ما وراء تلاسن ترمب ومراسل “CNN” – ممدوح المهيني صحفي سعودي

الصراع بين الصحافيين والرؤساء الجمهوريين ليس جديداً. سعوا لتمزيق صورة الرئيس نيكسون ووصفه بالسارق والأفّاق، وتجاهلوا كل منجزاته التي مازالت تؤثر على عالمنا اليوم. فتح باب النظام الدولي الذي دخلت منه الصين بعد أن خلعت رداء الشيوعية. في واقعة شهيرة، تساجل الرئيس نيكسون مع المذيع دان راذر، وتمكّن الصحافيان بوب وودورد وكارل برنستين من إجباره على الاستقالة.

وفِي الأعوام الأخيرة هاجم هذا الإعلام الرئيس بوش الابن متجاهلاً إنجازه المهم الذي خدم العالم عبر تدميره تنظيم القاعدة، أخطر التنظيمات الإرهابية في العصر الحديث. لو لم يتخذ هذه الخطوة الضرورية بعد الـ11 من سبتمبر، فعلى الأرجح أن القاعدة ستكون أقوى وزعيمها بن لادن متربعاً على عرشه في قندهار وليس جثة ممزقة ملقاة في أعماق بحر العرب. ومع ذلك، صوّره هذا الإعلام بصورة سلبية غير منصفة، مكبراً أخطاءه ومتجاهلاً حسناته.

معركة قديمة محركاتها حزبية، فهؤلاء الصحافيون يفضلون الفريق الديمقراطي على الجمهوري لأسباب اجتماعية واقتصادية داخلية. ولهذا يخف نقدهم مع أي رئيس ديمقراطي يصل للبيت الأبيض ويزيد مع الرئيس الجمهوري.
‎الجديد أن هذه المعركة دخلت مع ترمب الذي رفض بلع لسانه مرحلة مختلفة.
الرؤساء الجمهوريون السابقون يتحلّون بالتهذيب، وبزعم المحافظة على مكانة الرئاسة، ردوا على الصفعات بابتسامات. ولكنهم دفعوا ثمن ذلك من صورتهم مع غياب إعلام محافظ جماهيري يمكن أن يحميهم ويدافع عنهم.

ترمب رمى كل هذه التقاليد القديمة في سلة المهملات وقرّر أن يخوض بالوحل بنفسه ويرد على الهجوم بهجوم مضاد. وقد شكك البعض محقين أنه يرتكب خطأ قاتلاً عندما استعدى الصحافة الليبرالية اليسارية حينما كان مرشحاً، بسبب قوة الإعلام الهائلة القادرة على دفن كل من يعترض طريقها. وبعملية انتحارية قرر ترمب المواجهة وانتصر رغم كل الدعاية المضادة واصطفاف الإعلام بشكل صريح مع منافسته.

هذا الفوز غير المتوقع كشف عن جوانب عديدة. أولها أن الهجوم على ترمب المرشح بدل أن يضعفه زاد من شعبيته عند مناصريه الذين رأوه يتصدى وحيداً لكل هذه الحملات المكثفة وينتصر عليها في النهاية. كما أنهم رأوه فيه مقاتلاً عنيداً لم يسكت، مثلما فعله أسلافه الجمهوريون، عن كل الإهانات والانتقادات والشتائم التي يوجهها له أعداؤه الصحافيون الذين يصفون مناصريه بالسذاجة الريفية والعنصرية والتدين الخرافي. ورغم أن ترمب نيويوركي وثري ودنيوي غير متدين إلا أنه استطاع أن يحشد خلفه هذه الجموع الغاضبة بعدم الخضوع وتحدي النخبة المتكبرة في لوس أنجلوس ونيويورك. وقد أصاب ملايين المشاهدين بالذهول وهو يصف مذيعة شهيرة شتمته بالبقرة السمينة ويرد على هجوم هيلاري كلينتون بأنها امرأة حقيرة . لم يعرف الجمهور المحافظ مرشحاً كسر كل تقاليد الوقار والتهذيب الكلاسيكية ورد على خصومهم بنفس اللغة القاسية التي يستخدمونها.

لو انهزم ترمب فسوف نراها أغبى خطوة يمكن أن يقوم بها مرشح لأن الإعلام هو الذي يصنع صورة السياسي. ولكن فوزه قلب الموازين وأربك الصحافيين قبل غيرهم.

فوز ترمب جعله يدرك أن اللعبة الإعلامية والسياسية تغيرت وبأن الشروط التي تنطبق على سابقيه لا تنطبق عليه. رفض الاستماع لنصائح بعض مستشاريه الذين نصحوه أن يتحلى بالسمت الرئاسي ويتوقف عن التغريد وقام بالعكس معتمدا على غريزته وحدسه.

زاد من نبرة المواجهة لأنه عرف أن الصمت على هجوم الإعلاميين سيضعفه ويدمر صورته ويشوه منجزاته. وهذا ما رأيناه خلال العامين الماضيين عندما قام الإعلام بملاحقته على كل كبيرة وصغيرة وسعى ليس فقط لإحراجه وإضعافه ولكن لطرده من البيت الأبيض. لاحقوه كما تلاحق الساحرات في القرون الوسطى لإحراقه باسم التدخل الروسي وتعيين قضاة محافظين في المحكمة العليا، والهدف هو التشويش على منجزاته في الاقتصاد والإطاحة به. ولكن نتائج الانتخابات النصفية الأخيرة دليل على شعبيته وقوة قاعدته الانتخابية، كما أنها كشفت أن الإعلام المعادي له لم يتمكن منه.

المثير في كل هذا أن سوق الصحافة انتعش مع هذه المباراة الحماسية التي لا تتوقف حيث زادت من المبيعات ونسبة المشاهدات وهذا سبب إضافي أيضا لتحول التغطية بشكل شبه كامل عن الرئيس الأميركي وعائلته وطعامه وعلاقاته النسائية وكل تفاصيل حياته. والتلاسن بينه وبين صحافي “سي إن إن” جيم أكوستا يأتي في هذا السياق. ترمب مستفيد انتخابياً وسياسياً من الهجوم الإعلامي عليه، والصحافيون أيضا مستفيدون جماهيرياً ومادياً من رجمه. ولكنهم قادرون فقط على جرحه وليس الإجهاز عليه. سيركع ترمب على ركبتيه إذا ضعف الاقتصاد وزادت البطالة وسيطيح به أنصاره قبل خصومه، وهذا لحد الآن يبدو بعيداً.

قصة “الدولة الفاشلة”.. كيف تحولت فنزويلا من الغنى إلى الفقر؟

في حي إيتلر الراقي بمنطقة بيشِكتاش، في الجانب الأوروبي من مدينة إسطنبول التركية، اعتاد مطعم “نصرت” للحوم والمملوك للطاهي التركي الشهير “نصرت غوكشيه” على وجود مشاهير السياسة والفن والرياضة القادمين من شتى أنحاء العالم للاستمتاع بتناول شرائح اللحم البقري باهظة الثمن من يد الشيف الشهير، إلا أنه، وفي مساء أحد أيام شهر أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، استقبل المطعم ضيفا غير عادي كان يُتوقع أن يكون مطعم نصرت هو آخر مكان يمكن أن يذهب إليه في ظل الظروف التي تمر بها بلاده.

فعلى حسابيه على موقعي التواصل الاجتماعي إنستغرام وتويتر، حيث يتابعه ملايين الأشخاص، نشر “نصرت” ثلاثة مقاطع فيديو قبل أن يقوم بحذفها بعد فترة وجيزة من النشر، تُظهر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وزوجته سيليا فلوريس وهما يتناولان العشاء في استمتاع بينما يقوم الطاهي التركي الشهير بتقطيع شرائح اللحم أمامهما، وبعد تناوله العشاء شرع “مادورو” في تدخين سيجار كوبي فاخر من صندوق مزخرف باسمه، وهو يحاول ارتداء قميص كهدية مرسوم عليه صورة “نصرت” أثناء قيامه بحركة الملح الشهيرة خاصته(1).

كان “مادورو” في طريق عودته من الصين حينما مر على تركيا، وبدا وكأن جولات الرفاهية التركية هي أمر اعتيادي لدى الرئيس الفنزويلي وزوجته، من زار في وقت سابق موقع تصوير مسلسل “قيامة أرطغرل” في إسطنبول، وعبّر عن فخره واعتزازه بمشاهدة المسلسل التركي الشهير(2).

في الوقت نفسه، وعلى بُعد آلاف الكيلومترات شرقا في شمال القارة الأميركية الجنوبية حيث يحكم مادورو منذ خمسة أعوام، كانت هناك أحداث مسلسل من نوع آخر تدور بسرعة أكبر، إذ تحصد المجاعة التي تضرب البلاد منذ سنوات أرواح عشرات الفنزويليين بلا توقف(3). وهي مجاعة تُشير بعض إحصاءاتها إلى أن ما يقرب من ثلثي سكان فنزويلا قد فقدوا نحو 11.8 كيلوجرام من أوزانهم كمتوسط عام في العام الماضي 2017 بسبب نقص الغذاء والانهيار الاقتصادي، أو ما يُطلق عليه السكان “حِمية مادورو” في إشارة ساخرة للرئيس الفنزويلي(4)، من يراه الكثير من الفنزويليين يحب مشاهدة المسلسلات التركية بينما يُدير ظهره لمباريات الجوع الحقيقية على أراضي بلادهم.

على حافة السكين

بالعودة إلى حقبة ما قبل محاولة المقدم “هوغو تشافيز” مع مجموعة من الضباط اليساريين القيام بانقلاب فاشل عام 1992 سُجنوا على إثره، ثم خوضه الانتخابات الرئاسية التي أوصلته للسلطة عام 1999 باعتباره بطلا شعبويا، يصعب تصديق أن فنزويلا ذلك الوقت هي الموجودة الآن. ففي عقد الثمانينيات وما قبلها كانت فنزويلا أغنى دولة في أميركا الجنوبية قاطبة، مع أعلى معدلات للنمو الاقتصادي وناتج محلي إجمالي تجاوز اقتصادات مثل إسبانيا واليونان وإسرائيل، وأدنى مستويات عدم المساواة، وواحدة من أكثر الديمقراطيات استقرارا في الأميركيتين(5)، وكان معظم سكان فنزويلا تقريبا قادرين على الوصول إلى مياه الشرب النقية والمرافق الصحية والكهرباء(6)، لكنها صارت منذ تلك الفترة تشبه بلدا ضربته حرب أهلية، حيث يجثم الخراب الاجتماعي والمالي على أركان الدولة التي يعيش فيها نحو 32 مليون نسمة.

يشهد الاقتصاد الفنزويلي سقوطا حرا منذ تولي “مادورو” السلطة عام 2013 بعد وفاة تشافيز، حيث تقلص حجم الاقتصاد الكلي بنسبة أكبر من 18% في عام 2016، وكان حجمه أصغر في العام الماضي بنسبة 35% عما كان عليه عام 2013، وانخفضت إنتاجية الفرد بمعدل اقترب من النصف، أي إنه وبشكل فعلي أسوأ من اقتصاد سوريا، بينما يصنف الاقتصاد الفنزويلي بأنه ضمن اقتصادات قليلة شهدت أعنف حالات تضخم أو ارتفاع مستوى أسعار في التاريخ، وهي قائمة قصيرة تضم التضخم الذي وقع في ألمانيا عام 1923، وفي زيمبابوي أواخر عام 2000، ثم فنزويلا عام 2018.

رئيس فنزويلا ” نيكولاس مادورو” (رويترز)

ففي يوليو/تموز الماضي كانت أعين المتابعين للشأن الاقتصادي العالمي عامة والفنزويلي خاصة معلقة في دهشة كبيرة على الأرجح على تقرير صندوق النقد الدولي الذي يتوقع فيه، بشكل دوري، معدلات النمو الاقتصادي والتضخم في بلدان أميركا اللاتينية خلال العام الحالي 2018(7)، إذ توقع أن يصل التضخم في فنزويلا خلال النصف الثاني إلى مليون في المئة، ويعني هذا الرقم شديد الضخامة لمعدلات التضخم أن أسعار السلع والخدمات قد ارتفعت بمقدار مليون مرة عن العام الماضي، فإذا ابتاع فنزويلي مثلا قلما بسعر بوليفار واحد (عملة فنزويلا)، فبناء على معدل التضخم فإن ثمن القلم قد أصبح مليون بوليفار.

كان ذلك التسارع الكبير في مستويات الأسعار دافعا للعديد من التجار لرفض التعامل بالعملة الفنزويلية تبعا لأن قيمتها تتآكل بسرعة كبيرة، وحوّل الأثرياء الفنزويليون ما يملكونه بوليفار إلى بدائل أخرى كالبيتكوين، وتتغير أسعار قوائم الطعام في المطاعم بشكل شبه يومي، أما سعر الدولار المباع في السوق السوداء فوصل إلى 3.5 مليون بوليفار(8)، وعند هذه النقطة، تبدو فنزويلا في صورة ساخرة وهشة كأن شريطا لاصقا يغلفها في انتظار انهيار في أي لحظة.

    

بجانب التضخم، فإن الفنزويليين يعانون مما يمكننا أن نطلق عليه “استبدادا سياسيا”، فنجد أن “مادورو” يقود منذ توليه السلطة قمعا أمنيا كبيرا أدى إلى وقوع احتجاجات ومقتل العشرات، وقد أُعلن عن فوزه في التصويت هذا العام لفترة ولاية ثانية تمتد حتى عام 2025 وسط عدم قبول ذلك من الفنزويليين في الداخل قبل المجتمع الدولي في الخارج، كما أجبر نقص الغذاء والدواء والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي والمياه مئات الآلاف من الفنزويليين على الفرار من البلاد إلى الدول المجاورة مثل كولومبيا والإكوادور، ما دفع تلك البلدان إلى إعلان حالة الطوارئ، بينما يتحول أغلب الماكثين من الفنزويليين إلى كسب المال بطرق غير مشروعة، حيث ارتفعت نسب انتشار العنف والجريمة بشدة، ففي عام 2014 كان معدل القتل -المبلغ عنه فقط- يعادل معدل الضحايا المدنيين في العراق عام 2004 عقب الغزو الأميركي، لذا تتبوأ فنزويلا ثاني أعلى معدل للقتل في العالم حاليا وربما، ومع ما هو قادم، تنتقل للصدارة قريبا.

جذور التشظي

لا يمكن بحال فصل الوضع الحالي في فنزويلا دون التطرق إلى جذور هذا التشظي الاقتصادي، وحقيقة أن الوضع الذهبي لها كان مبنيا على الاحتياطيات النفطية الضخمة التي مولت معظم ثرواتها، إلى أن جاء عقد الثمانينيات حينما دفعت السياسيين مخاوف نفاد النفط إلى الحد من إنتاجه، ولسوء الحظ، صاحب ذلك التقليل تخمة نفطية في الأسواق العالمية أدت إلى انخفاض أسعار النفط بشدة من 120 دولارا للبرميل، بعد احتساب معدل التضخم عام 1980، إلى 24 دولارا للبرميل عام 1986(9)، وأدى الجمع بين انخفاض إنتاج النفط وانخفاض أسعاره لأن يجد الاقتصاد الفنزويلي نفسه في حالة نزيف حاد، حتى انخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في الفترة بين 1980 و1990 بنسبة 46%(10).

ومع تولي “تشافيز” السلطة، عمل على تغيير السياسات الاقتصادية للبلاد بشكل جذري، فبينما كانت تحتضر الاشتراكية في دول العالم، ويشهد الاقتصاد العالمي حقبة جديدة من الانفتاح التجاري وتعزيز العلاقات الاقتصادية والمالية، أصر الرئيس الفنزويلي التاريخي على اتخاذ نمط وطريق مختلف لتحقيق التنمية الاقتصادية في بلاده، علاوة على تصدير صورة دعائية تتمثل في بطل اشتراكي يحارب إمبريالية الولايات المتحدة في قارة أميركا الجنوبية ودول العالم الثالث.

وفي عام 2002 في خضم حالة الركود الاقتصادي، ارتفعت وتيرة غضب شعبي ضد سياسات تشافيز انتهت باحتجاجات هددت رئاسته فأمر الجيش باستعادة النظام، ولكن مجموعة من ضباط الجيش قاموا بدلا من ذلك باعتقاله شخصيا وإعلان استقالته بشكل إجباري وتنصيب قائد جديد، إلا أن ذلك الانقلاب العسكري لم ير النور سوى ليومين فقط، حينما استطاع “تشافيز” العودة من جديد للقصر الرئاسي في كراكاس معلنا فشل الانقلاب ومتخذا تدابير إضافية لإحكام سيطرته على السلطة.

     

   

أتت الضربة التالية للاقتصاد الفنزويلي بعد الانقلاب بوقت قصير من لؤلؤته ومحل حسد دول أميركا الجنوبية قاطبة إن جاز القول، شركة النفط التابعة للدولة “Petróleos de Venezuela“، المعروفة اختصارا بـ “PDVSA” وهي شركة النفط الأكبر في فنزويلا، حينما أقام العمال إضرابا فيها، وكان تشافيز دائما ما يندد بالشركة بسبب ارتباطها بنخب رجال الأعمال والولايات المتحدة. وفي بلد يعتبر النفط شريان حياته، حمل الإضراب بين طياته تدميرا للاقتصاد ومن ثم سلطة تشافيز نفسه، فقام الأخير بفصل 18 ألف عامل من “بدفسا” معظمهم من الفنيين والمديرين المهرة واستبدلهم بـ 100 ألف من مؤيديه(11)، لذا لم تكن النتيجة المحتومة حينما تم تقديم الولاء على الكفاءة أمرا مفاجئا، إذ تدهور إنتاج النفط وتراجع بنسبة 25% منذ ذلك الوقت وحتى خلع الموت تشافيز من السلطة عام 2013.

لعنة الموارد

“سيجعل اعتماد فنزويلا على النفط منها دولة معدمة.. وبعد عشرين عاما من الآن سنرى، سيجلب لنا النفط الخراب، إنه براز الشيطان”

(خوان ألفونسو، وزير النفط الفنزويلي الأسبق، تصريح له في السبعينيات أثناء حقبة ازدهار النفط الفنزويلي*)

لم يكتف تشافيز بما فعله في شركة النفط بدفسا، وإنما أقرّ سياسة اقتصادية كانت سببا رئيسا في قتل الاقتصاد الفنزويلي تقريبا، إذ حوّل فنزويلا من الاعتماد على النفط إلى الاعتماد الكلي عليه، وهو أمر يوضحه بشكل أدق وزير الخصخصة الفنزويلي السابق “جيرفر توريس”، مشيرا إلى أن النفط في عام 1998 كان يمثل 77% من صادرات فنزويلا، ولكن بحلول عام 2011 كان يمثل 96% من الصادرات(12)، وهو ما يعني أن 4% فقط من السلع التي تصدرها فنزويلا هي منتجات غير نفطية، وعلى عكس جيرانها اللاتينيين الذين كانوا يعتمدون منذ فترة طويلة على تصدير سلعة واحدة ولكن تم تنويعها منذ ذلك الحين.

شكّل انخفاض إنتاج النفط واعتماد الاقتصاد عليه بشكل حصري مع اشتراكية تشافيز خلطة سحرية لدفع اقتصاد البلاد من أعلى التل لأسفل وبأقصى سرعة ممكنة، حيث عمل نظام تشافيز على ممارسة التأميم بشكل واسع، ومصادرة العديد من الشركات التي من الصعب حصرها لكثرتها في مختلف القطاعات، بما في ذلك شركات ألومنيوم وأسمنت وذهب وحديد وصلب، وشركات زراعية وأخرى في قطاعات المواصلات والكهرباء وإنتاج الغذاء والبنوك والورق ووسائل الإعلام، فانخفض عدد الشركات الخاصة في القطاع الصناعي وحده من 14 ألف شركة عام 1998، إلى 9 آلاف فقط عام 2011، مما قلل من قدرة الدولة على إنتاج أي شيء سوى النفط.

 لم تكن فترة تشافيز التي امتدت لأربعة عشر عاما شرا اقتصاديا محضا بالتأكيد، فهناك بعض الأعوام التي شهدت نموا اقتصاديا قويا

غيتي إيميجز

وحينما حدثت الأزمة المالية العالمية عام 2008، وقرر المستثمرون اللجوء للأسواق الأكثر استقرارا بعيدا عن الاقتصادات الكبرى التي تتلاطم فيها أمواج الأزمة؛ كانت وجهتهم هي الاقتصادات النامية والناشئة ومنها بلدان أميركا اللاتينية، إذ نزحت نحو 150 مليار دولار ناحية تلك البلدان عام 2011، وهي أموال التهمت البرازيل أقل من نصفها بقليل، وتلقى جيران فنزويلا نصيبهم أيضا مثل كولومبيا بنحو 13 مليار دولار، بينما لم تتحرك شهية الاقتصاد الفنزويلي إلا لخمسة مليارات دولار فقط. ولم يتوقف الأمر عند هروب وعزوف الاستثمارات الأجنبية فحسب، وإنما بدأت الشركات المحلية في الخروج أيضا لتجنب نزع الملكية وخوفا من المستقبل الاقتصادي الفنزويلي الملبد بالغيوم، بينما عانى من بقي من ارتفاع معدلات الجريمة كما ذكرنا.

لا يمكن الحديث عن وصول فنزويلا لتلك المستويات الكبيرة من الجريمة دون الإشارة إلى التحالف الدموي الذي أقامه تشافيز عقب الانقلاب عليه مع جماعات الجريمة المنظمة المعروفة باسم “كوليكتيفوس” (Colectivos) لتساعده في السيطرة على الشوارع أمام المتظاهرين، وهي عصابات كانت تجوب الشوارع على دراجات نارية صينية مفرقة المتظاهرين بطرق وحشية، وكان تشافيز يغدق عليهم من أموال النفط، ويمنحهم ضمانات من العواقب القانونية، حتى استطاعوا التسلل للدولة وأصبح لهم نفوذ سياسي داخل النظام، حتى صاروا يمثلون تحديا للشرطة الفنزويلية، وهو ما ظهر جليا عام 2005 حينما تمكنوا من طرد الشرطة من منطقة في كراكاس العاصمة كان بها عشرات الآلاف من السكان.

على أية حال، لم تكن فترة تشافيز التي امتدت لأربعة عشر عاما شرا اقتصاديا محضا بالتأكيد، فهناك بعض الأعوام التي شهدت نموا اقتصاديا قويا وانخفاضا في معدل الفقر، مع ملاحظة أنها الفترات نفسها التي ازدهرت فيها اقتصادات أميركا اللاتينية كاملة، إذ شهدت بقية اقتصادات القارة ازدهارا بنسبة أكبر من فنزويلا، لكن لمحات الازدهار تلك قد انتهت على يد تلميذ تشافيز ونائبه “مادورو” الذي تولى السلطة بعده عام 2013، ليأخذ البلاد لنقطة تجاوزت معها فنزويلا مرحلة القلق من الانهيار الاقتصادي إلى الانهيار الفعلي.

عصر مادورو

لأنه تخرّج نظريا في مدرسة تشافيز، حاول مادورو تكرار قواعد اللعبة التي كان يسير بها سلفه، إلا أنه فشل فشلا كبيرا لعاملين توفرا لتشافيز دونه(13)، كان الأول هو شخصية تشافيز الشعبوية، فقد كان مشهورا على نطاق واسع، ومَثّل نوعا من السحرة السياسيين الذين يتمتعون بقدرات استثنائية على إقناع الناس من جميع الخلفيات المختلفة على الانضمام لقضيته، حتى ولو كان فاشلا فيها، فقد كانت نشأته كطفل فقير في الريف الفنزويلي كفيلة بمنحه القدرة على التواصل بسلاسة مع الفقراء والطبقة العاملة التي جاء منها، لذا فقد جمع ائتلافا من اليساريين والضباط العسكريين وشرائح كبيرة من الطبقة الوسطى وفقراء فنزويلا المهملين منذ وقت طويل، وهي توليفة مكّنته من المكوث في السلطة لنحو عقد ونصف رغم التراجع الاقتصادي الكبير.

 لم يتمتع “مادورو” أبدا بالكاريزما التشافيزية إن جاز القول، علاوة على انهيار أسعار النفط نهاية عام 2014 أي بعد تولي الأول الحكم بعام واحد

رويترز

 أما الأمر الثاني فكان متعلقا بالطفرة النفطية التي لم يسبق لها مثيل، فرغم تراجع إنتاج النفط في فنزويلا بفعل عملية إحلال العمال المهرة بالمقربين الأقل معرفة، فإن أسعار النفط كانت حليفة لتشافيز بشكل كبير، فشهدت فترة ولايته ارتفاعا كبيرا في أسعار النفط العالمية منحت نظام الرئيس التاريخي نحو تريليون دولار تم ضخها في خزينة الدولة.

على نقيض ما سبق، لم يتمتع “مادورو” أبدا بالكاريزما التشافيزية إن جاز القول، علاوة على انهيار أسعار النفط نهاية عام 2014 أي بعد تولي الأول الحكم بعام واحد، ما أدى إلى تحطم الاقتصاد الفنزويلي على إثر ذلك. ورغم تعافي الأسعار في وقت لاحق نسبيا حتى وصلت إلى نحو 80 دولارا للبرميل مؤخرا، فإن مادورو -ولسوء الإدارة المدهش منه- جعل الثروة النفطية الهائلة التي تتمتع بها فنزويلا، والتي تزيد على السعودية والولايات المتحدة نفسها، جعلها غير قادرة على منح البلاد شريان الحياة اللازم لإنعاشها، لأن صناعة النفط الفنزويلية تعاني من سوء الإدارة ونقص الاستثمار ومشاكل التدفق النقدي والبنية التحتية المتداعية(14)، ونقص الصيانة الكلية، وضعف طاقة التكرير، وهروب الموظفين التقنيين إلى العاصمة الكولومبية بوغوتا أو مقاطعة ميامي ديد بولاية فلوريدا الأميركية(15).

لذا، لم يكن مفاجئا أن تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) أن ينخفض إنتاج النفط في فنزويلا إلى مليون برميل يوميا فقط في عامنا الحالي، ثم إلى 700 ألف برميل بحلول ديسمبر/كانون الأول عام 2019، في حين كانت تنتج فنزويلا وقت تولي “مادورو” نحو 2.8 مليون برميل يوميا(16)، وفي ظل اقتصاد يُمثّل النفط 96% من صادراته، فقد ضعفت التدفقات الدولارية بشدة لدرجة عجزت معها الحكومة عن دفع تكاليف الواردات الأساسية كالغذاء والدواء(17).

وبدلا من قيامه بإصلاحات حقيقية، كمحاولة تنويع اقتصاد بلاده والاستثمار في الإنتاج المحلي، أو حتى الاعتناء بدرة الاقتصاد الفنزويلي “بدفسا” وتطويرها، فقد لجأ “مادورو” إلى أحد أسوأ الحلول الاقتصادية على الإطلاق، وعوضا عن معالجة نقص عائدات النفط، فقد ذهب إلى مصدر آخر أسهل للأموال وهو طباعتها بشكل كثيف وبلا غطاء نقدي حقيقي، بينما تم تخصيص العوائد الدولارية البسيطة، القادمة من الإنتاج الضئيل؛ للإنفاق على الدوائر السياسية والعسكرية والقضائية التي تضمن بقاءه في السلطة، وعلى نمط معيشته المرفه، تاركا العملة المحلية للشعب مغرقا بها الأسواق، حتى ظهر ذلك التضخم الجامح.

   

يُعد التضخم الجامح (Hyperinflation) كارثة اقتصادية كبرى، فهو تضخم سريع جدا وخارج عن السيطرة، ويحدث عندما تكون زيادات الأسعار كبيرة لدرجة يعجز معها مفهوم التضخم عن وصف الحالة الواقعية لأي اقتصاد، ما يدفع المستهلكين إلى الحاجة إلى عربات مليئة بالمال لشراء الضروريات اليومية مثلا.

ويُعد ذلك النوع من التضخم كارثة أيضا لأنه يعني بشكل أو بآخر موت العملة المصابة به، إذ حينما تنخفض قيمة عملة دولة ما بشكل حاد؛ يفقد المواطنون الثقة فيها وينظرون إليها على أنها ذات قيمة ضئيلة، وبالتالي يبدأ الناس في اكتناز وتخزين السلع والبضائع التي لها قيمة ظنا منهم أن هناك زيادة قادمة في أسعارها، ومع ارتفاع الأسعار تصبح السلع الأساسية كالغذاء والدواء شحيحة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مرات عديدة في دوامة تصاعدية.

نتيجة لذلك، تضطر الحكومة لطباعة المزيد من الأموال في محاولة لتحقيق الاستقرار في الأسعار وتوفير السيولة ما يؤدي إلى مزيد من تفاقم المشكلة(18)، وهو ما يحدث في فنزويلا، حيث تعمل ماكينات طباعة البوليفار على أشدها، ويستمر “مادورو” في الإنفاق والتخفيض التاريخي في قيمة العملة، حتى أصبح ورق التواليت أكثر قيمة بشكل فعلي من أوراق البوليفار، للدرجة التي دفعت بعض الفنزويليين إلى صنع حقائب يد من أوراق العملة المنهارة وبيعها على الحدود الكولومبية، حيث يضيف عملهم قيمة أكبر من البوليفار المستهلك في صنع الحقيبة(19).

كارتل أوف ذا صنس

لا يأتي حكم مادورو بالتضخم فقط، وإنما يُمثل نظامه جوابا عن ما يمكن أن يحدث لدولة حينما تتولى منظمة “كارتل” تجارة مخدرات إدارة شؤونه الاقتصادية والمالية، حيث تمكّن الجيش في عهده، وهي المؤسسة التي كانت أقل نفوذا في عهد تشافيز، تمكّنت من السيطرة على تجارة المخدرات والغذاء وتعدين الذهب، وبالطبع لم يفتها شركة النفط الوطنية.

 مادورو وكابيلو (رويترز)

في شهر مايو/أيار المنصرم اتهمت واشنطن بشكل رسمي “مادورو”، و”ديوسدادو كابيلو” المسؤول الثاني في الحزب الحاكم، بالتربح من شحن مخدرات غير قانونية، وهي المرة الأولى التي تربط فيها واشنطن بين مادورو وتجارة المخدرات، وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيانها إن كابيلو استولى على كميات مخدرات من تجار صغار وقام بجمعها وتصديرها من خلال مطار مملوك للحكومة الفنزويلية، وتم تقسيم العائدات من هذه الشحنات بين كابيلو والرئيس مادورو وآخرين، وفرضت وزارة الخزانة عقوبات عليهم جميعا، بما في ذلك زوجة كابيلو التي ترأس المعهد الوطني للسياحة في البلاد(20).

في أميركا اللاتينية يمارس رجال الأعمال الإجرامية أعمالهم من داخل “منظمات” والتي عادة ما تتخصص في تهريب وتصدير المخدرات، لكن الوضع يختلف في فنزويلا قليلا، إذ تتم إدارة كارتل المخدرات من داخل الحكومة وفقا لمؤسسة “إنسايت كرايم” المعنية بالتحقيقات الإجرامية(21)، فقد سعى مهربو المخدرات إلى اختراق الدولة وتسهيل أعمالهم ووضع موارد الدولة تحت تصرفهم إن لزم الأمر. وتغض الجهات الفاعلة الفاسدة في الحكومة الطرف عن الاتجار بالمخدرات مقابل الحصول على مكافآت قد لا تكفيهم، فيضطرون إلى المشاركة المباشرة.

يُطلق على عناصر الاتجار بالمخدرات في النظام الفنزويلي “كارتل أوف ذا صنس” (Cartel of the Suns) نسبة إلى النجوم الذهبية التي يرتديها الجنرالات على الأكتاف في الحرس الوطني الفنزويلي. وعلى مدار ثلاث السنوات الماضية، قامت مؤسسة “إنسايت كرايم” ببناء ملفات لكبار المسؤولين الفنزويليين الحاليين والسابقين الذين شاركوا في تهريب الكوكايين، وهم موظفون، بدلا من تهميشهم على أقل تقدير، قام مادورو بترقيتهم إلى أعلى المناصب، مثل “طارق العسيمي”، المرجح كونه أحد أهم المشتركين في شبكة الربحية تلك، وهو يتولى حقيبة وزارة الصناعات والإنتاج الوطني منذ يونيو/حزيران الماضي، وكان نائبا لمادورو قبلها، وحينما تم القبض على أبناء شقيق مادورو في الولايات المتحدة بتهمة التآمر لجلب 800 كيلو كوكايين؛ اعترفوا حينها بأن الكمية كانت تعود إلى شبكة العيسمي(22).

ومنذ أيام قليلة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على صادرات فنزويلا من الذهب، وحظرت تعامل المواطنين الأميركيين مع الشخصيات والمؤسسات المتورطة في مبيعات الذهب “الفاسدة أو المخادعة” من فنزويلا حد تعبير الأميركيين، عقوبات كان على إثرها أن أرسلت فنزويلا إلى بنك إنجلترا تطلب إعادة احتياطاتها من الذهب البالغة نحو 15 طنا تبلغ قيمتها 550 مليون دولار كانت قد احتفظت بها سابقا في خزائن البنك(23)، ومنذ ساعات قليلة مددت أوروبا العقوبات على فنزويلا لعام كامل، وهي عقوبات تتضمن حظرا على مبيعات الأسلحة ومعدات تستخدم في القمع الحكومي الداخلي، مع تمديد حظر السفر وتجميد أصول 18 مسؤولا فنزويليا بسبب “انتهاكات حقوق الإنسان وتقويض الديمقراطية وحكم القانون” كما قال النص(24).

الفشل

ومن تلك الدروس التي قد يؤدي إغفالها إلى أحداث كارثية؛ هو أن العوامل الاقتصادية الخارجية يمكن أن تسبب انهيارا اقتصاديا داخليا، فانخفاض أسعار النفط بشكل حاد أواخر عام 2014 أدى إلى تعجيل الانهيار الاقتصادي في فنزويلا، ويمكن أن يتم إخفاء الفشل الاقتصادي وراء الإحصائيات غير المحايدة وعن طريق وسائل الإعلام التابعة للنظام الحاكم، كما حدث في عهد تشافيز حينما تم تقديم بعض العوامل التي ساهمت في الانهيار الاقتصادي على أنها مزايا، فحينما وصل إلى السلطة، وعد الناس بأن سياساته الاشتراكية ستخرجهم من الفقر وتحفز إنفاق المستهلكين و”تؤدي إلى الجنة”، فصدّرت وسائل الإعلام تلك الصورة للناس رغم انهيار الاتحاد السوفيتي منذ سنوات قليلة وقتها، وفشل العديد من الدول التي انتهجت السياسات الاشتراكية.

إلا أن الحكومات والأنظمة لا تذهب بمجرد انهيار اقتصاد بلدانها على الأرجح، فرغم الإخفاق الفنزويلي الحالي تحت ظل مادورو، فإنه ما زال يسوّق أن ما يحدث هو مجرد مؤامرة خارجية من قِبل الولايات المتحدة وكولومبيا بالتعاون مع رجال أعمال في الداخل يقومون باحتكار السلع والمضاربة على البوليفار، وأن القادم أفضل.

في العموم، لا يمكن الجزم بنهاية المباراة بين النظام الفنزويلي الحالي والغرب، رغم فوارق القوة الشاسعة، ورغم ضعف الاقتصاد الفنزويلي بشكل لا شك فيه، إلا أن المباراة بين الشعب الفنزويلي ونظامه الحاكم أصبحت منذ أن تولى “مادورو” في اتجاه واحد، لصدور الفنزويليين مباشرة، في دولة في طريقها للانضمام إلى نادي الدول شديدة الفقر التي يحتاج تعافيها إلى معجزة كبرى لا يبدو أنها ستأتي قريبا بحال.

فيديو للحظات المروعة التي قام أثناءها جندي بالمارينز الأميركي بفتح النار على قاعة مكتظة بالطلاب

أظهر مقطع فيديو اللحظات المروعة لقيام عنصر سابق في قوات المارينز الأميركية بإطلاق النار وقتله 12 شخصاً داخل حانة وقاعة رقص مكتظة بالطلاب في منطقة لوس أنجلوس في جنوب كاليفورنيا في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

ودخل الرجل حانة «بوردرلاين بار أند غريل» حوالي الساعة 11,20 ليل الأربعاء وراح يطلق النار وفق ما أفاد شهود، مثيراً الرعب بين الموجودين الذين تدافعوا للهرب.

وقال مدير الحانة تيلور ويتلر لفوكس نيوز «بدا كأنه يعرف ماذا يفعل، كأنه تدرب على الأمر».

وقال مسؤول الشرطة في دائرة فنتورا جيف دين إن 12 شخصاً قتلوا في الاعتداء فيما جرح 12 آخرين. ووصف المشهد في الحانة بأنه «مروِّع. الدماء في كل مكان».

كما أكد أن مطلق النار هو إيان ديفيد لونغ، وهو جندي سابق في المارينز عمره 28 عاماً. وأضاف دين «نعتقد أنه أطلق النار على نفسه».

وقال بول ديلاكور المسؤول في إف بي آي «من المبكر تخمين دوافع» مطلق النار لكن «حتى الآن لا شيء يشير إلى وجود شركاء».

وأضاف أنه سيتم التدقيق في كل شيء، مشيراً إلى أن الأدلة التي عثر عليها في منزل المشبوه وفي الحانة يجري تحليلها.

وهذا ثاني حادث إطلاق نار على جمع كبير في الولايات المتحدة في أقل من أسبوعين.

وقال دين «لقد سبق وتعاملنا مراراً مع لونغ خلال السنوات الماضية، بشأن حوادث صغيرة وتصادم مروري».

وأشار إلى أن الشرطة استدعيت إلى منزله في نيسان/أبريل الفائت إثر شكوى عن إحداثه إزعاجاً، موضحاً أن عناصر الشرطة «شعروا بأنّه ربما يعاني اضطرابات نفسية».

وقال شهود إن المسلح كان يحمل سلاحاً من العيار الثقيل وألقى قنابل دخان عدة داخل حانة بوردرلاين قبل فتح النار.

وأشار دين إلى أنّ رقيب الشرطة رون هيلوس الذي يعمل في السلك منذ 29 عاماً، كان من ضمن أول الواصلين إلى موقع الحادث.

وعثرت قوات الأمن على «11 قتيلاً» في الحانة قبل أن ترتفع الحصيلة بمقتل هيلوس إلى 12 قتيلاً عدا عن مطلق النار.

الهرب قفزاً من الشرفة

كانت حانة بوردرلاين تستضيف حفلاً طلابياً شارك فيه «مئات» الشباب، كما أعلن غارو كوردجيان من مكتب شرطة فنتورا.

وقال الطالب الجامعي مات وينرسترون البالغ 20 عاماً وأحد المنظمين في الحانة إن مطلق النار استخدم مسدساً قصير الماسورة يتسع مخزنه 10-15 رصاصة. وأفاد «لقد كان مجرد (سلاح) نصف أوتوماتيكي، لقد (أطلق) عدة طلقات، وحين بدأ في إعادة تعبئته شرعنا في إخراج الناس ولم أنظر خلفي».

وقال إنه خرج مع آخرين إلى شرفة قبل أن يقفزوا منها للنجاة بأرواحهم.

وأظهرت مشاهد بثها تلفزيون محلي عناصر قوات التدخل السريع تطوق موقع الحانة، في وجود عدد من الرواد المذعورين خارجه فيما كانت أضواء سيارات الشرطة تضيء المكان.

وقال هولدن هرا، الشاب الذي حضر الحادث، باكياً لمحطة «سي إن إن» الإخبارية إن المكان الذي يذهب إليه أسبوعياً مع أصدقائه للاستمتاع شهد مذبحة.

وأفاد «دخل رجل عبر الباب الرئيسي وأطلق النار على فتاة خلف الصندوق. لا أعرف إذا كانت لا تزال على قيد الحياة أم لا».

فيما روت جاسمين ألكنسدر التي كانت في الحانة برفقة مجموعة من حوالي 15 صديقاً، للصحافيين لحظات الفوضى والارتباك التي رافقت سماع طلقات الرصاص الأولى.

وقالت «لقد كان يوم أربعاء طبيعياً. كنا في الحانة نرقص ونستمتع.. وفجأة دوى صوت الرصاص ثم بدأت الأمور تتحول لحالة من الجنون والناس تتدافع».

وأشارت إلى أنه في البداية «لم نأخذ الأمر على محمل الجد، لأن (الصوت) بدا كألعاب نارية».

حوادث دموية

من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدة إنه تم إبلاغه بما جرى خلال «إطلاق النار المروع».

يأتي الحادث بعد أقل من أسبوعين على مقتل 11 شخصاً برصاص شخص معاد لليهود داخل كنيس «شجرة الحياة» في بيتسبرغ في 27 تشرين الأول/أكتوبر.

وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر، قتل شخصان وأصيب خمسة آخرون، عندما أطلق شخص النار داخل مركز لتعليم اليوغا في تالاهاسي بفلوريدا.

لكن أسوأ الحوادث في تاريخ الولايات المتحدة وقع قبل 13 شهراً.

ففي الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2017، فتح ستيفن بادوك (64 عاماً) النار من الطابق الثاني والثلاثين لفندق ماندالاي باي على جمع في أسفل المبنى كان يحضر حفلة لموسيقى الكانتري في لاس فيغاس (ولاية نيفادا، غرب) ما أسفر عن سقوط 58 قتيلاً وحوالي 500 جريح.

أصعب مشاهدها كان مع السقا على ارتفاع 42 طابقاً.. أول فتاة «دوبلير» للمشاهد الخطرة في مصر

كانت الأمور تسير بشكل جيد مع جويرية إبراهيم، مهندسة معمارية متفوقة تحضر رسالة الماجستير، لكن فجأة قررت التخلي عن دراستها من أجل هوايتها المفضلة، لم تتخلّ عن عملها في الهندسة وظلت محتفظة بوظيفتها كمهندسة، ولكنها قررت أن تكون أول stunt girl، فتاة فتاة تؤدي مشاهد الأكشن الخطرة بدلاً من الفنانات.

لم تكن الصعوبة في أنها قررت امتهان مهنة خطرة من الأساس، ولكنها أيضاً سلكت طريقاً لم تسلكه فتاة من قبلها، فهي أول stunt girl في مصر.

التقتينا جويرية إبراهيم لمعرفة قصتها من البداية، لتحكي لنا كيف أصبحت stunt girl في مصر، وما الصعوبات التي واجهتها خلال هذه المهنة، والطريق الذي سلكته للوصول إلى هذا المكان، وموقف عائلتها من عمل ابنتهم في مهنة خطرة كهذه.

  • أنت مهندسة، فلماذا تركتِ الهندسة واتجهت للعمل كـStunt؟

بالرغم من اتجاهي للعمل كـ stunt، فإنني لم أترك الهندسة، فأنا مهندسة معمارية وأعمل في إحدى الشركات، وأمارس المهنتين معاً، فأنا أهوى عمل الـ stunt ولكنه ليس هواية فقط.

أنا لا أتعامل معه من منطلق أنه هواية خفيفة ستختفي مع الوقت، ولكني آخذ الأمر على محمل الجد، وهو عمل آخر بجانب عملي كمهندسة، وسعيدة أنني أعمل في هذا المجال، فهو عمل وهواية في نفس الوقت.

  • هل كنتِ تحلمين منذ البداية بأن تكوني Stunt في مجال الفن؟

الأمر حدث معي دون ترتيب، فأنا كنت أعمل كموديل منذ سنوات، وخلال تقديمي لإعلان شركة «اتصالات»، كان متواجداً في الإعلان فريق عمل عمرو ماكجيفر، المتخصص في تصوير مشاهد الأكشن والحركة في الأعمال الفنية والإعلانات، وبالصدفة تقابلنا خلال تصوير الإعلان الذي كنت أقدم فيه بعض المشاهد.

وقتها قالوا لي إنني من الممكن أن أعمل معهم في الفريق، ولديَّ القدرة على تقديم المشاهد الصعبة والخطرة، ومن هنا كانت البداية، ودخلت معهم في فريق العمل وجربت أكثر من مرة تصوير بعض المشاهد، وقد أحببت الأمر جداً وقررت أن أطوّر من نفسي في هذا المجال، عندها أخبروني أنني سأكون أول Stunt Girl في مصر؛ لأنه لا توجد بنات يقدمن تلك النوعية في مصر، وهذه كانت بداية دخولي المجال.

  • ألم تجدي معارضة من عائلتك للعمل في هذا المجال الخطر؟

في البداية لم يكن لديهم إدراك كامل لما أقوم بتقديمه من خلال عملي هذا، وكانوا مستغربين من الأمر؛ لعدم فهمهم لطبيعة العمل الذي أقوم بتقديمه، والاعتراض كان بسبب عدم فهمهم للأمر.

لكن بعد ذلك عندما شاهدوا الإعلانات والأفلام التي شاركت فيها، انتابهم القلق وقالوا لي «كيف تفعلين هذا، انتِ بتبهدلي نفسك»، ولكني أقنعتهم بأنني أحب هذا المجال وسأكمل طريقي فيه.

لم يعترضوا وقتها، ولكنهم طلبوا منّي أن أحترس وأكون حريصة حتى لا أتعرض للأذى، ولكني أصبحت أذهب للتصوير ولا أقول لهم إنني سأؤدي مشاهد خطرة حتى لا ينتابهم القلق، ولكن بعد عودتي أخبرهم بما قمت بتصويره.

  • إذاً ما الفرق بين الـ Stunt والدوبلير؟

هناك فرق كبير، فالدوبلير أو الدبل يكون شبيهاً لممثل واحد، يقدم بعض المشاهد نيابة عنه، يؤدي مشاهد صعبة أو درامية، لكن الـ Stunt يقدم مشاهد الأكشن والحركة لأي ممثل، فهو ليس شبيهاً لممثل معين أو يقدم مكانه مشاهد معينة، ولكنه يقدم مشاهد أكشن وخطرة بدلاً من أي ممثل، مثل مشاهد الانفجار أو الحوادث أو القفز من أماكن عالية، وغيرها من المشاهد الصعبة.

  • خلال عملكِ في هذه المهنة الصعبة، ما هي أخطر المشاهد التي قدمتيها؟

معظم المشاهد الصعبة كانت في فيلم «هروب اضطراري»، فقد كان أصعبها على الإطلاق مشهد انزلاق الموتوسيكل تحت السيارة اللوري، وكذلك المشهد الذي قمت بتصويره مع أحمد السقا بدلاً من غادة عادل عندما وقفنا على سلم حديدي على ارتفاع 42 طابقاً.

  • مشهد السلم بالتحديد كان صعباً جداً، كيف كان شعورك وقت تصويره؟

شعور مخيف بالطبع، فأنا لم أكن أعرف ماذا سأفعل، أنا أقف على سلم حديدي بجانب عمارة سكنية، أقف في مكان يوازي الطابق 42 على ارتفاع كبير فوق سطح الأرض.

في البداية كنت قلقة جداً وخائفة قبل أن أصعد إلى ذلك المكان، ولكن بعدما صعدت إلى المكان انتهت حالة الخوف، فوقت التصوير كنا نقف على السلم بشكل عادي والخوف الذي أصابني في البداية اختفى.

  • ألم يكن مشهد ارتطامكِ بالزجاج في فيلم «أبلة طمطم» بنفس الصعوبة؟

بالعكس كان مشهداً صعباً جداً، فأنا قدمت هذا المشهد بدلاً من ياسمين عبدالعزيز، وكان من المفترض أنني أرتدي بذلة آمنة لحماية جسدي من الزجاج، فالمشهد عبارة عن أنني أقفز داخل لوح زجاج، لكني لا أرتدي شيئاً في يدي أو على وجهي، على الرغم من أنني أقفز على الزجاج بيدي ووجهي قبل جسدي، وكان هذا المشهد بالفعل صعباً للغاية، ولكنه مر بسلام.

  • مشاهد كثيرة صعبة وخطرة، ألم تجعلكِ هذه المشاهد تعيدين التفكير في الاستمرار في هذا المجال؟

إطلاقاً، فلم أفكر ولا مرة في ترك هذه المهنة؛ لأنني في كل مرة أقدم شيئاً جديداً وأصور مشهداً جديداً مختلفاً عن المشهد الذي سبقه، لذلك فأنا أكون سعيدة خلال التصوير، وفي كل مرة أطوّر فيها نفسي عن المرة السابقة.

بالطبع هناك خوف، لكن في كل مرة هناك تجربة مختلفة وإحساس مختلف، فهناك شغف حول ما سأقدمه في المرة المقبلة، وكذلك وقت التصوير يكون الخوف أقل، فالقرار تم اتخاذه وأنا سأصور هذا المشهد، وكل طاقم التصوير يعتمد علىّ في أنني سأؤدي هذا المشهد حالاً، فليس هناك رفاهية إعادة التفكير في هذا الوقت.

أول stunt girl في مصر

  • بالطبع تستخدمون وسائل أمان عالية لعدم تعرضكم للخطر؟

لا بد من ذلك بالطبع، فهناك أشياء مختلفة آمنة يتم ارتداؤها وتختلف من مشهد لآخر حسب طبيعة المشهد، وهناك بذلات آمنة للجسد بالكامل، وحتى لو المشاهد التي سيتم تصويرها مشاهد ليست على درجة كبيرة من الخطورة، ولكن لابد أن يكون مؤديها مؤمّناً عليه بشكل جيد حتى لا يتعرض لأي أذى.

  • وهل تمارسين أي تمارين أو رياضات للمحافظة على لياقتك ومساعدتك في تأدية تلك المشاهد الصعبة؟

في البداية لم أكن أؤدي أي نوع من التمارين أو الرياضات، ولكن بعدها بفترة بدأت في ممارسة رياضة الباركور، وهذه الرياضة هي الرياضة الأساسية التي نحتاجها في عملنا، بحيث تساعدنا على الجري والتحرك بسرعة، بالإضافة إلى ضرورة وجود ليونة في الجسد، وأن يكون الشخص جسده قوياً ولديه القدرة على تحمل التصوير، فمن الممكن أن تستمر في الجري وتأدية المشاهد الصعبة لفترة من الوقت، ولابد أن يكون الجسد قوياً بحيث يتحمل ذلك؛ لأن الأمر به تعب ومجهود كبير.

الأوضاع بالمنطقة قد تجبر البلدين على طي الخلافات.. هل تعيد دعوة الملك المغربي فتح الحدود المغلقة مع الجزائر؟

«يَشهد الله أنني طالبت منذ تولَّيت العرش بصدق وحسن نية، بفتح الحدود بين البلدين، وبتطبيع العلاقات المغربية الجزائرية»، بهذه الكلمات مدَّ العاهل المغربي محمد السادس يده لصانِعي القرار في الجزائر من أجل «تجاوز كل الخلافات التي تُعيق تطور البلدين».

ولم يتوقَّف الملك الذي كان يلقي خطاباً بمناسبة الذكرى الـ 43 للمسيرة الخضراء عند هذا الحد، بل تعدَّاه إلى طلب تنزيل هذه الخطوات عبر آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور الصريح، فيما لم يُبد المسؤولون الجزائريون أي رد فعل رسمي على دعوة الملك المغربي إلى حدود الساعة.

وفي انتظار انعقاد المائدة المستديرة الأولية بجنيف يومي 5 و6 ديسمبر/كانون الأول المقبل، تفاعل الأمين العام للأمم المتحدة مع مبادرة محمد السادس، مؤكداً أنه «كان مُؤيداً على الدوام لحوار معزّز بين البلدين»، ومعرباً عن أمله في أن يكون لقاء جنيف «بداية لمسار يُفضي إلى حل لهذا النزاع الذي عمّر طويلاً»، وفق تعبيره.

استجابة الجزائر لحضور اللقاء المذكور إلى جانب كل من المغرب وجبهة «البوليساريو» وموريتانيا، دفعت عبدالفتاح الفاتحي، خبير استراتيجي في قضية الصحراء والشؤون المغاربية، إلى القول إن الخطاب الملكي اختصر طريق الحوار  من أجل تطبيع العلاقات وفتح الحدود «دون اللُّجوء إلى وساطات دولية».

ربع قرن من الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر

1600 كيلومتر من الحدود البرية الممتدة بين المغرب والجزائر، تتخلَّلتها معابر حدودية من أشهرها «زوج بغال» الفاصل بين مدينتي وجدة المغربية ومغنية الجزائرية.

أغلقت الجزائر الحدود منذ عام  1994، رداً على قيام المملكة المغربية بفرض تأشيرة على الجزائريين من جانب واحد. القرار المغربي جاء عقب هجوم مسلح استهدف فندقاً بمدينة مراكش في مايو/أيار 1994 نفذه مسلحون من أصل جزائري، متهمة الجزائر بالوقوف وراء هذا العمل الإرهابي.

خمس سنوات بعد ذلك، طار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى العاصمة الرباط، لحضور جنازة العاهل الراحل الحسن الثاني، الأمر الذي جعل العديد من الجهات الخارجية والداخلية تتساءل حول إمكانية طيّ صفحة القطيعة.

فتح الحدود.. توقيت دقيق

ومنذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، والمغرب يوجه دعوات تلو أخرى لتحسين العلاقات مع جارته الشرقية وفتح الحدود في وجه المواطنين من الجانبين، وهو ما جعل الباحث الأكاديمي المغربي إدريس الكنبوري، يؤكد أن الدعوة التي وجهها محمد السادس للجزائر ليست جديدة. وتنبثق من منطِق الأُخوَّة وإصلاح ذات البَين.

وأوضح الكنبوري  أن دعوة الملك لفتح الحدود وإرساء سبل الحوار بين البلدين تأتي ضمن ظرفية دقيقة بالجزائر، مضيفاً أن «فريقين من الجنرالات يتنازعان من أجل السلطة»، ما جعل المغرب يرمي بالكرة في ملعب الجزائر مستغلاً فرصة الانتخابات الرئاسية الجديدة.

بالنسبة للجزائر، وفق مناس مصباح، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، في حديثه لـ «عربي بوست»، فإن إدراك الملك المغربي لظروف المنطقة وما تتطلبه من إعادة النظر في عدد من السياسات كان وراء دعوته تلك، لافتاً إلى أن البلدين يتواجدان في منطقة تحفّها التهديدات الأمنية وعلى رأسها وضع ليبيا التي تعيش وضع «اللادولة».

مطالبات بفتح الحدود المغربية الجزائرية/ رويترز

الكل مستفيد

وفي الوقت الذي اعتبر فيه إدريس الكنبوري ، أن الجزائر هي المعنية والمستفيدة من فتح الحدود، خصوصاً أن المغرب مُنفتح على القارة الإفريقية، يسير مصباح مناس إلى الاعتقاد بأن المملكة ومناطقها الحدودية تضررت بشدة من إغلاق الحدود أكثر من الجزائر، معتبراً أن «فتح المعابر سيكون بمثابة عامل تنفيس اقتصادي على المدن والمناطق الحدودية المغربية التي تعاني من الرّكود»، وفق تعبيره.

من جانبه، يرى الخبير المغربي عبدالفتاح الفاتحي، أنه من غير الطبيعي أن يبقى إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر حالة الاستثناء في العالم، الأمر الذي يُفوِّت على البلدين إمكانيات التعاون السياسي والأمني لمواجهة تحديات الهجرة والإرهاب، ما يهدر الكثير من الزمن السياسي على بناء اتحاد المغرب الكبير والكثير من الإمكانيات السياسية والاقتصادية الهائلة.

الجزائر.. حوار مشروط

وإن كان العاهل المغربي قد أبدى استعداد المملكة للانكباب على دراسة القضايا المطروحة بين البلدين وفق أجندة مفتوحة دون شروط أو استثناءات، فإن الباحث الأكاديمي الجزائري يرى أن مبادرة الملك وبالرغم من كونها إيجابية، وفق تقييمه، «تبقى مشروطة بمجموعة من التعديلات في سياسات المملكة»، بحسب قوله لـ «عربي بوست».

وعلى رأس هذه الشروط، كفّ المغرب عن الزج بالجزائر في قضية الصحراء، وزيادة على تسوية حرب تهريب المخدرات المشتعلة في الحدود والذي لا يزال عالقاً بين البلدين، وفضلاً عن إيقاف الحملة الإعلامية التشهيرية التي يشنها المغرب ضد الجزائر.

هل تُفتح الحدود بين الجارتين؟

بالرغم من أن المصالحة مشروطة، لم يستبعد المحلل السياسي الجزائري إمكانية فتح الحدود بين البلدين، لافتاً إلى أن البلدين يملكان روابط تاريخية وأحلاماً مشتركة، مرجحاً أن تبقى الجزائر منفتحة على هذا الطرح، رغم الجهات التي تريد للعلاقات بين البلدين أن تبقى متأزمة خدمة لمصالحها الخاصة، يقول مناس لـ «عربي بوست».

من جانبه، يرى الفاتحي، الخبير المغربي في قضية الصحراء، أن الظروف جد سالكة لفتح الحدود وتنشيط العلاقات البينية وخلق فرص نمو المناطق الحدودية.

وأبرز المتحدث أن خطاب الملك انتصر لمبررات التوجه من جديد إلى الجزائر من أجل التطبيع بين البلدين بسبب روابط الجوار والعرق والدين واللغة ووحدة المصير.

* تنافس روسي امريكي على النفوذ في افغانستان. * هل تنجح روسيا فيما فشلت فيه الولايات المتحدة؟ تقرير/ حاتم الجمسي,

 نيويورك.

Friday, Nov. 9, 2018

   في الوقت الذي يعقد فيه اليوم الجمعة في موسكو لقاء بين أطراف المعادلة الافغانية بما فيهم حركة طالبان تحت رعاية وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف, يتواجد السيد زلماي خليل زاد المبعوث الامريكي الخاص من أجل إحلال السلام في افغانستان في كابول لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع الاطراف المعنية لدفع عملية السلام وإنهاء الحرب.

يعود الروس الى المسرح الافغاني بقوة وعلانية بعد قرابة 30 عاما على انسحابهم المهين من أفغانستان بعد احتلال دام عقدا من الزمان. وقد اكد السيد لافروف وزير الخارجية الروسي حرص بلاده على تماسك و وحدة افغانستان و على ان تعيش كل المجموعات العرقية في هذا البلد جنبا الى جنب في سلام.

يمثل وفد طالبان في محادثات موسكو 5 اعضاء و 4 اعضاء من المجلس الأعلى لإحلال السلام في أفغانستان وهو الجهة الحكومية الافغانية الموكل اليها متابعة عملية إحلال السلام في افغانستان.

 و رغم ان هناك مندوب من السفارة الامريكية في موسكو قد حضر اللقاء بصفة مراقب, إلا أن الادارة الامريكية تبدو ممتعضة من محاولة  الروس لعب دور كبير في افغانستان.

ويبدو الإمتعاض – أو عدم الرضا الامريكي – واضحا في موقفين: الأول: عدم إرسال مندوب امريكي رفيع المستوى الى محادثات موسكو التي تشرف عليها روسيا.

 والثاني:  قيام الولايات المتحدة بإرسال السفير زلماى خليل زاد الى كابول والسفيرة أليس ويلز, نائب رئيس مكتب وسط وجنوب آسيا في الخارجية الأمريكية الى باكستان في اتجاه مواز  للمحادثات الروسية في محاولات أمريكية حثيثة لإحلال السلام في أفغانستان و إنهاء حالة الحرب.

 الولايات المتحدة لم تشارك في محادثات موسكو ولم تنتظر ما يمكن أن تسفر عنه, بل شرعت في محادثات تحت رعايتها  موازية لمحادثات موسكو و في نفس التوقيت. حيث صرحت الخارجية الامريكية أمس الاربعاء في إصدار صحفي عن عودة السفير زلماي خليل زاد الى القيام بجولة من اجل إحلال السلام في افغانستان. تشمل الزيارة الامارات وقطر و افغانستان وباكستان و تستمر عشرة ايام.

الجدير بالذكر ان السيدة ويلز قد زارت افغانستان وباكستان في يوليو الماضي كما إلتقى السيد خليل زاد مندوبين عن حركة طالبان في الدوحة في اكتوبر الماضي.

الشيء الذي يدعو للدهشة حقا انه في ذات الوقت الذي تتكالب فيه القوى العظمى على لقاء مندوبين عن حركة طالبان, لم تتوقف الحركة عن تصعيد عملياتها الارهابية في افغانستان ضد قوات الجيش والشرطة الموالية للحكومة في كابول, كان آخر تلك العمليات هجوم تم اليوم  الجمعة 9 نوفمبر على مواقع للشرطة والجيش أسفر عن 17 قتيلا.

لم تعد الولايات المتحدة تشترط على الحركة وقف عملياتها الارهابية للبدء فى مباحثات سلام مباشرة و لم تعد روسيا تكثرت لمثل هذه العمليات للتفاوض المباشر  مع طالبان بقدر ما يقلقها وجود جماعات ارهابية غير طالبان على الأراض الأفغانية يمكن لأفرادها أن يشكلوا خطرا على الأمن في الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة المتاخمة للحدود الأفغانية والروسية مثل جمهورية أوزبكستان و توركمانستان و طاجيكستان و هو ما يعد نجاح للحركة التي أثبتت أنها رقم صعب في أى تسوية سلمية في أفغانستان.

  في 28 سبتمبر الماضي سألت السفيرة الأمريكية أليس ويلز عن جدوي المفاوضات مع طالبان في الوقت الذى تصعد فيه طالبان من هجماتها الارهابية واليكم نص السؤال والاجابة والفيديو:

سؤال: حاتم الجمسي: ألا تعتقدي أن تصاعد الهجمات الإرهابية لطالبان في الآونة الأخيرة قد أثار شكوكاً بشأن رغبتهم في المشاركة في أي عملية سياسية في أفغانستان؟

Hatem ElGamasy

السفيرة أليس ويلز: “أعتقد أن الأحداث الأخيرة ، على سبيل المثال ، في غزني أظهرت أن طالبان لا تستطيع كسب هذه الحرب عسكريا. يمكن أن يخلقوا – يمكن أن يوقعوا العنف ، يمكن أن يقتلوا المدنيين ، يمكنهم خلق مستوى معين من الفوضى المؤقتة ، لكنهم لا يستطيعون الاحتفاظ بالأرض ويتم ضربهم مرة أخرى. ولذا أعتقد أن الدرس الأساسي للعنف هو أنه لا يمكن كسب هذه الحرب عسكريًا ، وأن الولايات المتحدة وبعثة الدعم القوية وكل الشركاء الـ41 الذين يدعمون حكومة أفغانستان لن يسمحوا لطالبان بالحصول على نصر عسكري. وهكذا – مع ذلك كخلفية – يصبح السلام ضرورة. لذا لا ، أنا لا أستنتج نفس النتيجة. أعتقد أنه في فترة – قبل أن تكون هناك مفاوضات حقيقية – سيحدث الكلام والقتال. لكن ما تمكنا من إظهاره لحركة طالبان هو أننا سريعون وسنستجيب للتغيرات في أساليب طالبان وسنستمر في ممارسة ضغوط هائلة عليهم عسكريًا إذا لم يكونوا مستعدين للقدوم إلى طاولة المفاوضات.”

لقد إحتكرت الولايات المتحدة كل أوراق اللعبة في افغانستان على مدى 18 عاما دون تقدم يذكر. لم تستطع الولايات المتحدة القضاء على طالبان عسكريا كما لم تستطع اخضاعها سلميا, فهل يستطيع الروس ان ينجحوا فيما فشلت فيه الولايات المتحدة و أن تتم وضع حد للإقتتال الدائر أفغانستان؟

 حاتم الجمسي,

 نيويورك

helgamasy@gmail.com 

«لنجعل أميركا عظيمةً مرة أخرى».. Washington Post: هكذا يخطط ترمب للفوز بولاية ثانية

يخطط الرئيس دونالد ترمب للتركيز بسرعة على حملة إعادة انتخابه، بعد انتخابات التجديد النصفي التي جرت الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، معتقداً أنَّ سياسته التي تتسم بالتقسيم والمواجهات سوف تحشد مؤيديه وتقوده إلى الفوز بولايةٍ ثانية.

وقال اثنان من مستشاري الرئيس الأميركي، لصحيفة Washington Postالأميركية، إنَّ الرئيس دونالد ترمب الذي انتهى لتوّه من الحملة الدعائية لانتخابات التجديد النصفي، التي شملت 11 حشداً انتخابياً على مدار ستة أيام في أرجاء الولايات المحافظة الرئيسية، بدأ يتحدث عن تنظيم تجمعاتٍ تحت شعار «لنجعل أميركا عظيمةً مرة أخرى» في أوائل العام المقبل.

هل يستطيع الرئيس دونالد ترمب إعادة حشد الناخبين بنفس الخطاب المتشدد؟

يستمر ترمب في الحكم على نجاحه من خلال حجم الحشود، التي كانت كبيرةً طوال الحملة الانتخابية الأخيرة، وتصفيقهم له أثناء حديثه. وحتى بينما كانت مشاركته في تلك الحملة الدعائية من أجل الجمهوريين الآخرين، ركَّز ترمب على نفسه في كثيرٍ من الأحيان، وأشاد بإنجازاته، وهاجم المنافسين الديمقراطيين المحتمل ترشحهم للانتخابات الرئاسية.

لكن تظل مسألة استطاعة الرئيس دونالد ترمب إعادة حشد الناخبين والفوز بالولايات المتأرجحة غير أكيدة، وخاصةً إن حاول فعل ذلك بنفس الخطاب المتشدد الذي اعتمد عليه خلال حملة 2016 والسنتين الماضيتين من رئاسته.

لم يقم ترامب بحملةٍ دعائية في جميع أنحاء البلاد قبل التجديد النصفي، وقضى الجزء الأكبر من وقته في الولايات المحافظة، التي لا يزال يتمتع فيها بشعبيةٍ كبيرة، وظلَّ بعيداً عن ولايات الضواحي التي ساعدت في فوز الديمقراطيين في مجلس النواب يوم الثلاثاء.

وقال مايكل ستيل، الذي كان مستشاراً لرئيس مجلس النواب السابق جون بوينر (النائب الجمهوري عن ولاية أوهايو) ولحملة جيب بوش الرئاسية: «هناك شريحة معينة من المواطنين اقتنعت بالكامل بالحجج التي يقدمها وطريقة طرحها، لكنَّها ليست غالبية المواطنين».

أم أنه سيغير نهجه لضمان الاستمرار في البيت الأبيض

يستعد الرئيس دونالد ترمب لتصوير نتائج يوم الثلاثاء بأفضل طريقةٍ ممكنة، مع التركيز على الفوز في مجلس الشيوخ وبعض الانتصارات في انتخابات حُكَّام الولايات. وغرَّد ليل الثلاثاء على موقع تويتر قائلاً: «نجاح هائل الليلة. شكراً لكم جميعاً».

لكن كانت هناك الكثير من علامات التحذير التي تومض أمام ترمب، على الرغم من لهجته الإيجابية.

فإلى جانب خسارة مجلس النواب، لم يستطع الجمهوريون أن يفوزوا بمقاعد مجلس الشيوخ في ولايات بنسلفانيا وأوهايو وويسكونسن، وهي المناطق الرئيسية في الغرب الأوسط الصناعي، التي ساعدت في تسليم ترمب الرئاسة في عام 2016، لكنَّ الحزب الجمهوري عافر فيها للفوز ضد المرشحين الديمقراطيين القويين هذا العام. وأرقام استطلاعات الرأي العام تجاه ترمب لا تزال ضعيفةً، نحو 40%.

وقال السيناتور شيرود براون (الديمقراطي عن ولاية أوهايو)، الذي فاز بسهولة في انتخابات التجديد النصفي الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني، في خطاب الفوز الذي ألقاه، إنَّ التوجه نحو السياسات الليبرالية الشعبية، كما فعل في سباقه الخاص، سيكون «مخطط أمتنا في عام 2020».

وقال براون: «لقد أظهرتم للبلاد أنَّه من خلال وضع الناس كأولوية، وحفظ كرامة العمل، يمكننا أن نكتسح في ولايةٍ فاز فيها دونالد ترمب بفارق ما يقرب من 10 نقاط. لقد أظهرتم أنَّنا نقوم بذلك دون المساومة على حقوق المرأة أو الحقوق المدنية أو حقوق المثليين».

خاصة بعد التراجع الذي حقَّقه حزبه في انتخابات التجديد النصفي

للتعامل مع خسارة مجلس النواب، كان المساعدون السياسيون للرئيس يشجعون الحلفاء على وصف هذه النكسة بأنَّها نتيجة للاتجاهات التاريخية وحالات التقاعد، بدلاً من توجيه الاتهام إلى الرئيس دونالد ترمب ، وفقاً لشخصٍ على اتصال بالبيت الأبيض. وقد أعد البيت الأبيض أرقاماً مفصلة عن دورات منتصف المدة السابقة، لدعم موقفه على حد قول هذا الشخص.

وقال مارك شورت، مدير الشؤون التشريعية السابق لترمب: «لا أعرف ما الذي كان يمكن للبيت الأبيض أن يفعله حيال ذلك. لديك عدد قياسي من حالات التقاعد في مجلس النواب. وكنا نعرف ذلك قبل أشهر».

انتخابات التجديد النصفي ليست بالضرورة مؤشراً على الكيفية التي سيتعامل بها الرئيس دونالد ترمب ، في محاولةٍ للفوز بولاية ثانية، فقد تعرض الرئيس باراك أوباما لخسائر كبيرة في أول انتخابات تجديد نصفي عام 2010، ثم فاز بعد ذلك بعامين بولاية ثانية بسهولة.

ولم يبدِ ترمب أي إشارةٍ إلى أنَّه سيعتدل في أساليبه قبل عام 2020. بل على الأرجح سيصبح أكثر جرأة مع وجود مجلس نواب ديمقراطي، مليء بأعضاء سيكونون متعطشين للتحقيق في أعمال إدارته، وربما يبدأون إجراءات عزله، حسبما قال بعض المستشارين.

لكن ما حقيقة ترويجه لمنافسته الديمقراطية نانسي بيلوسي؟

بدأ الرئيس دونالد ترمب يتحدث عن الكيفية التي سيخوض بها معركته ضد نانسي بيلوسي (النائبة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا)، التي قد تتولى منصب رئيس مجلس النواب، وكانت في طريقها لقيادة الديمقراطيين في مجلس النواب، بعد خسارتها منصب رئيس المجلس قبل ثماني سنوات.

وفي الوقت الذي يشعر فيه مستشاروه بالقلق من عدم استعداده لمواجهة التحقيقات، فقد شعر ببعض السرور عندما قال إنَّه سيبدو بصورةٍ أفضل بوجود بيلوسي في مجلس النواب الديمقراطي. وفي الوقت نفسه، قال المستشارون إنَّ ترمب قد يكون منفتحاً على التعامل مع حزب المعارضة بشأن بعض القضايا، وربما يرحب بعقد اجتماعاتٍ مع بيلوسي أكثر مما يود بعض مساعديه.

وقالت متحدث باسم بيلوسي، إنَّ ترمب اتصل ببيلوسي ليل الثلاثاء، وثَمَّن دعوتها للتعاون بين الحزبين في خطابٍ ألقته أمام أنصارها الديمقراطيين.

في الوقت نفسه، يتوق الكثير من الجمهوريين لمواصلة الترويج لبيلوسي، باعتبارها عدواً سياسياً.

إذ يقول سكوت جينينغز، المستشار السابق لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (السيناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي)، الذي عمل أيضاً في البيت الأبيض أثناء فترة رئاسة جورج بوش: «لا شك أنَّها كانت واحدة من أكبر الخصوم في انتخابات الجمهوريين.

إذا كانت مسؤولة، فهي بالفعل في مكانٍ يمكن أن يستغله ترمب لتحسين صورته في السنتين القادمتين، وربما يُقدّر الشعب الأميركي ذلك كثيراً إذا عمل مع ميتش ماكونيل لإيقاف بعضٍ من أسوأ دوافعها».

لقد تعلَّم ترمب عدة دروس من انتخابات التجديد النصفي

بما في ذلك أنَّ أعضاء الكونغرس لا يتمتعون بشعبيةٍ كبيرة على غرار شعبية الرئيس دونالد ترمب ، وأنَّ قضية الهجرة مستمرة في إثارة غضب قاعدته.

يحصل ترمب على إحاطاتٍ دورية حول معدلات شعبيته في استطلاعات الرأي العام في الدوائر الرئيسية، ويقارنها بنسب مرشحي الكونغرس ونسبه في عام 2016. وفي المحادثات الخاصة مع حلفائه، لم يبدِ أي استعدادٍ للتخفيف من حدة أساليبه، ويتحدث بدلاً من ذلك عن كيفية تعزيز خطابه، ويشكو من أنَّ الجمهوريين الآخرين لا يحذون حذوه.

وسأل ترمب مستشاريه مؤخراً على متن الطائرة الرئاسية أثناء سفرهم إلى الولاية التي كانت مفتاحاً لتحطيم «الجدار الأزرق» للديمقراطيين في عام 2016: «هل سنفوز بولاية بنسلفانيا؟».

بطريقةٍ ما، عملية انتخاب الرئيس لولايةٍ ثانية 2020 تبدو أكثر تنظيماً من أي عملياتٍ أخرى في البيت الأبيض، إذ جلب ترمب في مارس/آذار براد بارسكال، الذي شغل منصب مدير الإعلام الرقمي في حملته لعام 2016، ومن المتوقع أن ينتقل عددٌ من مساعدي البيت الأبيض إلى الحملة في الأشهر القادمة، بمن فيهم جاستن كلارك رئيس مكتب التواصل العام.

وفي الوقت نفسه، جمعت حملة ترمب واللجان التابعة لها أكثر من 106 ملايين دولار، وهي بذلك لديها مبلغٌ هائل وفي وقتٍ أبكر من أسلافه في هذه المرحلة من رئاساتهم.

فقد بدأ حملته مع إعلان نتائج انتخابات التجديد النصفي

وجمع الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض، مساء الثلاثاء، طاقماً من كبار المتبرعين والحلفاء السياسيين لمشاهدة نتائج الانتخابات، بمن فيهم رجل الأعمال الملياردير شيلدون أديلسون، والممول ستيفن شوارتزمان، وقطب العقارات ريتشارد ليفراك، بعد قضاء يومه على الهاتف ومراقبة السباقات الرئيسية في الكونغرس وانتخابات حُكَّام الولايات على مستوى الولايات المتحدة.

وكان هناك أيضاً كوري لياندوفسكي، مدير أول حملةٍ له، وديفيد بوسيه، نائب مدير الحملة السابق، وكذلك وزير الخزانة ستيفن منوشين، ورئيس موظفي البيت الأبيض جون كيلي، والمدير السياسي بيل ستيبيان، والمساعد البارز جوني دي ستيفانو.

وقالت سارة ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض، مع انتهاء عملية الاقتراع ليل الثلاثاء: «حفَّز الرئيس عدداً هائلاً من الأميركيين في الساحات المكتظة وفي الحشود الهائلة في التجمعات الانتخابية في جميع أنحاء البلاد».

يهود تونس: دخلوا “العهدة العمَرية”، قضى بعضهم في المحارق النازية.. وتولّى أحدهم وزارةً في التعديل الأخير

مُتنمرة مُتبلِّدة الشعور.. لماذا فشلت منى الشاذلي في أن تصبح أوبرا وينفري العرب؟

من الممكن القول بثقة، إنَّ الإعلام المصري يشهد أحلك مراحله؛ فلا نكاد نملك شخصية إعلامية تستحق المُتابعة. هم في الغالب يكتسبون شهرتهم فقط من كونهم حاضرين على الشاشة منذ أمدٍ طويل، وليس لأنَّهم يستحقون التقدير.

لا تفتقر منى الشاذلي، واحدة من أشهر مقدمي البرامج، فقط إلى المهارة والجاذبية اللازمتين للظهور على الشاشة، بل هي أيضاً مُتبلِّدة الشعور، لدرجة تجعلها تبدو مصدراً للإحراج بالنسبة لضيوفها ومشاهديها على حدٍّ سواء. والمقابلات التي تُجريها هي دوماً بمثابة مهزلة لا يمكنك أن تشيح بنظرك عنها.

نتفهَّم نوايا مني الشاذلي، فهي تعتقد نفسها أوبرا وينفري الشرق الأوسط، إذ تستضيف أُناساً يسردون حكاياتهم ويُلهِمون آخرين. لكنَّ الفارق يَكمن هنا في أنَّ ضيوف أوبرا وينفري غالباً يبكون بدافع الفخر.

في المقابل، تدفع الشاذلي ضيوفها للبكاء، فقط من أجل نسب المشاهدة.  فهي تتنمر على ضيوفها باستمرار وتجعلهم يشعرون بالأسى على أنفسهم حتى تدمع أعينهم، ثم تستخدم تلك اللقطة في الإعلان الترويجي للبرنامج وفي الشبكات الاجتماعية وتحصل على أرباح لقاء ارتفاع نسب المشاهدة.

وبإمكاننا أن نورد لكم لائحة طويلة من المقابلات المُحرِجة التي أجرتها الشاذلي، لكنَّ إعداد مثل هذه القائمة قد يستغرق منا على الأقل ثلاثة أيام عمل، وذلك لكثرتها. سنستعرض فقط آخر مقابلة أجرتها مع فريق عمل برنامج SNL، والتي يمكن القول بثقة، إنَّها أكثر ما شاهدناه تبلداً على الإطلاق.

استضافت الشاذلي طاقم عمل برنامج SNL، وحاولت استخراج الكلمات منهم، لدرجةٍ جعلت اثنين من فريق العمل يتعرَّضان لانهيار عصبي كامل على المسرح، وانتاب بقيةَ الحضور إحساسٌ بعدم الارتياح، سواء في الاستوديو أو بالمنزل.

لنبدأ بمقابلتها مع نانسي صلاح، الممثلة المبتهجة صاحبة الشَّعر المجعد، التي لديها قصة درامية مثيرة.

 

وإيجازاً لقصة نانسي، فإنَّ أبويها انفصلا وهي صغيرة، وأمضت حياتها كاملةً دون أن ترى أمها. قرَّرت نانسي أن تعمل في مجال الإعلام كي تظهر على شاشة التلفاز، ومن ثَمَّ تستطيع أمها رؤيتها والتواصل معها. وهو ما حدث بالفعل عند عملها ببرنامج SNL في سن السابعة والعشرين.

ومع أنَّ قصة نانسي مُلهمة وتنتهي نهاية سعيدة، فإنَّ الشاذلي نجحت في أن تُخرِج الكلمات من فمها وتُشعِرها بالخزي، فظلت تُردد أنَّ حكاية نانسي «مؤلمة» بدل أن تقول إنَّها «مُلهِمة».

بالتأكيد أبكت هذه التعليقات نانسي، ولم تُكلِّف الشاذلي نفسها عناء أن ترفع معنوياتها. لكنَّ سلطان، أحد أفراد طاقم التمثيل، حاول أن يُلطِّف المزاج العام ويُضحِك نانسي. وكان كل ما عرضته الشاذلي هو كوب ماء، ولسنا متأكدين كيف لذلك أن يُساعد في تحسين الحالة المزاجية لنانسي.

بعدها صفق الجمهور لنانسي، وهذا ما جعلها تشعر بالتحسن، لكنَّ الشاذلي أبت إلا أن تُشعِرها بالإحباط، قائلةً قصة «غريبة جداً»، وهذه ليست ترجمة، بل هذا ما قالته حرفياً.

وبينما بدأت نانسي تُنهي حكايتها، راحت الشاذلي تقاطعها عدة مرات، محاوِلةً إعادة استعراض القصة مرة أخرى، مُضيفة إليها وقائع مغلوطة، ما يُظهِر أنَّها حتى لا تُولي المرأة التي تُخبرها بمكنون ذاتها أيَّ انتباه.

إن كنت تظن أنَّ هذا كان سيئاً بما يكفي، فالأمر ازداد سوءاً عند محاورتها محمود الليثي. كان الليثي مهندساً ناجحاً قبل أن يعمل بالتمثيل، وقد تخلّى عن مهنته كي يحترف التمثيل. سرد الليثي قصته التي امتلأت بالمصاعب، وقال إنَّه يرويها كي يُلهِم المشاهدين.

 

بدأ محمود حكايته بقوله إنَّه كان يسافر ما بين محافظات، الإسماعيلية مسقط رأسه، وبورسعيد التي كانت مقراً لعمله، والقاهرة حيث كان يتلقى دروساً في التمثيل. قلَّلت الشاذلي من شأن تجربته بوصفها تجربة عادية. وحاول أن يُدافع عن نفسه، لكنَّه بعد ذلك يتهكم كي يحفظ ماء وجهه.

بعدها ذكر الليثي أنَّه كان عاطلاً عن العمل عندما غادر الإسماعيلية وجاء الى القاهرة كي يحترف التمثيل. وكان مفلساً، لدرجة أنه كان يقضي أياماً بلا طعام، لأنه كان بلا عمل وبلا دخل.

بدأت منى الشاذلي تسأل كل هذه الأسئلة السخيفة وتُعرب عن دهشتها من عدم استطاعته أن يوفر لنفسه طعاماً. حاول أن يخبرها بأنَّه لم يكن لديه دخل، لكنَّها أبت أن تستوعب. وبدأت الشاذلي في التباهي بامتيازاتها، وجعلت الأمر يبدو كأنه خارج عن المألوف، لو أنَّ أحداً لا يملك دخلاً.

شرح الليثي أنَّه كان يتناول عبوة واحدة من شعيرية الإندومي كل يومين، وجعلت منى هذه القصة تبدو كقصة غير قابلة للتصديق، بدل أن تصفها بالمُلهِمة؛ ما دفع الممثل إلى البكاء على المسرح. أخذ زملاؤه في مواساته، في حين ظلَّت منى متمسكة بموقفها في أنَّها «لا أزال غير مستوعبة كيف يمكن أن تكون هذه القصة حقيقية!»، ولم تُحاول أن تخفف عنه.

قرَّرت بعدها أن تخرج في فاصل إعلاني، وطلبت من فريق العمل أن يحتضنوا الليثي، وكأن هذا كان كل ما يحتاجه ليشعر بالتحسن.

 

كانت القصتان مُلهمتين، وأحزنني أن أرى الشاذلي وهي تقلل من قدرهما. إنَّنا كمشاهدين في غنى عن أن نرى أُناساً يُحَطُّ من قدرهم كي تخرج قصصهم للعلن، ولا نودُّ لهم أن يشعروا بأنهم ضعفاء كي نتسلى.

ويجدر بالشاذلي، كمقدمة برامج محترفة لديها باع طويل في العمل بالمجال، أن تكون أكثر وعياً بهذا.

لكن المشكلة لا تتمثل في أنَّها تفعل ذلك، بل في حقيقة أنَّها تتكسَّب من وراء تقليلها من شأن الناس من أجل رفع نسب المشاهدة.

ينبغي لهذا أن يتوقف.. فلا يُفتَرَض أن نستخدم مآسي الآخرين لأغراضٍ ترفيهية.

ربما يقول البعض إنَّنا فعلنا الشيء ذاته عندما أوردنا قصة نانسي ومحمود في هذا المقال. أوافقكم الرأي إلى حدٍّ ما. لكنَّ هاتين القصتين تستحقان أن تتم مشاركتهما، وكذلك هذه المقابلة.

كان يمكن أن تكون هذه المقابلة أكثر الحلقات التي نشاهدها في أيامنا هذه إلهاماً، لكنَّها تحوَّلت إلى أكثر المقابلات بلادة. ويرجع ذلك إلى حقيقة ألا أحد يرى المشاهير باعتبارهم بشراً، ولا أحد يُحاسب أولئك الذين يستغلون مشاعر الناس من أجل تحقيق مجدٍ شخصي.

إنَّنا متيقنون أنَّ منى الشاذلي تستطيع أن تبرع في عدة مهن أخرى، لكن أن تصبح أوبرا وينفري العرب، حتماً ليست واحدة من تلك المهن. رجاءً توقفي.

– هذا الموضوع مترجم عن مجلة Identity Magazine المصرية.

 

كونغرس منقسم ورقابة شديدة وتحقيقات ستخرج للعلن.. ماذا تعني سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأميركي؟

حقَّق الحزب الديمقراطي انتصاراً كبيراً، الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، في الانتخابات التشريعية الأميركية بمنتصف الولاية الرئاسية بانتزاعهم السيطرة على مجلس النواب غير أن «الموجة الزرقاء» المرتقبة ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم تحصل.

واحتفظ الجمهوريون بأغلبية مجلس الشيوخ، ما أتاح لترمب الإعلان عن «نجاح هائل» من دون أن يأتي على ذكر خسارة حزبه مجلس النواب.

وبعد عامين على فوز رجل الأعمال المفاجئ بالرئاسة، من دون أن تكون له أي خبرة سياسية أو دبلوماسية، تهافَتَ الأميركيون بكثافة إلى مراكز الاقتراع.

واستعاد الديمقراطيون مجلس النواب لأول مرة منذ العام 2010، فيما احتفظ الجمهوريون بغالبيتهم في مجلس الشيوخ، مع احتمال زيادتها بمقعد أو مقعدين، بحسب شبكات التلفزيون الأميركية.

ماذا يعني فوز الديمقراطيين؟

هذا الفوز الذي حقَّقه الديمقراطيون سيضع الولايات المتحدة، في يناير/كانون الثاني 2019، أمام كونغرس منقسم، وسوف يخول لهم فرض رقابة مؤسسية على رئاسة ترمب، وهو ما شأنه التأثير على أجندة البيت الأبيض في تمرير عدد من الملفات الأساسية، ومراقبة التشريعات الخاصة بالملفات المختلفة في المجلس، على سبيل المثال:

السياسة الخارجية

سيبدأ مجلس النواب في فتح التحقيقات في علاقة ترمب بروسيا، ويمكن أن يجعل الديمقراطيون إدارة ترمب تمر بأوقات عصيبة فيما يتعلق بالعلاقات مع السعودية، مع عقد المزيد من جلسات الاستماع حول الإنفاق العسكري، والتركيز بشكل أكبر على الجهود العالمية الداعية إلى مواجهة التغير المناخي.

ويتوقع الخبراء أنَّ الديمقراطيين سيطلقون تحقيقاتٍ مثيرة للجدل، في مسائل مثل الإقرارات الضريبية لترمب وصفقاته التجارية السابقة. وقد يسعون كذلك لعقد جلسات استماع علنية مع أفراد عائلة ترمب، بمن فيهم دونالد ترمب الابن، الذي يُعَد شخصية أساسية في التحقيق الروسي.

خاصة أن زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي بعد لحظات من فوزها بالأغلبية في مجلس النواب، وعدت بفرض «ضوابط ومحاسبة» من جديد على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكدة في الوقت نفسه أن حزبها لن يشنّ حرباً على الجمهوريين بعد استعادة السيطرة على مجلس النواب.

يقول محمد المنشاوي، الصحافي المتخصص في الشأن الأميركي، ان فوز الديمقراطيين سوف يعرقل أجندة ترمب والجمهوريين في الكونغرس، ويفتح الباب لمزيد من التحقيقات المتعلقة بترمب، وبأعماله الخاصة، وعائلته، والاتهامات بمخالفات جنسية، والتربح غير المشروع، إضافة لتحقيقات التدخّل الروسي في الانتخابات.

المنشاوي أضاف: «يستطيع الديمقراطيون استدعاء من يريدون للمثول أمامهم والإدلاء بشهادته، بعد حلف اليمين والقسم، ويستطيعون طلب الاطلاع على ما يريدون من وثائق كذلك.

 

لكن هل يستطيع الديمقراطيون عزل ترمب؟

قالت صحيفة The Guardian البريطانية، إن الحزب الديمقراطي كان يحتاج للفوز في مجلس الشيوخ بجانب مجلس النواب، من أجل فرض السيطرة على الأجندة التشريعية، وسلب ترمب القدرة على تطبيق برامجه.

ويتطلب سحب الثقة من دونالد ترمب أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ الأميركي، وهي الغرفة التشريعية التي يسيطر عليها الجمهوريون، أي أنَّه سيستلزم أصواتاً جمهوريةً، مما يجعل هذه الفرضية الآن أقرب للخيال، إلا إذا تم الكشف عما يدفع الجمهوريين للتصويت ضد ترامب من علاقته بروسيا أو تواطؤه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بصورة لا تحتمل الشك للإضرار بالديمقراطية الأميركية.

ملف التجارة واتفاقية USMCA

بخصوص ملف التجارة، يمكن أن يصير الطريق نحو الحصول على موافقة الكونغرس على اتفاقية «يوسمكا» (USMCA) التجارية مع المكسيك وكندا أكثر تعقيداً، بالرغم من أن المسار النهائي يحتمل استمرار ضمانه في 2019، في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ بحسب الصحيفة البريطانية.

برنامج  DREAM وملف الهجرة

أما ملف الهجرة، فإن الحزب الديمقراطي فشل في وقت سابق من هذا العام  في تمرير قانون يحمي المستفيدين من برنامج Dreamers، وهم المهاجرون الذين لا يحملون وثائق وقدموا إلى الولايات المتحدة في سن صغيرة، لكن مع النجاح الجديد يستطيع الحزب الديمقراطي تمرير هذا القانون.

الاقتصاد

سيكون من الصعب على الحزب الجمهوري المضي قدماً في إدخال إصلاحات ضريبية جديدة لتعزيز تشريع التخفيض الضريبي المقدر بـ1.5 تريليون دولار، الذي خرج إلى النور في ديسمبر/كانون الأول 2017، ويشمل ذلك على سبيل المثال التدابير التي ستجعل الخفض الضريبي الفردي دائماً، أو ستقلل من ضرائب أرباح رأس المال.

أيضا سوف يؤدي ذلك إلى تصعيب الأمور على الجمهوريين لتمرير إصلاحات على الإنفاق غير العسكري، وفق ما قالت صحيفة Financial Times البريطانية.

الصحة

قد تكون النتيجة حالة جمود تشريعي، بالرغم من وجود بعض القضايا التي يمكن للحزبين أن يصوغا فيها توافقاً في الآراء، مثل خفض بعض الضرائب التي تُفرض بموجب قانون الرعاية الصحية الأميركي (أوباما كير). ويمكن للديمقراطيين بدء تحقيقات في تطبيق الجمهوريين للإصلاحات التي أُدخلت على «أوباما كير».

رئاسة اللجان

قالت صحيفة The Telegraph البريطانية، بعد سيطرة الديمقراطيون على الأغلبية فإنهم سوف يستحوذون على رئاسة لجان المجلس، ويتمتعون بكامل السلطة لإصدار مذكرات الاستدعاء، وسيكون بإمكانهم فرض رقابة صارمة على التحقيقات الجارية بحق إدارة الرئيس دونالد ترمب.

Exit mobile version