1964 بين عصمت أونيون وليفي أشكول في باريس لإحياء الاتفاق السري الذي كان من أبرز نقاطه، قيام إسرائيل بتحديث طائرات ”إف 4” و”إف 5”التركية، وفتح أنقرة مجالاتها الجوية وقاعدتها العسكرية للطائرات الإسرائيلية، كما اتفق الطرفان على إجراء مناورات عسكرية دورية.
وفي 7/8/1996، أعلنت تل أبيب تعهدها بتقديم قرض مباشر بقيمة 410 ملايين دولار من أجل تحويل صفقة تحديث أسطول المقاتلات التركية من طراز ”فانتوم إف4”.

وفي 28/8/1996، وقع البلدان اتفاقية تعاون تكنولوجي وصناعي، يشمل تحديث 54 مقاتلة تركية من طراز ”فانتوم إف 4”.

وفي 1/12/1991، أعلنت إسرائيل أنها وقعت مع تركيا اتفاقاً للتعاون العسكري ينص على إجراء مناورات عسكرية دورية.

وفي 13/3/1973أعلنت تركيا عزمها شراء وتصنيع صواريخ إسرائيلية يبلغ مداها 70 كم، وتجهيزها الطائرات المقاتلة التركية من طراز ”إف 16” ومقاتلات ”إف 4”.

وفي عام 1993، قامت شركة الصناعات الإسرائيلية بتسليم تركيا أول طائرة مطورة من طراز ”فانتوم إف 4” من بين 54 طائرة.

وفي عام 2002، وقعت تركيا مع إسرائيل عقداً بقيمة 668 مليون دولار لتحسين 170 دبابة من طراز ”إم 60”.

وبحث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته لإسرائيل في أيار عام 2005 مع المسؤولين الإسرائيليين في صفقة عسكرية يصل حجمها إلى نصف مليار دولار.

وفي عام 2008 تواصل التعاون العسكري وتطور، وأجريت مناورات عسكرية جوية وبرية وبحرية مشتركة وبمشاركة الولايات المتحدة.

وبعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2008، ألغت تركيا مشاركة إسرائيل في مناورات شرق الأناضول، لكن كشف مصدر مرافق لرئيس الوزراء الصهيوني إيهود باراك عام 2010، أن هناك 60 معاهدة سرية سارية المفعول للتعاون في الأمن وغيره.

وفي المجال الاقتصادي تطور التعاون بين تركيا وإسرائيل منذ عام1953، وتطور التبادل التجاري ليصل إلى 23 مليون دولار.

وفي عام 1987 وصل إلى 54 مليون دولار، وتم التوقيع على اتفاق التجارة الحرة بين البلدين عام 1996، وزاد حجم التبادل التجاري خلال 3 سنوات إلى ملياري دولار سنوياً.

وفي عام 2004، وصل التبادل التجاري إلى 2 مليار دولار.

 وفي عام 2007، تصدرت تركيا قائمة الدول الإسلامية التي لها علاقات اقتصادية مع إسرائيل، لتصل قيمة التبادل التجاري بينهما إلى 2.8 مليار دولار.

ومن أبرز المشاريع الاقتصادية بين البلدين، إنشاء خط أنابيب لنقل النفط والغاز الطبيعي والكهرباء والمياه إلى إسرائيل من ميناء جيحان التركي إلى ميناء عسقلان الفلسطيني، وبلغ عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا تركيا بين عامي 2005 و2009 حوالي 427.6 ألف سائح.

إن الطريقة الأردوغانية الوصائية في الأزمات العربية، وتلقين الدروس للآخرين لا تخدم المصالح العربية، بل المصالح التركية ـ الإسرائيلية للهيمنة على المنطقة بوسائل وطرائق جديدة بدعم الغرب وأمريكا. فالمخطط الاميركي واضح في إضعاف العالم العربي أكثر وأكثر، وفي تقسيم الدول العربية إلى دويلات وإلى كيانات. المخطط الاميركي يريد أن تتزعم تركيا العالم العربي، حتى تقوده وتقود معه العالم الإسلامي نحو مواجهة مع الشيعة، لتدخل المنطقة في أتون حرب دينية تهدف أولاً وأخيراً إلى القضاء على الإسلام، ليحل محله ”الاسلام المزيف” الموالي لأميركا، الإسلام الليبرالي، الإسلام السياسي الذي لا يخدم إلا السياسة الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط.

إن ما جاء على لسان الأب الروحي لأردوغان وحزبه، رئيس الحكومة التركي السابق نجم الدين أربكان، المؤسس الحقيقي للإسلام السياسي في تركيا، في مقابلة مع صحيفة ”توداي زمان”، قبل وفاته بمدة، من منزله بحيّ ”بلغات” في العاصمة أنقرة، كان أشبه بالزلزال السياسي في تركيا، وخصوصاً حين قال عن أردوغان وحزبه هما ”أداة بيد المؤامرة الصهيونية”. حتى إن وصول هذا الحزب إلى السلطة عام 2002 ”حصل بمساعدة من الحركة اليهودية العالمية”، ورداً على سؤال تساءل أربكان في المقابلة ذاتها: ”لماذا وافق أردوغان على منح إسرائيل العضوية الكاملة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ”ocde” بدل وضع فيتو على عضويتها فيها؟ لماذا دفعت حكومته مليارات الدولارات في عقود عسكرية مع شركات إسرائيلية؟ لقد قال أردوغان للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ”دقيقة واحدة” في منتدى دافوس، لكنه واصل الأعمال كالمعتاد مع إسرائيل، وختم نجم الدين أربكان بالقول: ”إنّ كليهما، أردوغان و(الرئيس عبد الله غول)، أداة بيد المؤامرة اليهودية العالمية. ربما لا يدركان أنهما يخدمان المصالح الصهيونية، لكنهما يفعلان ذلك بدليل ما جاء في كتاب هارون يحيى وغاري آلن عن هذا الموضوع”، هكذا يرى أربكان المعلم بالنسبة لأردوغان المسألة، وهذا هو رأيه بتلاميذه.

وعلى الرغم من أن السمة البارزة والأوضح لمجمل الحراك الذي تشهده المنطقة هي الخلفية الطائفية عبر محاولة تقسيمها ضمن محورين متناحرين (سني ـ شيعي)، ولكن يمكن القول إنه ما زال أمام مشروع أردوغان عقبات قد تكون أكبر من رهانه على تجاوزها. فما زال وعي الشعب العربي هو العقبة الأصعب أمام مشروع أردوغان، إضافة إلى أن عليه إعادة النظر في رهانه على الشعب المصري الذي نجح حتى اليوم بإثبات أن بعده وانتماءه العروبي أكبر من الرهان، يكون لزاماً على أردوغان إعادة قراءة التاريخ والحاضر السوري، فالشعب السوري بأغلبيته الساحقة أوعى وأكبر من محاولات جره إلى نار الفتنة وحروبها الطائفية.

وفي مقال للكاتب تيري ميسان في عام 2007 نشر في شبكة فولتير الإخبارية، تحدث فيه عن كيفية اختراق وكالة المخابرات الأميركية والموساد للمنظمات التركية ذات التوجه الإسلامي، أكد اختراق الصهيونية العالمية لحزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان والذي فتح باب التطبيع والتعامل على مصراعيه مع الكيان الصهيوني ما سهل اختراق هذه المنظمات، ولم تكن العلاقات مقتصرة على المناورات العسكرية والتعامل الاقتصادي، بل تجاوزته إلى موافقته على العمليات العسكرية الصهيونية ضد لبنان في عام 2006، تحت ذريعة أنها تحمي مشروع مد إسرائيل بالنفط من خط باكو ـ تلبيسي ـ سيحان وتزويدها بالمياه كما أوردتها صحيفة يديعوت أحرونوت في 10 تشرين الثاني 2009.

ولكننا نظن ـ إلى حد الجزم ـ أن محاولات أنقرة إن كانت لجهة إحياء الخلافة العثمانية البائدة، أو لجهة الهيمنة على الشرق الأوسط كلاعب كبير ورئيسي وقوة إقليمية عظمى ـ لن يكتب لها التوفيق والنجاح، نظراً لما يجري حالياً في المنطقة من قلاقل ـ من جهة ـ ومن تذمر شعبي واسع من سياسات وممارسات ”الحكام الجدد” من الإسلاميين لكل من تونس وليبيا ومصر ـ من جهة ثانية.
لذا فإن ما يسعى إليه أردوغان وحزبه ليس أكثر من أضغاث أحلام ستتلاشى مع بزوغ أول فجر من عودة الوعي للشعب العربي.

نحن لسنا ضد تركيا شعباً، بل ضد سياسة القيادة الحالية التي تسوّق للسياسة الأميركية في المنطقة بصورة هادئة وناعمة، وتساهم في إضعاف عالمنا العربي. فلتركيا القيادة أهداف عديدة في السيطرة على العالم العربي، ومن أهمها المتاجرة بهذه الورقة للحصول على رضى الغرب، وقبول تركيا عضواً في الإتحاد الأوروبي الذي بدأ يضعف رويداً رويداً، ويواجه أزمات مالية خطيرة جداً.

قيادة تركيا لا تريد مصلحة العالم العربي، ولا مصلحة الشعوب العربية، وكل ما يعنيها هو تحقيق أهدافها… وهذا ما يجب أن يعيه كل العرب، وبالتالي العمل على الإهتمام بمصالحنا أولاً وأخيراً، ومعالجة قضايانا بروح عربية أصيلة غير ملوثة برياح استعمارية خطيرة جداً.

فنحن العرب يجب أن نجترح إستراتيجية في ظل أزماتنا والتي لها الدور الأساس فيها، لكي نوقف هذا الطمع والجشع التركي تجاه الوطن العربي، وإلزامها قانونياً بإعادة الأراضي المحتلة بفعل اتفاقية سايكس بيكو الخبيثة فلا الفلسطيني استفاد من هذا الصراخ التركي الأجوف ولا أي عربي يمكن أن يستفيد قيد أنملة من هذا التركيب التركي الهجين.

حوار مع دكتور / شريف أبو النجا – مدير مستشفي سرطان الأطفال 57357

أجري اللقاء أمجد مكي

الرحلة تبدأ من الخوف ‪… رحلة ألاف الأطفال المصريين و غير المصريين ‪… معهم أكثر من ألف قلب يشعر بهم ‪… الرحلة فيها مساواة بين الفقير و الغنى ‪… الرحلة بتحركها ألاف المتبرعين و المتطوعين ‪… رحلة إلى مستشفى 57357 أو مستشفى سرطان الأطفال ‪… أحد أكبر مستشفيات الأطفال فى العالم و الذى يقع فى القاهرة بمصر هذا الصرح العظيم الذي نفتخر به جميعا .

أن السمعة الطيبة و التميز و النجاح الذى صادف مشروع مستشفى سرطان الأطفال بمصر لم يكن محض الصدفة بقدر ما كان تفاعل مجموعة سمات و صفات شخصية لمجموعة من العاملين المخلصين … و منهم الدكتور / شريف أبو النجا أستاذ أورام الأطفال ورئيس قسم البحث العلمى بالمستشفى و أيضا رئيس قسم الIT و العلاقات الخارجية .. هذا الرجل الذى قاد ولا يزال يقود حملات و علاقات عامة أتاحت الفرصة للعالم أن يرى أنجازا هائلا على أرض مصر و أيضا فتحت باب الأمل للأطفال مرضى السرطان أن تتاح لهم فرصة العلاج و الأمل فى الشفاء من خلال هذا الصرح العالمى و الذى بهر العالم ببناؤه الضخم و الذى شيد على أحدث الطرق الهندسية و الطبية فضلا عن الفريق المهنى و الطبى و الأدارى و الذى يتولى الإشراف على تقديم الخدمات الاطبية و نظرا لهذا التميز فى الأداء فقد أتيحت الفرصة للدكتور / شريف أبو النجا أن ينتقل من مكان لآخر حاملا معه مسؤولية الدعم المادى و العلمى لهذا الصرح العظيم و لقد شرفت مدينة نيويورك و مدن أمريكية أخرى بأستضافة الدكتور/ أبو النجا و الإستماع إلى محاضراته و التى تفتح باب الأمل و العطاء لكثير من المهنيين و الباحثين و المتبرعين … 

و لقد سعد موقع رؤيةبأجراء هذا الحوار الصحفى مع الدكتور / شريف إبو النجا رئيس قسم الIT و البحث العلمى و العلاقات الخارجية بمستشفى سرطان الأطفال وهو أيضا سكرتير جمعية أعضاء معهد الأورام و السكرتير العام لجمعية بالولايات المتحدة الأمريكية و قد تم أفتتاح هذا المقر بالولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات حيث إفتتح المركز الرئيسى فى بوسطن ثم نقل الآن لكاليفورنيا و هذه الجمعية هدفها الأساسى أنها تخدم مرضى السرطان فى مصر و التركيز على خدمات مستشفى سرطان الأطفال 57357 و معهد الأورام .

وهذا هو نص الحديث :

 

س١ـ دكتور شريف أبو النجا كيف تحول حلم هذا الصرح ألى حقيقة ؟

 

ج١ـ أنا دائما أبدأ بمثال و هي الطفلة نيفين .. و هى كانت طفلة مريضة فى معهد الأورام عام ١٩٨٣ هذه الطفلة كانت تعانى من سرطان فى الدم و توفيت لأنه لم يكن هناك امكانيات وقتها …

و فى الحقيقة أن الفكرة بدأت سنة ١٩٨٣ حينما عينت نائبا فى الجامعة و كان قسم الأطفال فى معهد الأورام ٨ سراير فقط  والمسافة بين كل سرير و سرير آخر ٣٠ سم … و كل سرير عليه طفلين و كنا نقوم بحقن الطفل بسرنجة و نغسلها بمحلول ملح لنحقن الطفل الآخر .. !!

 

و فى يوم لم أنساه مات ١٣ طفلا فى يوم واحد من أصل ١٦ طفل موجوديون … فتركت المعهد و أنا أشعر باليأس و الحزن و فكرت فى الأستقالة و لكن قادتنى قدماى للقاء الشيخ الشعراوى رحمه الله فى أحد المطاعم المجاورة للمعهد الذى أعتاد الذهاب اليها و هناك كان معه عبد الله سلام و أحمد أبو شقرة و أحمد طعيمة عضو مجلس قيادة الثورة و حكيت لهم المأساة فقرر كل منهم التبرع فورا بخمسين جنيه شهريا لأصلاح القسم و من هنا كانت بداية الأهتمام بالأطفال مرضي السرطان ثم زاد الأهتمام تدريجيا حينما جاءت إلينا الإعلامية المعروفة / آمال فهمى لتسجيل برنامجها الشهير و تدعو المواطنين من خلاله للتبرع و بدأت الدنيا تتغير ..

 و فى عام ١٩٩١ أصبح لدينا ١٢٠ سرير و بدأنا نوفر بعض الإمكانيات و بدأت نسب الشفاء ترتفع قليلا بعد أن كانت لا تتجاوز ٥٪ و بدأ رجال الأعمال يقفون بجوارنا ففكرنا فى حلم المستشفى العالمى المجهز و كان الأساس فى ذلك أن نخرج خارج المنظومة الحكومية لأن العبء كبير على الحكومة و لا يوجد بلد فى العالم يعتمد على الحكومة فقط فى مجال الصحة و التعليم ففى أمريكا مثلا و هى أكثر الدول تقدما يجمعون أكثر من ٥٠٠ مليار دولار تبرعات سنوية ٦٠٪ يذهبون للتعليم و الصحة

 

 بداية الحلم:

 و يضيف دكتور/ أبو النجا قائلا كان البداية الحقيقة على يد سبعة رجال أعمال منهم الراحلة علا غبور و الأستاذ/ محمد أبو العنين ورجل الأعمال / ساويرس حيث تبرع كل منهم بمليون جنيه سنة ١٩٩٨ وأخنا قطعة أرض ١٨٠٠ متر بمساعدة دكتور / فتحى سرور كنائب الذائرة ثم قمنا بعمل دراسات جدوى عن حجم و شكل المستشفى كمنظومة غير حكومية و كيف ستدار و الأجهزة المطلوبة و العمالة و قد كلفتنا هذه الدراسة ٨٥٪ من مبلغ التبرعات و كان هذا القرار وقتها نوع من الجنون .. ! كما قال لنا البعض و لكننا كنا مصريين على أتباع الأسلوب العلمى فى كل خطوات تحقيق هذا الحلم .

و إستطعنا زيادة الأرض إلى ١٢٠ ألف متر و بدأنا بتنفيذ فكرة إقامة مستشفى تليق بمصر و تليق بالأطفال و أهاليهم و لم يكن لدينا أموال لنبنى و بدأنا نبنى جزء جزء فمثلا عملنا مناقصة الأساسات و الأرض .. ثم مناقصة التشطيبات .. ثم مناقصة الأجهزة  . و الحمد لله إفتتحنا هذا الصرح الكبير 1‪/1‪/2007

 و كانت رؤيتنا من البداية أن أطفالنا العرب ليسوا أقل من أطفال بلاد بره و من المعروف أن هناك ٨٥٪ من مرضى الأطفال فى أمريكا و أوروبا يتم شفائهم تماما من هذا المرض و هناك إحصائيات فى أمريكا تقول أن هناك طفل من ضمن ٣٣٠ طفل و شاب تحت ١٨ سنة يعانوا من مرض السرطان و إذا أنتقلنا إلى مصر للأسف ليس لدينا إحصائيات معينة من عدد مرضى السرطان الأطفال فى مصر ‪.

 و إذا سألتنى من هم أكثر الأشخاص الذين ساهموا فى بناء المستشفى  فهم أطفال مصر حيث كنا مع الأستاذ/ إبراهيم حجازى الكاتب الصحفى عام ٢٠٠١ كنا عملنا دعوة للطلبة إن كل طالب يتبرع بجنيه واحد من مصروفه و الحمد لله جمعنا ٢٢ مليون جنيه فى يوم واحد ولا نغفل أيضا دور الشرطة و الجيش فى مصر فى تقديم المساعدات لنا وأيضا العديد من سفراء الدول العربية و الخليجية و نخص سفير الكويت و الأمارات و السعودية و قطر و البحرين و عمان و العديد من السفراء العرب و السفراء الأفارقة الذين ساهموا بالدعم المادى و العلمى لهذا الصرح و أيضا لا ننسى دور الإعلام و الفنانيين  المصريين و العرب و لا ننسى دور الأزهر و الكنيسة المصرية فى هذه المساعدات ولا ننسى تبرعات منتخب مصر عندما كان يقودهم الكابتين حسن شحاتة و العديد من التبرعات المادية للمستشفى و نوجه شكرنا الخاص للاعب القدير / محمد أبو تريكه لتبرعه بتكاليف الموقع الألكترونى الخاصة بالمستشفى‪.

 و أيضا لا ننسى أن ٣٨٪ من  دخل المستشفى قادم من المصريين بالخارج و وزارة الخارجية المصرية فى حقيقة الأمر بدور قوى جدا و الحمد لله المستشفى تقدم خدمة طبية متميزة جدا من علاج كيمائى و جلسات و كل ما يلزم لعلاج مرض سرطان  الأطفال و فيها الأجهزة على مستوى العالم و أخذنا أحداث تصميم مستشفى عام ٢٠٠١ و حصلنا على جائزة أحسن بيئة فى المنطقة العربية و أحسن مستشفى فى المنطقة العربية الشفاء الآن ٨٠٪ و نحن نعالج أطفال من دول عربية و أطفال من حوض النيل .

 

س٢ـما أخبار نسب الشفاء الآن ؟

 

ج٢ـ نسبة الشفاء الآن تصل إلى 80٪ بعد أن كانت فى السابقة ١٠٪ كانت رؤيتنا فى البداية أن أطفال العرب ليسوا أقل من أطفال بلاد بره ووضعنا أمامنا هدف محدد و هو أن نصل بنسبة الشفاء إلى ٨٥٪ مثل الدول المتقدمة كما أننا نقلل مضاعفات العلاج لأقل درجة … ففي أورام المخ مثلا كانت نسبة الشفاء سيئة جدا كما أننا نقلل مضاعفات العلاج لأقل درجة أما الآن فلدينا تيم كامل متخصص فى سرطان المخ و نسب الشفاء ٦٣٪ و يتعاون معنا مركز دانا فارير الأمريكى التابع لجامعة هارفارد فى هذا المجال … و هناك أيضا نوع من أنواع سرطان الغدد الليمفاوية و التى وصلت نسبة الشفاء إلى ٩٦٪ و سرطان الدم ٨٢٪ 

 

مشروع ثقافى و حضارى :

المستشفى ليس لعلاج الأطفال من مرض السرطان فقط و لكن المستشفى مشروع ثقافى و حضارى … و نهتم إهتمام شديد بموضوع البحث العلمى حيث لدينا قسم كبير للبحث العلمى بالمستشفى  نقطة هامة أخرى و هى أنه لكى تصل إلى الرعاية الصحية السليمة فى المستشفى لابد أن تقوم و تركز على موضوع البحث العلمى ك

 و أيضا لدينا مدرسة كاملة بداخل المستشفى لتعليم الأطفال المرضى إذا تعثرت عليه ذهابهم إلى الأمتحانات و لدينا حوالى ٢٠٠٠ شخص يعملون فى المستشفى ما بين أطباء و صيادلة و موظفين .

 

علاقتنا بالمستشفيات الخارجية :

 

لدينا و الحمد لله علاقات قوية بمستشفيات جامعة هارفارد بالولايات المتحدة و هناك إتفاقية شهادة زمالة مع إحدى مستشفيات جامعة هارفارد و سيكون هناك تدريس متبادل فيما بيننا و بينهم 

لتطوير المستشفى .

مستشفى 57357 بها الآن ٢٠٠ سرير و سيزيد إلى ٣٠٠ سرير خلال أشهر و هي تعتبر أكبر مستشفى سرطان أطفال فى العالم و قد أشترينا قطعتين أرض بجانب المستشفى سيتم عليها بناء مركز كبير للبحث العلمى يتكون من ١٨ دور و سنقوم بعمل أكاديمية للعلوم الطبية و أيضا فى طريقنا لأفتتاح ٣ كليات للتمريض و كلية لعلوم إدارة المستشفيات و أيضا أننا بصدد بناء فندق للأطباء فتخيل أن هذه المشاريع لو بدأت تتوقع أن يتم توظيف ١٥ ألف شخص لإقامة هذه المشاريع و بالتالى نحن نخلق فرص عمل عديدة … وفي نفس الوقت نحتاج تمويل وتبرعات لإستكمال هذه المشروعات .

و المستشفى حريص على المساهمة فى الوقاية من المرض و ليس تقديم العلاج فقط و ذلك من خلال الإهتمام بالبحث العلمى من ناحية و حملات التوعية من ناحية أخرى 

 

س٣ـ كيف غير هذا المستشفى فلسفة الطبيب و المريض و العلاج ؟

 

ج٣ـ فلسفة هذا المكان أن يقدم رعاية عالية الجودة فى كافة تخصصات المرض مجانا تماما لجميع المرضى و معظم المصريين طبقات بسيطة حيث أن ٦٢٪ من مرضانا من الأقاليم و يأخذون مبالغ مالية شهرية  من المستشفى للأنتقالات و حينما كنا نتحدث فى مجلس الأدارة عن نوعية الدواء التى سنقدمها سألنا أنفسنا لو أن إبن أحد فينا كان هو المريض ماذا سنقدم له ؟ و من هنا قررنا تقديم أفضل الادوية الأصلية .

 و بالنسبة لفلسفة المستشفى تجاه الأطباء و العاملين فنقوم على راحةالعاملين مع توفير التعليم و التدريب المستمر و ضمان التفرع و البحث العلمى حتى عامل الأسانسير فى المستشفى يحصل على دورات تدريبية و ليس فقط الأطباء ولمتخصصين والتمريض .

 

الرعاية النفسية للطفل :

 

الأهتمام بالحالة النفسية للطفل المريض هو جزء من العلاج داخل المستشفى و لدينا بأستمرار حفلات للأطفال و قد شجعنا الأطفال الذين تم شفاؤهم على عمل رابطة برعاية الأطباء النفسيين و الأخصائيين الأجتماعيين يقومون بدور كبير في دعم المرضى الجدد و مساعدتهم على تجاوز محنة المرض .

 

التبرعات فقط :

 

س٤ ما هى إهمية  إستمرار الدعم للمستشفى ؟

 

ج٤ـ ليس لدينا أى تمويل حكومى فنحن نعتمد على التبرعات بنسبة ١٠٠٪ و طبعا فى  بعض الأوقات نعانى إنخفاض التبرعات و من هنا يكون الوقف الخيرى هو أحد الحلول فهناك نظامين للتبرع و الصدقات التى تصرف مباشرة و هناك الصدقة الجارية نحسبها و نصرف من ريعها ليكون دخل ثابت و مستمر فى الأوقات الصعبة .

 

علاج مكلف :

 

دكتور / أبو النجا الحقيقة أن علاج السرطان مكلف جدا بالأضافة إلى أننا نقدم خدمة حقيقية فى التشخيص و العلاج فالتشخيص الصحيح و السريع هذا أهم عوامل نجاح العلاج و هذا يتطلب تكنولوجيا عالية و علم الجينات و أجهزة حديثة و أطباء مدربين لتحديد مرحلة المرض بدقة فهناك مرض فى المرحلة الأولى قد يتطلب علاج ٣ شهور و هناك مرض مرحلة رابعة يحتاج شهرين علاج كيمائى ثم زرع نخاع و هناك مرض يحتاج ٣ سنوات للعلاج و هناك مرض يتكلف علاجه ٤٠ ألف جنية و مرض آخر يتكلف نصف مليون جنية … فالمستشفى ملتزمة بتوفير جميع مراحل العلاج الذى يحتاجها المريض مهما كانت تكلفتها .

 

التدخين التلوث التغذية :

 

س٥ـ ما هى أسباب مرض السرطان ؟

 

ج٥ـ منظمة الصحة العالمية قالت أن نسبة ٣٠٪ من الأصابات سببها التدخين و ٣٠٪ بسبب التغذية الغير صحية و السمنة و من أهم الأسباب أيضا التلوث البيئى مثل الهرمونات و ملوثات السيارات و المصانع كل هذه الكيماويات خطر كبير جدا .

وبالمناسبة أن هذا الصرح الكبير لعلاج سرطان الأطفال فى مصر حصل من نادى الإنجازات المصرية ليكون أهم إنجاز مصرى حديث فى حياة المصريين .

 

دعوة للتبرع للمستشفى :

 

و أخيرا نحن ندعوا جميع أفراد الجالية العربية بالولايات المتحدة الأمريكية أن يساهموا بالتبرع لمستشفى سرطان الأطفال 57357 و ذلك عن طريق الموقع الألكترونى :

 

www.57357.com 

 

 

تبرع لهذا الصرح الكبير الذى يخدم جميع أبناء الوطن العربى و العلاج فيه مجانا … تبرع ولا تدع الخير يفوتك … ساهم فى شفاء مريض إن شاء الله … فكل من يقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية يستطيع أن يساهم في التبرع لمستشفى 57357 و ذلك من خلال جمعية خيرية تكونت حديثا غير هادفة للربح و مقرها فى الولايات المتحدة الأمريكية و هدفها الأساسى تمثيل مستشفى سرطان الأطفال 57357 و معهد الأورام فى مصر ‪:

www.egyptcancernetwork.org

إذا رغبت بالتبرع قم بأرسال شيك إلى مقر الجمعية :

 

423 Brookline Avenue #316

Boston, Ma 02215

 

أن هناك فى مصر مشروعات نجحت بفضل التكاتف الشعبى …  فالسد العالى رمز سيظل عبر الزمان معبرا عن مدى إيمان الناس بالهدف و مشروع المستشفى و هو أحد التجارب الناجحة و التى تركت بصمة قوية فى نفوس و عقول المصريين عامة فى الداخل و الخارج فهناك مؤساسات تبرعت بالملايين و هناك أطفال تبرعوا بمصروفهم اليومى و المعنى هنا أن النجاح يعدى فعندما يرى الناس مشروعا ناجحا يتكاتفون معه و يمشون ورائه خاصة عندما يلمس الجانب الإنسانى فى الصحة و المرض و بالتأكيد فأن الأدارة الحكيمة لهدا المشروع قدمت للمصريين وللعالم صورة حية من أرض الواقع تدعو للفخر و تحفيز الهمم حيث تحدث أطباء و شخصيات عامة و مسؤوليين و فنانين و رموز دينية إسلامية و مسيحية بهروا الناس بصدقهم و إخلاصهم ..

 

 و نحن أبناء الجالية العربية فى أمريكا لا نقل إخلاصا أو وفاءا عن أبناء الوطن فهى دعوة تنطلق منا جميعا لنشجع أنفسنا و نقدم شيئا نرد به جميل الوطن و لقد عجبنا بمدى التجاوب من الجانب الأمريكى حيث ظهرت تبرعات سخية من قبل مؤسسات و هيئات تضامنا مع هذا المشروع الأنسانى على أرض مصر .

 

فهيا بنا أبناء الجالية العربية فى أمريكا لأستكمال واجبنا القومى نحو أبناء بلادنا لنؤكد للعالم أننا المصريين و العرب أصحاب أعرق حضارة على وجه الأرض … و أننا قدمنا للبشرية الكثير من العطاء .

أمرَكة الإسلام السيّاسي… وشيطنة الحركات الإسلامية…؟    بقلم: مصطفى قطبي

تتعدد التصورات حول مستقبل الحراك الجماهيري العربي، بعد أن ركبت موجة هذا الحراك دول الغرب، لتغيير منطلقاته الديمقراطية في مواجهة الاستبداد والبؤس الاقتصادي والفساد المالي، إلى توظيفات وتحالفات خارجية نلحظها من خلال مجريات الأحداث وما رافقها من حملات إعلامية تضليلية متنوعة ومتناقضة دبرها الغرب للتلاعب بالمصير العربي، مجنداً بعض القوى على الساحة العربية، وفي طليعتها قوى الإسلام السياسي المتحالف معه.

لقد تبلورت ما يمكن أن توصف بصفقة القرن، وهو اللقاء بين الولايات المتحدة الأميركية وأوساط إسلامية باتت تعرف بالإسلام الأميركي، هذه الصفقة التي تتجسد في أكثر من مظهر على أرض الواقع، سواء من خلال سياسة القوى الإسلامية التي تسلمت السلطة في تونس أو ليبيا أو باتت مسيطرة في مصر والمغرب أو من خلال ما تنشره العديد من المراكز الإلكترونية والفضائيات الموالية للأميركيين وللإسلام الأميركي التي تروج لهذا اللقاء وتتحدث عما تسميه الديمقراطية، إضافة لما تبثه من برامج هابطة ثقافياً وأخلاقياً وفنياً.

فالتحالف الليبرالي الغربي مع الإسلام السياسي ليس بجديد، وإنما هو قديم وجذوره راسخة منذ بدايات القرن المنصرم، حيث وظفت تنظيمات إسلامية نفسها في خدمة المشروع الاستعماري البريطاني والفرنسي، الذي أوجد الكيان الصهيوني، وهي تعيد الكرة من جديد بعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية الوريث الشرعي للاستعمار الغربي برمته، وهذا لا يعني التغافل عما ألحقته الأنظمة التي رفعت شعارات القومية العربية من أذى للشعب العربي، نتيجة أنانياتها وتصرفاتها وممارساتها الديكتاتورية، المموهة بشعارات العروبة. ومع هذه الممارسات الخاطئة والمدانة، علينا ألا ننكر الثمن الباهظ الذي دفعته الحركات القومية العربية لتؤكد عبر تاريخها الحديث والمعاصر الهوية القومية، وخصوصية هذه الهوية في التلازم بين العروبة والإسلام، مما مكن المجتمع العربي من تعزيز وحدته القومية الديمقراطية، التي لابد مصطدمة مع الإسلام السياسي المصاب باللوثة الأمريكية الصهيونية، حتى يكون إخراج المجتمع العربي خارج دائرة التلاعب بمصيره من قبل من أصيبوا بشهوة السلطة، تحت أي شعار، وحتى لا يخرج الشعب العربي عن هويته وموقعه.

لقد نشأت الحركات الإسلامية في معظم الدول العربية في فترة الاستعمار الذي فرض سيطرته على الوطن العربي خلال الانتداب البريطاني والفرنسي عليه، وكان الهدف من نشوء هذه الحركات الحفاظ على الدين الإسلامي والعودة إلى الأصول، والخوف من انتشار هيمنة الفكر العلماني الذي كان الاحتلال يحاول فرضه على جميع المناحي العربية، ومن هنا فرضت هذه الجماعات نفسها على الساحة السياسية وعلى المستوى العالمي.

فنشأت في مصر حركة الإخوان المسلمين وتأسست نواتها الأولى في عام 1928م على يد الشيخ (حسن البنا) وتكونت أول هيئة تأسيسية للحركة عام 1941م وبهذا نشأت حركة إسلامية معاصرة هدفها تحكيم الكتاب والسنة وتطبيق شريعة الله في شتى مناحي الحياة، والوقوف بحزم أمام سياسة فصل الدين عن الدولة.

أما التيار الإسلامي في فلسطين، فله مسميات أخرى ترجع إلى ما قبل عام 1948م حيث تعتبر حماس نفسها امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وقبل إعلان الحركة عن نفسها عام 1987م كانت تعمل على الساحة الفلسطينية تحت اسم (المرابطون على أرض الإسراء).
وأصدرت حماس بيانها الأول عام 1987م إبان الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في الفترة بين 1987م وحتى عام 1994م ثم صدر ميثاق الحركة في آب عام 1988م. إن حركة حماس ليست على خلاف مع اليهود لما يخالفونها به في العقيدة بل خلافها معهم لأنهم يحتلون فلسطين، ويرفضون حق عودة من هجروهم إبان بداية الاحتلال، وأن إسرائيل هي الملزمة أولاً بالاعتراف بحق الفلسطينيين بأرضهم وبحق العودة، وفي أواخر السبعينيات من القرن العشرين ظهرت في بعض الدول الإسلامية أيضاً مثل هذه الحركات منها طالبان في أفغانستان، وعلى إثر هذه الحركات ظهر تنظيم القاعدة.
أما في الطرف الآخر من العالم فقد نشأ ما يسمى (جبهة مكافحة الإرهاب) وتترأسه أميركا، وهذا الإرهاب في اعتقادها هو بحد ذاته متأصل بالإسلاميين، وهنا بدأت الحرب الشعواء على كل ما يمت للإسلام بصلة، وتم إنشاء قواعد عسكرية أميركية في دول عربية عدة متمركزة في مناطق إستراتيجية كالبحر الأحمر والخليج العربي، وكان تفجير برجي التجارة العالمية في أميركا يوم 11 أيلول عام 2011م التسويغ والذريعة لحملة أميركية أممية على خلفية تلك الأحداث حيث ربطت (عضوياً) بين الإسلام والإرهاب.

شنت واشنطن ومعها أوروبا حربها ضد جميع الأحزاب الإسلامية ومنها حركة الإخوان المسلمين في مصر، وحماس في غزة، وتنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان، وبحجة مكافحة الإرهاب، كونت ثقافة محاربة الإسلام والحركات الإسلامية حتى داخل الدول العربية، وكذلك كان احتلالها لأفغانستان والعراق جزءاً من خطة مكافحة الإرهاب، كما ساندت أميركا والغرب إسرائيل في حصارها المؤلم لغزة بهدف شل حركة حماس والقضاء عليها لأن الحركة في نظرها هي رأس الإرهاب.
ولكن بعد استلام الجماعات الإسلامية اليوم لمقاليد الحكم في مصر وتونس عن طريق الانتخابات، اعتبرت أميركا أن حزب الإخوان المسلمين في مصر هو جزء لا يتجزأ من دعائم النظم الدستورية، وسيكون له ثقل في الوجود الإقليمي، ولحماية عرابينها اليهود والصهاينة أسرعت أميركا، ووضعت أيديها بأيديهم، وهي من كانت تسمهم بالإرهاب، وتدفع المليارات لتحاربهم، وللحفاظ على ماء وجهها طلبت باستحياء من الجماعة الإسلامية في مصر أن تراعي حقوق المرأة، وكل هذا كرامة لعيون إسرائيل، ولتبقى مصر الدرع الحامي لإسرائيل، ولتمدها بالغاز الذي بيع لها سابقاً بأبخس الأثمان. وعلى ضوء ذلك أرسلت الخارجية الأميركية مبعوثها مساعد وزير الخارجية (وليم بيرنز) بعد شهور من الدراسات والتصريحات والأخذ والرد ليكتمل منظورها عن حركة الإخوان المسلمين في مصر، وهكذا تم اللقاء التاريخي بين عودة الإسلام وحزب الإخوان المسلمين هذا اللقاء المريب، وهنا لا يسعنا إلا التفكير أن أميركا التي استسلمت لمصالحها وسلمت لعدوها اللدود، فهل ستعطي الأمان والأمن لحركة حماس وتعترف بها كحركة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي؟
الوقائع لا توحي بذلك فهي تزداد شراسة وإصراراً في توجيه الرأي العام وحثه على محاربة حركة حماس الإسلامية، بذريعة أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لذلك تعتبرها جماعة دينية متطرفة إرهابية لا حق لها في الدفاع عن حقها المشروع، واعتبرت مقاومتها للاحتلال إرهاباً متشدداً يقضي على الأبرياء والمدنيين.

هذه هي سياسة الكيل بمكيالين، فعندما تصحو المصالح الأميركية في المنطقة فهي تتحالف مع ألد أعدائها، وعندما يصل الأمر لإسرائيل، فهي تعتبر الجماعة الإسلامية المقاومة لها إرهاباً، فأميركا المتشدقة بالديمقراطية العالمية، هي نفسها المساندة للاحتلال وقتل الأبرياء بحجة الحرب على الإرهاب.

فالأميركيون يفاوضون طالبان وإن كانوا يبولون علناً على جثثهم، وطالبان تبتسم للأميركي
طالما صار الوصول للسلطة مجدداً بضمانة أميركية… والأميركيون يريدون إقامة الصلوات على مدار اليوم في المساجد المصرية، طالما أن الإخوان هم من سيؤمون الصلاة… والأميركيون يريدون من القرضاوي المزيد من الفتاوى المضحكة التي تدعو للجهاد في دمشق للوصول الى المسجد الأموي، فيما نؤجل جهادنا من أجل المسجد الأقصى حتى يوم القيامة… والأميركيون فرحون بالغنوشي الذي صرخ  ”فلسطين لا تهمنا”  لأن المهم أن نقيم الصلاة في مواعيدها في تونس. والأميركيون مرتاحون للوجه السمح والمبتسم لمصطفى عبد الجليل الذي سيعزز النسل في ليبيا للتعويض عن آلاف القتلى بالسماح بتعدد الزوجات… والأميركيون مرتاحون لعمر البشير طالما رفع عصاه بالموافقة على تقسيم السودان، وتكريس شريعته الإسلامية الخاصة بالسودان رغم تأوهات حسن الترابي… والأميركيون مسرورون لأن إسماعيل هنية إستقبل إستقبال الأبطال في تركيا وتونس وإن كان لافتاً أن أي مسؤول مصري لم يستقبل الرجل الذي يبدو أنه لا يزال يفضل أن يكون خطيباً في أحد مساجد غزة… والأميركيون مرتاحون للخطاب الطائفي والمذهبي في لبنان ويرعون كل التحركات التي يشهدها شمال لبنان والوجوه الملتحية التي ترفع علم القاعدة في شوارع طرابلس وتصل الى شوارع صيدا، فيما الريال القطري صار سيد العملات.

إن التّيّار الديني (الأخواني) الذي برز بشكل لافت على السّطح منذ ما سمّي بالرّبيع العربي، والذي يجري الاشتغال عليه لتقديمه كبديل (جماهيري)!! يمتدّ على الرّقعة الوجدانيّة للناس، وعلى صفحة الأحداث، فهو يتقدّم عبر صناديق الاقتراع التي تحوّلت إلى فخّ للإيقاع، لا إلى إجراء يأتي بعد التّمهيد، والتأهيل، وهو ما يصرّ عليه الغرب، كصيغة يسير على خطاها، عارفاً بالنتيجة التي سيتمخّض عنها فرز الأصوات، بحكم عمله القائم على الحفر والنّخر.

إنّ الفكرة السّابقة تحرص على الإشارة إلى أنّ الشغل على ما هو سياسي له الأفضليّة، كمركب وكطريق، عند مَن نعني، فهذه الحركات الإسلامية تعمل منذ زمن لاستلام السلطة بهدف إقامة ”شرع اللّه” كما يعلنون، غير أنّ مسألة العلاقة بين الهدف والوسيلة هنا تعترضنا بقوّة، فهل من الشرعي والجائز أن نًُساير الصهاينة من أجل الوصول إلى سدّة الحكم؟!‏‏

هذا الذي نقوله ليس افتراضاً، وثمّة شيء منه ماثل على أرض الواقع، لأنّ كلّ صمت عن جرائم العدوّ، وكلّ تغييب لما يقيمه على الأرض، متابعاً إنجاز مشاريعه في تغيير معالم ما هو فلسطينيّ، وهو عمليّاً في مراحله الأخيرة من هذا المشروع… أيّ صمت، أو تجاهل، أو تغليب لما يجري هنا على ما يجري هناك، هو خدمة مقدَّمة لذلك العدوّ، الذي حين ننصرف عنه ولو لحظة واحدة فإنّنا بذلك نقدّم له وسائل وأدوات التّمكين، والتّجذّر، والاستمرار، ومن يتابع ما هي عليه الحركة، أو الحركات (الاخوانيّة) في الوطن العربي سيجد أنّهم بدؤوا بتقديم أوراق اعتمادهم للصهيونيّة، وللغرب الدّاعم لها، وحاميها الأكبر، حتى قبل أن يصلوا إلى مواقع السّلطة.

فقيادات (الأخوان) على اختلاف تسمياتها كانت، ومازالت تقيم في الغرب معزّزة، مكرَّمة، محميّة، وذلك بإسم حماية الديموقراطية، واحترامها، والغرب، على العموم، وكما نعرف فإنّه لا يقيم ملاجيء للمضطهَدين، وللباحثين عن الحريّة، فهو، في بنيته العمليّة والعقليّة غرب الربّح، والربا، وتأليه الذهب والمال، وما من عمل يتّجه إليه إن لم يجد فيه منفعة ربحيّة، ربويّة، والعمل على بعض السياسيّين ليس أقلّ استثماراً ماليّاً من العمل في آبار النّفط، ونعتقد أنّ ما حدث في ليبيا هو من أقرب الأدلّة وأصدقها على ما نقول.‏‏ ولكي لا يظلّ الكلام معلّقاً على مشجب التّحليل نذهب مباشرة إلى بعض الأقوال المتداولة بهذا الشأن:‏‏ برهان غليون رئيس مجلس اسطنبول يصرّح أنّه إذا وصل إلى السلطة في سوريّة فسوف يقطع علاقته بحزب اللّه، وبإيران، وبحماس، وسوف يستعيد الجولان سلماً!! وهو بشخصه، وبما يُراد له أن يمثّله الآن لا يتكلّم كفرد أكاديمي صاحب عدد من المؤلَّفات، لأنّ هذه المواصفات لا تؤهّل كلّ من يحملها إلى إطلاق التّصريحات، فهو يُطلقها بإسم معارضة ارتأت أن يكون هو رئيساً بما له من مسحة ليبراليّة، واختبأت، ليس كثيراً، وراءه كحركة أخوانيّة تشكّل عصب ذلك التّنظيم فهو يقدّم أوراق اعتماد الجميع لعواصم الغرب، ولتلّ أبيب بإسمه وموقعه، وبإسم الجماعات التي يتألّف منها مجلس إسطنبول الأردوغاني.‏‏

هذا الموقف من المفيد جدّاً ربطه بما صرّح به الشيخ القرضاوي مفتي الدّيار القطرائيليّة، رافعاً صوته من ليبيا الجريحة المدمّرة، معلناً بُشراه لعواصم الغرب التي لا تقوم لإسرائيل قائمة لولاها بأنّ الحركات الإسلاميّة التي حقّقت أغلبيّة في الانتخابات التي جرت في عدد من الأقطار العربيّة سوف تكون (عاقلة) مع الغرب ومع إسرائيل.‏‏

راشد الغنّوشي الذي تستمع إلى فهمه للإسلام، على ضوء تحوّلات العصر ومعطياته، أو تقرأ مقابلاته، أو كتبه، قد لا تختلف معه كثيراً فهماً، وتنظيراً، وأهدافاً كبرى، ولكنّه ما إن حقق حزبه في تونس أكثريّة انتخابيّة وتقلّد مقاليد الحكم، حتى بدأت تصدر عنه تصريحات ليست بعيدة عن تقديم أوراق الاعتماد لذلك الغرب، ولم يكن حسن التّرابي السّوداني أفضل حالاً.‏‏

أما في مصر، فأحد قادة (الأخوان) أعلن قبل أن تترسّم السلطة في مصر بأنّ جماعته يحترمون ”المعاهدات الموقّعة”، وهو يشير تخصيصاً بذلك إلى معاهدة كامب ديفيد.‏‏

إنّ الرّوحيّة التي يعمل عليها هؤلاء، في الحقل السياسي هي روح الدّهماء التي لا تقدر على التّفريق الحقّ، ولكنّها تنتصر انتصاراً جاهليّاً بحتاً، فتقتل، وتحرق، وتغتصب، وتمثّل بالجثث، وثمّة مَن يمدّها بالفتوى أنّ هذا هو (الجهاد)!! أمّا فلسطين، وتحريرها، وما يجري لها ولأهلها فهي مرفوعة على الرفّ، لا بل وثمّة الكثير من رسائل التّطمين بشأنها لقادة ذلك الكيان…‏‏ هي صيغة جاهليّة في الفهم والسّلوك والأهداف، ولا علاقة لها بالإسلام السّمح الذي عرفنا منه أنّ مَنْ قَتَلَها فكَأنّما قَتَلَ النّاسَ جميعاً، وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنّما أَحْيا النّاسَ جَميعاً، فأين هذا من ثقافة التّقطيع والتّمزيق والتّشويه المنتشرة من قندهار إلى الجزائر، إلى الصّومال، إلى العراق، إلى اليمن، إلى سوريّة؟!!‏‏ أؤكّد لو أنّ شيوخ وقادة هؤلاء كانوا يؤمنون بأنّهم مسؤولون ذات يوم، عمّا فعلوه، بين يد ربّ العالمين، لا ربّ هذه الطّائفة ولا تلك… لو كان عندهم ذرّة من الإيمان بذلك لكانوا في غير هذا الموقع...‏‏

فالشعارات ذات الطابع الديني الأخواني التي أيدتها قوى استعمارية، لا بل قامت بنفسها بانتقائها وتنسيقها وإرسالها عبر وسائلها المختلفة (الإعلامية والسياسية والثقافية والدينية التحريضية…) إلى فئات تتخذ من المساجد تحركاً لها مشكّلة غطاء لعمليات إرهابية مسلحة ما كانت ـ أي هذه الشعارات والتحركات ـ لتنجح لولا توفير الدعم المالي والوجيستيكي لها… وكانت قطر المأوى الحقيقي لكل حركات التطرف الديني، من القاعدة إلى حركة طالبان، وصولاً إلى الإخوان المسلمين، فكيف نفهم تلك المصالح السياسية لقطر مع الإخوان المسلمين؟.

يشكل تواجد الإخوان المسلمين في قطر أمراً لافتاً، ودلالات الوجود كثيرة، هذا التواجد الذي بدأ بعد مغادرة عقول من الإخوان المسلمين مصر إلى قطر، وكان أشهرها الشيخ يوسف القرضاوي حيث وجدوا في قطر أرضا خصبة للممارسة ونشر أفكارهم ”الإصلاحية”، المتسمة في نهاية المطاف بطابعها الإخواني، لذالك كانت المساعي القطرية لجمع الإخوان والأميركيين إلى طاولة واحدة ولأول مرة مثمرة، وبطبيعة الحال حكام قطر يلعبون على التناقضات بشكل كبير، فكان المشروع الأميركي لمصلحة الكيان الإسرائيلي، وبجهود قطرية، بدأ يخرج للنور ويتحقق عبر خطين متوازيين، الأول هو مشروع ”النهضة” يديره القطري الدكتور جاسم سلطان، وهو رجل محنك ملتزم بتعاليم الإخوان المسلمين ومطبق لها، الذي يرجع له الفضل باختراعه للخط القطري الإخواني الذي قد لا يصطدم مع خط الجماعة في سورية ومصر والأردن، والخط الثاني الذي تولته المهمة القطرية في المخطط ”الأميركي ـ الإسرائيلي” هو ”أكاديمية التغيير” عبر زوج ابنة الشيخ يوسف القرضاوي وهو منفذ مهم لما ينظر له ويضعه جاسم سلطان، من خطوط فكرية ومنهج للتغيير المراد أميركياً ولمصلحة الكيان الإسرائيلي.

ولا يمكن تجاهل أن القطريين سمحوا للإخوان باستخدام صحرائهم كالمخيمات الدعوية، ويجتذبون من أماكن عديدة أنصارهم للتدريب العسكري وللتعبئة الايدلوجية، لكنهم حين فهموا جيداً قوة الانترنت، قاموا بنصب مخيماتهم على شبكة الانترنت ومدوا خيوط شبكتهم عبرها. ولا يتجاهل ذلك التدريب أيضاً استعمال أدوات إعلامية معينة مثل، شبكة الجزيرة، وموقع إسلام أون لاين، وموقع الجزيرة توك، وقناة دليل الفضائية. ويستعمل الإخوان في تسهيل عملياتهم المالية بنك قطر الإسلامي حيث يتم تحويل الأموال لحساب بنكي لـ”أكاديمية التغيير” وهي التي تتولى تنظيم التدريب إدارياً، دون رقابة مالية على تلك التحويلات أو متابعتها.

استغلت قطر كونها الأكثر قرباً للشعوب العربية من تركيا من ناحية العرق، مستمدة نفوذها الافتراضي في العالم العربي من خلال إعلامها من تركيا، وكونها أكثر طواعية للأميركان من تركيا، فكان الشيخ القرضاوي الذي يحظى بقبول شعبي وإسلامي كبير في العالم العربي، بعد أن صدرته الجزيرة وامبراطوريات الإعلام كعالم وفقيه متنور ومعاصر، وقادر على وضع تشريعات فقهية تمهد الطريق أمام سيطرة الإخوان من قطر التي تباركها أميركا وترضي الكيان الإسرائيلي.
ويتبادر لذهن المتلقي كيف يمكن لقيادات الإخوان المسلمين أن يكونوا جزءاً من المشروع الأميركي وأن يعقدوا الصفقات مع أعداء تاريخيين للمسلمين والعرب، وتنطلق الإجابة ببساطة، أنه وضمن فكرة البراجماتية السياسية التي ينتهجها الإخوان فهم جزء من هذا السيرك السياسي، الذي بدأته قطر والتي عقدت صفقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، رغم أداء الجزيرة المناصر للفلسطينيين، وكما ناصرت تركيا ما تسمى الثورة السورية، وأباحت لنفسها قتل الأرمن والأكراد، والقاسم المشترك في كل ذلك ليس إلا ‘المصلحة” بعيداً عن كل مفاهيم الدين والإسلام وحتى السياسة. فالمتأسلمون الجدد منزعجون من أي حديث عن القومية العربية، والمقاومة العربية، ويربطون ما بين مفهوم القومية وهوية أنظمة عربية محددة، ويعتبرون ان هذه القومية فشلت وان البديل المنطقي هو الإسلام السياسي وفق المصطلحات الجديدة لمرحلة ما بعد المحافظين العرب الجدد الذين ظهروا على ساحة التشرذم العربي خلال السنوات العشر الماضية. أما خبزهم السياسي والأيديولوجي فهي الفتنة السنية ـ الشيعية التي تحدث عنها كيسينجر مراراً عام 1974، وترجمها المحافظون الجدد مع إحتلالهم للعراق.

ومع تنامي الميديا الجديدة التي يتقاسمها الوهابيون والليبراليون الجدد!… فالمتأسلمون الجدد ثقافتهم تقوم على تجذير صراع عرقي عربي ـ فارسي له أسس مذهبية متخلفة تسوقها عشرات الشاشات والمحطات والصحف بثقافة وهابية مشفوعة بالفتاوى والتشريعات التي أساسها الجنوح الى سلفية تشن حرباً لا هوادة فيها ضد الآخر.

فويل أمة فيها مثل هؤلاء، وويل لإسلام فيه هؤلاء، يسقطون من حسابهم القدس والأقصى… يحللون ويحرمون على هواهم… شيوخ الفتاوى طوع إرادتهم، القرضاوي أفتى بقتل الليبيين والسوريين: ”ومالوا إن يقتل القتلة ثلث السوريين أو نصفهم ” لترتاح إسرائيل وأمريكا، يقول الجنرال باراك: ”سقوط نظام الرئيس بشار الأسد يصب في خدمة إسرائيل، ويجعلها أكثر أمناً”.

من الدول الدينية، لكن من الطبيعي التحسب للمخاطر، والعمل الجدي مع القوى اليسارية والقومية الموجودة على الساحة العربية لمواجهة هذه المخاطر بإقناع الجماهير ببرامج عمل مستقبلية ديمقراطية، يطالب بتطبيقها هذا الحراك العربي الناجح على الأرض العربية، مبتعدين بذلك عن الوقوع في أحابيل ديمقراطية مضللة، تجبر المجتمع على أن يكون أسير ثقافة متعلقة بالسلوك والملابس، بدلاً من أن تكون متعلقة بمعالجة الهموم الاقتصادية والانفتاح على الحداثة.
من المفيد أن ننبه إلى ما يعنيه مصطلح الدولة المدنية الشائع اليوم، والمستخدم على الساحة العربية السياسية، سواء أكان هذا الاستخدام من قبل الإسلاميين، أم كان من قبل العلمانيين، على أنه مصطلح محلي ابتكره منظرو الإخوان المسلمين للتعبير عن حقيقة الدولة الإسلامية، ويرجعه بعضهم إلى دولة المدينة التي أقامها الرسول (ص) في المدينة المنورة، وإذا كان الإسلاميون يعنون به الدولة الإسلامية صراحة، فإن بعض العلمانيين يعنون به الدولة العلمانية مواربة، وفي الحالتين هو مفهوم شائع عن غاية من قبل العلمانيين والإسلاميين على السواء، فالعلمانيون استخدموه كبديل عن مصطلح العلمانية الذي يتجه في الثقافة العربية باتجاه الإلحاد، بينما الإسلاميون يرفضونه لأنه مناهض للدين. الأهم من كل هذا أن التحالف الغربي الصهيوني الرجعي يصعد من هجماته، مستهدفاً القوى القومية واليسارية والمعتدلة في الحراك الجماهيري العربي، تنفيذاً لنظرية البنتاغون في الصدمة والرعب، وقد اتخذ هذا التحالف من الجماعات الإرهابية رأس الحربة لممارسة التخويف والقتل والتدمير العشوائي لتدمير البلاد العربية، وصولاً إلى تنصيب سلطة سياسية تحقق أهدافه ومصالحه، تسدد فواتير تكاليفها من رصيد الثروات الوطنية، وبواسطة المتبرعين من الدول النفطية، حتى يكون الالتفاف على هذا الحراك الجماهيري، وهذا ما يفسره خطاب المتأسلمين، ويكفي هنا أن نذكر بما قاله فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكية في زيارته الأخيرة إلى لبنان، من أن الولايات المتحدة ترحب بوصول الإسلاميين المتشددين إلى السلطة في دول الربيع العربي، حتى لو كلف ذلك شلالاً من الدماء.

إذن نحن أمام هجمة عالية الموج يمثّلها هؤلاء (الأخوانيّون)، في السياسة، كما في الفكر، وإذا كانت السياسة الآن هي ذات الحضور الأقوى، فإنه لن يطول الأمر حتى نقرأ بعض الكتب التي تتحدّث عن (شرعيّة) ما فعلتْه هذه الجماعة، وسيكون ثمّة مناظرات، ومحاضرات، ومنابر للتّرويج إلى هذه الشّرعيّة التي نالت رضى مَن أسّس لها وأفتى، وبذلك يُصادرون من خلال منابرهم الرسميّة الجديدة أن يكون لإسلاميّين آخرين رأي جدير بالإستماع، وهذه البنية الماضويّة في عقليّة (الأخوان) بنية مركزيّة في أساس تكوينهم الفكري، وبينهم وبين إسلاميين آخرين من الشواسع والفوارق ما يلفت الانتباه، فهم ليسوا أحفاد الشيخ الأفغاني، ولا محمد عبده، ولا علي عبد الرّازق، بل هم تحديداً أحفاد تشدّد سيّد قطب، ويتقاطعون جوهريّاً مع (الوهّابيّة) التي أنتجت كلّ ذلك الكمّ من التّكفيريّين والإرهابيّين.‏‏

إنّ خطورة هذا الملمح لا تأتي من مضامينه فقط بل من (الشّرْعنَة) التي يخلعونها عليها، فهي وحدها الشرعيّة، وما عداها غير شرعيّ، وهذا يتنافض مع أسس الديمقراطية التي يُرَوَّج لها اليوم بضخّ إعلامي كبير، يضاف إلى ذلك أنّ رؤيتهم تُلغي أيّ رؤية إسلاميّة أخرى تخالفها، وهذا إقصاء لا يتقبّله العقل النّزيه، فشعوب العالم تعترض على الاقصاء السياسي الذي ليست له أي صفة دينيّة، لتقع في منطقتنا العربيّة، عن معرفة، في فخّ الإلغاء باسم (الشّرع)!!، لمجرّد أنّ صاحب هذا الرأي أو تلك الفتوى معدود من رجال الدّين!!‏‏

لا تقارب ديني بين المذاهب بدون تقارب سيّاسي…؟    بقلم: مصطفى قطبي

 

لقد اصطنع الاستعمار الغربي كل المبررات السياسية لتدخله في شؤون المشرق والمغرب العربيين، وطور أساليبه من عقيدة دينية صلبة إلى حملات عسكرية وغزو فكري وحروب نفسية، وصاغها في النهاية بنظرية سياسية واقتصادية واجتماعية، وفلسفها بكل ما لديه من فكر وثقافة جاعلاً مصطلح (الاستعمار) عقيدة وطنية لأوروبا، محاولاً بثها في أذهان الشعوب الأخرى على أنها حق طبيعي لشعوب أوروبا الراقية المتفوّقة في نشر رسالة الحضارة بين الشعوب المتخلفة لإنقاذها من ظلام القرون الوسطى. ومن ثم فإن مبادئ التمدين الجديد تحمل إلى البشرية قيمَ الاستعمار الأخلاقية ومُثلَه الإنسانية التي يجدر بالأقوى أن يطبقها على الأضعف.

هذا ما اعتمده الاستعمار الغربي مدركاً أهمية إضعاف الوعي الوطني وقتل الشعور القومي، ولا أدلَّ على خطورة هذا المخطط من المشاريع التي طبقها الماريشال (ليوتي) الفرنسي في المغرب العربي إذ قال: ”إن على الغرب أن يجعل العربي المراكشي أجنبياً عن العربي الجزائري، وأجنبياً عن العربي التونسي والليبي والمصري والسوري والعراقي”، منادياً بخلق جنسيات جديدة بين العرب تتميز بالخلاف بين المذاهب الإسلامية في كل بلد عربي، ودعا إلى وجوب إبراز هذه المذاهب وتطويرها بحيث يتحوَّل العرب من القومية العربية أو الرابطة الإسلامية إلى طوائف إسلامية متناحرة.

فوسط أمواج المد (تسونامي) لما يسمى ”الربيع العربي” انقلبت اليوم وتغيرت مواقف المنتسبين إلى راية الإسلام والمتبوئين رتبة ”علماء” فأضاعت حرمة الدماء والأخلاق والأعراض والأرض والدين، وانتهكت انتهاكاً غير مسبوق، كان من نتيجته اصطفافات طائفية ومذهبية مقيتة، أججتها وسائل الإعلام المشبوهة والفتاوى والخطب، فحُرِّفت فريضة ”الجهاد” عن سبق إصرار وترصد والتي تقوم على رفع الظلم عن المسلمين، وإزالة مظاهر الظلم والاحتلال عن أراضي المسلمين إذا اغتصبت، وهي فريضة في حكمها وأسبابها وأهدافها يستحقها اليوم الشعب الفلسطيني. إلا أن ما يؤسف له وما يؤلم، أنها تم حرفها لتكون أداة لقتل المسلمين بعضهم بعضاً، فامتشق الذين غرِّرَ بهم وخُدِعوا بهذا التحريف سيوفهم ليقطعوا بها أعناق أشقائهم في العقيدة والدم، وبالتالي أضحى الصراع مذهبياً مدمراً مقيتاً، بعد أن كان الصراع الأوحد هو الصراع العربي ـ الصهيوني، وأن لا عدو سوى العدو الصهيوني.

ومن مفرزات الخطورة أن التخطيط الأمريكي المتراكم وبمعاضدة من العالم الغربي برمّته تقريباً جعل من الضحية العربية تتصارع مع ذاتها وتعتدي على ذاتها، بل حدثت محاولات جدية لجعل الصراع ضمن المكونات الدينية للمنطقة العربية، وحتّى ضمن مكونات الدين الإسلامي، وأخطر أدواته التي ”تعمل” بغية إشعال وتأجيج (فتنة) إسلامية إسلامية تتمثل بفضائيات ومحطات تلفزيونية متفرغة للبحث في إشكاليات حساسة يزخر بها التراث الإسلامي وإبراز الأمور الخلافية واستثمارها للتحريض والاقتتال والفتنة… فلم يشهد التاريخ العربي ولا حتّى مسيرة وسائل الإعلام كلّها عبر التاريخ مرحلة من التحريض الطائفي الديني كما هو موجّه إلى العالم العربي اليوم.

والفضيحة قائمة بوجود أقمار صناعية خاصة بالبث الفضائي توافق على بث قنوات متخصصة بالفتن الطائفية والدينية… والأكثر فضائحية هي الأنظمة والدول التي تسمح لفضائيات متخصصة بالفتنة الدينية العمل على أراضيها، بل وتدعمها وتؤمن لها الكوادر والأموال والميزات والمغريات وتوظّفها كأداة من أدوات التآمر والاعتداءات على الآخر… إنّه انحطاط قيمي غير مسبوق ولا يمكنه أن ينتج إلا عن أنظمة زاد انحطاطها السياسي والأخلاقي وصولاً إلى تخصصها بصناعة الفتن الدينية!

اللافت فيما يتعلق بدراسات الحوار ”الإسلامي ـ الإسلامي” ميل معظم البحوث والمداخلات إلى الارتكاز على المشكلات المذهبية، بوصفها المنصة الظرفية لمشكلات الحوار الإسلامي ـ الإسلامي نفسه، وبطبيعة الحال فإن هذا المنحى من المعالجات والمقاربات سيعاود استهلال المراحل التاريخية السابقة التي كانت تربط باستمرار أزمة العقل الإسلامي بأزمة الفقه والأدلجة وعلم الكلام، وفي هذا السياق ستظل محنة الحوار عالقة في فخ الاجتهاد وأطواره ساحبة معها ذيول النصوص وتأويلاتها وانقساماتها لينتهي الأمر بنا إلى تعطيل الحوار وإغلاق نوافذه، لأننا ببساطة انطلقنا بمنهجية الحوار من أدوات المشكلة دون أي اهتمام بأدوات التغيير التي لا معنى لمفهوم الحوار في غيابها.

ولئن كنا لا نملك أن نماري في أن حالات عدة من إخفاق مشاريع التقريب بين المسلمين قد سُجلت في تاريخ الحوار فليس لنا أن نتجاهل أن مصادرة فكر التغيير الاجتماعي واستبعاد المثقف عن عملية التغيير قد جرّت حواراتنا الفقهية والكلامية إلى مزيد من السجال العقيم المتسلط بأحكامه المسبقة بين سلطوية النفي وسلطوية الإثبات وبذلك بقيت إشكاليات الحوار وأسئلته مطابقة لذهنيات التفكير المذهبي وقائمة عليه، ومن ثم تراجعت قضايا الوحدة والحرية والثقافة والتنمية على حساب المقولات المذهبية، وهي مقولات كان بإمكانها أن تثري تطلعات الحوار وآماله، فيما لو انطلقنا بتوظيف تراكماتها لمصلحة قضايا الوجود والمصير، فتتكامل مع قوى التغيير في أمتنا العزيزة بدل أن تخوض فجاعة الصراع مع المذاهب الدينية المخالفة، أو المذاهب الأيديولوجية النقيضة.

الحوار الإسلامي ـ الإسلامي نحو صياغة جديدة:

هل يعيد الحوار الإسلامي ـ الإسلامي صياغة نفسه؟ فيبتدئ من نقد الواقع الراهن لمحاكمة تاريخيه وماضيه بدل أن يبتدئ من نقد الموروث ويستغرق فيه ليتنصل في النهاية من مواجهة العصر وتحدياته. فإذا أردنا أن يقاس الحوار بمنجزاته فلا بد من استحضار هذا السؤال لتحديد الحوار الحضاري لحوارنا وتفهم معطياته لنقدم من خلاله الفرص الجديدة لبناء الذات ومواجهة التحديات. ذلك أن أي حوار يتورط في معركة المغالبات المذهبية هو حوار خاسر لأنه حوار بين كتب السلف الصالح وليس حواراً بين عقولنا نحن ومواجعنا نحن.

لذلك فإن أي تنظير لموضوعية الحوار الإسلامي ـ الإسلامي خارج ميدان النهوض الثقافي والاجتماعي المقاوم لاستلاب الهوية وخارج النهوض السياسي المقاوم للاحتلال الإسرائيلي لأرضنا العربية الإسلامية هو حوار ناقص مبستر وعاجز عن الاستمرار في الزمان والتاريخ لأنه يفصل إسلام الفكر والعقيدة عن وظيفته الربانية في الشهودية على الناس والتاريخ. ومن إهمالنا الواضح لمحددات الحوار وموضوعيته وأولوياته وقعنا في واحدة من أعظم المفارقات الساخرة، ففي الوقت الذي تمادى فيه علماؤنا ومفكرونا ومثقفونا في التحاور مع الاستشراق وفي الوقت الذي سقطنا في شبكة التحاور مع الصهيونية كان دخان الحروب الداخلية بين المسلم والمسلم يحجب أبصارنا عن المجازر التي ترتكبها إسرائيل يومياً.

ومن المؤسف المؤلم أن المقاومة التي تحصّنا بها لعدة أجيال تكاد تتبدد في هذا المدى الغائم من لا موضوعية الحوار الغائب أو المغيب. وأغلب الظن أن الحوار الذي أخطأ وجهته وساريته منذ أن طرد آخر عربي مسلم من غرناطة عام 1492م قد انتهى بنا إلى هذه الحروب الخادعة فيما بيننا لتمنعنا رغم أنوفنا من خوض حربنا الحقيقية وربما الوحيدة على أرض فلسطين، لنجد أنفسنا ونحن في بدايات القرن الواحد والعشرين جاهزين تماماً للالتحاق الكامل بمراكب الغرب عبر وسيطه الصهيوني.

ترى ألا يستفزنا هذا الواقع المرير إلى البحث عن وظيفة الحوار وفق التصور القرآني للإنسان والحياة، ليتمحور العقل الإسلامي حول تحليل المشكلات الأساسية لمجتمعاتنا المتنوعة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فنستدرك ما فاتنا من أسباب النهضة والكرامة بدراسة نقدية شاملة لمكامن التخلف الحقيقي في البلدان الإسلامية كافة والتي تتشابه ظروف تخلفها على الرغم من تعدد مدارسها الفقهية ومذاهبها الدينية؟.

لذلك يبدو لي أنه من الضروري فض الاشتباك بين الحواريات المهتمة بتطوير الوعي المذهبي ونقديات التراث وبين الحواريات المهتمة بنقد نظريات التنمية والخيارات المتاحة في ظل الهيمنة الاستعمارية. وإذا كان من الوارد هنا إرجاع مأزق الحوار الإسلامي ـ الإسلامي إلى اعتماده على مسلمات التراث كمادة أساسية لموضوعاته، فإن هذا الخطأ المنهجي لا يبرر التقاعس الثقافي والسياسي عن الاهتمام بتطوير الاهتمام بالجانب التنموي من الحوار، ولعل أبرز ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن رفض تمطيط المشكلات من الماضي إلى الحاضر والدعوة إلى تعميم عادة الحوار بين المثقف والسياسي والديني، يجب أن يتمثل بطريقة إيجابية تنطلق من مجانبة التشكيك ونبذ الخصومات المجانية بين قوى التغيير في مجتمعنا المتصدع. لأن افتراض سوء النيات سواء التقييم لأوضاعنا العامة، وافتراض سوء التقدير لأي حلول مقترحة لن تخدم إطلاقاً أغراض الحوار ومنطلقاته.

ومن نافل القول أن أشير هنا إلى أن التحولات الجذرية والعميقة، التي شهدها عالمنا الإسلامي بعد سقوط نظام الجامع والخلافة تتطلب الوقوف على وعي المساواة بين المؤسسة الدينية ومؤسسات المجتمع الأهلي لمعالجة قضايانا الحياتية بعيداً عن لعبة التصادم بين المواقع والأدوار لأن معركة التحرر من أخطبوط التبعية لاقتصاديات العالم الجديد وسياساته تخص الواقع الإسلامي كله على اختلاف اتجاهاته ومواقعه.

من هنا نسجل أن الحوار الإسلامي ـ الإسلامي ما لم يحسم أمره في بلورة مفاهيم الحرية والتعدد وحق الاختلاف ووعي التمايز والتنوع المحسوم بعقيدة التوحيد سيظل حواراً سكونياً لا يتجاوز ذاته إلى الآخر، ففي غياب مفهوم الحرية والحرية السياسية بالتحديد غابت الأعمال النقدية وارتمينا من وراء الشعور بالغبن الاجتماعي والاضطهاد الرسمي في قعر الانغلاق على خصوصيات الذات المذهبية أو الحزبية، ومن هذا الخندق بدأنا نخوض معركة الإصلاح والتغيير بسيل جارف من الممنوعات والمحرمات في ضوء فتاوانا المستندة إلى نظرة أحادية لمشكلات المجتمع الإسلامي فقلنا بوجوب قتال الطائفة الممتنعة عن الشريعة وقلنا بتحريم دخول البرلمان والأحزاب الوطنية وقلنا بتكفير الحاكم المبدل لشرع الله دون أن نبذل أي جهد يذكر في مجال الوعي التطبيقي للنصوص الشريفة، أو في تحديد مصطلحاتنا الشائعة، كمصطلحات الفقه والشريعة والحاكم والمنكر والطائفة والمواطنة ”لا تبقرن بأيديكم بطونكم فثم لا حسرة تغني ولا جزع”.

تجديد وظائف الحوار:

وقد يؤخذ على مشروع البحث عن وظيفة الحوار الإسلامي ـ الإسلامي في دائرة الدعوة إلى الانخراط في مشروع الداخل الإسلامي المتنوع والمتعدد مذهبياً وسياسياً، إشكالية التأخر الزمني، بمعنى أن هذه الدعوة سابقة لأوانها إلا أنني لا أرى أننا بمقدار ما نوفق في حسم إشكاليات العلاقة بين الإسلام ومعارضيه في الداخل سنقترب كثيراً من حسم إشكاليات العلاقة بين الإسلام ونفسه انطلاقاً من حرص القرآن الكريم على خط الاتصال بالآخر، كموضوع للهداية الربانية ليضيء من خلال ذلك أهمية الجدل والتعارف بعيداً عن لجاجة العناد الذي لا يحترز من الكذب والبهتان والافتراء وبعيداً عن لغة الازدراء بجهود الآخرين وتضحياتهم في بناء الأوطان والمجتمعات، لأن من شأن هذا المستوى من المناقضة في الجدال أن يعمق حالة الانفصال الداخلي وتوسيع شروخاته وتناقضاته لا يرجى معه أمل من آمال الأهداف المشتركة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومجابهة أي عدوان خارجي بوجه عام عسكرياً، وسياسياً، وثقافياً ومن حقنا أن نبحث عن معيارية ما ومرجعية ما في هذا العصر الذي يتعرض فيه كل شيء للتسييس والاستغلال.

ومن حقنا أن نتساءل من أين ننطلق؟ من السياسة لضبط أجهزتنا الدينية والسياسية أم من الدين لحمايته من أبنائه؟

لابد أن نعترف أن الحوار بين المذاهب والجهود المبذولة للتقريب بينها كانت تتكسر دائماً على صخرة الخلافات السياسية، لكن ورغم ذلك، فإن المسلم العادي لا يشعر بالخلافات الموجودة بين المذاهب بدرجة القسوة نفسها التي تصور أحياناً في وسائل الإعلام، بل إنه يمكن اعتبار الجانب الأكبر من هذه الاختلافات سياسية الطابع والدوافع حتى وإن توارت خلف الدين.

وإذا جنبنا السياسة وبحثنا داخل الحوارات التقريبية نفسها سنجد أن أغلبها لم يكلل بالنجاح لأسباب عضوية كما يقول المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب منها أن التجارب المهمّة لم تؤمن آليات متابعة دقيقة وناجعة، فمشروع المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية استطاع أن يجمع كبار علماء المسلمين لكن ظلت التوصيات التي صدرت عنه مجرد حلم ينتظر التحقيق. كذلك افتقد مناخ الحوار للثقة والرغبة المتبادلة في أوقات كثيرة.

إذ إننا وبسبب فقدان الضوابط والمعايير في كثير من مجتمعاتنا الإسلامية ظلت أزمة الحوار الإسلامي ـ الإسلامي مجالاً سائباً يخترقه المرتزقة من رجال الثقافة والدين والسياسة. فالسنوات الماضية بما شهدت من تقلبات وانعطافات مهمة في العالمين العربي والإسلامي دفعتنا إلى إعادة تفحص مفهوم الحوار ووظيفته كيما نقف على شروطه الموضوعية برؤية واضحة المعالم والأهداف.

فهل أخطأت بعض الأنظمة في تقليل شأن الإسلام العقيدة والفكر حيث افترضت بلا وعي أن الدين هو مجرد عنصر تكميلي من مئات العناصر المكونة للأفق السياسي؟

وهل أخطأنا نحن بشعار استحالة التعايش بين الأنظمة والحركات الدينية فاعتبرنا أن المجتمعات الإسلامية لا يمكن أن تكون نموذج الغرب المسيحي الذي فرض العلمانية مبدأ وفلسفة، ولا حتى نموذج اليابان حيث تتكامل الروحانية البوذية مع البراغماتية الاقتصادية دونما توتر أو صدام؟

لقد أشار القرآن الكريم إلى ظاهرة الخبث في الجماعة الإسلامية الأولى واعتبر الامتحان ضرورة لتصفية الواقع المخلط لتمييز الشخصية الخبيثة من الشخصية الطيبة. فقال سبحانه: ”ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء”. العمران 179.

لذلك وبغض النظر عن الأخطاء التي احتملناها صواباً، فالحقيقة المرة أن حروبنا الداخلية كانت من أبشع الأخطاء التاريخية الحديثة لأن سفك الدماء المجانية لم يحقق إطلاقاً قيمة التمييز بين الخبيث والطيب.
قال رسول الله (ص) في وصيته الخالدة لأصحابه معترضاً على إلحاحهم عليه بممارسة هذا الأسلوب تجاه المنافقين: ”فكيف بالعرب إذا قالت إن محمداً يقتل أصحابه؟”.

فكيف نسقط هذا الجدار المصطنع في حين سميناه نقلاً عن الإعلام الغربي التنويريين والظلاميين؟

إذن لقد قمنا بعملية استنساخ كربوني واضح لعوامل الانحطاط في الماضي والحاضر دون أن نلتفت إلى أن تمسك الذهنية الإسلامية بنقل الماضي ومحاكاته جعلها عاجزة أو قاصرة عن مواجهة تحديات الواقع. كما أن الذهنية العلمانية التي لجأت إلى نقل الفكر الغربي ومحاكاته دون دراسة ودون تحديد الجوهري والثانوي منه ما جعلها عاجزة هي الأخرى وفاشلة عن تأمين الحد الأدنى لرفاه أمتنا ووحدتها وتقدمها. صحيح أن أشياء كثيرة قد امحت من قسماتنا وملامحنا، من خصائصنا وخصوصيتنا غير أن ذلك لا يسوغ شعورنا بالإحباط وحتى لا تستثمر الاختلافات فيما بيننا لمصلحة مشروع المتوسطية الجديدة يجب أن نحدد وظيفة الحوار وآفاقه من واقع حياتنا ومن واقع الاعتراف بتطويع الاختلاف وترويضه لمصلحة أهدافنا العليا في الحياة، ولمصلحة عروبتنا، وأقول عروبة عند هذا المنعطف الحرج من مصيرنا لأن العروبة هي العنصر الأثقل في إسلامية حوارنا ووحدتنا.
فهل ينجح الاستنفار الإسلامي الآن لدعمها في تحرير القدس الشريف؟ نكون قد تجاوزنا فعلاً وحدة الحبر على الورق، ووحدة الجامعة العربية، ووحدة منظمة التعاون الإسلامي، إلى أرضية اختبار هذه الوحدة وتحدياتها في الموقف التاريخي من مستقبل القدس الشريف على جبل أبو غنيم. هذا لو أردنا أن تعيش مهمومة بهموم جيلها وتاريخها.

وبهذا الوعي سيصبح الحوار الإسلامي ـ الإسلامي قاعدة صلبة للحوار المسيحي ـ الإسلامي وامتدادها إلى الحوار الإنساني ـ الإنساني. وبهذا الوعي نكون قد ساهمنا فعلاً من جهة أخرى بإعادة تفسير وتركيب المفهوم النبوي لحديث الفرقة الناجية بتفسير كينونتها ومضمونها بشهود الأمة وشهدائها وثقاتها الأحرار بعيداً عن التفسير المذهبي الطائفي النرجسي الضيق المحدود.

إن القرآن الكريم والمتمعن فيه ليجد أنه أوجد منهجاً فكرياً في التعامل مع الرأي والحوار الهادف، ليتوجب علينا دراسته واستقاء الأبحاث منه والتمعن في حيثياته وأصوله وذلك تجلى في العديد من المواقف القرآنية والقصص التي سردها الوحي الشريف لتحمل العبر وأصول التعامل مع المواقف التي يسودها الاختلاف وتحتاج الى الوقوف عند تفاصيلها المجمعة والتحليل العميق لذلك يوجد أن الرأي السديد والحوار الجاد هو قوة لا عنفية مضادة استخدمت لقلب موازين القوى الظالمة وتفعيل الشراكة المدنية والإدارة البشرية الجامعة وقد حدد ذلك المنهج الرباني خمسة مقومات علمية منهجية تضبط الرأي والحوار في المجتمع وهي:

1ـ التعاضد والتناصر بين أمة المسلمين فيما يخدم الاسلام ورفعته وقضاياه.

2ـ تأكيد الحق على الباطل مهما بلغت قوى الباطل وتأثيره وانجراف المجتمع من خلفه,.,

3ـ منع الانجراف الأعمى والتبعية نحو من هم دون وجه الحق وعلى غير نهج الحق,.,

4ـ عقلانية الرأي وموضوعية الحوار، وعدم النظر للمصلحة الذاتية وتغليبها.

5ـ بعد النظر في قضايا الأمة وعدم تسخير الرأي وتوجيه الحوار لخدمات جزيئيات آنية في أمر المجتمع وقضاياه…

إننا في الحقيقة لابد أن ننطلق من التكريم الرباني الشريف الذي حملته الآية الكريمة الدالة ”وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا”.

فالوسطية هي وسطية العقل والقياس والفعل والسلوك والرأي الذي يصدر من توازن بين ما نريد وما يحكمنا من قيم إسلامية واجتماعية وما يرنو اليه المجتمع من تجاوز لمشكلاته ورسم لمسار أهدافه، فعلينا أن ننهج من الوسطية منهجاً قويماً نرسخه أولا في ذواتنا الإسلامية والاجتماعية ومن ثم نبذره في سياق الأهداف والتوجهات التربوية لنسقطه لاحقاً على النسق السياسي والاقتصادي وما يلحقهما من أنساق تشكل السقف الاجتماعي.

ولا يخفى على إخواننا وأبنائنا في المؤسسات والحركات الإسلامية أن الإسلام لا يمنع المسلم من إثبات وجوده ما دام هذا الإثبات مستنداً إلى الاعتراف بحق الآخر في الوجود وحقه في الاختلاف. بيد أن أزمة المقبول والمرفوض من الخلاف ستظل عالقة في أزمة التنابذ بالنصوص الشرعية في حوارات عقيمة تنطلق من احتكار الحقيقة المطلقة وتحتمي بشرعية التخطئة والتصويب بغطاءات دينية. ولكن في غياب الاختلاف الذي لا يصنع الخلاف، ترتكب المؤتمرات الإسلامية والحوارات الإسلامية ورطة الخلط بين مفهوم الاختلاف كمصدر للثراء الفكري ومفهوم الخلاف كمصدر للتباغض والقطيعة المعرفية، وتدمير الذات والهوية.

وحتى الآن لا يزال هناك من يرى في العالم الإسلامي أن ”لا خير يرجى” لتبقى ”الأمة الإسلامية مستعصية على الإجماع”، وأن لا تقارب دينياً بين المذاهب ولا أفق مرجواً لأي حوار مرتقب ما لم يسبقه تقارب سياسي.

لهذا أصبح التكامل والتنسيق بين العلماء ضرورة ملحة، لا ريب أنه يقوي رسالة الإسلام ويسمح بتوحيد الفتوى في فروع كثيرة ما يوحد الأمة ويحصنها من سيل الفتاوى المضللة والمشبوهة والمفتنة التي أساءت للإسلام وشوهت صورته، وأعطت صورة مغايرة، سواء لأعداء الإسلام أو الراغبين في معرفة حقيقة الإسلام. كما أن توعية المسلمين بالقوانين والأحكام الشرعية المستجدة على ضوء القضايا المستجدة، أمر مطلوب حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، وهناك وسائل وطرق كثيرة لنشر هذه التوعية.

ألم نرتكب في الماضي خطأ فادحاً بتقسيم وجودنا السياسي إلى تقدمي ورجعي، ثم اتضح لنا بعد سلسلة فجائعية من الهزائم أن هذا التقسيم لا معنى له على الإطلاق. ثم ارتكبنا خطأ مماثلاً بتصنيف وجودنا الفكري والثقافي إلى ديني وعلماني. وفي ظل الحوار الإسلامي يرتكب أفكاره الملتبسة بتجاوزه لوظيفته التي لا يمكن فصلها عن عالمية الإسلام فضلاً عن مشكلات الحضارة وقضايا الإنسان…

 

لماذا يُكرّم المبدع العربي… بعد وفاته…؟ بقلم: مصطفى قطبي

 

ظاهرة تكريم المبدعين ظاهرة ثقافية وسلوك حضاري في حياة أي مجتمع كونه يحفز ويحافظ على التوازن الفكري والنفسي للنخب المثقفة من شعراء وأدباء وفنانين تشكيليين، غير أنه وبحسب ما تمليه ذهنيات تأبى التغيير ولا تريد تخطي أشياء ما عادت نافعة ولا لائقة سواء لشريحة المبدعين أو للحراك الثقافي ككل، وهي متفشية في الوطن العربي، لا يعترف بالمثقف والمبدع إلا إذا تمدد في قبره وتأكد أنه لن ينهض أبداً… عندها يفزع الكل ويجري أولو الأمر من مسؤولين وقائمين على الشأن الثقافي لإقامة احتفاليات التكريم وتنظيم الملتقيات والندوات على شرف رحيل المبدع، فكأنما يعربون عن فرحتهم بمغادرته الحياة وتخلصهم منه…

 

وإن كنا لا نعارض تكريم المثقفين الراحلين لما يحمله من عرفان لأعمالهم وما أضافوه للحقل الثقافي والمعرفي، فإننا نتساءل مع جل المثقفين والمبدعين: متى نقلع ونكف عن هكذا حرمان وتنكر وتجاهل للمثقف فقط لأنه موصوم بالحياة ويعاني من شبهة الحاضر ونجري لتبجيله والاحتفاء به فقط لأننا تأكدنا أنه ما عاد هنا… مات وغاب عن الوجود؟

 

اِن ظاهرة تكريم المبدعين وذكر خصالهم الحميدة بعد موتهم لم تكن حكراً على الثقافة العربية، إنما هي عقلية عربية، فالموت عند الإنسان في الثقافة العربية يرتبط بالكمال، وعليه أعتقد أن هذه الامتدادات التراثية أثرت على السلوك الثقافي وهو أننا لا نحتفي بالتجارب إلا إذا مات صاحبها، وهذا الأمر يجب تجاوزه من خلال إعادة علاقتنا بالحياة إلى مجراها الطبيعي وأن نكون أبناء الحياة وإذا جاء الموت كنا أبناء الآخرة، أما أن نكون أبناء الموت قبل أن يأتي ونكون سفراؤه بالحياة وهو لم يكلفنا بذلك أمر غريب وبشع، بالمقابل لا يمكن أن نقول عن التكريم سوى أنه تقليد طيب مهما كانت نوايا القائمين عليه لأنه يدخل في ثقافة الاعتراف وعليه لابد من تكريسه في مشهدنا الثقافي والسياسي والاجتماعي والإعلامي، علينا أن تكون لنا الجرأة وأن نعترف بالتجارب الجيدة والجادة مهما كانت حتى وإن لم توافق مزاجنا الفكري، وعلينا أن نعترف بالجيد حتى نخلق نوعاً من التراكم والإمداد والتواصل.

 

ولا يختلف كثيراً عما يحصل حالياً مع بعض المبدعين وأصحاب الفكر، والذين يعمون أعينهم تحت وطأة ضوء خافت لتأليف كتاب تاريخي وثائقي مهم أو للكتابة عن أديب يستحق الوقوف عنده، وتفنى عظامهم على بسط يتيمة ترسم نقوشها على أجسادهم ثم يموتون عليها ويدفنون تحتها دون أن يدري أحد بهم أو يعيرهم أدنى اهتمام.

 

وفي ظاهرة غريبة نسمع أن فنانين ومبدعين عرب كرموا في الخارج بدول عربية وأوربية بينما يقومون بدور مزمار الحي الذي لا يطرب ببلدهم… و إذا أتينا لمعاناة الأدباء والكتاب نرى المشكلة أكثر تعقيداً وأشد إيلاماً، فربما تكون مقولة أن القارئ هو من يمنح الكاتب انتشاره صحيحة، حينما يتم الترويج لهذا الكاتب بالشكل الذي يستحقه.

 

أمّا حجة أن شعبنا العربي لا يقرأ في زمن تغلبت فيه الصورة على الكتابة ليست دقيقة، بل إن صحوة ثقافية تسود مجتمعنا بعد ابتذال الصورة وعدم تعبيرها. كما لن نقول إن الأدب الأصيل اللافت للانتباه ذهب مع الريح، بل يجب أن نسأل كيف لأديب يفترش البساط ويلتحف السماء أو السقف القرميدي أن يحقق انتشاراً لرواياته ويوزعها بآلاف النسخ وبتكلفة باهظة حتى يُعرف، وهنا تبرز مسؤولية الحكومات العربية وغيرها في البحث عن المبدعين، وتكريمهم بتحويل كتاباتهم إلى أعمال سينمائية ودرامية تلفزيونية.

 

اِن التراجع والانحسار الذي حدث على المستوى الثقافي العربي، جعل المثقف في حالة يرثى لها، نحن مصابون بالانكسار، كل ما في واقعنا يسيطر عليه أشباه المثقفين الذين يتيوؤون مناصب في مجالات مختلفة في هذه الحياة لا سيما في مجال الإبداع الثقافي، المثقف عندما يصاب بالترف الفكري أي يصبح لديه كماً معرفياً وحشداً للمعلومات في مخيلته وهذا الترف يستخدمه للممارسة اليومية للتعبير عن هموم شعبه وعن محيطه، وإن لم يستطع أن يعبر عن ذلك فهو يمتلك آلة تعطيل الحركة والتفاعل والحيوية والتواصل ويمتلك من القدرات، آلة التآمر لجعل المثقفين الحقيقيين في موقع هامشي، لأنه يخشاهم وهو يعرف أنهم الأحق بمنصبه وأنهم الحق في أن يتبوؤوا المكانة التي يستحقونها في وجدان الأمة

 

حين نقول إننا متخلفون فهذا ليس وصفاً شعرياً، إنما نمط علاقة الناس فيما بينهم لأننا لسنا منفتحين على العالم وعلى ذواتنا، وحين نتكلم عن الأمراض والأوبئة التي تعشش بدواخلنا فإني لا أحمّل الناس مسؤولية ذلك إنما أحمّل الأزمة الشاملة التي تمر منها الأمة العربية، ولهذا أقول إن التكريم الذي يأتي بعد الموت يعتبر انتقاصاً من قيمة المبدع، ولا يقدم هذا التكريم أي إضافة للمكرم الراحل، لأنه في حكم الغائب ولا يرى ولا يحس بطعم ولذة تكريمه لا من بعيد ولا من قريب.

 

فالمبدع إجمالاً يعيش حالة انهزام مستمرة وحنين دائم إلى وطنه وإلى حالة مجتمعه، فهو يحتاج إلى مساعدة ومساندة الآخرين له، وحالة المبدع في الوطن العربي تنذر بالخطر إذ هناك من لا يتوفر على على قوت يومه ويستدين أموالاً حتى يتمكن من الاستمرار في هذه الحياة، وهناك الكثير من الحالات التي تعاني من ضيق العيش وتحيى حياة الضنك والفقر، رغم أن المبدع يفرط في صحته ويستهلك طاقته ويتآكل داخلياً، كل ذلك في سبيل إنتاج مادة فكرية تستعمل كمرجع يستمد منه حلولاً لتساؤلات تطرحها التنمية البشرية والاقتصادية…

 

لذلك نرى أنه من الضروري من القائمين على الهيآت الثقافية والفنية في الوطن العربي أن يهتدوا إلى تكريم المبدعين قبل أن تغلق جفونهم ويغادرون عالم الأحياء ويلتحقون بعالم الأموات لأنه حينها لا يجديه التكريم نفعاً ولا ضراً، فالتكريم بالنسبة للمبدع وهو حي يزيد من قيمته ويضاعف أعماله وطاقته مما يمكنه من مواصلة إنتاجه وعطائه.


وأخيراً وليس آخر، صدق أوغست كونت حينما قال: ( الرجال العظام ينالون الخلود الذاتي بعد موتهم عن طريق تكريم الأجيال المتلاحقة لهم) في محاولة منه لتبيان أننا لا يجب أن نحيل واجب التكريم والجزاء إلى اللاهوت، بل يجب أن نبدأه نحن.

 

وأقول: (ما أجمل أن ينال العظام الخلود الذاتي قبل موتهم أيضاً، وحينها لا بأس من الأسف عليهم بعد وفاتهم لا بسبب تقصيرنا نحوهم بل لفقدانهم فحسب).

 

كيف دمرت الرأسمالية علاقتنا بالبكتيريا الضرورية في حياتنا؟

هناك العديد من الأسباب العقلانية التي تحفز المستهلكين على إنفاق 65 مليار دولار سنوياً على منتجات التنظيف المنزلية. لكن هناك الكثير من الأمور غير العقلانية لا تزال رائجة في سوق منتجات التنظيف، كما هو الحال في جميع الأسواق الأخرى، شاهد هذا الإعلان مثلاً:

عادة ما تتبع الإعلانات عن منتجات النظافة المنزلية نفس الفكرة البسيطة والفعالة: يظهر خطر التلوث الجرثومي مضخماً بشكل كبير، لكن مواد التنظيف المضادة للبكتيريا أو الصابون أو السوائل أو المساحيق أو الرغاوي يمكن أن توفر الحماية ضدها، وأن تحميك من الجراثيم المتوحشة.

وتشجعنا هذه الصورة الإعلانية على التفكير في البكتيريا ككائنات تهدد نظافتنا. وهذا أدى بنا إلى علاقة محدودة وخطيرة مع البكتيريا.

وتوجد البكتيريا في كل مكان وفي أجسادنا أيضاً وتزيد أعداد البكتيريا على الجلد وفي الجهاز الهضمي. والغالبية العظمى من البكتيريا في جسم الإنسان لا تعود عليه بالضرر بفضل حماية جهاز المناعة، والقليل منها ذو فائدة ومع ذلك فهناك أصناف قليلة من البكتيريا فقط تسبب الأمراض وللعدوى

إعادة النظر في كيفية تصوير البكتيريا على الشاشة

على الرغم من إمكانية التقاط صور للبكتيريا – وهناك بعض الصور الرائعة – فإن هذه الصور لا توجد عادة إلا في السياقات العلمية والطبية. بالنسبة لبقيتنا، لا تظهر البكتيريا بطريقة واقعية. بدلاً من ذلك، يظهرون لنا من خلال تصويرهم كوحوش في الإعلانات عن المنتجات المضادة للبكتيريا.

الميكروبات المحمولة جواً. Josef Reischig، CSc / Wikimedia Commons ، CC BY-SA

ولكن هناك أسباب تدفعنا لمناقشة هذه الصورة التي تصورها الإعلانات

1. البكتيريا لطيفة

أولاً، البكتيريا لطيفة . هم صغيرون ، ضعفاء وشبيهون بالألعاب. عيونهم كبيرة وأطرافهم صغيرة. هذا أمر غريب، معتبرين أن الإعلانات عن المنتجات البكتيرية تقنعنا بقتل هذه الكائنات وإبادتها.

لكن «اللطف» يمكن أن يكون له تأثير غريب على المشاهد. بالتأكيد، نحن نريد أن نلمس، نحتفظ بل ونحمي الشيء الجميل، مثل لعبة ناعمة. لكن الجسم اللطيف يؤكد مجموعة من التأثيرات السلبية الطفيفة: العجز والشفقة والوفرة الهائلة، هذه بدورها تستدعي مجموعة من ردود الفعل الثانوية المعقدة: من الاستياء من عاطفيتها، الازدراء لضعفها، والاشمئزاز بسبب رخصها وتوفرها. وللحكم على شيء لطيف يمكن أن تتواجد الرغبة في اللمس، والحبس، والسيطرة عليها وتدميرها؛ بعبارة أخرى، إنه شيء ممتع ومثير للاشمئزاز!

العالم الاجتماعي لطيف من البكتيريا، 1913. Wellcome Collection ، CC BY

ومن العجب أن الأجسام التي غالباً ما تكون لطيفة في ذوق المستهلك مثل النساء والتكنولوجيا والأطفال، هي التي اعتبرت خطرة بطبيعتها وبحاجة إلى السيطرة. والحقيقة غير المريحة هي أن هذه الجاذبية تضعها في كثير من الأحيان كأشياء دون اعتبار أخلاقي، ونتيجة لذلك لا نشعر بالندم في القضاء عليها.

2. البكتيريا مكتظة

لا تتواجد البكتيريا كأفراد مستقلة، بل تزدهر في مليارات مكتظة ومجتمعة. هذا يمكن أن يكون مرعباً ويمكن أن يثير مخاوف من الاكتظاظ. ربما لم يكن هذا مجرد مصادفة – فبعد كل شيء، كان النمو السكاني الحضري الهائل في القرن التاسع عشر مصحوباً بنفور من المعرفة البكتريولوجية الجديدة التي اكتسبناها بفضل المجهر.

الرسم بواسطة دبليو هيث، 1828. Wellcome Collection ، CC BY

هذه الصورة للمرأة المرعوبة من محتويات الشاي المكبر يعود إلى فترة من النمو السكاني المتسارع في لندن، فجر اقتصاد مالثوسي، للسكان هذه المخاوف. فأصبح الحشو والاكتظاظ للعديد من أشكال الحياة في مساحات صغيرة نموذجاً خارقاً للنظام الاقتصادي والاجتماعي المتخيل.

هذه الصورة مليئة بالقلق من الاكتظاظ والانتشار البكتيري لا تزال تثيرنا عند تخيل البكتيريا المعاصرة. تعيش البكتيريا في تقارب هائل مع بعضها البعض، وحميميتها وتلاصقها إهانة لفكرة الحداثة والفردانية، ولعنة على نمط العلم والسيطرة المدنية. هذا الالتقاء للعوامل النفسية والاجتماعية يعني أن البكتيريا أصبحت، ولا تزال، تمثيل للمخاوف من الزيادة السكانية والهجرة والتأثير المفسد للعيش عن قرب مع ملايين الآخرين.

3. البكتيريا الفقيرة

البكتيريا غالباً ما يظهر أنها تعيش في بؤس والفقر، بشرتها ضئيلة، أسنانها وجلودها غير صحية، وملابسها غير ملائمة وقذرة.. باختصار: إنهم مجرمون .

وهذا يؤدي إلى تناقض شديد مع المستهلك، أي الشخص الذي يستخدم منتجات مضادة للجراثيم. في حين أن البكتيريا من الطبقة الدنيا، وسخيفة وكسولة، فإن الشخص المضاد للبكتيريا هو من الطبقة المتوسطة، مطمئن بشكل مرضي، ومشغول في حياته اليومية.

4. البكتيريا الجنسية

يبدو أن البكتيريا لا تولي أي اعتبار للأدوار والسلوكيات الجنسية «الصحيحة». ويرتبط الأشخاص الذين يفشلون في استخدام منتجات مضادة للجراثيم بسلوكيات جنسية مختلة وغير إنجابية.

تصور أحد إعلانات 2010 امرأة مرتدية فستاناً أحمر اللون نائمة في زقاق مظلم على كومة من الحقائب، مع شعار «لا تذهب إلى سرير قذر». يمكن القول إن هذا ضرب من الخلط بين الاختلاط الجنسي والاختلاط البكتيري.

لماذا يهم هذا الأمر؟

هذا التصوير للطرق التي تظهر بها البكتيريا في الثقافة الشعبية هو أيضاً رسم تخطيطي لأنفسنا. ما يثبته البحث هو أن البكتيريا في تصوراتنا هي نوع من المخاوف مما قد نكونه، إضافة لجوانب عن أنفسنا ومجتمعنا نجد صعوبة في مواجهتها مباشرة.

للأسف، هذا له عواقب وخيمة على كوكبنا وللكائنات التي تعيش عليه، والتي بالطبع تشملنا نحن والبكتيريا والحيوانات. نحن عالقون معاً: وهناك حوالي خمسة ملايين تريليون تريليون منهم على هذا الكوكب. إذا كان كل واحد منهم عملة معدية واحدة، فستمتد المجموعة إلى تريليون سنة ضوئية. إنها بالفعل كيان قديم معقد وهائل العدد.

بكتيريا ليبتوثريكس. مجموعة ويلكوم ، CC BY

لكن المفردات البصرية التي تشمل الخوف والاشمئزاز التي كانت فعالة جداً في بيع المنتجات المضادة للبكتيريا لأكثر من قرن من الزمان قد أوصلتنا إلى طريق بيئي مسدود.

إن إفراطنا في استخدام المضادات الحيوية هو الدليل الأكثر وضوحاً على فشل أسلوب الشيطنة والإبادة والتدمير الذي ينتج عنه التفكير المضاد للبكتيريا، مما يؤدي إلى فشل السوق الذي يعتبره بعض الخبراء أكبر من تغير المناخ.

هناك حاجة إلى فهم جديد تماماً للبكتيريا كمجال يجب علينا أن نعيش معه، و خطوة مهمة في هذا الاتجاه هي وصف «الطرق المدمرة والخاطئة للتفكير في البكتيريا» التي تدخلت بيننا وبين هؤلاء المتعايشين معنا والضروريين في كوكبنا.

وتوجد البكتيريا في كل مكان وفي أجسادنا أيضاً وتزيد أعداد البكتيريا على الجلد وفي الجهاز الهضمي. والغالبية العظمى من البكتيريا في جسم الإنسان لا تعود عليه بالضرر بفضل حماية جهاز المناعة، والقليل منها ذو فائدة ومع ذلك فهناك أصناف قليلة من البكتيريا فقط تسبب الأمراض وللعدوى

يوم الأرض… وضياع العرب والعروبة…؟ بقلم: مصطفى قطبي

تمر ذكرى يوم الأرض هذا العام والمؤامرات الصهيونية والغربية الاستعمارية ما زالت على دأبها لهدم البلدان العربية للإتيان بجماعات تكفيرية متواطئة مع الامبريالية والصهيونية مثلما الحال في دول الخليج التي تتآمر مع الغرب لتفتيت العالم العربي، وتسليط الخونة والعملاء على مقدرات الأمة العربية وإفقارها وتجريدها من مكامن القوة فيها لإغلاق القضية الفلسطينية، ولم يكن تحطيم ليبيا ومن قبلها العراق إلا بداية لمشروع التقسيم الجديد وضرب معاقل المقاومة للمشروعات الامبريالية، في سورية والمقاومة الفلسطينية واللبنانية.‏

في كل عام يحيي الشعب العربي والفلسطيني وأحرار العالم ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من آذار، اليوم الذي انتفض فيه الشعب الفلسطيني برمته في هبة عارمة شكلت حلقة من حلقات النضال الشعبي المشروع دفاعاً عن الأرض وتشبثاً فيما تبقى له من ديار، في وجه الهجمات المستشرسة لتهويد الاراضي العربية.‏

لقد اكتسب يوم الأرض زخمه ورمزيته من إجماع الشعب الفلسطيني بكل أبنائه على رفض الظلم والاستبداد وسياسات الاحتلال التهويدية والاستيطانية التي زادت وتيرتها بشكل ملحوظ بعد نكبة عام 1967 والتي ضربت تداعياتها كل بيت فلسطيني، وعلى خلفية استمرار سياسة المصادرات والاقتلاع والتهويد الإسرائيلية تشكلت في منطقة الجليل التي طالها النصيب الأكبر من سرقة أراضيها لجنة الدفاع عن الأرض التي انبثقت عن لجان محلية في إطار اجتماع عام أجري في مدينة الناصرة في 18 تشرين الأول 1975، حيث أكدت لجنة المتابعة العليا ـ وهي الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48 ـ بأن إسرائيل صادرت نحو مليون ونصف المليون دونم منذ قيامها حتى العام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة، وهو الأمر الذي أدى إلى غضب شعبي عارم لم تستطع قوات الاحتلال إيقافه رغم الإجراءات العنيفة والشرسة التي اتخذتها لكسر إرادة الفلسطينيين ومنع انطلاق فعاليات نضالية، لكن رؤساء المجالس البلدية العربية أعلنوا الإضراب العام يوم 25 آذار 1976، تلا ذلك تصعيداً في المظاهرات والمواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال حيث ولد يوم الأرض الأول في 30 آذار 1976 بعد أن نشبت مواجهات دامية بين فلسطينيي 48 وقوات الاحتلال وامتدت طيلة اليوم التالي بخاصة في منطقة الجليل، وقد انفجرت في ذلك اليوم مسيرات الغضب في مختلف أراضي 48، واستخدمت إسرائيل الرصاص الحي ووسائل القمع والبطش، إذ دخلت قوات الاحتلال مدعومة بالدبابات والمروحيات إلى القرى الفلسطينية وأعادت احتلالها موقعة عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين، ويؤكد الكثير من الباحثين والمحللين السياسيين في هذا الصدد أن يوم الأرض أصبح حدا فاصلا بين مرحلتين في تاريخ مسيرة فلسطينيي 48، تميزت الأولى بالإذعان لسياسات إسرائيل، واتسمت الثانية بالمواجهة والكفاح والنضال لنيل الحقوق المدنية والقومية.

وإسرائيل في ذكرى يوم الأرض تسعى إلى إقامة القدس الكبرى وهي تمثل 10 في المائة من مساحة الضفة الغربية بهدف تغيير التركيبة السكانية لمصلحة اليهود وفصل الضفة الغربية عن شمالها لمنع إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وبنية تشييد 73 ألف وحدة سكنية خلال الأربع سنوات القادمة ووضع مليون يهودي داخل القدس والضفة الغربية، وما القرار العسكري الذي صدر في نيسان 2009 برقم 1650 إلا البداية لطرد فلسطينيي الضفة الغربية، وحق العودة يهدده الضياع لأن عمليات الطرد التي هي نتيجة منطقية للمشروع الصهيوني مازالت مستمرة، إذ لا يمكن بناء دولة يهودية مع وجود سكان عرب مؤثرين يمتلكون الأغلبية الساحقة في الأراضي الزراعية والذين لديهم قابلية لتزايد ديمغرافي.‏‏

واليوم، وبعد 37 عاماً، على ذلك اليوم الخالد في النضال الوطني الفلسطيني، جرت مياه كثيرة وسالت دماء غزيرة وشهدت المنطقة أحداثاً جساماً، تجعل من الضروري والهام الوقوف على واقع القضية الفلسطينية والكشف عما حدث فيها من أخطاء، وتصويب مجرى النضال الوطني الفلسطيني، بما يتناسب والتحديات التي يواجهها الواقع الفلسطيني، والذي أدى إلى تراجع القضية الوطنية الفلسطينية على غير صعيد، ما يتطلب مراجعة نقدية جريئة إلى كل ما آلت إيه القضية الفلسطينية التي زاد من صعاب ما تتعرض له الواقع العربي المتراجع ومتاهاته، وقبل أن يفرض على الشعب الفلسطيني اتفاقيات جديدة أكثر خطورة من اتفاقية أوسلو وملحقاتها، في ضوء تصاعد سياسات القتل الإسرائيلية، وانفلات إجراءات الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، والخطر المحدق بالقدس، من خلال طرد سكانها وإحاطتها بالعديد من المستوطنات، في محاولة محمومة لخلق وقائع جيو سياسية على الأرض، فمنذ أوسلو تضاعف الاستيطان مئات المرات، وتوسعت سياسة تقطيع أوصال الوطن الفلسطيني، وعزل المدن ومنع التواصل الجغرافي والديموغرافي، واتساع دائرة التمييز العنصري، وتشديد الخناق على الأسرى والمعتقلين بغية إخضاعهم. وما يؤسف له أن تواجه هذه السياسة الإسرائيلية فلسطينياً بمزيد من الانقسام والاقتتال والاحتراب وتأجيل المصالحة الوطنية إلى أجل غير مسمى وبتحجيم المقاومة، وقبول البعض بجعل حق العودة والذي هو جوهر القضية الفلسطينية  مجالا للتفاوض، الأمر الذي يوجب على كل التيارات والفصائل المسارعة إلى إنجاز المصالحة، بعيداً عن أية حسابات ضيقة وأنانية.

إن الوقائع والمعطيات الإسرائيلية ـ الأمريكية  تشير إلى ذلك بوضوح، وأن من بين أحد أهم أهداف زيارة التي قام الرئيس الأمريكي ”باراك أوباما” إلى المنطقة في الأيام الماضية العمل على حل المسالة الفلسطينية وقضية الصراع العربي الفلسطيني بما يتفق والحسابات الإسرائيلية، لأن إسرائيل الآن وفي هذه المرحلة هي القوة الوحيدة المستفيدة من الأحداث التي تجري في المنطقة، وأن حكومة ”نتنياهو” الجديدة تستغل ذلك في محاولة لإعادة تدوير زوايا حالة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كما تريد وبالآليات التي تريد، بعد أن تردى واقعنا العربي وانكشفت عورات القضية الفلسطينية على أكثر من صعيد.

إن الحراك الشعبي الفلسطيني ـ العربي ـ الإسلامي المتضامن مع الشعب الفلسطيني المطالب بالعودة وتقرير المصير وبناء الدولة وإنقاذ القدس يذكّر من جهة من نسي أو تناسى بأن الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع على الأرض، وتالياً فهو صراع وجود وليس صراعاً على حدود، ولن ينتهي بمعاهدات ولا باتفاقيات، بل بانكفاء الغزوة الصهيونية، وعودة الحق لأصحابه، ومن جهة أخرى، يقول للمحتلين الصهاينة الذين راهنوا على سقوط الفلسطيني في مستنقع الإحباط واليأس، إن إرادة المقاومة والصمود أقوى من كل محاولات التسويف والوعود والتيئيس، وتالياً لن يسلم الشعب الصامد فوق أرضه ”بالأمر الواقع” مهما اشتد سعير النار الصهيونية، ويوم الأرض هو البداية، ليس فقط لرفض الاحتلال وممارساته، بل أيضاً لرفض سياسة الهرولة والتطبيع العربية، وتعرية خيارات السلطة التي تمنع مقاومة الاحتلال وتعيش وهم ”الإنجاز” من مفاوضات عبثية لا قيمة لها إلا في الميزان الإسرائيلي.

يوم الأرض، يوم انتفاضة الدماء لحماية أرض الأجداد، يوم  نهاية الحلم الصهيوني بترويض أهلنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، عبر أدوات القمع تارة وعبر الإغراءات تارة أخرى فانتفض أهل الدار، بالدماء معلنين أن الأرض لنا، ولن تُسرق منا ولن تُزور بأسماء من اختراعات حاخامات الصهاينة… وفي هذه الأيام يتصدى المواطنون الفلسطينيون لاعتداءات قطعان المستوطنين المستمرين في عدوانهم الظالم والاستيطان المستشري في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

وفي يوم الأرض تتأكد الحقائق أن المشروع الصهيوني قائم على الاستيطان، ونهب الأرض وتهويد أسمائها وتغيير معالمها، في حملة مستمرة منذ إعلان الكيان الإسرائيلي وحتى اللحظة بشكل منظم ومنسق لم يتوقف، فما زالت سرقة الأرض مستمرة في كل فلسطين، الضفة المحتلة يُمارس بحقها حملة استيطانية وحشية تنمو كجسم سرطاني بشكل متسارع يقضم الأرض، ويحتل قمم الجبال ويطوق القدس المحتلة ويخنقها ويدمر الأحياء العربية عبر سياسة هدم البيوت، كما أن الجدار العنصري يمضي بتعرجاته من شمال الضفة إلى جنوبها يسيطر على الأراضي الزراعية ومصادر المياه والحياة الطبيعية حتى أصبحت الضفة عبارة عن كانتونات تحيط بها المستوطنات من كل جانب.

أياً يكن الأمر، نحن أمام وضعية جديدة للحراك الشعبي الفلسطيني… نحن أمام يقظة عربية وإسلامية جديدة… عنوانها الأرض، هذه اليقظة قد تتطور وتتصاعد، وقد تنتكس وتتراجع… نقطة البدء في تطوير هذه الظاهرة التي تهز أركان الحلم الصهيوني القائم على الاستيطان والتهويد وتغيير معالم المدن العربية الفلسطينية، تبدأ من فلسطين والفلسطينيين أنفسهم، وقبل غيرهم، ولقد أظهرت الجماهير الفلسطينية في الداخل والشتات، ولاسيما في الضفة الغربية، استعداداً تاماً لاستعادة ”غضبها الذي لم يهدأ إلا ليثور من جديد”…

فيوم الأرض هو يوم الحقوق الثابتة غير القابلة للتفاوض، وهو يوم الهوية، وحق الفلسطيني بالتحرر الوطني، وتقرير المصير بالإرادة الوطنية الخالصة، وهو يوم يجب أن يتم فيه تجديد الذاكرة العربية التي أخذتها سياسات المتآمرين على قضية العرب الأولى فلسطين إلى فضاءات تعطي فيها كيان العنصرية والاستيطان الفرص الكافية للمزيد من الاستيطان والتهويد وضم الأراضي دون أي مقاومة بحجة عدوٍ آخر صار أكثر خطورة على حياة العرب ومستقبلهم من الصهاينة والغزاة ومشاريعهم الشرق ـ أوسطية التفتيتية للأمة العربية جغرافياً وتاريخاً.

نعم يدخل يوم الأرض في هذا العام إلى فضاءات التحول العربي المريبة التي لم تعد جادّة في تذكرِ فلسطين، والأراضي التي تحتلها إسرائيل. لا تذكّر القدس وهدم المسجد الأقصى المزمع، ولا التهويد وإقامة الدولة اليهودية مع حرمان الفلسطينيين من دولتهم الوطنية اللازمة أسوة بشعوب الأرض، وكل الذي تصر على تذكره هو حقوق الإنسان العربي في نظامه العربي، وكذبة الديمقراطية المبحوث عنها والحرية، والربيع العربي الذي حصل من أولى مهامه هدم الدولة الوطنية العربية، وإدخال العرب في أجواء الانقسامات الداخلية، والحروب الأهلية، وتجريف ثرواتهم في خضم ذلك.‏

هذه هي ـ مع الأسف ـ أجواء العرب الراهنة، فهم قد أدخلوا منذ بداية 2011 إلى فضاءات تم تصويرها بأنها فضاءات تجديد النظم العربية، والتوجه نحو أهداف الأمة في التحرر الوطني، والقومي، والإنساني، ولكن ما حصل الآن على ضوء ربيع تونس، ومصر، واليمن، وليبيا، هو أن نزاعات داخلية حول تركيب النظم الجديدة لن تؤدي إلى التوافقات على تركيبها، بل الظاهر أن النزاعات المسلحة من ليبيا حتى اليمن تنذر بما نبّهت إليه القوى العربية غير المرتبطة بالمخطط الصهيوأميركي حين نبهت من أخذ مسألة الربيع حجة لنسف الجغرافية الراهنة للعرب، جغرافية سايكس ـ بيكو، واستبدالها بكيانات قبلية، وطائفية، وعرقية، ودينية، لن تعود معها وحدة الأمة الجيو ـ تاريخية لأكثر من قرون من الزمان وستكون أكثر خطورة من سايكس ـ بيكو.‏

اليوم نحيي الذكرى الـ 37 ليوم الأرض، يوم فلسطين، يوم الوطن… ذكرى نجددها كل عام لنقول مع الشعب الفلسطيني: نحن هنا، فلسطين أرضنا وسنعود إليها. واليوم نحن أحوج ما نكون ليوم للأرض، يوم للوطن في كل بلداننا العربية وليس في فلسطين فقط لأن رياح الانقسام والتشرذم وتفتت الأرض وضياعها، تعصف بنا جميعاً، والمأساة أنها رياح عربية بتنا مع استمرار عصفها بنا نخجل أمام فلسطين وقدس أقداسها، فما عسانا نقول لها في ذكرى أرضها المقدسة المحتلة.
المأساة الأخرى إننا في يوم فلسطين نحتاج لتذكير السلطتين الوهميتين الواهمتين في رام الله وغزة بأن فلسطين هي الأرض التي من واجبهما الدفاع عنها والحفاظ عليها موحدة قوية، وأن الشعب الفلسطيني هو الشعب الذي تقع عليهما مسؤولية تمتين وحدته وحمايته من القتل والاضطهاد والحصار قبل التفكير بكرسي وبسلطة معلقتين باحتلال ليس لهما في ظله كرسي ولا سلطة ولا كرامة ولا أرض.

وأخيراً، لقد شكلت الأرض ولا زالت مركز الصراع ولب قضية وجودنا ومستقبلنا، فبقاؤنا وتطورنا منوط بالحفاظ على أرضنا والتواصل معها. ويجب علينا أن نُسجل وقفة تأمل، نحو واقعنا المؤلم فلا أقل من إعادة الاعتبار لخيار الجماهير، التي خرجت في يوم الأرض تُقدم الشهداء وتسكب الدماء من أجل الحفاظ والدفاع عن هذه الأرض وفي مواجهة المشروع الصهيوني الاستيطاني… والتأكيد على خيار المقاومة التي هي سبيل التخاطب مع العدو بعد فشل كل خيارات التسوية، ونحن نرى حملة الاستيطان الشرسة في كل الأرض الفلسطينية وبخاصة في مدينة القدس المحتلة التي أصبحت في خطر داهم أكثر من أي وقت مضى.

 

الأسهم الرئيسية في بورصة «وول ستريت» الأمريكية تغلق على تراجع

أغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة وول ستريت الأمريكية أمس الجمعة على انخفاض، كما أنهى مؤشر «داو جونز» الصناعي القياسي جلسة التداول منخفضا 180.43 نقطة، أو 0.68%، ليصل إلى 26447.05 نقطة.

وهبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأوسع نطاقاً 16.04 نقطة، أو 0.55%، ليصل إلى 2885.57 نقطة.

كما خسر مؤشر «ناسداك» المجمع لأسهم التكنولوجيا 91.06 نقطة، أو 1.16% ، ليصل إلى 7788.45 نقطة.

تحالف امريكي اسرائيلي للتصعيد ضد ايران – حاتم الجمسي

تحالف امريكي اسرائيلي للتصعيد ضد ايران
 
* اوروبا تعارض بقوة و السعودية و الامارات
يدعمون التحالف.
 
* ترامب: لن نسمح لنظام يهتف الموت لامريكا بان يملك السلاح النووي.
 
* یوسي كوهين: لن نسمح لمن يهتف الموت لاسرائيل بإمتلاك سلاح نووي.
 
*بومبيو: ايران تقدم 100 مليون دولار سنويا للمنظمات الارهابية الفلسطينية مثل حماس والجهاد الاسلامي,  بينما قدمت فقط 20 ألف
 دولار لمنظمة الامم المتحده لدعم اللاجئين الفلسطينيين.
 
* جان بولتون: سوف تواجهون جحيماً اذا أضررتم بمواطنينا وحلفائنا.
 
*عادل الجبير: كيف نتفاوض مع من يريد قتلنا؟
 
* نتنياهو علاقة اسرائيل بجيرانها العرب افضل من اي وقت مضى.
 

تقرير حاتم الجمسي,

 نيويورك

   على هامش إنعقاد الدورة 73 للجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك الاسبوع الماضي، كثفت الادارة الامريكية و الحكومة الاسرائيلية نشاطهم الديبلوماسي لحشد الدعم للموقف الامريكي الاسرائيلي الرافض تماما للاتفاق النووي الايراني الذي وقع في العام 2015 تحت ادارة الرئيس السابق باراك اوباما ويحظى بدعم وتأييد المجتمع الدولي والامم المتحدة والولايات المتحدة نفسها الى ان قام الرئيس ترامب  بسحب بلاده أحادياً من الاتفاق وعدم الاعتراف به في مايو الماضي.
كان التنسيق الامريكي الاسرائيلي واضحاً و متكاملاً حتى ان القيادات من البلدين كانوا يستخدمون نفس المصطلحات و المفردات اللغوية في احاديثهم.
الرئيس الامريكي دونالد ترامب:

تحدث الرئيس الامريكي دونالد ترامب امام الجمعية العامة للامم المتحدة يوم الثلاثاء 25  سبتمبر الماضي, فوصف النظام الايراني ب “الديكتاتوريه الفاسدة” ثم قال : “إن ایران تبذر الفوضى و الموت والدمار في الشرق الأوسط، لقد دفع جيران إيران ثمناً باهظا بسبب خطط إيران التوسعية والعدوانية.” ثم قال:   نحن نطالب كل الشعوب بعزل إیران ما دامت تستمر فی عدوانها, لن نسمح لنظام يهتف الموت لأمریکا والفناء لاسرائیل بأن يمتلك الوسيلة لضرب أي مدينة على الأرض بسلاح نووی.”

 کما أکد الرئيس ترامب على أن العقوبات الاقتصادية على إيران قد أعيد فرضها في اغسطس الماضي وأن هناك عقوبات جدیدة سوف تفرض فی نوفمبر القادم.

إنعقاد المؤتمر  السنوى لمنظمة الضغط الموالية لإسرائیل “متحدون ضد ایران نووية” وحضور مكثف لصقور الادارة الأمريكية.

  وفي ذات الوقت الذي كان يتحدث فيه الرئيس الامريكي امام الامم المتحدة, اجتمع صقور الادارة الأمريكية و صقور الحكومة الاسرائيلية في فندق غير بعيد من الامم المتحدة في مؤتمر نظمته جماعة الضغط الامريكيه القوية المؤيده لاسرائيل و المعروفه باسم متحدون من اجل ايران بدون نووي حيث عقد مؤتمر المنظمة العاشر و حضره وزير الخارجيه الامريكي مايك بومبيو و مستشار الامن القومي جان بولتون والناشط و منتج الأفلام الفرنسي برنارد ليفي المعروف بدوره في حشد الدعم الدولي  للانتفاضة المسلحة ضد القذافي فی لیبیا فی 2011  كما حضر السفير دینیس روس منسق عملية السلام السابق في الشرق الأوسط و مستشار المنظمة ، کما حضر وزير خارجية بولندا السابق راديك سیکورسیکي ومدیر حهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد یوسی کوهین.کما حضر من الجانب الخليجي وزير الخارجية السعودي عادل الجبير و السفراء المعتمدين لدى واشنطن الاماراتي یوسف العتيبة والبحريني الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة و خالد اليماني نائب رئيس الوزراء, وزير الخارجية اليمني وعدد كبير من المهتمین بالشأن الایرانی حيث احتفى بهم رئيس المنظمة السيناتور الأمريكي السابق جوزيف ليبرمان المعروف بتأییده اللامحدود لأسرائیل.

كنت حاضراً للمؤتمر واستمعت لكلمات وزير الخارجية الامريكي و مدير الاستخبارات الاسرائيلية و مستشار الامن القومي الأمريكي فما كانت الا إنعكاس لموقف و كلمة الرئيس الامريكي في ذات اليوم امام الامم المتحدة.

يوسي كوهين, مدير الاستخبارات الاسرائيلية:

حيث تحدث مدير الاستخبارات الاسرائيلي يوسي كوهين قائلا:  “ان موقف اسرائيل كان دائما واضح, نحن لسنا ملزمين بالاتفاق مع ايران, انا فقط ملتزم بالقسم الذي اخذته لتأمين المواطنين الاسرائيلين, وبالتالي منع ايران من الحصول على سلاح نووي.” ثم اضاف:  “يجب عدم السماح لايران بالحصول على سلاح نووي: ليس الان, ليس في خلال عشر سنوات و ليس ابد اً. لا تتاجروا مع ايران, لا ترسلوا اموال مباشرة الى اكبر دولة داعمة للارهاب في العالم, فهذه الاموال لا تذهب لبناء المستشفيات و المدارس, وانما تذهب لتمويل شراء القنابل والطلقات, هذا المال لا يذهب الى المعلمين و انما يذهب الى الارهابيين و يقتل الابرياء من النساء و الاطفال.”

 كما شدد مدير الاستخبارات الإسرائيلة في كلمته على ان الاتفاق النووي الايراني لم يغلق الطريق امام القنبلة النووية، بل مهده ، كما انه لم يتم ربط الاتفاق بتصرفات إیران.

مايك بومبيو ,  وزير الخارجية الامريكي:

ثم تحدث وزير الخارجية الامريكي, مايك بومبيو فأبدى قلقه و خيبة امله من قيام الاتحاد الاوروبي بايجاد الية بديلة للتعاملات المالية مع ايران حتى تتجنب آثار العقوبات الامريكية و عدد ما ذكره بانه جرائم ايران الارهابية التي لم تتوقف على مدى ما يقرب من اربعة عقود سواء في اوروبا, امريكا الجنوبية, اسيا والشرق الاوسط.

كما اشار وزير الخارجيه الامريكي الى ان ايران – على حد قوله – تدعم المنظمات الفلسطينيه “الارهابية” حماس والجهاد الاسلامي بمبلغ 100 مليون دولار سنويا في حين لم تقدم اكثر من  20 ألف دولار فى الفترة من 2008 الى 2017 لمنظمة اغاثة  اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة, كما تدعم جماعات ارهابية عدیدة لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

جان بولتون, مستشار الرئيس الامريكي للامن القومي:

ثم تحدث جان بولتون مستشار الرئيس الامريكي للامن القومي – المعروف بانه محسوب على تيار الصقور والمحافظين المتشددين  داخل الولايات المتحدة و انه كان من اكبر الداعمين و المؤيدين لحرب غزو العراق في 2003 و انه مازال يرى انها كانت حرب صحيحة-  تحدث قائلا:  “ان نظام الملالي في ايران ينظر الينا باعتبارنا الشيطان الاكبر, وانا لدي رسالة واضحة أود ايصالها للنظام الايراني: وهي انكم سوف تواجهون جحيماً اذا أضررتم بمواطنينا و حلفائنا و اذا استمريتم في الكذب و الغش و الخداع.”

كما شدد جان بولتون على ان الضغط سوف يستمر ويشتد على ايران و ان العقوبات الجديدة سوف تشمل قطاع الشحن و الطاقة و القطاع المالي والبتروكيماويات وان الولايات المتحدة لن تتسامح مع اى استثمار يسمح لايران بتطوير قطاعها النفطي و البنية التحتية لقطاع الغاز الطبيعي.

 ثم أشار السید / بولتون إلى أن الاتفاق النووى الایرانی قد اغفل انشطة النظام الايراني المزعزعة للأمن و الاستقرار و كذلك أغفل تطوير النظام للصواريخ الباليستية كما قال ان نظام الملالي في ايران ينشر العنف والارهاب في الشرق الأوسط وهو النظام الرئيسي لدعم الارهاب في العالم وأنه منذ توقیع الاتفاق النووي في 2015 ارتفعت ميزانية الانفاق العسكرى الایرانی بنسبة 40٪ وأن نظام آیات الله قد أرسل 16 مليار دولار الى مناطق النزاع في العراق وسوريا والیمن وغزة على حد زعمه.

عادل الجبير وزير الخارجية السعودي:

اما عادل الجبير وزير الخارجية السعودي الذي كان حاضرا للمؤتمر فقد دعا صراحة الى تغيير النظام الايراني قائلا ان هذا النظام لن يتغير من تلقاء نفسه إلا إذا كانت هناك ضغوط داخلية شدیدة وانه لابد من ممارسة  الضغوط حتى يتغير النظام,  كما قلل السيد الجبير من فرص التفاوض أو التواصل مع جيرانهم الايرانيين قائلا : “كيف لنا ان نتفاوض مع من يريدون قتلنا.” , الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية تتعرض بین الحين والآخر لهجمات بالصواريخ الباليسية يطلقها المتمردون الحوثيون في اليمن على الحدود الجنوبية للمملكة, حيث تتهم السعودية ایران يتزوید الحوثيين بتلك الصواريخ.

 بنيامين نتنياهو , رئيس وزراء اسرائيل:

و لم يكن خطاب رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو بمختلف كثيرا عما قاله الرئيس ترامب بشأن إيران أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وصقور الادارة الامريكية امام مؤتمر متحدون من اجل ايران بدون سلاح نووی قبلها بيومين, حيث خص ایران بمعظم حديثه في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة يوم الخميس 27 سبتمبر حيث قال: “لقد عارضنا الاتفاق النووي الايراني لانه يمهد طريق ايران لإمتلاك ترسانة أسلحة نووية و لان الاتفاق بنى علي كذبة اساسية, و هي ان ايران لا تسمى  لامتلاك سلاح نووي.” ثم ردد ذات العبارة التي ذكرها الرئيس ترامب في كلمته و ذكرها مدير الموساد حيث قال: “لدى رسالة الى طغاة طهران: اسرائيل لن تسمح لنظام ينادي بتدميرنا بأن يمتلك سلاحا نوويا ليس الان و ليس في خلال عشر سنوات و ليس ابداً”

و لم ينكر رئيس الوزراء الاسرائيلي ان التهديدات الايرانية قد ساهمت في تحسين العلاقات الاسرائيلية الخليجية الى حد كبير حين قال: “لدي اعتراف مهم اود قوله: سوف اعترف امامكم: اذا كان للاتفاق الايراني اي فائدة, فان الفائدة الوحيدة التي خرجت منه هي تحسين العلاقات بين اسرائيل و جيرانها العرب. اصبحت اسرائيل و جيرانها العرب اقرب من اي وقت مضى, لقد اصبحت العلاقة ودية وحميمية اكثر من اي وقت رايته فی حیاتی.”

و لم تنقطع المؤتمرات الامريكية و الاسرائيلية طوال اسبوع انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة من اجل الدعم والحشد لمقاطعة ايران ودعم الموقف الامريكي والاسرائيلي الذي لا يعترف بالاتفاق النووي الايراني, حيث عقد اجتماع اخر يوم الجمعة 28 سبتمبر داخل المركز الاعلامی بمقر البعثة الامريكية الدائمة لدى الامم المتحدة في نيويورك, حضره مساعدي و مستشاري وزير الخارجية الأمريكي المختصين بالشأن الایرانی.

كنت حاضرا لهذا القاء ايضا حيث تحدثت السيدة هيذر ناورت وكيل وزارة الخارجية للشؤون العامة و المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فاكدت ان الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ لوجود 800 سجين للرأي والحرية الدينية فی ایران و طالبت النظام الایرانی بالافراج عنهم.

كما تحدث في ذات اللقاء السفير مايكل كوزاك مدير مكتب الديمقراطية وحقوق الانسان في الخارجية الامريكية و براين كوك المستشار الرفيع لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون ايران والممثل الخاص المسؤول عن السياسة التخطيطة الخاصة بالشأن الایرانی, فلم یکن فى كلامهما اى جدید, حيث أكدا على عدم الاعتراف بالاتفاق النووى الایرانی القائم وعلى ضرورة التصعيد ضد ایران وعزلها حتى يتم التوصل الى اتفاق جدید.

براين هوك, المستشار و الممثل الخاص بايران:

براين كوك المستشار و الممثل الخاص بايران قال: “نحن نسعى الى ا تفاق شامل مع ايران لمعالجة كاملة لسلوك ايران الهدام, اتفاق ليس فقط محدود بالبرنامج النووي و لكن يغطي ما نعتقد انه تهديدات. نطالب النظام الايراني بان يتوقف عن دعم الحركات الارهابية لزعزعة امن الشعوب الاخرى بالوكالة.”

 ثم قال إن الايرانيين لا يأتون الى طاولة المفاوضات بدون ضغط و لو كان بامكاننا إقناعهم بالتصرف الافضل من خلال المفاوضات لكان ذلك قد حدث منذ وقت طويل.

كما شدد السيد / هوك علي ضرورة عدم الاستثمار في ايران و مقاطعتها اقتصاديا و ان الشركات التي تستثمر في ايران تقوم بدعم الحرس الثوري الايراني و تضع سمعتها في خطر , كما أن ايران لا تلتزم بالقوانين البنكية الدولية – على حد قوله – فكان كلام السيد/ هوك مطابقا لما ذكره وزير الخارجية الامريكي و مدير الموساد الاسرائيلي قبلها بثلاثة ايام في مؤتمر متحدون ضد ايران بدون سلاح نووي.

 العقوبات ليست وسيلة فاعلة:

بعد  متابعتى وحضوري لهذه المؤتمرات إِسترعي انتباهي شيئين اثنين, الاول: ان العقوبات على ايران لم تكن فعالة و رادعة من قبل, فقد استطاعت إيران التعايش مع هذه العقوبات دون أن يؤدي ذلك الى تغیرات جوهرية فی سیاسات ایران سواء داخلیا أو أقليمياً اودولیا ، ايران كانت ومازالت تدعم حزب الله وحماس الذين تعتبرهما الولايات المتحدة منظمات ارهابية. الولايات المتحده فرضت عقوبات اقتصادية و عسكرية و قامت بتجمید رؤوس الاموال الايرانية في البنوك الامريكية منذ قيام الثورة الخومينية في العام 1979 ثم قامت الامم المتحدة بفرض عقوبات دولية على ايران في العام 2006 بسبب رفض ايران وقف برنامج تخصيب اليورانيوم ورغم ان العقوبات الاقتصادية والمالية الأمريكية والدولية قد أضعفت الاقتصاد الایرانی إلا أنها لم تؤدي الى اى تغير في السياسة الإيرانية, فقد تعلم النظام الايراني كيف يتعايش مع العقوبات و ان يستمر على نفس النهج السياسي الذي يراه و في نهايه المطاف استطاعت ايران ان تفاوض على إتفاق نووي يعتبر بکل المقايس مكسبا سياسيا واقتصاديا لایران ، فالاتفاق لم يفرض اي قيود على برنامج الصواريخ البالستية الايرانية كما انه لم يمنع ايران من تخصيب اليورانيوم نهائيا، حيث يسمح الاتفاق لإيران بتخصیب کمیات قليلة من اليورانيوم لاغراض سلميه وعلمية. اذن العقوبات ليست وسيلة فاعلة للضغط على ایران.

حلفاء امريكا بالخليج يرتبطون بعلاقات جيده مع ایران:

النقطة الثانية هى: ان الولايات المتحدة تطالب دول العالم و الشركات بعدم الاستثمار في ايران و فرض عقوبات عليها في حين ان أقرب حلفاء امريكا الاستراتيجيين في منطقه الخليج و الذين يرتبطون باتفاقيات شراكة اقتصادية وعسکریة استراتيجية مع الولايات المتحدة – مثل قطر –  يتمتعون بعلاقات تجارية و عسكرية مع ایران حيث زار اللواء بحري الایرانی علی رضا تانغسیري الدولة الدوحة فى مارس الماضي لیؤکد على دعم ایران لقطر ، الا يشكل ذلك أى قلق للولايات المتحدة؟

https://ytcropper.com/cropped/Ke5baec928e6cdd

سالت المستشار و الممثل الخاص بالسياسة الايرانيه في الخارجية الامريكية براين هوك عن جدوى فرض عقوبات جديدة و ان كان هناك اي وسيلة اخرى للضغط على ايران في حال فشل العقوبات وان كان وجود علاقات اقتصادية وعسکریة جيدة بین ایران و بعض الدول الخليجية الحليفة لأمریکا مثل قطر يشكل مصدر قلق للولايات المتحدة.

اجاب المستشار هوك بإسهاب بان وزارة الدفاع الامريكية تبذل مافي وسعها لاعادة سياسة الردع ضد انتشار الصواريخ و ضد الهجمات الارهابية و ان سياسة الولايات المتحده في سوريا هي التاكيد على خروج كل القوات الايرانية حيث يوجد 2500 جندي من الحرس الثوري الايراني في سوريا كما أن ايران تسيطر على 10 آلاف مقاتل شيعي، ثم اكد ان الولايات المتحدة تبذل كل جهدها لوقف وصول شحنات الاسلحة الإيرانية الى اليمن كما اكد على ضرورة وضع مزيد من الضغط علی ایران وعزلها.

لكن السيد/ هوك لم يخبرني ما هي البدائل لدى الولايات المتحدة في حالة فشل العقوبات فى اجبار ایران لاعاده التفاوض بشأن الاتفاق النووى الحالي كما لم ياتي السيد/ هو ك على ذكر حلفاء امريكا بالخليج الذين يتمتعون بعلاقات تجاريه وعسکریة جيدة مع ايران.

الولايات المتحدة تواجه مأزقا حقیقیاً:

 في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة عزل ايران و فرض عقوبات عليها ، بدت الولايات المتحدة نفسها معزولة عن العالم حتى أن أقرب حلفاء الولايات المتحدة في اوروبا  قد رفضوا تماماً  الانضمام او التضامن مع الموقف الأمریکی والإسرائیلی الذي يطالب  بفرض عقوبات على ايران, و لم يتوقف الموقف الاوروبي فقط عند الرفض و عدم التضامن, بل وصل الى تحدي الولايات المتحدة,  حيث التقت مديرة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي السيدة /  فيديريكا موغيريني بوزير الخارجية الایرانی جواد ظريف فى 25 سبتمر الماضی فى الأمم المتحدة في نيويورك على هامش انعقاد الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة, حيث صرحت بأن الاتحاد الاوروبي بالتعاون مع روسيا والصين سوف يقوم بإنشاء آلية مالية قانونية لمساعدة ايران في التغلب على العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة.

كما أمرت محكمة العدل الدولية في قرارها أمس الأربعاء الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات التي فرضتها على إيران حيث طالب القضاة  الولايات المتحدة بإزالة “أي معوقات” لتصدير السلع الإنسانية ، بما في ذلك المواد الغذائية والأدوية ومعدات السلامة الجوية. محكمة العدل الدولية هي الزراع القانوني للأمم المتحدة و قراراتها ملزمة للدول الأعضاء في الأهم المتحدة لكن المحكمة لا تملك سلطة لتنفيذ قراراتها.

هذا بالاضافه الى ان جميع المنظمات الدوليه المعنية وكذلك وزارة الخارجية الامريكية قد أكدت في كل تقاریرها وبما لا يدع مجالا للشك ان الحكومة الايرانية ملتزمة تماما وحرفيا بالاتفاق النووي الايراني منذ توقيعه في العام 2015 وحتى الان و لم تقم ايران بخرق اي مادة من مواد الاتفاق  مما يضعف الموقف الأمريكي الداعي العزل ايران.

وباستثناء دعم بعد الحلفاء الخليجيين لموقف الولايات المتحدة مثل السعودية و الامارات – وان كان يبدوا دعمهم على استحياء – فان الولايات المتحدة واسرائیل يقفون بمعزل عن المجتمع الدولى ودون حلفاء حقیقیین.

إحتمال العمل العسكري ضد ایران ضعيف جداً وغیر وارد:

الشرق الاوسط لم يعد يحتمل حرب جديدة و المجتمع الدولي قد أصابه الضجر من تصرفات الولايات المتحدة الاحادية و لكن الادارة الامريكية الحالية التي يسيطر عليها الصقور يدفعون باتجاه التصعيد والصدام. احتمالات نشوب حرب أو القيام بأي عمل عسکری ضد ایران تبدو ضعيفة جدا الآن – فی تصوری – ولكن إلى أي مدى سیصل التصعيد الأمريكي الاسرائیلی ضد إيران, هذا ما ستکشف عنه الشهور القادمة.

 حاتم الجمسي,

نيويورك

helgamasy@gmail.com

من قوة التحدى الى شجاعة الأمل – أحمد محارم

للعام الثانى على التوالى استطاع القائمون على موسسة يوسف احمد الخيرية ان يعيدوا الى الاذهان ويلفتوا النظر الى أهمية التوعية بمرض الساركوما وهو من انواع سرطانات العظام والتى تصيب الأطفال و الشباب  عامة فى مرحلة البلوغ ولا  تظهر أعراضه و على من يصاب به الا فى مراحل متاخرة 
استطاع ثروت احمد وهو مواطن امريكى من أصل مصر بالتعاون مع زوجته والمجتمع المدنى المحيط به النجاح والتميز فى اكثر من تحدى حيث تجاوز اولا محنة الالم والخزن والتى تعرضت لها أسرته بغياب ابن شاب لم يتجاوز الثامنه عشره من العمر وكان متفوقا علميا ورياضيا وكان حديث المدرسة والمجتمع الذى كان يعيش فيه وكانت رحلة أسرته مع الالم حافلة بمدى قدرة الانسان ان يتحمل ويكون له هدف وايمان بالقدرة على التحدى وكانت نهاية الرحلة للشاب يوسف الذى رحل هى المرحلة التى ظهرت فيها روح التحدى من قبل ثروت احمد والد الشاب ومعه زوجته وباقى أفراد الاسرة بل والمجتمع المدنى المحيط بحيث قالوا جميعا  أن الدموع والاحزان ستكون الوقود لرحلة طويلة من الكفاح. وكان الهدف هو السعى لعمل مبادرات لأبحاث طبية وصيدلانية من احل التوصل الى علاج ناجح للتغلب على المرض فى مراحله الاولى وتوعية الناس به وتفاعل معه المجتمع المدنى الامريكى والعالمى حيث شاركت عائلة ألمانية معهم والتى مر أفرادها بقصة مشابه وفقدوا احد ابناءهم بل وتواصل معهم أطباء وباحثين ومراكز بحوث وكان الاهتمام منصبا على إيجاد الدعم المادى والمعنوي والتوعية عن ظروف وملابسات هذا المرض 
وتحولنا من مرحلة قوة التحدى الى مرحلة الأمل  ليس فقط الأمل فى حد ذاته وإنما القدرة على تحقيق الأمل وظهرت شجاعة الأمل وقبول التحديات التى واجهت ثروت احمد وأسرته 
شعور نبيل ان يكون الانسان ضحية لموقف انسانى او تجربة صعبة مرت بحياته وبعد ان يتجاوز مرحلة الالم ان تتجدد لديه طاقة وقدرة العطاء ويكون لديه شجاعة الأمل 
التحية والتقدير لكل الجهود المخلصة 10 يتجدد ان نستوعب نحن ابناء الجالية المصرية والعربية الدرس وان يزداد اهتمامنا وتفاعلنا مع مثل هذه القضايا والتى تعودنا ان نجد الإلهام من قبل أفراد المجتمع الامريكى ويظل موقفنا نحن ابناء الجالية العربية مثيرا للجدل بل ومحيرا فى معظم الأحيان.
ومن الجدير بالذكر أن شركة الأدوية والتي بدأت التعاون معنا، أبدت استعدادها لإجراء تجارب سريرية علي حالات مماثلة في مصر تحت إشراف مؤسستنا.
ونامل أن تتلقي  مؤسسة يوسف احمد طلبات الجهات الطبية المعنية في وقت قريب.
Exit mobile version