رغم المنع.. شيرين تحيي حفل كأس السوبر المصري في الإمارات

جريدة رؤية

أعلنت الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب، السبت، عن إحيائها حفل تتويج فريقي الأهلي والمصري في كأس السوبر، المقرر إقامته الجمعة المقبلة في ستاد هزاع بن زايد بالإمارات.

وقالت شيرين عبر صفحتها الشخصية على “فيسبوك”: “انتظروني يوم الجمعة ١٢ كانون الأول/يناير المقبل في ستاد هزاع بن زايد بالعين، هنحتفل مع بعض بالسوبر المصري بين النادي الأهلي والنادي المصري، برعاية وتنظيم شركة برزنتيشن سبورت، وهيكون معانا كمان الدي جي ياسر الحريري.. مستنياكوا.. شيرين عبدالوهاب.. تحيا مصر“.

ويأتي اختيار شيرين لإحياء حفل مباراة السوبر، متزامنًا مع استمرار قرار وقفها عن الغناء في مصر من قبل نقابة الموسيقيين، بعد تصريحاتها الأخيرة التي أثارت الجدل أثناء إحيائها أحد الحفلات في بيروت، وردها على طلب الجمهور بأداء أغنية “مشربتش من نيلها” بعبارة “هيجيلكوا بلهارسيا”، الأمر الذي أثار غضب الأوساط المصرية معتبرين تصريحاتها خارج البلاد بأنها “إساءة لمصر”.

ورغم اعتذار شيرين عن التصريحات، إلا أن قرار النقابة بوقفها لمدة شهرين سينتهي في 14 يناير الجاري، لتستطيع بعدها شيرين الغناء والالتزام بتعاقداتها داخل مصر، بعد أن حرمت من إحياء حفلات رأس السنة لأول مرة بسبب القرار.

مؤلف كتاب “نار وغضب” عن ترامب: ما كشفته سيطيح بالرئيس الأمريكي‎

جريدة رؤية

 قال مايكل وولف، مؤلف كتاب ينتقد العام الأول للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في البيت الأبيض، إن ما كشفه الكتاب سيضع حدًا على الأرجح لبقاء ترامب في المنصب.

وأضاف لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن كتابه (نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض) خلص إلى أن ترامب ليس كفؤًا لتولي الرئاسة، وأن هذه النتيجة أصبحت رأيًا واسعَ الانتشار.

وتابع في مقابلة أذيعت، اليوم السبت، أن المذكور في كتابه يوضح للجميع أن ترامب “لا يستطيع أداء مهمته”، وهذا هو إطار الاعتقاد والإدراك الذي “سيؤدي في نهاية المطاف إلى انتهاء هذه الرئاسة”.

وندد ترامب بالكتاب واصفًا إياه بأنه مليء بالأكاذيب. ويصور الكتاب الوضع في البيت الأبيض بأنه فوضوي، ويقول إن الرئيس لم يكن مستعدًا للفوز بالرئاسة في 2016، وإن مساعديه يسخرون من قدراته.

” النار والغضب” كتاب جديد يصدر خلال أيام يكشف الخفايا والصراعات داخل البيت الأبيض

نُشر يوم الأربعاء الماضي مُقتطفات من كتاب جديد يتحدث عن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ سلطت صحيفة الغارديان في البداية، ثم تلتها مجلة نيويورك، الضوء على مجموعة من التقارير عن الصراع الداخلي، والفوضى التنظيمية المتفشية في قلب الرئاسة الأميركية.

ومن المزمع نشر كتاب “النار والغضب: البيت الأبيض من الداخل تحت حكم ترامب”، لمؤلفه مايكل وولف، الكاتب السابق في صحيفة الغارديان، ومؤلف السيرة الذاتية لروبرت مردوخ، يوم الثلاثاء القادم.

وكان وولف قد صرح لصحيفة الغارديان في ديسمبر 2017، أنه التزم “بالحيادية التامة” عندما كان يعمل على هذا الكتاب.

وقال: “سمح لي ذلك أن أتقبلهم بانفتاح نسبي”.

من بين الأمور الأخرى التي كشفها الكتاب، أن رئيس الحملة الانتخابية لترامب، وكبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض، ستيف بانون، يعتقد أن الاجتماع المشين الذي عُقد في يونيوعام 2016، بين دونالد ترامب الابن، وجاريد كوشنر، وباول مانفورت، والروس الذين قدموا فيه معلومات من شأنها الاضرار بهيلاري كلينتون، في برج ترامب، كان “خيانة”، و”مناف للوطنية”، و”مقزز”.

كما ورد أيضًا أن بانون يعتقد أن دونالد ترامب قد علم بهذا الاجتماع، والتقى بالروس المشاركين في الاجتماع -وهو ما أنكره الرئيس-، وقال: “إن فرصة عدم صعود دونالد ترامب الابن إلى مكتب والده في الطابق السادس والعشرون، صفر”.

ذكر وولف أيضًا محادثة أُجريت مع الرئيس المنتخب روبرت مردوخ، حول سياسة الهجرة، والتي يُرجح أنها ما دفعت وسائل الإعلام إلى وصف ترامب “بالأحمق المعتوه”.

وقد تطلبت هذه التصريحات صدور بيان قوي من البيت الأبيض، والذي قال فيه ترامب “عندما فُصل من منصبه، لم يفقد وظيفته فحسب، بل فقد عقله أيضًا”.

بكل المقاييس، كان لكتاب وولف تأثير غير عادي بالنسبة لكتاب لم يُنشر بعد.

إليكم بعض المواضيع البارزة الأخرى:

· أبرم كل من ابنة الرئيس وصهره، إيفانكا ترامب وجاريد كوشنر، اتفاقًا بينهما حول من فيهما سوف يترشح للرئاسة يومًا ما. فقد قال وولف في كتابه “أول امرأة ستتولى الرئاسة، هي إيفانكا، لن تكون هيلاري كلينتون الأولى، بل إيفانكا ترامب”.

 

· كان من بين أنشطة بانون بعد مغادرته للبيت الأبيض، حسب ما كتب وولف “كان بانون يخبر الناس شيء آخر، أنه ستيف بانون، كان سيترشح للرئاسة. وقد تحولت عبارة، إذا كنت رئيسًا، إلى عبارة عندما أكون رئيسًا”. وقد كتب وولف أيضًا أن بانون كان يتودد إلى كبار المتبرعين من الحزب الجمهوري، وقال “إنه يبذل أقصى ما في وسعه من تملق وتبجيل لجميع الأعضاء البارزين”.

· يُقال أن الصراع الداخلي بين فريق عمل البيت الأبيض، يتمثل في غالب الأمر في مجموعة تضم كل من كوشنر، وإيفانكا، والمستشار الاقتصادي غاري كوهين، في مواجهة مجموعة أخرى بقيادة بانون. وقد اقتبس وولف مقولة هنري كيسنجر، مستشار الأمن القومي لريتشارد نيكسون “إنها حرب بين اليهود وغير اليهود”.

· كتب وولف عن توارد بعض المعلومات التي كانت تشير إلى نية ترامب تعيين الملياردير توماس باراك الابن، وأحد أقدم رفاق الرئيس، في منصب كبير مستشاريه، ويقول أحد الأصدقاء “إنه ليس مجنونًا فحسب، بل غبي أيضًا”. وقد نفى باراك هذا الادعاء يوم الأربعاء الماضي.

· وفي رده على سؤال الرئيس التنفيذي لشبكة فوكس نيوز، روجر آيلز، ما الذي دفع ترامب “ليقحم نفسه مع الروس؟”، كتب وولف، أجاب بانون على ذلك، وقال “على الأرجح، إنه ذهب إلى روسيا، وكان يعتقد أنه سوف يقابل بوتين. إلا أن بوتين لا يوليه أي اهتمام. لذا، فهو يواصل المحاولة”.

· في مناقشة حول من سوف يعينه ترامب مستشارًا للأمن القومي، كتب وولف، رشح آيلز السفير السابق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، والذي قيل أنه يُعرف “بقاذف القنابل”، و”الدنئ غريب الأطوار”. بينما أشار بانون إلى أن شارب بولتون قد يكون “مشكلة”.

· لم يتوقع أي فرد من أعضاء حملة ترامب الانتخابية أن يفوز بالرئاسة، يقول وولف في كتابه، أن الغالبية العظمى بما فيهم ترامب نفسه، رأى أن دخولة السباق الانتخابي ما هو إلا وسيلة لإثراء مسيرته المهنية في التلفاز أو في السياسة. وأشار وولف إلى أن ميلانيا ترامب كانت مرتعدة من احتمال فوز زوجها. وفقًا لما جاء في الكتاب، أنه في ليلة الانتخابات، عندما أصبح جليًا تحقيق ترامب للفوز على كلينتون، ودخوله إلى البيت الأبيض، “كانت ميلانيا غارقة في دموعها -ليس من الفرح”. وقد نفى مدير اتصالات السيدة الأولى هذه الادعاءات، وقال “من الواضح أن هذا الكتاب سوف يُباع في قسم الكتب الخيالية”.

· تسبب الحظر الأول لسفر المسلمين الذي فرضه ترامب في انتشار الفوضى والاحتجاجات في جميع مطارات الولايات المتحدة الأميركية، ما أثار ذعر موظفي البيت الأبيض. وقال بانون، إن خبر الحظر قد نُشر في وقت متأخر من يوم الجمعة على وجه التحديد من أجل إثارة غضب واستفزاز الليبراليين، “لذا، فإن الثلج سوف يظهر في المطارات والشغب”.

· قال البعض أن ترامب قد تناقش مع جهاز الأمن السري حول إمكانية تركيب قفل لغرفة نومه –كتب وولف “للمرة الأولى منذ عهد كينيدي، يستعمل الرئيس وزوجته غرفتي نوم منفصلتين”-، كما أخبر خدمة إدارة المنزل بأنه سوف يرتب سريره بنفسه، وأن يتركوا قمصانه على الأرض. يقول وولف أيضًا، إن الرئيس الذي يخاف أن يدس له السم، أمر ألا يمس أي شخص فرشة أسنانه.

· قيل أن كوشنر قد اقترح زواج ميكا بريجينسكي، المقدمة التلفزيونية، بجو سكاربورو -وبعد لقاءات الغداء من أجل ترامب، أصبحوا من المنتقدين الدائمين حاليًا-، لأنه قال إنه كان “وزير انترنت توحيدي”.

· أفادت التقارير أن عدم الولاء السائد بين موظفي الرئيس قد انعكس على الرئيس نفسه. يقول وولف إن ترامب قد وصف بانون بغير الوفي، والوضيع، وإمَّعة بريبوس، والقصير. ووصف كوشنر بعديم الشخصية. ووصف شون سبيسر، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض بالغبي. ووصف المستشارة كيليان كونواي بالطفلة البكاءة. وكان ترامب قد قال قبل ذلك، أن جاريد وإيفانكا، لا يجب أن يأتوا مطلقًا إلى واشنطن.

وقد حصلت صحيفة الغارديان على نسخة من كتاب النار والغضب من أحد المكاتب في نيو إنغلاند.

احتفال جمعية ضباط شرطة نيويورك من الشرق الأوسط NYPD/MTS

 جريا على العادة السنوية التى تحرص فيها جمعية ضباط شرطة نيويورك من الشرق الأوسط ان تلتقى وأعضاءها مع مجتمع نيويورك للتأكيد على مدى اهتمام الجمعية وأعضاءها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى 

وبحضور عدد كبير من أعضاء الجمعية برئاسة مراد مراد ، وقيادات شرطة مدينة نيويورك والشخصيات العامة وممثلى وهيئات المجتمع المدنى الفاعل والناشط فى مدينة نيويورك والاعلاميين 

الهدف من الاحتفال السنوى هو تقديم كشف حساب عن الفعاليات والانشطة التي  قامت بها الجمعية خلال العام المنصرم ٢٠١٧ ومدى اهتمام أعضاء الجمعية بان يظهروا لمجتمع نيويورك انهم حريصين على التواجد الايجابى ويتمنون ان تتاح الفرصة لمن يريد الالتحاق او الانضمام اليهم ،  

وقد ألقيت كلمات وقدمت فقرات متعددة لاقت تقدير واعجاب الحاضرين ،

ومن الجدير بالذكر انه وخلال الاحتفال قد اتيحت الفرصة لانضمام أعضاء جدد يساهمون فى دعم الأنشطة والتى تحرص الجمعية على ان يكون تفاعلها إيجابيا مع مجتمع مدينة نيويورك وخدمة الجاليات العربية المختلفة في مدينة نيويورك من خلال انشطة وجهود وإسهامات أعضاء الجمعية 

وقد اتيحت لنا الفرصة ان نجري بعض الحوارات مع عدد من قيادات شرطة نيويورك القاءات من اجل ان نطلع المشاهدين الأعزاء على هذا النشاط المتميز والذى تفخر به مدينة نيويورك.

قراءة في استراتيجية الأمن القومي للرئيس “ترامب”

بعد أحد عشر شهرا من توليه المنصب رسميا في العشرين من يناير ٢٠١٧ أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عن استراتيجية الأمن القومي لإدارته التي يطلبها الكونجرس من كل إدارة جديدة منذ عام ١٩٨٦، والتي تخلص الدور الأمريكي عالميا، والسياسات التي تحافظ على هذا الدور، على عكس الرئيسين السابقين (جورج دبليو بوش، وباراك أوباما) اللذين أعلنا عن أول استراتيجية لهما بعد واحد وعشرين، وسبعة عشر شهرا على الترتيب.
تركز استراتيجية الأمن القومي للرئيس “ترامب” على أربعة محاور رئيسية. يتمثل أولها في حماية الأراضي والشعب وطريقة الحياة الأمريكية من خلال محاربة “التطرف”، ومنعه من الانتشار داخل الأراضي الأمريكية، ومعالجة قضايا الهجرة التي تسمح للأشخاص “غير المرغوب فيهم” بالدخول إلى الولايات المتحدة. أما ثانيها فيتعلق بتعزيز الرخاء الأمريكي. في حين يركز ثالثها على تعزيز السلام من خلال القوة، وحماية حدود الدولة، وإصلاح الضعف في المنظومة العسكرية الأمريكية، وبناء نظام دفاع صاروخي قوي لحماية الولايات المتحدة. وآخرها يهدف إلى تعزيز النفوذ الأمريكي في نظام دولي قائم على المنافسة عبر تشجيع القطاع الخاص والاستثمار.
 
استراتيجية مختلفة: 
تختلف استراتيجية الأمن القومي للرئيس “دونالد ترامب” اختلافا جوهريا عن استراتيجيات الرؤساء السابقين للنزعة القومية، والسياسات الحمائية التي يُروج لها منذ حملته الانتخابية في عام ٢٠١٦ تحت شعار “أمريكا أولا”. وتتمثل أهم الاختلافات بين استراتيجية “ترامب” واستراتيجيتي الرئيسين السابقين “جورج دبليو بوش”، و”باراك أوباما” في الآتي: 
أولا- لا ترى استراتيجية “ترامب” للأمن القومي أن قضية تغير المناخ تمثل تهديداً للأمن القومي الأمريكي، على خلاف استراتيجية الرئيس “أوباما” لعام ٢٠١٥ التي نظرت إليها على أنها في مقدمة التهديدات الاستراتيجية للولايات المتحدة. ففي مقابل الحديث عن ضرورة قيادة الإدارة الأمريكية لجهود مكافحة الاحتباس الحراري، قالت استراتيجية “ترامب” إن القيادة الأمريكية لا غني عنها لمواجهة أجندة أعمال الطاقة المناهضة للنمو، والتي تضر بالمصالح الاقتصادية وأمن الطاقة للولايات المتحدة، وهو ما يتوافق مع انسحاب الولايات المتحدة تحت حكمه من اتفاقية باريس للمناخ.
ثانيا- لم تتعهد الاستراتيجية بتوسيع التجارة الحرة مثل استراتيجيتي الرئيسين السابقين، حيث تعهد “بوش” الابن في استراتيجيته لعام ٢٠٠٦ بتدشين عصر جديد لازدهار الاقتصاد العالمي من خلال حرية السوق والتجارة الحرة. كما تعهد “أوباما” في استراتيجيته لعام ٢٠١٥ بتعزيز مستوى عال من الاتفاقيات التجارية.  لكن “ترامب” في استراتيجية رأى أن الاتفاقيات التجارية يستخدمها المنافسون، وفي مقدمتهم الصين، لاستغلال الولايات المتحدة، في حين رأت استراتيجيتا الإدارتين السابقتين أنها تخدم المصلحة القومية الأمريكية. ويأتي موفق “ترامب” من الاتفاقيات التجارية تماشيا مع سعيه للانسحاب منها مثل اتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ.
ثالثا- لم تتضمن الاستراتيجية أي التزام أمريكي بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان عالميا، على عكس استراتيجيتي الأمن القومي للرئيسين السابقين، واللتين رأتا أن الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان يخدم المصحة القومية الأمريكية، لكن الرئيس “ترامب” تحدث عن تعزيز الولايات المتحدة تلك القيم والمبادئ من خلال الالتزام الأمريكي بها؛ لتكون مصدرا لإلهام الدول الأخرى، وأن الولايات المتحدة لن تفرض قيمها على الآخرين.
رابعا- تراجع أهمية التحالفات الدولية في الاستراتيجية مع التركيز على السيادة الأمريكية ضد التهديدات المحتملة، في حين ركزت الإدارتان السابقتان في استراتيجيتيهما على أهمية التحالفات الدولية لمواجهة التحديات الدولية في ظل دور أمريكي نشط دوليا للحفاظ على أمن واستقرار النظام الدولي.
 
تناقضات مع خطاب ترامب: 
ثمة تناقض واضح وجلي بين ما تضمنته استراتيجية الأمن القومي من خطوط عريضة للسياسة الخارجية الأمريكية، وتهديدات الأمن القومي للولايات المتحدة، وخطب وتصريحات الرئيس “ترامب” منذ انتخابه رئيسا في الثامن من نوفمبر ٢٠١٦، وما يعتقد فيه، ويؤمن به. ومن أهم مظاهر هذا التناقض ما يلي: 
أولا- وصفت الاستراتيجية روسيا والصين بأنهما قوتان منافستان للولايات المتحدة، وترغبان في تشكيل نظام دولي يتعارض مع المصالح والقيم والثروة الأمريكية، وأن بكين تسعي لإزاحة واشنطن من آسيا، وتنشر ملامح نظامها الاستبدادي وتعمل على توسيع نفوذها على حساب سيادة الآخرين. وعن موسكو، أشارت إلى سعيها لاستعادة موقعها كقوة عظمي. لكن هذا يتعارض مع تقارب وثناء “ترامب” على رئيسى الدولتين، وتأكيداته رغبته في إقامة شراكات كبري مع هاتين القوتين. 
ففي تقديمه للاستراتيجية، تحدث “ترامب” عن المكالمة الودية مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بعد إحباط موسكو هجوما إرهابيا على كاتدرائية في سان بطرسبورج على خلفية معلومات من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قدمتها إلى السلطات الروسية. ولم يتحدث الرئيس عن مسألة تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، رغم التحقيقات حول العلاقة بين فريق حملته الانتخابية وموسكو، وأن هناك تواطؤا محتملا بين مقربين من “ترامب” و”بوتين” خلال الانتخابات التي أجريت في الثامن من نوفمبر 2016.
ثانيا- تضمنت الاستراتيجية ثناء على التنظيمات الدولية التي أسستها الولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، حيث أشارت إلى أن السياسيين ورجال الأعمال والعسكريين الأمريكيين يعملون مع شركائهم في أوروبا وآسيا لتشكيل النظام الدولي بعد الحرب من خلال الأمم المتحدة، وخطة مارشال، وحلف شمال الأطلنطي (الناتو)، ومنظمات أخري صممت لتعزيز المساهمة الأمريكية في أمن وحرية وسلام النظام الدولي. لكن ترامب في تصريحاته يقلل من أهمية تلك التنظيمات الدولية. 
ففي خطاب ألقاه في الثامن من ديسمبر الجاري، جدد “ترامب” شكواه من أن أعضاء حلف الناتو لا يدفعون حصتهم العادلة مقابل الالتزام الأمريكي بالدفاع المشترك الذي تنص عليه المادة الخامسة من ميثاق الحلف. وتساءل في الخطاب عما إذا كان يتعين على واشنطن الدفاع عن الحلفاء الأوروبيين الأعضاء بالحلف، حال الدخول في حرب مع روسيا، أم لا، مشيرا إلى أن الحلف في مصلحتهم أكثر من الولايات المتحدة، قائلا: في حال لم يدفع أي من الحلفاء حصته، ثم دخل في حرب مع روسيا، مثلًا، فإننا سنجد الولايات المتحدة، في نهاية المطاف، تشارك في الحرب العالمية الثالثة من أجل حليف لم يدفع حصته للحفاظ على سلامته وأمنه.
ثالثا- عند مناقشة التهديد الذي يشكله المتطرفون على الأمن القومي الأمريكي، امتنعت الاستراتيجية عن استخدام مصطلح “الإرهاب الراديكالي” واستخدمت بدلاً منه مصطلح “الإرهاب الجهادي”، على الرغم من أن الرئيس ترامب انتقد خلال حملته الانتخابية الرئيس السابق “باراك أوباما” ووزيرة الخارجية ومرشحة الحزب الديمقراطي “هيلاري كلينتون” لاستخدام المصطلح الثاني في وصف العلميات الإرهابية التي تنفذها التنظيمات المتطرفة.  
رابعا- تحدثت الاستراتيجية عن أن الدبلوماسية الأمريكية لا غنى عنها في حل الصراعات في مناطق النزاع غير المستقرة، وأكدت على ضرورة تعزيز أدواتها لمواجهة التحديات الدولية، لكن الرئيس في المقابل خطط لتخفيض ميزانية وزارة الخارجية، وقلل من الجهود الدبلوماسية التي يبذلها وزير خارجيته “ريكس تيلرسون” لحل الأزمة الكورية الشمالية. 
خامسا- تضمنت الاستراتيجية أن الدين القومي يصل حاليا إلى ٢٠ تريليون دولار، وأن ذلك يمثل تهديدات للازدهار الأمريكي على المدي الطويل، ومن ثم للأمن القومي الأمريكي. لكن الرئيس احتفى وأعضاء حزبه (الجمهوري) بإقرار الكونجرس قانونا للإصلاح الضريبي، بعد أحد عشر شهرا من إخفاقات وانتكاسات، سيضيف تريليون دولار إلى الدين الأمريكي في العقد المقبل.
 
خلاصة القول: تُظهر استراتيجية الأمن القومي أوجه الصراع داخل الإدارة الأمريكية بين الرئيس “دونالد ترامب” الذي يرفع شعار “أمريكا أولا”، والذي لا يؤمن بأهمية الحلفاء التقليديين، والمؤسسات الدولية التي أسستها الولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية للحفاظ على سيطرتها على النظام الدولي، ومستشاريه ومسئولي الإدارة المحافظين على أسس السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية منذ عقود. 
ولهذا، فإن تلك الاستراتيجية لن تكون الإطار الحاكم للسياسة الخارجية الأمريكية خلال السنوات الثلاث من عمر الإدارة الأمريكية، لأنه في أغلب الأحايين يتخذ الرئيس “ترامب” قرارات وسياسات على عكس رغبة مستشاريه، ومسئولي الإدارة، مع صعوبة سيطرة مؤسسات صنع القرار عليه، فكثيرا ما يتفاجأ المسئولون الأمريكيون بقرارات الرئيس من خلال تدويناته على موقع “تويتر”، مثل باقي مسئولي العالم من حلفاء وخصوم واشنطن.

عامه القادم أسوأ.. سي إن إن: سياسة ترامب في سنته الأولى قلبت الشرق الأوسط وزادت من نفوذ خصومه

نشرت شبكة سي إن إن الأميركية، تقريراً تحدّثت فيه عن سنة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى في الولايات المتحدة، وكيف انعكست سياساته على الشرق الأوسط وغيّرته في وقت سمحت فيه لخصومها بالصعود بدلاً من إقصائهم.

وتحدّثت سي إن إن عن اللقاء الذي جمع شركاء إيران ووكلاءها من مختلف أنحاء الشام الذي مزَّقته الحرب من أجل التقاط صور على الحدود بين سوريا والعراق، بينما كانوا يُلوِّحون بالأعلام الوطنية وأعلام الميليشيات.

وبطرقٍ شتى، كان هذا الالتقاء الذي نشرته وحدة الإعلام التابعة لحزب الله المدعوم إيرانياً على الإنترنت في نوفمبر/تشرين الثاني، هو اللحظة الفارِقة في عام 2017. فقد أبرز عودة إيران من جديد، في مقابل إبراز فشل السياسة الخارجية الأميركية. وبالنسبة لرئيسٍ أميركي تعهَّد بالتصدي لإيران والتراجع عن الخطوات التي اتخذها سلفه نحو التقارب معها، مكَّن دونالد ترامب، دون قصد، الجمهورية الإسلامية من النهوض.

تعهَّد ترامب بأن تكون هزيمة داعش هي أهم أولوياته في المنطقة، ولعبت القوات الأميركية دوراً حاسماً في ذلك. لكن بخلاف تلك الأولوية الوحيدة، فإنَّ سياسة الولايات المتحدة في المنطقة هي كتلة من الارتباك والتناقض التي أدَّت إلى تفاجؤ ونفور حلفاء للولايات المتحدة وصبَّت في مصلحة خصوم واشنطن.

من القدس يأتي الحساب

جاء آخر الأمثلة في ديسمبر الجاري حين اعترف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل على النقيض من النصائح العلنية التي قدَّمها أقرب حلفاء واشنطن العرب، بما في ذلك السعودية والأردن.

ربما تفقد التظاهرات في الشوارع ضد إعلان ترامب زخمها، لكنَّ التحرُّكات الأوسع نطاقاً من جانب الخصوم تسير على قدمٍ وساق للاستفادة سريعاً من التداعيات السلبية. فبعد أسبوعٍ من الإعلان، أعلن اجتماعٌ للقادة المسلمين في إسطنبول أنَّ قرار ترامب “الباطل واللاغي” أشار إلى عدم أهلية الولايات المتحدة كوسيطٍ نزيه في عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية.

وقال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إنَّ الولايات المتحدة اختارت “أن لا تكون وسيطاً بالعملية السياسية، ونحن نرفض أن تكون وسيطاً سياسياً وهي مع إسرائيل وتدعمها وتساندها”.

وهذا هو محمود عباس نفسه الذي وقف إلى جانب ترامب في مايو/أيار بالبيت الأبيض وقال له: “معك، سيدي الرئيس، لدينا أملٌ الآن”.

وكان على رأس أولئك الذين عبَّروا علناً عن رفضهم لدور الولايات المتحدة في المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية مجموعة كبيرة من اللاعبين الإقليميين، مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الإيراني حسن روحاني، وملك الأردن عبد الله الثاني، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.

ومع كل هذا في الخلفية، تقع مسؤولية صياغة وتنفيذ السياسة الأميركية في الشرق الأوسط على عاتق صهر ترامب البالغ 36 عاماً، جاريد كوشنر. وقد عمل كوشنر، الذي يُعَد وفق كل المقاييس مبتدئاً وليس مراقباً محايداً، كمديرٍ مشارك في إحدى المؤسسات التي تُموِّل المستوطنات الإسرائيلية -التي تُعَد غير شرعية بموجب القانون الدولي- في الضفة الغربية.

كل هذا ولا تزال المناصب الدبلوماسية الأميركية الرئيسية في المنطقة شاغرة. إذ تُوجَد ثماني سفارات في الشرق الأوسط -من بينها السفارات الأميركية في مصر، وتركيا، والأردن، والسعودية- دون سفراء، هذا في الوقت الذي تفقد فيه وزارة الخارجية، تحت قيادة ريكس تيلرسون، مواهبها. وتتجاهل إدارة ترامب نصائح الدبلوماسيين ذوي الخبرة والمعرفة، وهذا الأمر واضح تمام الوضوح. ويجلس المبتدئون في مقعد القيادة، في واشنطن وغيرها. اربطوا حزام الأمان.

روسيا تُعزِّز قبضتها

تتزامن القوة والنفوذ الإيرانيين المتناميين مع حضورٍ روسي أكثر قوة من أي وقتٍ مضى في المنطقة.

ففي سبتمبر/أيلول 2015، أسرع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنجدة الرئيس السوري بشار الأسد، فوفَّر القوات الجوية والبرية التي ساعدت، إلى جانب قوات من إيران، وحزب الله، والعراق، على تحويل مسار الحرب الأهلية في البلاد. وبحلول ديسمبر/كانون الأول من هذا العام، 2017، كان بوتين قادراً على التلذُّذ بلحظة “اكتمال المهمة” أثناء زيارةٍ غير معلنة لقاعدة حميميم الجوية في سوريا، وأعلن أنَّ القوات الروسية ستبدأ في الانسحاب جزئياً.

وفي هذه الأثناء، استمرت روسيا في تحسين علاقاتها مع تركيا، أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو). وكانت موسكو وأنقرة هما الراعيتان الرئيسيتان لمحادثات السلام السورية في العاصمة الكازاخية، أستانة، في حين كانت الولايات المتحدة الأميركية، في أفضل الأحوال، مجرد مراقب غير فعَّال. وفي سابقةٍ أولى من نوعها، وقَّعت الدولتان اتفاقاً تشتري بموجبه تركيا منظومة صواريخ أرض جو من طراز (إس-400) روسية الصنع.

وتزامن الإصرار الروسي هنا أيضاً مع ضعف قوة الولايات المتحدة الدبلوماسية. إذ مثَّل دعم الولايات المتحدة للقوات التي يقودها الأكراد الذين يقاتلون تنظيم داعش في شمال سوريا ضربة قوية للعلاقات الأميركية التركية. وتدَّعي تركيا أنَّ الفصيل الكردي الرئيسي في البلاد يُمثِّل الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي يشنَّ حرباً للانفصال عن الدولة التركية منذ 1984.

الترنُّح من أزمةٍ لأخرى

وحتى نكون منصفين، لا يُعَد الالتباس أمراً جديداً في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. إذ وضع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما خطاً أحمر على استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية ضد خصومها، لكن في أغسطس/آب 2013، حين أقدمت سوريا على ذلك بالفعل، اختفى الخط الأحمر ولم تقم الولايات المتحدة بأي شيء. وكانت إدارة أوباما تشعر بالارتباك حيال ما إذا كانت ستدعم المعارضة السورية المسلحة أم لا، وفي نهاية المطاف قرَّرت تسليحها بشكل كافٍ فقط لمحاربة نظام بشار الأسد دون أن يكون كافياً لهزيمته. وأصبحت المعارضة السورية، المنقسمة والتي دُفِعَت للتطرُّف، الآن على حافة الهزيمة.

وورثت إدارة ترامب تلك الإخفاقات، وسرعان ما اعتمدت عليها، فهدَّدت بالتنصل من اتفاقاتٍ دولية مثل الاتفاق النووي الإيراني، وإحداث قطيعة مع المواقف التي اتبعتها طويلاً، مثل ما يتعلَّق بوضعية القدس. فالأسبوع الماضي، وضعت نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، قائمةً لما ادَّعت أنَّها بقايا صاروخٍ باليستي مصدره إيران أُطلِق على السعودية من اليمن. وبدا الأمر شبيهاً بخطاب كولن باول وزير الخارجية الأميركي السابق الذي ألقاه عام 2003 في الأمم المتحدة وأدَّعى فيه أنَّ العراق يمتلك أسلحة دمار شامل. ويبدو أنَّ هيلي كانت تمهد الطريق أمام احتمال قيادة الولايات المتحدة الأميركية “تحالف مستعدين” (تحالف غزو العراق) جديداً من أجل خوض هجومٍ عسكري، هذه المرة ضد إيران. ولم يسر الأمر بالنسبة للتحالف الأخير على نحو جيد.

إذ يعارض حلفاء أميركا التقليديون واشنطن علانية، ويخطون بأنفسهم إلى الخلف فيما تنتقل الولايات المتحدة والسعودية من الأزمات التي تتسبَّبان فيها الواحدة تلو الأخرى في الشرق الأوسط. وفي حين تتشرذم التحالفات الغربية، تسعى روسيا بشكلٍ ممنهج لإقامة علاقاتٍ أوثق مع تركيا وإيران، اللتين أصبحتا تتمتعان بنفوذٍ غير مسبوق.

وتندفع واشنطن، المُستنفَذة والمشتتة جرَّاء سياستها الداخلية المسمومة، في الشرق الأوسط بتهورٍ باتجاه أن تُصبح فاعلاً غير مرتبط بالمنطقة في أحسن الأحول، أو صوب كارثةٍ في أسوئها. لذا، إذا كنتم تعتقدون أنَّ 2017 كان عاماً وعراً في الشرق الأوسط، فلتتهيأوا لـ2018 فسيكون أسوأ.

 

وصفته إيفانكا بـ”الكاذب اللعين”.. كبير مساعدي ترامب يكشف أسرار البيت الأبيض

مجدداً تم تسليط الأضواء على ابنة دونالد ترامب، إيفانكا، وزوجها، جاريد كوشنر، ونفوذهما في البيت بعد ظهور عداوتهما للعلن مع كبير استراتيجيي الرئيس الأميركي السابق، ستيف بانون.

وقد تحدث بانون، في لقاء صحفي صريح مع مجلة فانيتي فير الأميركية، عن العداوة المتبادلة بينه وبين كبير مستشاري الرئيس، كوشنر، هذه العداوة التي تعد واحدة من أسوأ أسرار إدارة ترامب، حسب وصف صحيفة الغارديان البريطانية التي نقلت مقتطفات من اللقاء.

وقال بانون: “إنَّ رأس الحربة في كل القرارات السيئة واحد: جافانكا”، مُستَخدِماً لقباً يجمع بين الزوجين (جاريد وإيفانكا).

وتذكَّر بانون، الذي عاد إلى الموقع اليميني بريتبارت، بعد أن أُجبِرَ على الخروج من البيت الأبيض، في شهر أغسطس/آب 2017، اجتماعاً في المكتب البيضاوي اتَّهم فيه إيفانكا بأنها “ملكة التسريبات”. وزعم أنَّ الابنة الأولى ردَّت عليه: “أنت كاذب لعين!”.

وكذلك أدان بانون إيفانكا حول إدارتها انتخابات مجلس الشيوخ الأميركية الخاصة الأخيرة في ولاية ألاباما، حيث أنكر المرشح الجمهوري روي مور اتهاماتٍ بسوء السلوك الجنسي مع المراهقين. كانت إيفانكا قد قالت بوضوح خلال الحملة: “ثمة مكانٌ في الجحيم لمن يعتدون على الأطفال”.

وقال بانون، الذي كان يدعم مور على الرغم من هذه المزاعم، ليشهد خسارة هذا المعقل الخاص بالجمهوريين إلى الديمقراطيين، في اللقاء مع فانيتي فير: “ماذا عن الاتهامات المُوجَّهة لأبيها مع فتاة بعمر الـ13؟”، في إشارةٍ إلى اتهامٍ غير مُثبَت من امرأةٍ من كاليفورنيا بأنَّ ترامب قد اغتصبها لما كانت مراهقة (تخلَّت المرأة عن القضية العام الماضي 2016). وكان ترامب قد واجه اتهاماتٍ مُتعدِّدة بسوء السلوك الجنسي وأنكرها جميعها.

وأضاف بانون لمجلة فانيتي فير: “كانت إيفانكا ينبوعاً للنصائح السيئة خلال الحملة”.

أغبى قرار سياسي في التاريخ

وبالنسبة لكوشنر، لم يبذل بانون الكثير من الجهد لإخفاء احتقاره له، إذ قال: “إنه لا يعرف شيئاً عن الهوبيتس والبائسين”، مُستخدِماً مصطلَحَين ساخِرَين من مؤيدي ترامب.

وقد قيل إنَّ كوشنر هو من شجَّعَ الرئيس على إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، جيمس كومي، وهي خطوة قد تنعكس عليه خلال التحقيقات حول التواطؤ المزعوم لروسيا في الحملة الانتخابية. وقال بانون: “هذا أغبى قرار سياسي في التاريخ السياسي الحديث، بلا استثناء. جرحٌ ذاتي ذو أبعاد هائلة”.

مخمور أشعث

ولم تكن ثمة محبةٌ قط بين بانون والثنائي “جافانكا”، إذ كانوا يتنازعون على اهتمام الرئيس، تماماً كرجال بلاط العصور الوسطى.

ولبانون (64 عاماً) مظهرٌ غير مُهندَم، وقد لاحظ أحد رجال الكونغرس مؤخراً أنه يبدو كما لو كان “مخموراً أشعث”.

وقد تربَّى بانون في طبقةٍ عاملة، في أسرة أيرلندية كاثوليكية في ولاية فيرجينيا. ويُجسِّد بانون غرائز ترامب من القومية المتمردة ومناهضة العولمة، وقد اتُّهِمَ بمعاداة السامية، وهو ما ينكره.

أما كوشنر، فهو يهودي بعمر الـ36، من جيلٍ مختلفٍ، بأناقةٍ واضحة تخالف فظاظة بانون. وهو سليل إمبراطورية عقارات في نيويورك، وكان في السابق مُتبَرِّعاً ديمقراطياً اختلط مع نخب الساحل الشرقي الأثرياء، الذين يحتقرهم بانون.

أما إيفانكا، في الـ36 أيضاً، فهي تنتمي هي الأخرى إلى “عصبة نيويورك”، وينظر إليها على أنها المُفضَّلة من بين أبناء ترامب الخمسة.

ترويض ترامب

وقد عبَّرَ المراقبون الليبراليون عن أملهم أنَّ “جافانكا” سوف يُروِّضان دوافع ترامب الجامحة، لكنهم أُصيبوا بخيبة أمل مطردة. وقد كان قرار الرئيس بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ نصراً ملحوظاً لبانون.

وقال المُحلِّل الجمهوري، والمُؤسِّس المشارك بشركة فاوندري ستراتيجيز للاستشارات، ريك تايلر: “هذه الأشياء غاية في الصعوبة عندما تنخرط أسرةٌ ما مع أي مسؤول منتخب. إذ تكون لديهم علاقةٌ مختلفة مع المبدأ، ويكون من الصعوبة بمكان تجاوز المشكلات حال وجودها”.

وأضاف تايلر: “لا أعرف الإضافة التي يُقدِّمها جاريد وإيفانكا إلى الإدارة. يقول البعض إنهما سوف يجعلان الرئيس أكثر اعتدالاً ويحافظان على مظهره الرئاسي، لكن ما مِن دليلٍ كبيرٍ على ذلك. أعتقد أنَّ الكثير من النصائح التي أدليا بها إلى الرئيس لم تكن جيدة”.

تتفاخر بجهلها

وقد تعرَّضَت إيفانكا لانتقاداتٍ شديدة الأسبوع الماضي لترويجها للإصلاح الضريبي الكاسح للجمهوريين، الذي يعد أول إنجاز تشريعي كبير لأبيها. وقد زعمت إيفانكا، خلال لقاء صحفي مُتَمَلِّق أجرته معها شبكة فوكس نيوز، التي أشادت بها لتأمينها زيادةً في الائتمان الضريبي للأطفال، قائلةً: “إنني حقاً أتطلَّع قُدُماً للسفر كثيراً، في شهر أبريل/نيسان، عندما يدرك الناس تأثير هذا الأمر… سوف تؤدي الأغلبية العظمى ضرائبها في بطاقةٍ بريديةٍ واحدة”. وقد سارع المنتقدون بالإشارة إلى أنَّ هذه البطاقة البريدية مجرد حيلة دعاية ووعد لم يتحقَّق.

وجاء في عنوانٍ صحفي لصحيفة واشنطن بوست الأميركية: “مرة أخرى، تتفاخر إيفانكا بجهلها”. وكتبت الصحفية جنيفر روبن: “إنَّ إيفانكا دعابة تمشي على قدمين لخطر المحاباة، ومثال نموذجي لطبقة الامتيازات، وممثل ممتاز للجمهوري الذي لا يعرف شيئاً. كان من المُفتَرَض لها أن تكون العقل المُفكِّر في العائلة والثقل الأخلاقي لها، لكنها بدلاً من ذلك مجرد دعاية متواطئة”.

مصير كوشنر

وفي غضون ذلك، يبدو أنَّ كوشنر في تراجع، فبعد أنَّ كان دائم الظهور، قلَّ ظهوره العلني. وقد أُعلِنَ على نطاقٍ واسع أنَّ حقيبة مسؤولياته الضخمة قد تقلَّصَت وأنَّ نفوذه آخذٌ في التضاؤل، وهو ما يطرح أسئلة حول المدة التي سوف يبقى فيها الـ”جافانكا” في واشنطن.

وربما يرجع هذا الأمر، جزئياً، إلى التكهُّنات القائلة إنه سوف يكون الشخصية كبيرة النفوذ القادمة التي سوف يقع في تحقيق المستشار الخاص، روبرت مولر، في قضية التدخُّل الروسي في الانتخابات الرئاسية العام الماضي.

وقد كان هناك ظهورٌ مطرد لمعلومات عن دوره في هذه الدسيسة. وكان كوشنر قد أُجبِرَ أيضاً على الاعتذار، في شهر يوليو/تموز، لتقديمه استمارات أمنية غير كاملة. وقد أنكر أي نوع من التواطؤ مع روسيا.

القدس

وبحسب تقارير وسائل الإعلام أيضاً، فإنَّ كوشنر كان له دورٌ محوري في قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وهي خطوةٌ أدت إلى ردة فعل دولية عكسية ضخمة. وقد صوَّتَت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس الماضي 21 ديسمبر/كانون الأول 2017، بأغلبيةٍ ضخمة، رفضاً للموقف الأميركي.

وأضاف تايلر، الذي كان مُتحدِّثاً سابقاً لحملة المرشح الجمهوري تيد كروز: “لقد تقلَّص جاريد من دائرة الضوء. كان في السابق يبدو كما لو كان في كل صورة، وكان يدرك تماماً موقع المُصوِّرين ونوع العدسات التي يستخدمونها. لكننا لم نسمع منه قط، وعندما سمعناه، لم يكن مذهلاً”. 

وقال تايلر: “عادةً، عندما نضع الناس في مواقع مسؤولية وسلطة كبيرة، فإننا نكون على معرفة بمؤهلاتهم وخبراتهم: أما في حالة جاريد، فنحن لا نعرف شيئاً”.

 

كيف غير ترمب قواعد السياسة الأميركية لصالحه؟ – رولنغ ستون

ترمب هو البطل الذي انتظره هؤلاء اليمينيون زمنا طويلا، والذي سيمزق إمبراطورية الشر الأخرى “دولة الرفاه والضبط الأميركية الحديثة” التي تركها ريغان والرئيسين بوش واقفة على قدميها

مقدمة المترجم

يعرض المقال الضرر الذي أحدثه ترمب في أجهزة الدولة الأميركية ومؤسساتها، وهدفه من وراء ذلك، والحال الذي انتهى إليه الحزب الجمهوري والدولة الأميركية التي تسير في طريقها لتصبح دولة مافيا على غرار روسيا.

نص المقال

برغم انتكاستها التشريعية العام الماضي، كانت إدارة ترمب فعالة بشكل مذهل في تحقيق مهمتها الرئيسة: تفكيك الحكومة الأميركية الحديثة التي نشأت منذ عصر بداية القرن العشرين التقدمي. ورغم أن بوادر الحرب الأهلية تحوم فوق الحزب الجمهوري، فإن زعيم الأغلبية ميتش مكونيل، والمتحدث باسم الكونغرس باول ريان، وحتى شخص كثير الانتقاد للرئيس مثل بوب كروكر، دعموا أغلب أجزاء برنامج ترمب. لا يجب أن يكون هذا الأمر مفاجئا، إذ إن أجندة الإدارة تتوافق في العديد من جوانبها مع الخط الرئيس للمحافظين الجمهوريين الذي وضعه رونالد ريغان قبل ثلاثين عاما. الضغط من أجل خفض كبير في الضرائب على الأغنياء وإلغاء الضوابط التشريعية على التمويل والتجارة.

إيمان ترمب بمقولة ريغان الحاسمة “الحكومة ليست الحل لمشكلاتنا. الحكومة هي المشكلة” هو ما يجعل ماكونيل والآخرين يدعمونه باعتباره مركبة معطلة ولكن مفيدة يحملون عليها سياساتهم الخاصة. ولكن بطريقة لا يمكن اختزالها، فإن ترمب المعادي للحكومة هو أيضا مناهض لريغان. في الوقت الذي يعزز فيه ترمب شعبيته الراسخة بين صفوف الجمهوريين وقياداتهم، لم يعد من الممكن إنكار أن رؤيته السياسية المظلمة قد زحزحت رؤية ريغان المحافظة ذات الابتسامة التي تزين الوجه باعتبارها المرشد الأعلى للقوى داخل الحزب الجمهوري.

يؤمن الرئيس ريغان بقوة أن مهمة الولايات المتحدة المتجردة والإلهية هي أن تكون منارة للديمقراطية والفرص في العالم، فقد تحدث عن الولايات المتحدة مرات عديدة باعتبارها “المدينة المضيئة أعلى التل”، إذ تضاعف ارتفاع هذا التل بفضل أجيال المهاجرين الذين وصلوا إليها حجيجا. اعتنق ريغان الفضائل التقليدية للالتزام وضبط النفس والعمل الجاد والعفو الكريم باعتبارها الدعائم الروحية الجوهرية للأمة. ورغم أنه شدد مرارا أن أيام أميركا الأفضل لم تأت بعد، لم يشكك يوما في عظمة أميركا في الحاضر أو في الماضي.

ترمب على العكس من ذلك لا يرى لأميركا مهمة في العالم، بل مجرد منافسة وحشية لبسط السيطرة يجب أن تنتصر فيها الولايات المتحدة عبره هو وحده. يصف أميركا ليس باعتبارها مدينة مضيئة بل غابة مليئة بالأشلاء، موبوءة بالجريمة والمخدرات ومغمورة في المهاجرين غير الشرعيين المتوحشين. على الرغم من أن ريغان لا يمكنه تذكر أنه خرق الدستور في قضية إيران-كونترا، لم يظهر أبدا ازدراء لدور القانون كما فعل ترمب بعفوه عن مأمور أريزونا العنصري جو أربايو المدان بارتكاب جناية عبر رفضه الانصياع للقانون.

GRAND JUNCTION, CO – OCTOBER 18: Republican presidential candidate Donald Trump (L) jokes with retired Gen. Michael Flynn as they speak at a rally at Grand Junction Regional Airport on October 18, 2016 in Grand Junction Colorado. Trump is on his way to Las Vegas for the third and final presidential debate against Democratic rival Hillary Clinton. (Photo by George Frey/Getty Images)

يدين ترمب واشنطن دائما باعتبارها مستنقعا من الفساد حتى وهو يتربح من تحويل البيت الأبيض إلى صنبور أموال لعملياته التجارية البعيدة مخالفا البند الدستوري المتعلق بالتربح من المنصب. جعل نفسه قائد حركة عظيمة تسمى “الأشخاص الذين لم ير العالم مثلهم يوما”، ثم حرَّض هذه الحركة على مهاجمة جمهوريٍّ ريغانيٍّ محافظ متفاخر مثل جون مكين، بينما يمتدح أمثال روي مور الذي طُرد مرتين من محكمة ألاباما التي حضر فيها لرفضه الامتثال للقانون بعدم قول شيء عن اتهامات الاعتداءات الجنسية الموجهة ضده. ليس لدى ترمب إيمان بلوم الذات، ناهيك عن ذكر الفضيلة أو ضبط النفس، وبدلا من ذلك يدير الشؤون الرسمية وحتى الدبلوماسية الخارجية بسيل من الإهانات المندفعة المتفلتة. قدم إلى الرئاسة ما وصفه السيناتور الراحل دانيال باتريك يوما بـ “الانحراف إلى الأسفل”.

ومن بين السياسات التي انتهجها ريغان اتخذت معاداته الصارمة للشيوعية، التي تركزت على “إمبراطورية الشر” الاتحاد السوفيتي، موقع القلب من هذه السياسات. كان تقزز ريغان مما اعتبره تقاربا ليبراليا مع الشيوعية في الداخل والخارج بالإضافة “إلى عائدات الضرائب المرتفعة” هي التي دفعته لقطع علاقاته القديمة مع برنامج “الاتفاق الجديد” لروزفلت. ريغان الذي انساق تجاه اليمين باعتباره متحدثا رسميا لجنرال إلكتريك المعادية لاتحادات العمال، اعتبر أن دولة الرفاه هي حصان طروادة لسيطرة شبه سوفيتية للدولة على المجتمع. أشاد بخفض الضرائب وتقليل الضوابط باعتبارها نوعا من تعزيز الحرية الفردية ضد استبداد الدولة وكذلك باعتبارها منصات وثب لاقتصاد مزدهر يستطيع تعزيز جيش لا يقهر وإخضاع السوفييت.

ترامب وبانون

تبنى ترمب بالفعل الأجندة الريغانية المعادية للحكومة وأعاد شحنها، ولكن دون أيديولوجيا معينة بل عبر مجرد رغبة في تدمير السياسات والبرامج القائمة، وقبل كل شيء تدمير أي شيء يرتبط بباراك أوباما. يدين ترمب بنجاحه السياسي إلى درجة ما لمؤامرات ضابط الكي جي بي السابق فلاديمير بوتين الداعمة، والذي سبّب نظامه السلطوي خسائر سياسية فادحة في كل الجبهة الغربية. بوتين هو الزعيم العالمي الأبرز الذي دافع عنه ترمب بطريقة مريبة وأبدى إعجابه به، واصفا بوتين خلال حملة 2016 الانتخابية بأنه زعيم قوي “أقوى بكثير من رئيسنا”. القومية الشعبوية الكارهة للأجانب التي يهيج بها ترمب أنصاره ليست أيديولوجيا بقدر ما هي كتلة مركّزة من الكراهية والتي تشبه الميول الانعزالية ليمينيين متشددين أصدقاء لروسيا أيضا من بينهم نايجل فاراج في بريطانيا ومارين لوبان في فرنسا (كان فاراج تحديدا مناصرا قويا لترمب، ونظرا لعلاقاته الشخصية بجوليان أسانج وويكيليكس فإنه يُعدّ شخصا مثيرا للاهتمام في تحقيقات الـ FBI بشأن الاتصالات بين حملة ترمب والاستخبارات الروسية). تحت حكم ترمب وصلت المحافظة ما بعد الريغانية إلى هذه الصيغة: مهاجمة الحكومة الفيدرالية ليس لأجل الخشية من طغيان شبيه بروسيا، بل من أجل محاكاته.

  

هجوم ترمب المعادي للحكومة يحقق من ناحية الحلم الذي رعاه اليمين المتشدد لعقود. لم يتحقق هذا الحلم، من وجهة نظر اليمين، لأن مؤامرات الأعداء أجهضته: وهم الديمقراطيون بالطبع، والإعلام الذي يصفه ترمب بأنه “عدو الشعب”، ومؤسسة الحزب الجمهوري الخائنة، والتي يصفها اليمين بأنها “جمهورية بالاسم فقط”. ترمب هو البطل الذي انتظره هؤلاء اليمينيون زمنا طويلا، والذي سيمزق إمبراطورية الشر الأخرى “دولة الرفاه والضبط الأميركية الحديثة” التي تركها ريغان والرئيسين بوش واقفة على قدميها. تشمل خطواتهم الأيديولوجيا والمال، مجتمعة في أقطاب مثل روبرت وربيكا ميرسر والإخوة كوخ الذين يمثلون الطمع والدوغمائية المتطرفة بمعايير متقاربة. عندما تحدث ترمب عن إزالة الضوابط وتجفيف المستنقع، تلقت طبقة ممولي الحزب الجمهوري إشارته وشجعته مهما كان سلوكه مشينا. شجعوا أكثر مقترح الضرائب الذي قدمه الرئيس والكونغرس معا رغم فشل مقترح إلغاء أوباما كير، هذا المقترح يتجاوز المكاسب التي حققها ريغان وجورج دبليو بوش من خلال آليات مثل إلغاء كامل للضرائب الفيدرالية، وهو ما سيمهد الطريق لأوليغارشية (حكم الأقلية) وراثية أميركية جديدة.

حتى الآن تبدو المسألة برمتها جمهوريّة، لكن الترمبية في الحقيقة ليست دافعا كاذبا معتادا عن فاحشي الثراء. لا يهتم ترمب في الحقيقة سوى بقليل من السياسة والأفكار السياسية أو ربما لا يهتم بأية أفكار على الإطلاق، حتى لو كانت أفكارا زائفة أو وهمية. يهتم فقط بتلميع ذاته وبمجده الشخصي، إذ إن غروره الذي يبلغ عنان السماء هو مفهومه الوحيد. لكن جنون العظمة لديه يتجاوز نرجسيته الذاتية، كما تمتلك ثروته وثروة عائلته ومعاييره القيادة القوية روابط عميقة وقديمة مع الجريمة المنظمة.
 

دونالد ترمب مبتز لا يُكنّ ولاء لشخص أو مبدأ، لا لشركائه التجاريين ولا للرجال الذين ساعدوه ولا لزوجاته السابقات. يضم سجله الطويل، الذي أعده صحفيون استقصائيون من أمثال ديفيد كاي جونستون والراحل واين باريت، شبكة علاقات مع زعماء عصابات مشهورين مثل أنتوني “توني السمين”، وساليرينو، وباول كاستيلانو، وهو ما يظهر أن ترمب سيطعن أي شخص من الخلف وسيقطع علاقته بأي شخص لم يعد يغذي تفوقه ويخدم حقده. لكن شخصية ترمب المنحرفة لها نموذجها السياسي، وهي نسخته الخاصة من نظام بوتين السلطوي، وهو ما تسميه الصحفية ماشا جيسين دولة المافيا مع أوليغارشية راسخة تدين للزعيم وعشيرته، ووسائل إعلام تابعة تعيق كل معارضة سياسية وتخلط النقد بالتشتيت والكذب الصفيق، وهو ليس كذبا لتجنب الانكشاف أو لتحقيق مآربه، بل بحسب تعبير جيسين: “لتأكيد السلطة على أنقاض الحقيقة نفسها”.

ولعل شخصيات اليمين المتطرف العقائدية داخل إدارة ترمب، المتمثلة في طاقمه الغريب المدمر، تتبع الأسلوب المحافظ التقليدي، حيث يفعلون ما بوسعهم لتخريب الحكومة وتحقيق المصالح الخاصة لصناعات النفط والأدوية. ولكن تحت حكم ترمب فإنهم يخدمون أهدافا أخرى كذلك. إنهم أولا يجعلون من بارونات الحزب الجمهوري المنتصرين مدينين أكثر بانتصارهم لترمب زعيم جميع الزعماء الذي نجح في تحقيق ما فشل فيه الرؤساء الجمهوريون العاديون. وثانيا يرضون ترمب نفسه، فعلى ما يبدو يؤدي تحطيم الأشياء التي بناها الآخرون، مثل “أوباما كير”، إلى إشباع رغباته السادية. وثالثا يرضون بوتين الذي يأمل في عرقلة وتمزيق المؤسسات الأميركية محولا ترمب وعصابته إلى “أغبياء مفيدين”. لم يكن الخراب الذي أحدثوه ظاهرا دائما، خصوصا بالنسبة لصحافة سياسية ركزت على الصراعات التشريعية وعلى ثورات تويتر ومعارك الحرب الثقافية الجانبية. ولما كانت تُظهر هزيمة أوباما كير، فإن هذا يعني أن الرئيس ما زال مبتدئا في فن عقد الصفقات في واشنطن، وهو ما قد يخدع البعض للاعتقاد بأنه مجرد متنمر أحمق. ولكن داخل السلطة التنفيذية، حيث لا يوجد ما يقيد ترمب، تبدو الأضرار التي أحدثها بليغة للغاية.

بدأ ترمب عملية التخريب عندما اختار إدارته، حين نشرت اختياراته كان قد أحاط نفسه بمجموعة من الوزراء الطيعين الذين كانوا وفقا لفوربس “الأغنى في تاريخ الولايات المتحدة الحديث”، وهو طاقم الإدارة التي قدرت المجلة ثروتهم الكلية في (يوليو/تموز) الماضي بما يقارب الـ 4.3 مليار دولار. وكانت إدارته تضم بالتأكيد بعض أقدم أصدقاء ترمب وداعميه. تملقهم الجماعي اللافت للنظر الذي ظهر للعالم في اجتماع لمجلس الوزراء (يونيو/حزيران) الماضي كان عبارة عن رقصة مخجلة من تقبيل الأيادي لا تشبه شيئا أكثر من خدم ستالين الذين يغنون بمدحه، وهو ما يمثل حنينا لدى دولة المافيا التي أسسها ترمب.

لكن أكثر ما لفت الانتباه كانت مؤهلات الوزراء الجدد أو عدم وجودها. اختار ترمب لوزارة التعليم مليارديرا دعا لخصخصة التعليم واصفا المدارس الحكومية بأنها طريق مسدود. وزير خارجيته هو المدير التنفيذي لإيكسون موبيل، وتعد أبرز إنجازاته حصوله على “ميدالية الصداقة” من بوتين والتفاوض لأجل توقيع صفقة تنقيب عن البترول تبلغ مئات المليارات من الدولارات في القطب الشمالي في روسيا والتي توقفت بسبب العقوبات الأميركية. لإدارة وكالة حماية البيئة اختار ترمب أحد منكري التغير المناخي. واستمر على هذا النحو: حاكم تكساس السابق الذي اقترح إلغاء وزارة الطاقة اختاره ترمب وزيرا لها، جراح الأعصاب الذي اعتبر الفقر “حالة ذهنية” تولى مسؤولية وزارة الإسكان وتطوير التجمعات الحضرية.

على مستوى واضح جدا تدفع اختيارات إدارة ترمب أجندة الجمهوريين اليمينيين قدما إلى الأمام في ملفات الضرائب والرعاية الصحية والبيئة والتعليم والحقوق المدنية وأكثر، بعضهم دعمه ترمب أثناء الحملة الانتخابية. لكن من ناحية أخرى تعبر إدارته عن ازدراء غير مسبوق للحكومة الأميركية نفسها، حيث سلم مسؤولية الوكالات الحكومية القوية والكبيرة الضرورية لتحقيق الرفاه العام في أيدي أشخاص يعارضون بشدة مهمة الوكالات التي سيقودونها. ليست اختيارات ترمب مسألة تغير درامي في المسار، بل تشير إلى الاعتقاد بأن هدف هذه المؤسسات التي تشكل السياسة القومية -المؤسسات التي بنيت بسواعد أجيال متتابعة- هو هدف فاسد. خرج ترمب من البداية بهدف نزع الشرعية عن أجزاء من الحكومة التي انتُخب لإدارتها.

اتخذت ميزانية الإدارة الأولية، التي أعلن عنها في (مايو/أيار) الماضي، مقاربة أكثر تدميرية. في حين زادت ميزانيات وزارة الدفاع ووكالات الأمن وشؤون المحاربين القدماء كما هو متوقع، خُفِّضت النفقات المقترحة لبقية الهيئات التنفيذية الفرعية، فيما يشبه الانتقام. إذا تمت الموافقة على بعضٍ من أكبر هذه الاستقطاعات في الميزانية سيلحق ضرر بالغ بوزارات مثل الزراعة والصحة والخدمات البشرية، والعمل والإسكان والتطوير الحضري. يبشر الخفض المقترح لميزانية وكالة حماية البيئة، الذي يبلغ 31.4{2c289d7b2659ab6207670dd8e4d34cd2c245bfab6e6da19450a4f50a7bbfcf10}، بالقضاء التام على هذه الوكالة. كما أن انعزالية سياسة أميركا أولا التي يتبعها ترمب ستفرغ أجزاء كبيرة من وزارة الخارجية، إذ إن الخفض المقترح في ميزانيتها (يبلغ 29.1) يقارب الخفض الكبير في ميزانية وكالة حماية البيئة. من يحتاج الدبلوماسية في ظل وجود ترمب المغرد من موقع المسؤولية؟

  

تزيد الإدارة من ضعف وزاراتها بتجاهل وعزل الموظفين المهنيين وفشلها في ملء المناصب الحساسة. وبالفعل بعد خمسة أشهر من رئاسة ترمب، وافق مجلس الشيوخ -مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون- على 33 تعيينا فقط من الأسماء الـ 96 التي اقترحها ترمب لشغل المناصب العليا، وهو أبطأ معدل في التاريخ. ولكن ما زال هناك 1000 وظيفة مهمة لم يرشح لها أحد، وهو عدد خطير من الأماكن الشاغرة. يصف ماكس ستاير، المدير التنفيذي لشراكة الخدمات العامة، الأمر وصفا لطيفا بأنه “فشل في إدراك الحاجات التشغيلية للحكومة”.

فوق كل هذا وبعيدا عن هذا العجز، لدينا هنا غرور الرئيس السلطوي وعدم احترامه للخبرات المهنية. عندما ضغطت عليه فوكس نيوز بشأن فشله في تعيين أشخاص في مناصب حيوية رد ترمب قائلا: “أنا الوحيد المهم”. أضاف ستاير أن هناك ما يقرب من 4000 وظيفة سياسية في الحكومة الفيدرالية لا داعي لها، لكنه اتهم ترمب بتجاهل العديد من المناصب الحساسة “ومن بينها المناصب التي تؤثر مباشرة على أمننا القومي والاقتصادي والصحة العامة والسلامة الغذائية ودعم الهجرة”، على حد تعبيره.

بدا الوضع أكثر تفاقما في وزارة الخارجية المحاصرة. بعد وقت قصير من أداء ترمب لليمين الدستوري، كما أشارت جوليا لوفي في مجلة الأتلانتيك، واجهت الوزارة أزمة إدارية بسبب استقالة عدد من المسؤولين الكبار أو فصلهم. انخفضت معنويات العاملين لأن صناعة القرار انتقلت فجأة إلى جناح الغربي الفوضوي والأخرق. (هم يريدون حقا تفجير هذا المكان) قال أحد مديري الأقسام “لا أظن أن الإدارة تعتقد أن وزارة الخارجية يجب أن تبقى. يظنون أن جاريد كوشنر بإمكانه فعل كل شيء”.

بعد يوم من انتخاب ترمب، وفقا لمايكل لويس من مجلة فانيتي فير، انتظر موظفو وزارة الطاقة المهنيون وصول مبعوثين من الرئيس المنتخب لبدء عملية الانتقال. ولكن لم يظهر أحد. تقدم أخيرا توماس بيلي، رئيس الاتحاد الأميركي للطاقة والممول من الإخوة كوخ، ولكن بعد فترة قصيرة استبدلت به مجموعة من الشباب الأيديولوجيين اليمينيين الذين سموا أنفسهم “فريق بيتش هيد”، وتبين لاحقا أن القادمين الجدد لم يعلموا سوى القليل ولم يهتموا بعمل وزارة الطاقة في عدد من المساحات الحساسة والصعبة، ابتداء من تطوير شبكة الكهرباء الوطنية إلى التخلص من النفايات النووية. “كل ما فعلوه بالأساس هو الجري في أرجاء المبنى موجهين الإهانات للناس” حسبما قال مسؤول سابق في إدارة أوباما للويس عن فريق بيتش هيد. وقال مسؤول آخر “العقلية التي تقف خلف كل ما تفعله الحكومة غبية وسيئة، والأشخاص أغبياء وسيئون”. 

كانت تعييناتُ القضاء الفدرالي المساحةَ الوحيدةَ بين جميع المساحات الأخرى التي عملت فيها الإدارة بحرص، لكن هذا لا يتطلب مجهودا شاقا، ابتداء من سنوات ريغان بنى المحافظون شبكة توظيف وتدريب وفحص مذهلة تبدأ من كليات القانون مرورا بمراكز اليمين البحثية وصولا إلى البيت الأبيض، بغرض تزويد المشرعين الجمهوريين بإمداد ثابت من الفقهاء القانونيين. كان الهدف بسيطا، حسبما أشار إليه من قبل المدعي العام في عهد ريغان إدوين ميس: مأسسة هجوم اليمين على الدولة التقدمية “حتى لا يُستبعد مهما كانت نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة”.

على مشارف نهاية العام الأول لترمب في الرئاسة، يبدو أن تعيين القاضي المتشدد أيديولوجيا نيل جورزوش في المحكمة العليا هو نجاحه الوحيد. بيد أن الأمر كان خادعا حين وافق مجلس الشيوخ الجمهوري ببساطة على أكثر من عشرات الأسماء التي رشحها ترمب لتعيينات مدى الحياة في المحاكم الفيدرالية الحساسة الأقل درجة، وعشرات غيرهم في أماكن أقل شأنا.

 

أربكت نوعية بعض مرشحي ترمب في محاكم الدرجات الأقل موقف الجمهوريين باتجاه أقصى اليمين، مثل السيناتور جون كورنين من تكساس (أحد الأشخاص الذين اختارهم ترمب وصف طفلا متحولا جنسيا علنا بأنه جزء من “خطة الشيطان”). وأيما يكن الأمر مع وجود 144 مكانا شاغرا في السلك القضائي الفيدرالي بإمكان ترمب تقليل الرقابة القضائية التي أعاقت حتى الآن تنفيذ أجندته ابتداء من حظر المسلمين إلى قوانين ميثان في التنقيب عن النفط والغاز. ومهما كانت نتيجة الانتخابات القادمة فإن الضرر الذي أحدثه تخريب ترمب المتعمد سيبقى لجيل على الأقل.

في الوقت الذي يستمر فيه ترمب في تفكيك ما يسميها مستشاره السابق ستيف بانون بنوع من الغطرسة “الدولة الإدارية”، فإن أكبر انتصاراته خلال السنة الماضية كانت سياسية في الحقيقة: إنه تغيير الحزب الجمهوري. يعتبر ترمب مكروها بشكل فريد، وهو شخصية محتقرة في الداخل والخارج. في واقع الأمر، أدى شعار “لنجعل أميركا عظيمة مجددا” إلى تقزيم أميركا في كل مكان في العالم، حتى أمام معظم حلفائها الغربيين. فوفقا لاستطلاع أجراه مركز بيو في 37 دولة في (يونيو/حزيران) الماضي، هبطت الثقة في الرئيس الأميركي والإعجاب بالولايات المتحدة الأميركية في الفترة ما بين نهاية إدارة أوباما وبداية إدارة ترمب. وبين الأميركيين انخفض مستوى قبول ترمب وفقا للاستطلاع الأسبوعي لمؤسسة غالوب، وهو الذي لم يزد يوما عن الـ 40{2c289d7b2659ab6207670dd8e4d34cd2c245bfab6e6da19450a4f50a7bbfcf10} إلى 34{2c289d7b2659ab6207670dd8e4d34cd2c245bfab6e6da19450a4f50a7bbfcf10} في (أغسطس/آب)، وتحسن بشكل طفيف من حينها، وهي أسوأ أرقام في التاريخ لرئيس لا يزال حتى الآن في فترته الرئاسية الأولى.

  

تعتبر القصة مختلفة كليا بين الجمهوريين الذين استقرت نسبة قبولهم لترمب عند أوائل الـ 80{2c289d7b2659ab6207670dd8e4d34cd2c245bfab6e6da19450a4f50a7bbfcf10}. ولكن في نفس الفترة بين الجمهوريين باستثناء الكونغرس المنبوذ، انخفض مستوى قبوله بين الجمهوريين من 50{2c289d7b2659ab6207670dd8e4d34cd2c245bfab6e6da19450a4f50a7bbfcf10} في وقت حلف اليمين إلى 16{2c289d7b2659ab6207670dd8e4d34cd2c245bfab6e6da19450a4f50a7bbfcf10} بعد الفشل في إلغاء أوباما كير. من الواضح أن صفوف الحزب وكوادره يقفون مع ترمب، مهما كانت فضائحه -وعلى الأرجح بسببهم- وهم يلومون قادة الحزب في الكونغرس بشكل أساسي (إلى جانب الديمقراطيين ووسائل الإعلام) على إخفاقاته. على الأقل في الولايات الحمراء، يجب على أولئك الجمهوريين الذين يجرؤون على معارضة الرئيس أن يتوقعوا دفع ثمن باهظ: النائبان جيف فليك وبوب كوركر شهدا انخفاض شعبيتهما في ولاياتهما بين الجمهوريين بعد أن تحدثا بقوة عن شر ترمب. واحد من الرئيسين الجمهوريين السابقين وهو جورج بوش الأب كشف أنه صوّت لهيلاري كلينتون العام الماضي، بينما ألقى جورج بوش الابن خطابا هاجم فيه كل ما يمثله ترمب، لكن الأثر الكلي لهذا الأمر على قاعدة الجمهوريين لم يكن شيئا يذكر. أصاب عنوان الكتاب الذي صدر مؤخرا عن الرئيسين بوش عين الحقيقة: إنهما آخر الجمهوريين. أصبح حزبهما، رغم أنه يحمل اسمه القديم، حزبا لترمب واكتسب صفات أشبه بصفات الطائفة الدينية.

فيما عدا ترمب، بدا الحزب الجمهوري في 2016 كما لو كان على وشك التشقق بسبب التوترات الداخلية الناتجة عن عقود من زيادة التطرف داخله. وبدلا من ذلك، استغل ترمب هذه التوترات وفاقم منها واستحوذ على قلوب الأغلبية العظمى من الجمهوريين، مُظهرا عقيدة محافظة ما بعد ريغانية، وهي ليست محافظة على الإطلاق، بل شعبوية يمينية تخدم مصالح المبتزين. من الناحية التاريخية، يصعب تغيير اتجاه هذا النوع من تحولات الأحزاب، وأصبح الأمر أكثر صعوبة مع وجود قائد ذي جاذبية تزيد كل هبّة من هبّاته الغاضبة من قبوله داخل الحزب. وإذا نجح ترمب في بناء نسخته الخاصة من دولة المافيا فإن أميركا التي كانت يوما منارة للعالم، وهي مدينة ريغان اللامعة، ستصبح أكثر شبها بموسكو بوتين.

بالصور.. الحفل السنوي لمركز ابن سينا الطبي في نيويورك ..

 الدكتور حسام امين رئيس مركز ابن سينا الطبي جريا على عادته السنوية في توجيه الدعوة لابناء الجالية العربية من المقيمين في نيويورك والمترددين على المركز للحصول على الخدمات الطبية –ان يقيم احتفالية تهدف الى اظهار روح الثقة والتضامن والاهتمام بشان الجالية المصرية والعربية على المستويات الصحية والاجتماعية

حيث يحرص الكثيرين من أبناء الجاليه على الاستجابة لهذه الدعوة والتي تشمل أيضا العديد من الأطباء بجميع تخصصاتهم والصيادلة والعاملين في حقل الرعاية الصحية والاجتماعية وممثلى مؤسسات ومنظمات المجتمع المدنى والشخصيات العامة وادارات كبرى المستشفيات التي تتعاون غى تقديم الخدمات العلاجية لابناء الجالية العربية فضلا عن مسؤليين من الإدارة الامريكية ممثلين لولاية نيويورك عامة وتحديدا منطقة بروكلين حيث يتركز نشاط مركز ابن سينا الطبي

الحضور كالعادة كان مشرفا من خلال الشخصيات العامة ورموز وأبناء الجالية العربية و الكتاب والصحفيين ومعدى ومقدمى البرامج التلفزيونية والمهتمة بأنشطة وفعاليات الجاليات العربية في نيويورك ونيوجيرسي.

كيف سيغيّر قرار ترامب حول القدس واقع اللاعبين الأساسيين في المنطقة؟ إليك ما ستعنيه الخطوة المثيرة للجدل

في خطوةٍ أدانتها معظم دول العالم، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة سوف تعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل. فما الذي يعكسه هذا القرار، صحيفة الغارديان أوضحت ما تعنيه حركة ترامب المثيرة للجدل للاعبين الأساسيين في المنطقة

عملية السلام

تعد هذه على مشارف الموت منذ انتهاء مهمة وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، بالفشل عام 2014. غير أن المجتمع الدولي -فيما عدا الولايات المتحدة- متفقٌ على أن الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل كارثيٌّ لكل أملٍ في إنعاش أي مباحثاتٍ جادةٍ. وتعد مدينة القدس أحد المواضيع الشائكة التي اتفق الدبلوماسيون وصانِعو السلام على أن كلا الطرفين يجب أن يتفق على شأنها في المفاوضات.

الفلسطينيون

سيعتبرون إعلان ترامب نهايةً لآمالِهم ومُطالباتِهم بالقدس الشرقية عاصمةً لدولةٍ فلسطينيةٍ مستقبليةٍ مستقلة. ورغم أن بعض الفلسطينيين يرغبون في العودة إلى العنف، فإن أغلبهم سيشعر أن الجهود الدبلوماسية لم تقرِّبهم بأي شكلٍ من إنشاء دولتهم، وسيبحثون عن بديلٍ للفعل المباشر.

دولة إسرائيل

ستستقبل الحكومة الإسرائيلية الخبر بسعادةٍ غامرةٍ. فمنذ احتلالها (وضمها بعد ذلك) للقدس الشرقية في حرب الستة أيام عام 1967، تعتبر إسرائيل القدس عاصمتها “الأبدية وغير المُقسَّمة”، ولطالما سعت لاعترافٍ دوليٍّ بذلك. وسيُعزِّز ذلك وجهة نظر الكثير من الإسرائيليين الذين يرون أنه لا يوجد ما يفاوضون عليه الفلسطينيين. كما سيحتفل أكثر من 200 ألف إسرائيلي يعيشون في مستوطناتٍ بالقدس الشرقية بما يتعارض مع القانون الدولي.

المنطقة

ستزيد خطوة ترامب من زعزعة استقرار المنطقة المشتعلة بالعنف بالفعل. وقال الرئيس التركي القوي رجب طيب أردوغان إن الولايات المتحدة “ستُدخِل المنطقة والعالم في أتون جحيم لا تُرى له نهايةٌ قريبةٌ”. وقد ألمحت تركيا إلى أنها قد ستقطع علاقاتها بإسرائيل إذا مضت الخطة قُدُماً. أما السعوديون -وهم حليفٌ مهمٌّ للولايات المتحدة في المنطقة- فيعتقدون أن الخطوة تُدمِّر مساعي الرياض لإحياء اتفاق سلام. أما عن الدول العربية ذات الحدود المشتركة مع إسرائيل، وهي مصر، والأردن، ولبنان، وسوريا، فقد أدانت جميعها الخطوة.

أوروبا

سيثير اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمةً لإسرائيل انتباه معظم الدول الأوروبية بشدة، لكن السؤال الفارق هو ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتخذ موقفاً أم لا، كأن يفرض حظراً صارماً على الواردات من مستوطنات الضفة الغربية، وأن يرفض التعامل مع الشركات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، واضعاً نفسه بذلك في مسارٍ مخالفٍ تماماً لما تتخذه الولايات المتحدة.

المسيحيون في الأراضي المقدسة

أرسل البطريرك الأرثوذوكسي اليوناني ثيوفيلوس الثالث، الذي يُعتَبَر أكبر رمزٍ مسيحيٍ في القدس، وغيره العشرات من بطاركة الكنائس رسالةً لترامب، الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول، مُحذِّرين إياه من إحداث “أذىً لا يمكن إصلاحه”. وقالوا إن تحرُّكه ذاك “سيؤدي إلى زيادة الكراهية والصراع والعنف والمعاناة في القدس والأراضي المقدسة، الأمر الذي سيبعدنا عن الوحدة التي نهدف إليها، ويقرِّبنا أكثر نحو الانقسام المُدمِّر”. وسيكون بطاركة الكنائس حريصين على حماية المواقع المسيحية.

المدينة نفسها

كان الفلسطينيون يُمثِّلون 37{2c289d7b2659ab6207670dd8e4d34cd2c245bfab6e6da19450a4f50a7bbfcf10} من سكان القدس عام 2015، البالغ عددهم 850 ألف نسمةٍ. ويعيش كثيرٌ منهم في بيوتٍ وأحياء مُكتَظَّةٍ، غير قادرين على الحصول على تصاريح للبناء أو للتوسع. ويعيش ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر، وربعهم في أحياء يفصلها الجدار العازل عن المدينة. ومن الصعب تخيُّل كيف يمكن لخطوة ترامب أن تُحسِّن من أوضاعهم. وقال نير بركات عمدة المدينة، يوم الأربعاء، نفسه: “نحيي الرئيس ترامب هنا في القدس وفي إسرائيل”، وأضاف أنه في حال لجأ الناس للعنف فإنهم “سيدفعون ثمناً غالياً”.

 
Exit mobile version